أكد الدكتور مصطفى إبراهيم سيرتش، المفتي العام في البوسنة سابقًا،  أن المفتي هو وارث حديث النبي ﷺ: "الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، ودوره في المجتمع يأتي قبل دور القاضي في تربية الإنسان نحو الأخلاق الحميدة والمبادئ الإنسانية الكريمة.

 وأوضح سيرتش، خلال كلمته في الجلسة العلمية الثالثة بالمؤتمر العالمي التاسع للإفتاء، بعنوان "البناء الأخلاقي في الإسلام ودور الفتوى في تعزيزه"،أن فتوى المفتي إذا كانت عن رضا نفس الإنسان فهي ملزمة له بموجب إيمانه وأخلاقه، بينما حكم القاضي ملزم بموجب القانون.

يوشار شريف: التخصص في الفتوى أمر حتمي لضمان تقديم أحكام شرعية صحيحة ومفيدة رضوان السيد: الفتوى بحاجة إلى التفكير النقدي والتأمل في السياق المعاصر


واستعرض مفتي البوسنة السابق،  النقاط الهامة في مواجهة أزمة الأخلاقية والإنسانية التي يعاني منها ضمير العالم اليوم. وأكد أن المحرك للحضارة الإسلامية كان وما زال الاستباق في الخيرات الأخلاقية والإنسانية والثقافية. وأضاف أن الدين الإسلامي هو المصلح للفكر الديني الصحيح، والذي بادر بالإصلاحات الروحية والاجتماعية في القرن الثامن الميلادي ما أدى إلى الإصلاح الديني الأكبر في أوروبا.


وأشار سيرتش إلى أن أبا الإنسانية الفيلسوف الإيطالي جيوفاني بيكو ديلا ميراندولا كان له جد عربي وعبقري لقنه عن روعة الإنسان وكرامته التي أكرمه الله بها بخلقه في أحسن تقويم. وأكد أن تداعيات أزمة الإنسانية الحالية تنعكس في غرور القيم الروحية التي حلت محلها منافع أنانية مادية، حيث لا تقدر قيمة الإنسان والإنسانية إلا من ناحية حجة القوة الغاشمة على حساب حجة الحقوق الإنسانية المشروعة، خاصة في غزة وفلسطين.


أضاف الدكتور سيرتش أن المفتي هو المفكر والمثقف الأول في تاريخ الإسلام، ولذا فإن دوره في نشر الثقافة الإنسانية في المجتمع في غاية الأهمية، مما يلزمه باليقظة والحذر والاطلاع على كل ما يحدث حوله. وأشاد بدور الأمانة العامة وهيئات الإفتاء بقيادة العلَّامة المفتي العام لجمهورية مصر العربية شوقي علام، واصفًا إياها بالمنارة في هذا الزمان.


واعتبرت الدراسة التي قدمها الدكتور سيرتش أنه من خلال قادة الأديان يمكن التأكيد على مبدأ الأخوة الإنسانية كإحدى أدوات التعايش، وإمكان إصلاح الوعي الديني تجاه الآخر من خلال إظهار الجذور الإنسانية في مقاصد الدين، وتعزيز ثقافة الحوار والتسامح، وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الأديان، ودعم مبادرات الحوار بين الأديان.

يشهد المؤتمر على مدار يومَي 29 و30 يوليو العديدَ من الفعاليات المهمة، حيث ستنطلق الفعاليات في التاسعة صباحًا وستشهد الجلسة الافتتاحية عرضًا لفيلم تسجيلي حول الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، وأهداف المؤتمر والتحديات التي تواجهها الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع.

كما تشهد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كلمة دولة رئيس الوزراء، والتي سيلقيها معالي الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، فيما سيلقي كلمة الأزهر الشريف فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف.
كما سيلقي كلمـة "القدس" سماحة الشيخ محمد حسين، مفتي القدس، ويلقي كلمة منظمـة التعـاون الإسلامي معالـي الدكتـور قطـب سـانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، ويلقي معالي الشيخ الدكتور عبد الرحمن الزيد -رئيس المجمع الفقهي ونائب الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي- كلمة عن الرابطة، بينما يتسلَّم الشيخ حسين كافازوفيتش، مفتي البوسنة، جائزة القرافي.

ويعدُّ المؤتمر منصةً هامة لمناقشة دَور الفتوى في تعزيز الأخلاق والقيم الإنسانية في عالم يزداد تسارعًا، حيث يهدُف إلى تعزيز الوعي بأهمية الفتوى الرشيدة في ترسيخ الأخلاق والقيم الإنسانية، ومناقشة دَور الفتوى في مواجهة تحديات العصر الحديث، إضافة إلى تعزيز التعاون بين مؤسسات الفتوى والمنظمات الدولية والإقليمية، ومحاولة الخروج بتوصياتٍ عمليةٍ لتعزيز البناء الأخلاقي في المجتمعات.

ومن المنتظر أن يتمَّ الإعلان عن إطلاق عدد من المشروعات والمبادرات المهمة، من بينها: بلوغ المَعلمة المصرية للعلوم الإفتائية 102 مجلد، وإصدار الميثاق العالمي للقيادات الإفتائية والدينية في صُنع السلام ومكافحة خطاب الكراهية وحل النزاعات، والإعلان عن أدلة إرشادية باللغات المختلفة في مجالات عدة، والموسوعة العلمية للتدين الصحيح والتدين المغشوش، وأهم الدراسات التي قام بها المؤشر العالمي للفتوى، ومركز سلام لدراسات التطرف ومواجهة الإسلاموفوبيا وأهم مخرجاته، وإصدارات مجلات "جسور" و"دعم" ومجلة الأمانة، وغيرها من المشروعات المهمة.
كما ستعقد جلسة في ختام المؤتمر تُستعرَض فيها رسالة المؤتمر وأهدافه وما تم خلال فترته من جلسات وورش عمل، وعرض توصيات المؤتمر التي يكون المجلس التنفيذي للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم قد ناقشها وأقرَّها في اجتماعه بأول يوم من أيام المؤتمر.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي المشروعات والمبادرات أحكام شرعية صحيحة المؤتمر العالمي التاسع تقديم أحكام شرعية المؤتمر العالمي التاسع للإفتا التفكير النقدي مؤسسات الفتوى

إقرأ أيضاً:

باحث أميركي: البوسنة والهرسك فاشلة حتى بعد 30 عاما من التدخل الدولي

نشرت مجلة ناشونال إنترست مقالا استعرض فيه كاتبه الأسباب التي تحول دون بناء دولة على أسس صحيحة في البوسنة والهرسك، رغم مرور 30 عاما على انتهاء الحرب في تلك المنطقة من أوروبا.

وأنحى كاتب المقال ماكس بريموراك، الذي يعمل باحثا أول في مركز مارغريت تاتشر للحرية التابع لمؤسسة "هيريتيج" الفكرية، باللائمة في ما حدث طوال العقود الثلاثة الماضية على تدخل مجموعة من الدول الغربية في شؤون البوسنة والهرسك، وإخفاقها في مساعدتها نحو تحقيق الديمقراطية والتوافق بين طوائفها المختلفة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إندبندنت: إسرائيل مستمرة بهدم جسور الثقة بينها وبين الغربlist 2 of 2موقع إيطالي: الصين تطور سلاحا شبحيا يهدد أكثر دفاعات أميركا تطوراend of list توتر طائفي

وكان البوسنيون قد احتفلوا مطلع مارس/آذار الماضي بالذكرى السنوية الثلاثين التي أنهت حرب البوسنة 1992-1995 التي خلفت 100 ألف قتيل. ومع ذلك، فإن بريموراك يرى أنه ليس هناك الكثير مما يدعو للاحتفال بعد فشل مشروع بناء الدولة في وسط أوروبا، رغم إنفاق مليارات الدولارات.

وقال إن الطوائف التي تشكل مجموع سكان الدولة، من مسلمين وكروات وكاثوليك وصرب أرثوذكس، لا تزال منقسمة كما كان حالها في عام 1995. وأضاف أن المناطق ذات الأغلبية الصربية في البلاد تسعى باستمرار إلى الانفصال والانضمام إلى جمهورية صربيا المجاورة.

وللدلالة على تراجع الأوضاع في البوسنة والهرسك، أوضح الباحث الأميركي في مقاله أن الزيجات المختلطة بين الطوائف والتي بلغت قبل الحرب نسبة 13% تراجعت اليوم إلى 4%.

إعلان

وقد فشلت الجهود التي بذلتها دول خارجية لفرض هوية مدنية بوسنية لتحل محل الانتماءات العرقية والدينية التي تعود إلى قرون من الزمن.

"أزمة استثنائية"

وفي تقرير رفعه في وقت سابق من هذا الشهر، أبلغ مكتب الممثل السامي للمجتمع الدولي في البوسنة والهرسك -الذي يرأسه وزير زراعة ألماني سابق- مجلس الأمن الدولي أن الوضع في البوسنة والهرسك "يرقى بلا شك إلى مستوى أزمة استثنائية في البلاد منذ توقيع اتفاق دايتون".

والمعروف أن اتفاق دايتون هو معاهدة سلام وقعها قادة صربيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك في عام 1995، وأنهت 3 سنوات من الحرب الأهلية في يوغسلافيا السابقة، وقسَّمت البوسنة إلى دولتين هما: فدرالية البوسنة والهرسك وتضم المسلمين وكروات البوسنة، وجمهورية صرب البوسنة.

ووفق المقال الحالي، فإن جوهر الأزمة يكمن تحديدا في البنية الدولية لما بعد معاهدة السلام التي خوّلت زمرة من الدبلوماسيين الغربيين سلطة الحكم النهائي على جميع القرارات في البلاد من دون أن يتمتع البوسنيون بأي سيادة على دولتهم.

والشاهد على ذلك أن الممثلين الساميين المتعاقبين أصدروا أكثر من 900 قرار تباينت بين اختيار رموز الدولة إلى السياسة الاقتصادية إلى الإصلاح القضائي والدستوري. بل إن الممثل السامي عزل بمراسيم رسمية العديد من المسؤولين المنتخبين، ومنهم رؤساء.

"احتلال أوروبي"

واعتبر بريموراك المساعي الدولية الرامية إلى حصر السلطات في المركز على نحو لم تنص عليه معاهدة السلام صراحة -وذلك على حساب المناطق الصربية التي تتمتع بالحكم الذاتي في شمال شرقي البوسنة- جهودا غير مجدية سياسيا منحت روسيا فرصة دائمة لزعزعة استقرار المنطقة.

ويزعم الباحث الأميركي أن مكتب الممثل السامي في البوسنة والهرسك تحول إلى سلطة احتلال أوروبية شبيهة بالاحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية (وهو ما كان يُعرف باسم الراج البريطاني).

إعلان

ويرى الكاتب أن كل تدخل دولي يؤدي إلى تفاقم العلاقات العرقية ويؤخر تطور المؤسسات الديمقراطية في البوسنة والهرسك.

لكن بريموراك يعلق الآمال على الرئيس الأميركي دونالد ترامب قائلا إن أمامه فرصة تاريخية لإنهاء هذه "المهزلة"، منبهًا إلى أنه على الرغم من أن الدبلوماسيين الأوروبيين هم واجهة هذا البناء الذي تم تشييده بعد دايتون، فإنهم لا يتصرفون إلا بموافقة صريحة من واشنطن.

وخلص الباحث إلى أن الضرورة تقتضي اليوم التعويل على مواطني الدولة نفسها لإحداث التغيير بعد فشل التدخل الدولي في مساعدتهم على إرساء ديمقراطية سلمية.

مقالات مشابهة

  • حريق مهول يأتي على ورشة لصنع الأثاث بطنجة
  • هل أنوي زيارة قبر النبي ﷺ أم أنوي زيارة المسجد النبوي؟.. أمين الفتوى يجيب
  • أمين الفتوى: شدّ الرحال لزيارة قبر النبي مشروع بإجماع العلماء
  • وسط حضور واسع.. انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي لأمراض الجلدية بمستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة
  • البوسنة والهرسك.. هل تكون موطن الحرب القادمة في أوروبا؟
  • السيد القائد: من المقامات التي جاءت في القرآن عن النبي إبراهيم عرض دلالات وبراهين واضحة لما يدعو قومه إليه لعبادة الله وحده
  • السيد القائد عبدالملك: من مقامات النبي إبراهيم التي ذكرت في القرآن الدروس الكثيرة لنهتدي بها
  • رئيس مجلس الوزراء اللبناني يزور متحف المستقبل في دبي
  • باحث أميركي: البوسنة والهرسك فاشلة حتى بعد 30 عاما من التدخل الدولي
  • المفتي: المملكة هيأت العلماء لبيان أداء الحج وفق منهج النبي