سودانايل:
2025-06-27@03:52:09 GMT

من طرف المسيد: زِوِيْنِي

تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT

من طرف المسيد: زِوِيْنِي
يرويها محمد سيد احمد الحسن
بقلم عادل سيد احمد

واسمها زينب بت علي ود موسى، واصل ابوها من ضاحية القرير التي تنقسم إلى قرير قوز هند والقرير قوز ود قرافي الذين هم أهلها ومنهم بت كارديق جدة الفنان عثمان اليمني وهي بنت عم زِوِيْنِي لزم.
ومسك جدنا علي ود موسى الساقية رقم واحد في المقل (ساقية الحليلي)، وظل يزرع مع الناس وعانى معهم ما عانوا في تلك الفترة، ولكن عندما انسحب الأتراك تحت ضغط جيش المهدي انكسر الناس وتشتتوا.


وصدر الأمر لكمال ياورو وهو لواء تركي بأن يقيم قيقرة (قاعدة عسكرية) في مكان شمال الكردة ... وهناك قبضوا على الناس الهائمين في الصحراء والخلاء والضالين.
وجاءت معلومات للمهدي او الخليفة بأن الأتراك يجمعون اطرافهم ويعدون العدة للهجوم على الخرطوم.
وكان شيخ الهدي كما شيخه الخير مقيمان في بربر.. فأرسل المهدي لشيخ الخير ليعين شيخ الهدي (وهو شايقي) حاكما على دنقلا (وثلاثتهم طبعا تبع الطريقة السمانية) وأمره بطرد كمال ياورو وجيشه من الكردة.
وجمع شيخ الهدي زعماء الشايقية وطالبهم بتكوين جيش قوامه الشباب من سن ستة عشر عاما إلى أربعين عام. وكان هؤلاء الشباب لا يؤمنون لا بالمهدي ولا الطريقة السمانية.
وأرسل شيوخ الشايقية لمصطفى ياورو وحكوا له عما دار وقالوا له انهم سيأتونه لا ليقاتلوه ولكن لينضموا له. ولكن عندما وصلوا القاعدة اتضح ان من بينهم مناصير اهل نعمان ود قمر وهو الذي أغرق الباخرة كربكان وقتل اللواء ستيوارت اليد اليمني لغردون وآخر رجل انجليزي أرسله غردون لمصر. وكان الناس في القاعدة يعرفون نعمان ود قمر شيخ المناصير ولما راوه ظنوا ان الشايقية انما خدعوهم وان هناك مؤامرة. ففتحوا عليهم النار وهم غافلين لذلك كانت الابادة كبيرة، لأن الشايقية كانوا غير متحسبين ولا مستعدين للجري او الاختباء وخلافه... ولكن مع ذلك هرب بعض الناس ومن ضمنهم علي ود موسى والد زِوِيْنِي ووصل الى المقل.
ولكن ارسل مصطفى ياورو باخرة تأديبية من الكردة وحتى كريمة وصدف ان عثروا على علي ود موسى وكان ينقل الماء من النيل إلى أولاده في البيت أو لبناته في الحقيقة ... فتابعوه إلى أن قام بإيصال الماء ثم اردوه قتيلا بعد أن وضع قربة الماء وقالت زِوِيْنِي: ضربوه أمامنا.
وزِوِيْنِي هي الأكبر بين أخواتها لذلك تولت إدارة الأراضي وكانت كثيرة واطرافها كثيرة، ويقال ان عدد الناس الذين يتغدون عندها بلغ أربعين شخصا منهم أبناء زوجها ومن بينهم أبناء ضراتها (بت الشُندُهابي مثلا) بالضرورة وأولاد اخوانها... ولهذا السبب سميت زِوِيْنِي وتعني انها زينة اي طيبة وكريمة وهي كلمة أصلها عربي.
وانا بالذات أدين لها بمعارف كثيرة فأنا الولد الذكر الأول في ذريتها فكانت تعزني وتعتني بي.
وكان الرجل عندما يتزوج فوق امرأته بنت الأصول يتنازل لها عن كل حقوقه في الأرض والنخيل ... وتنازل لها جدي الحسن عن كل ما يملك وصار أولاده من الاخريات بلا حق. فجبرها الناس لتتنازل لأولاد الحسن من الزوجة الثانية (بت الشُندُهابي) وظل الباقي باسمها إلى أن توفى ابنها سيد احمد، والحق كان مسجل باسم زِوِيْنِي وانا لم إرث من ابي، انما وهبت لي زِوِيْنِي الأرض والنخل وسجلت لي كل الحق الذي كنت سأرثه إذا ما كان أبي على قيد الحياة... لأن المورث اذا مات قبل الوارث يسمى الوارث (جنا فطيسة) وليس له الحق في الميراث. ولكن زِوِيْنِي تخطت ذلك كله وجعلتي اتمتع بموجب الهبة كما يتمتع الوارث تماما.
وكانت زِوِيْنِي شاعرة ومزارعة ومقاتلة ولها صولات وجولات.
لقد عشت معها وانا في حوالي السابعة من عمري فمعلوماتي لن تكن دقيقة ولا كثيرة لأني انتقلت للعيش مع جدي ود كرار وجدتي بت نعمي، ولم ارجع للمقل مرة أخرى الا لأبكيها وكانت وفاتها في العام 1961م. فلم اعرفها وانا كبير ولكن زوجتي حرم التقتها في النصف الثاني من الخمسينيات عندما زارت المقل وكانت قد جاءت اصلا لحضور زواج اخوها علي بضاحية الكرفاب القريبة من المقل.
واتذكرها وانا طفل، اتذكر البليلة وقناديل عيش الريف واللبن الدسم الذي لم تنزع منه القشطة واشم رائحة زِوِيْنِي حتى الان.
وقد كانت امرأة ذكية وعطوفة ومنصفة وكانت تدافع عن بسطاء الناس وكانت تهجو وشعرها لاذع ومنه:
- ما شفتي جبل يا كسبة الليلي
وفي حوش بت صلاح رامي الجعيلي
وردت عليها كسبة:
- كُت قايلاك جبل واترك سبيقة
وأخير منك بنيتن بي عقيقا
وكان جبل والجعيلي متنافسان حول امرأة. وكان جبل ابن عمها والجعيلي وكسبة من الصلحاب.
ويقال ان سوركتي خال زوجها الحسن ود صالح وبسبب الكسرة وجوع الناس ولما كثرت السرقات، فكان كلما اشتكوا له أحد أقاربه في سرقة يربط حجر في رقبة السارق ويلقي به في النهر وقد القى بالكثيرين، ولم يكن ذلك يرضي زِوِيْنِي فقالت قصيدة طويلة منها:
- يا سوركتي فالك في شمالك
كتلت اين عمك ولا ود خالك
ود شلي اليتيم دان كاتلو مالك؟
جيت تجر محجوب، نصيح، ابى ينجرالك!
وكانت زِوِيْنِي مستورة الحال وكريمة وانا لا أدري هل سبب ذلك هو وساع اراضيها ام جودها؟
وقد حكت مرة انه وبعد المجاعة جاءها ابن عمها وطلب منها قيراط تيراب (بذور) قمح ليزرعه. وكانت هي زهجانة وقد طفح بها الكيل من كثرة طلبات المحتاجين حولها، فقالت له:
- ما عندي.
وفي الليل البحر كسر واول ما ضرب ضرب قسيبتها التي تخزن فيها القمح. وكان ابن عمها من اول اللذين نفروا لمساعدتها، فقالت ناديته وقلت له:
- تعال شيل القمح. البخل خرابة!
وكانت امرأة فكهة ومستنيرة وما جاعت ولا سمحت لمن حولها بأن يجوعوا.
وفيما بعد عرفت انها كانت تترك لمبة الجاز مضيئة للصباح على أمل أن يعود لها ولا سيد احمد فلا يضلوا طريقهم في الظلام إلى البيت.
رحم الله جدتي زينب بت علي ود موسى (زِوِيْنِي) واسكنها فسيح الجنان.

amsidahmed@outlook.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: سید احمد

إقرأ أيضاً:

وحدوا الله

بعد سنوات من راحة البال من رسائل التهنئة بالعام الهجري الجديد فجأة وعلى غير المتوقع انهالت العشرات منها على تطبيق الواتساب.
وشعرت بضرورة الرد على هذه البدع، لكن التساؤل كان كيف؟ ومن أين أبدأ؟

ولوهلة تذكرت جدتي لأمي؛ -أخت العلماء والمشايخ- ميمونة أبو سليمان -رحمها الله- وأسلوبها الراقي في التربية؛ حيث كانت تلقننا الأخلاق والدين، بالقصص والحكايات؛ فقررت أن أقدم موعظتي بأسلوبها وعلى طريقتها.

وحدوا الله، والي عليه ذنب وخطية يقول أستغفر الله

كان يا مكان قبل أربعة عشر قرن من الزمان؛ بعث الله تعالى نبي آخر الزمان؛ محمد عليه الصلاة والسلام، بشرع عظيم يصلح لجميع الناس في كل زمان ومكان، وزاد له في البيان عمن قبله من الأنبياء عليهم السلام.

وبين لنا أيش نعمل في الأفراح والأحزان، وعند النوم والقيام، وفي كل الظروف والأحوال، وأنه مو كل ما هب الناس هبة قلنا آمين وكمان، لأن منهجنا في السنة والقرآن، والضلال في الدين يكون بالزيادة فيه أو النقصان، وأخبرنا أن تحديد الأعياد حق لله تعالى، ورسوله عليه الصلاة والسلام، وليس لأحد من الأنام، وعلى كدا كان الصحابة والتابعين كمان؛ عشان كدا اختراع عيد جديد، نهني بعضنا عليه، ولا نحتفل بيه ونبارك ونفرح به، بدعة وضلالة تجيب لنا الآثام.

والعام الجديد الناس الي حددت له الشهور والأيام، والبداية والنهاية كمان؛ لا ذكر في سنة، ولا نزل به قرآن، والاحتفال بيه زيادة في الأعياد الي ما أنزل بها الله من سلطان.

وأنه في الشرع في أشياء مخصوصة؛ ما تتعمم، وأشياء عامة؛ ما تتخصص، وإن تعميم الخاص، وتخصيص العام، من البدع الي كثرت -يا لطيف- في هذا الزمان، ومن هذه البدع تعميم دعاء رؤية الهلال؛ فصار يقوله الي على جواله جالس متكي، ولا على سريره نعسان؛ لا شاف لا هلال ولا قمر كمان.

توتة توتة، فرغت الحدوتة، حلوة ولا بتوتة؟

ولو كان بيتنا قريب كان جبنا لكم شوية زبيب، ولو طاقيتي مخروقة كان جبتلكم شوية مسلوقة.

إضاءة…

البعد عن الكتاب دخول في الضباب، والبعد عن السنة طريق للفتنة.

مقالات مشابهة

  • قيادي بمستقبل وطن: 30 يونيو أنقذت مصر من الانهيار وكانت بداية للبناء والتنمية
  • المرشد الإيراني: إسرائيل لم تتصور قوة ضرباتنا وكانت على وشك الانهيار الكامل
  • الشحات أبلغ الأهلي بوجود عروض خارجية لضمه.. ولكن
  • وحدوا الله
  • رضوى الشربيني: الإعلام رسالة قوية..وكانت سنة استراحة محارب
  • عقدي تمام ولكن.. وسام أبو علي يفجر مفاجأة بشأن الرحيل من الأهلي
  • رانيا يوسف: انت عرفتني وانا لابسة الشورت يبقى ماتقولش البسي طويل.. فيديو
  • هذه أقل فوائد القروض في تركيا الآن.. ولكن هل هي مناسبة؟
  • إيران وإسرائيل وأمريكا بعد الحرب: لا رابح.. ولكن معادلات جديدة
  • المتحدث باسم وزارة الداخلية: يتزعم الخلية شخص سوري الجنسية، يدعى محمد عبد الإله الجميلي، ويكنى أبو عماد الجميلي، وهو من سكان منطقة الحجر الأسود في دمشق، وكان يعرف بوالي الصحراء عند “داعش”، وقد تعرض اعترافاته المصورة لاحقًا حال الانتهاء من التح