بعد اغتيال هنية.. كيف تتم آلية اختيار القادة في حركة حماس؟
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية فجر الأربعاء، في العاصمة الإيرانية طهران عقب مشاركته في تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان٬ يتساءل كثيرون عمّن سيخلف هنية في رئاسة المكتب السياسي للحركة.
ففي الثالث من كانون الثاني/ يناير الماضي اغتال الاحتلال الإسرائيلي نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري بغارة في الضاحية الجنوبية في لبنان.
يذكر أنه في الثامن من آب/أغسطس عام 2021 ٬ أعاد مجلس الشورى العام لحركة حماس انتخاب إسماعيل هنية، رئيساً للمكتب السياسي، وصالح العاروري، نائبا للرئيس، بالإضافة إلى عمله رئيسا لإقليم "الضفة الغربية لدورة ثانية (2021- 2025).
ويشغل خالد مشعل، رئاسة إقليم الخارج بحماس بعد انتخابه في هذا المنصب في نيسان/ أبريل 2021، في حين يشغل يحيى السنوار رئاسة إقليم قطاع غزة بعد انتخابه في آذار/ مارس 2021.
كيف تجرى الانتخابات الداخلية؟
تُجرِى الانتخابات الداخلية لحماس كل أربع سنوات، في ظروف مُحاطة بالسرية؛ نظراً لاعتبارات تتعلق بالملاحقة الأمنية من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
ووفقا للباحث السياسي الفلسطيني وأستاذ العلوم السياسة عدنان أبو عامر٬ "تمتاز حماس عن باقي التنظيمات الفلسطينية بإجراء انتخابات داخلية كل أربع سنوات، تؤثر نتائجها على آلية صنع القرار في الحركة، وتنعكس على مشاركتها في الانتخابات الفلسطينية العامة، وعلى علاقتها مع الفصائل الأخرى، فضلاً عن تأثيرها على علاقات حماس الإقليمية والدولية".
وأضاف عامر "تشمل انتخابات حماس الداخلية عدة مراحل، أولها اختيار الهيئات الإدارية للمناطق الفرعية، وصولاً لانتخاب مجلس الشورى العام، وانتهاء برئيس وأعضاء المكتب السياسي للحركة. تجري هذه الانتخابات دون حملات دعاية، وتعتمد السرية التامة في إجرائها، وتشمل كافة المستويات الإدارية والشورية".
وعن الية الترشح قال عامر "لا تبادر قيادات حماس بترشيح نفسها للمواقع القيادية، بل يرشح أعضاء مجلس الشورى المنتخب من يرونه مناسبا لرئاسة المكتب السياسي، في ذات يوم الانتخاب، ومن يحوز غالبية أصواتهم يصبح زعيما للحركة، ولذلك يعود قرار انتخاب قائدها للمؤسسة الشورية، ولا يصنعه طرف بعينه داخل الحركة، ولا يخضع لإرادة أي جهة فيها".
يذكر أن انتخابات الداخلية لحماس عام 2021 جرت وفق آلية اعتمدت للمرة الأولى إدراج أسماء من مضى على عضويتهم 15 عاما ضمن من يحق انتخابهم، بعدما اقتصر الانتخاب في السنوات السابقة على من يحصل على رتبة رقيب، وهي أعلى رتبة تنظيمية في حماس، كما يمنع نظامها الداخلي الترشيح الذاتي لتولي المناصب، ويعتمد على نظام الاختيار العفوي للناخبين.
وتابع أبو عامر قائلا: "فيما تختار المناطق المحلية في حماس مجلس الشورى العام، يقوم الأخير بانتخاب أعضاء المكتب السياسي، أعلى سلم قيادي في حماس، ويقسم النظام الداخلي لحماس تواجدها في أربع مناطق عامة، قطاع غزة والضفة الغربية والخارج والسجون الإسرائيلية، ويُمنح رئيس مكتبها السياسي فرصة البقاء في منصبه لولايتين متتاليتين فقط، وجرت العادة أن تُجري حماس انتخابات داخلية كل أربع سنوات لاختيار قيادتها السياسية العليا، أجريت آخرها في مايو 2017، حين فاز هنية برئاسة مكتبها السياسي خلفا لمشعل".
وقال عامر تعلقا على اخر انتخابات داخلية جرت: "على غير العادة، نشرت حماس هذه المرة صورا لانتخاباتها الداخلية ربما لإظهار سلوكها الديمقراطي أمام الرأي العام العالمي من جهة، ومن جهة أخرى للإشارة أنها باتت تنتهج العلنية في ممارساتها السياسية والتنظيمية".
تتمتع حركة حماس في غزة بكامل حرية العمل التنظيمي، ويتم ذكر أسماء قيادتها فيها علنا، بينما تخضع الحركة في الضفة الغربية لاعتبارات تجعل اتباع السرية في العمل التنظيمي أمراً حتمياً، تجنباً للملاحقة من الاحتلال الإسرائيلي.
ويُعد إسماعيل هنية ثالث شخصية تتولى قيادة رئاسة المكتب السياسي لحماس، بعد موسى أبو مرزوق وخالد مشعل.
وشغل خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس في الفترة من 1996 إلى 2017، قبل أن يخلفه لرئاسة المكتب السياسي العام للحركة إسماعيل هنية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية اغتيال حماس هنية الانتخابات الفلسطيني فلسطين حماس اغتيال هنية انتخابات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس المکتب السیاسی مجلس الشورى
إقرأ أيضاً:
المسار التونسي منذ إجراءات يوليو 2021.. تراجع اقتصادي وحقوقي
تونس- بعدما حظيت بتقدير واسع كتجربة ديمقراطية ناشئة في المنطقة، تحوّل الحال في تونس منذ إعلان الرئيس قيس سعيّد عن التدابير الاستثنائية يوم 25 يوليو/تموز 2021، وسلكت البلاد منعطفا حادا غيّر ملامح المشهد السياسي والاقتصادي.
وبينما يرى معارضو سعيّد أنه يسير بالبلاد نحو الاستبداد وتضييق الحريات، يرى أنصاره فيه رمزا للسيادة الوطنية واستعادة القرار الوطني، في وقت أعادت فيه هذه التحولات رسم صورة تونس داخليا وخارجيا.
واستنادا إلى التقارير الدولية التي تناولت وضع تونس بعد 4 سنوات من هذه التدابير الاستثنائية، يمكن ملاحظة نواقيس الخطر التي تحذر من إجهاض التجربة الديمقراطية، بل إن بعض التقارير تشير إلى انهيار المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية.
فقد ارتفعت نسب التضخم وتفاقم العجز في الميزانية بصورة دفعت إلى زيادة الاقتراض الداخلي، في وقت ارتفعت فيه معدلات البطالة، مما أسهم في اتساع رقعة الفقر.
وبيّنت تقارير سابقة لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية أمثلة عن تصاعد الانتهاكات الحقوقية في تونس خلال هذه الفترة، مشيرة إلى تضييق متزايد على الحريات العامة، وعلى رأسها حرية التعبير والتنظيم السياسي.
ونددت المنظمتان بتوظيف القضاء في محاكمات وصفتها بأنها "غير عادلة" استهدفت معارضين وصحفيين وناشطين، كما أكدتا أن السلطة تمارس ضغطا ممنهجا على منظمات المجتمع المدني.
ترتيب متراجع
وفي باب حرية الصحافة، سجلت منظمة "مراسلون بلا حدود" في تقريرها مؤخرا حول مؤشر حرية الصحافة لعام 2025 تراجع تونس 11 مرتبة ضمن هذا المؤشر بسبب تنامي التضييق على المعلومة وحرية التعبير، وتزايد ملاحقة الصحفيين بموجب المرسوم 54 الذي يعتبره الناشطون سيفا مسلّطا على منتقدي الرئيس.
وسجلت تونس تراجعا في الترتيب العالمي لـ"مدركات الفساد" لسنة 2024 الذي تعدّه منظمة الشفافية الدولية، كما أظهر مؤشر الفجوة بين الجنسين للمنتدى الاقتصادي العالمي عام 2025 أن تونس تراجعت إلى المرتبة 128 من بين 146 دولة، وسط استمرار فجوات ضخمة في التمكين السياسي والاقتصادي بين النساء والرجال.
إعلانوبشأن تقييمه للوضع العام، يؤكد الناشط الحقوقي العياشي الهمامي أن مسار 25 يوليو/تموز للرئيس سعيّد مثّل نكسة للديمقراطية في تونس، مشيرا إلى أن سعيّد استخدم بعض المطالب الاجتماعية وأزمة الثقة بين الأحزاب والمواطنين للسيطرة على البلاد، من دون برامج أو خطة اقتصادية أو اجتماعية واضحة لحل الأزمات.
وفي تصريحه، يقول الهمامي للجزيرة نت إن مسار تونس خلال السنوات الأربع الماضية أجهض مسار الانتقال نحو ديمقراطية حقيقية، على الرغم مما كان يعتريه من بعض العيوب، مؤكدا أن "تونس تحولت من ديمقراطية ناشئة إلى نظام استبدادي".
وفي تعليله لموقفه، يرى الهمامي أن الغلق التعسفي لمقرات أحزاب سياسية كبرى مثل حركة النهضة، والتضييق على حريات الصحافة والتعبير، إضافة إلى سجن المعارضين في قضايا مفتعلة، حوّل البلاد إلى "سجن كبير".
ويرى أن تلك الإجراءات القاسية أفضت إلى حكم فردي للرئيس قيس سعيد الذي يحكم البلاد منذ عام 2019، حيث "تراجعت المؤسسات الديمقراطية، وانهارت الحياة السياسية، وأصبح كل معارض هدفا للتنكيل والملاحقة".
ويؤكد أن السلطة الحالية فشلت في تحقيق الشعارات التي رفعتها عند تبرير الإجراءات الاستثنائية، مشيرا إلى تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي بشكل ملحوظ خلال 4 سنوات من الحكم المطلق للرئيس سعيّد.
كشفت تقارير دولية عن تراجع معظم المؤشرات الاقتصادية، وتوقع صندوق النقد الدولي نمو تونس بنسبة 1.4% عام 2025، وهو أقل بكثير من توقعات الحكومة التي قدرت النمو بـ3.2%.
وأظهرت تقارير محلية، ينشرها مرصد "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" بصفة دورية، تنامي حدة التحركات الاحتجاجية الاجتماعية من شهر لآخر للمعطلين عن العمل وأصحاب العقود الهشة والعمال المطالبين بحقوقهم، وغيرهم من المحتجين على عدم حصولهم على أبسط مرافق الحياة كمياه الشرب والخدمات الصحية وغيرها.
ومن خلال رؤيته لتطور الأداء الاقتصادي في تونس، يؤكد الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي -للجزيرة نت- أن أغلب المؤشرات شهدت تدهورا ملحوظا بعد 2021، مقارنة بما تحقق اقتصاديا خلال السنوات التي سبقتها.
ويفسر أن الفترة التي امتدت من 2011 إلى2021 -ورغم التحديات السياسية والصحية- كانت أكثر استقرارا اقتصاديا، مبينا أن ما تحقق من نتائج بعد 25 يوليو/تموز يعدّ "هزيلا ولا يرقى لما أنجز قبل ذلك التاريخ".
وبالأرقام، يوضح الشكندالي أن معدل النمو الاقتصادي كان يدور في حدود 2% قبل 2021، بينما لم يتجاوز 1% في السنوات اللاحقة، وهو ما يعكس وفق تعبيره "حالة الركود" التي يعيشها الاقتصاد التونسي.
فمثلا، على مستوى التضخم وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، يشير الشكندالي إلى أن الوضع تفاقم بعد 2021، وكانت ذروة الارتفاع ابتداء من سبتمبر/أيلول 2021، إذ بلغ التضخم 10.4%، "وهو رقم غير مسبوق" حسب قوله.
ويوضح أن هذا الارتفاع أضعف القدرة الشرائية، مبينا أن التضخم لم يكن نتيجة ضغط في الطلب كما روّج له البنك المركزي التونسي، بل نتيجة اختلالات في العرض، بسبب تراجع الإنتاج ونقص المواد الأساسية.
إعلان
أمثلة للتراجع
وعكس ما وقع قبل 2021، يقول الشكندالي إن الدولة أفرطت بعد هذا التاريخ في تقليص الواردات، بهدف تقليص العجز التجاري والحفاظ على مخزون العملة الأجنبية، مما قلص الإنتاج الصناعي المرتبط باستيراد المواد الأولية.
ويؤكد أن هذا الإجراء في ظل غياب بدائل محلية كافية خلق ندرة في السلع، "فأدى ذلك إلى ارتفاع الأسعار وانكماش الإنتاج، وزاد من معاناة التونسيين، بينما تبجحت البلاد بالسيطرة على العجز التجاري وسداد الديون"، حسب قوله.
أما بخصوص مسألة الاقتراض، فيشير الشكندالي إلى أن تونس قبل 2021 كانت تقترض من صندوق النقد الدولي، فكان ذلك يمنحها مصداقية أكبر للحصول على قروض من مؤسسات مالية أخرى بشروط ميسرة، لكنها بعد ذلك لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق مع الصندوق، فتسبب الأمر في ما سماه "عزلة مالية".
وبحكم ذلك، يؤكد أن الدولة اضطرت إلى الاقتراض بإفراط من البنك المركزي والبنوك المحلية، في إطار "سياسة التعويل على الذات"، وهو ما شكّل ضغطا كبيرا على النظام المالي، إذ تم ضخ حوالي 14 مليار دينار تونسي (5 مليارات دولار) من البنك المركزي خلال عامين لتغطية الموازنة، وذلك أضعف قدرة البنوك على تمويل المؤسسات الاقتصادية.
وأشار إلى زيادة نسب الضريبة على المؤسسات الاقتصادية مقارنة بما كانت عليه قبل 2021، فشكّل ذلك عبئا إضافيا على مناخ الاستثمار وأدى إلى تراجع جاذبية السوق التونسية لدى المستثمرين المحليين والأجانب.
انقسام شعبيوفي ظل هذه الظروف، ما تزال المعارضة التونسية تعاني من انقسام حاد بسبب التجاذب الأيديولوجي بين الإسلاميين والعلمانيين، إلى درجة أن مسيرة الاحتجاج للمعارضة التي كانت من المفترض انطلاقها يوم 25 يوليو/تموز الجاري ألغيت نتيجة حالة التشرذم.
أما أنصار الرئيس سعيّد، فيعتبرونه رمزا للسيادة الوطنية واستعادة القرار الوطني، وأنه يقف عنيدا أمام دوائر النفوذ الخارجي، ويعتبرون سبب تدهور الأوضاع الاقتصادية التركة الثقيلة التي تسببت بها الأحزاب الحاكمة قبل عام 2021.
ورغم إقالته لحكومات عدة في فترة حكمه من دون نتائج تحققت، يواصل أنصاره تأييده لأنه "رجل وطني نظيف يسعى لإصلاح ما أفسدته الأحزاب" في "العشرية السوداء" كما يصطلحون على تسميتها، فضلا عن فخرهم أيضا بانحيازه إلى القضية الفلسطينية.