الثورة نت:
2025-06-20@05:09:09 GMT

حفلة الجنون ومجون الشرق الأوسط المستحيل..!

تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT

 

في زيارة للسيد وليد جنبلاط – زعيم الحزب الاشتراكي اللبناني، إلى موسكو نهاية عام 2014م، أسداه وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف نصيحة بأن (يتوخى الحذر في تصريحاته ومواقفه وأن لا ينزلق أكثر)، حيث استخدم وزير خارجية روسيا تعبيراً بليغاً (قلنا له أن عليه أن ينتبه، هناك حفلة جنون في الشرق الأوسط ومن الأفضل أن لا يتورط فيها).


وبعد هذه السنوات وما حدث فيها، بات واضحاً أن حفلة الجنون سعت إلى تقطيع أوصال الشرق الأوسط القديم (شرق أوسط سايكس بيكو)، وتركيب شرق أوسط جديد، أي التحول من شرق أوسط تتقاسم مصالحه دول الهيمنة السابقة إلى شرق أوسط جديد يهيمن عليه اللوبي الصهيوني الذي بات يتحكم بقرارات معظم دول الهيمنة السابقة.
ولقد أرادت صفقة القرن إدماج الكيان الصهيوني في المنطقة كأساس للشرق الأوسط الجديد وعلى حساب القضية الفلسطينية، وفي نفس الوقت القضاء على محور المقاومة والممانعة، وذلك من خلال تأسيس حلف عسكري سني صهيوني أو ناتو شرق أوسطي لمواجهة إيران وإعادة صياغة وعي المنطقة بوعي زائف يستبدل عداوة إيران محل عداوة إسرائيل. على أن يقوم هذا الشرق الأوسط الجديد على العقيدة الصهيونية العلمانية ويجري استبعاد الدين الإسلامي من ثقافة المنطقة بخطوات عملية وإحلال ثقافة اللهو والترفيه، بحيث تخصص المملكة معظم الميزانيات، التي كانت تذهب للفكر الوهابي إلى لجنة ترفيه تقوم بهذه المهمة، أي الانتقال من غسيل الأدمغة بالفكر المتطرف إلى غسيل أدمغة الشباب بنشر التفاهة والتسطيح واللهو والانغماس بملذات الحياة، وإذا كان رموز المرحلة السابقة هم شيوخ الفكر الوهابي، فإن رموز المرحلة الجديدة هم الفنانون والكتاب والمفكرون أو فئة انتلجنسيا التفاهة والمجون والانحلال الخلقي.
الشرق الأوسط الجديد الذي يأمل لوبي الهيمنة الدولي إنجازه في المنطقة يعني في المحصلة إخراج الثقافة العربية والإسلامية من المجتمعات وإحلال الفكر الصهيوني تحت غطاء قيم الفكر الليبرالي.
لكن تجري السفن بما لا تشتهي رياح المخططين، فلقد جاء طوفان الأقصى ونسف هذه المخططات التي جرى التأسيس لها منذ سنوات خلت، وبدلاً من إدماج الكيان الصهيوني الغاصب في الشرق الأوسط الجديد، فقد أضحى منبوذاً ومعزولاً يعاني أزمة وجود ليس في المنطقة، وإنما منبوذاً ومعزولاً على صعيد الرأي العام العالمي، ولم يقتصر فقط على أزمة الكيان، بل طالت الأزمة أيضاً الهيمنة الأمريكية والغربية، فلقد أضحت هذه الهيمنة قاب قوسين أو أدنى من الانحسار والتلاشي بفعل صحوة الوعي لشعوب العالم.
هناك عبارة خلدونية بليغة يقول فيها ” إذا عم الفساد في الدولة فإن أولى مراحل الإصلاح في الدولة هي الفوضى”, وهذه العبارة تصدق على النظام العالمي، فلقد عم فيه الفساد والانحلال الخلقي، وهناك سعي محموم إلى تكريس هذا الفساد وإشاعته، وما نشهده من فساد وفوضى اليوم ستفضي لا محالة إلى الإصلاح، ولقد طرح الفكر الصهيوني – وعلى لسان وزير خارجية إدارة بوش الابن في ولايته الثانية كوندوليزا رايس – مشروع الفوضى الخلاقة أساساً لإعادة بناء الشرق الأوسط الجديد وفق الرؤية الصهيونية، ويقيناً يستحيل أن تؤول الفوضى الخلاقة إلى إنتاج مجتمع منحل أخلاقيا وتخالف الفطرة الإنسانية، وعلمتنا الخبرة الإنسانية أن كل فوضى يعقبها بيئة صالحة، فلا استقرار للحياة يتطلب خروجاً من حالة الفوضى إلى تكوين جديد، إن الحياة عموماً – بحسب الفيلسوف اليوناني أرسطو- يحكمها مبدآ التكوين والفساد، فكل شيء في هذه الحياة يتكون تدريجياً حتى يبلغ أكمل هيئة له، ومن ثم يدركه الفساد تدريجياً وما بين التكوين والفساد هناك مرحلة تعم فيها الفوضى قبل أن يبدأ التكوين الجديد، هذا الأمر ينطبق على كل شيء مادي أو روحي، أي ينطبق على الأشياء المادية كما ينطبق على القيم الروحية والمعنوية.
وعلينا أن نتحلى بالإيمان والثقة بحكمة الله جل جلاله، فلقد روى لنا كثير من القصص في” القرآن الكريم “، حيث قص علينا قصص أقوام سالفة وهبها نعماً كثيرة، وعاشت رغد العيش، وعندما بطرت وعمّ الفساد فيها، أرسل إليهم أنبياء ورسلاً يدعونهم إلى الهداية، وفي النهاية يخسف بالكافرين وينجي المؤمنين منهم “قصة فرعون مع النبي موسى عليه السلام خير مثال “، ولذا يستحيل أن يتخلق من رحم الفوضى مجتمع فاسد يسوده انحلال خلقي، فهذه الرذائل لا تسود إلاّ في ظل الفساد والفوضى، وما نشهده اليوم من مظاهر انحلال خلقي لن تؤدي إلاّ إلى مزيدٍ من الفساد حتى يفضي إلى انهيار الوضع القائم واستبداله بوضع جديد يتفق مع الأوامر والنواهي الإلهية.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

إعادة تشكيل الشرق الأوسط من وراء دخان الحرب الإسرائيلية- الإيرانية

لم تعد المواجهة القائمة بين إيران و"إسرائيل" مجرّد حلقة جديدة في مسلسل التصعيد العسكري الذي ألفته المنطقة؛ ما يجري اليوم أعمق من ذلك بكثير، نحن أمام تحوّل تاريخي في شكل النظام الإقليمي، ومعركة يراد لها أن تكون بوابة لشرق أوسط جديد يُعاد فيه ترتيب القوى، وتُرسم فيه خرائط النفوذ على نحو غير مسبوق منذ الحرب العالمية الأولى.

إنها ليست حربا تقليدية، بل مشروع استراتيجي شامل، تدور رحاه من طهران إلى غزة، مرورا ببيروت وبغداد وصنعاء. وفي قلب هذا المشروع، تسعى واشنطن وتل أبيب، بتنسيق مع عواصم أوروبية وعربية، إلى إعادة ضبط الإيقاع السياسي والعسكري في المنطقة، تحت عنوان جذّاب لكنه مُضلّل: "الاستقرار".

بين العزل الإيراني والتمكين الإسرائيلي
ليست حربا تقليدية، بل مشروع استراتيجي شامل، تدور رحاه من طهران إلى غزة، مرورا ببيروت وبغداد وصنعاء. وفي قلب هذا المشروع، تسعى واشنطن وتل أبيب، بتنسيق مع عواصم أوروبية وعربية، إلى إعادة ضبط الإيقاع السياسي والعسكري في المنطقة
ليست مصادفة أن يظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة عام 2023، حاملا خريطة جديدة للشرق الأوسط؛ خريطة تُهمّش إيران بالكامل، وتضع "إسرائيل" في موقع القيادة الإقليمية، محاطة بدول عربية مُطبّعة.

هذه الخريطة لم تكن مجرّد أداة دعائية، بل جاءت لتؤكد أنَّ هناك من يحاول إعادة تعريف حدود النفوذ والسيادة في المنطقة، وأن اتفاقية سايكس بيكو لم تعد المرجعية الوحيدة في رسم الجغرافيا السياسية.

أكثر من ذلك، فإن تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب، التي قال فيها إنه يرى "إسرائيل صغيرة الحجم" ويطمح إلى "توسيعها"، لم تكن زلّة لسان، بل كانت إشارة مبكّرة إلى أن ثمة مشروعا يُصاغ في الكواليس، تقوده واشنطن وتنفذه تل أبيب، لإعادة تشكيل المنطقة على أسس مختلفة جذريا.

نهاية "الطائفية الوظيفية"

على مدى عقود من الزمن، استُخدمت الطائفية كأداة تفتيت ناعمة داخل المجتمعات العربية، واستفادت إيران بوضوح من هذا المناخ، مُدخلة خطابها المذهبي إلى عمق العراق وسوريا ولبنان واليمن. لكن يبدو أن هذه الورشة الطائفية قد وصلت إلى نهايتها، وأن الإذن الدولي باستمرار هذا النموذج قد سُحب.

المرحلة القادمة، كما يظهر، تسير نحو مقاربات جديدة تقوم على تحالفات المصالح المباشرة لا على الانتماءات المذهبية. وقد تكون إعادة تأهيل إسرائيل إقليميا جزءا من هذا التصور، لا باعتبارها "عدوا"، بل "شريكا أمنيا" في مواجهة إيران التي تُقدّم الآن كتهديد وجودي مشترك.

صراع على النظام لا على النفوذ فقط

يُخطئ من يعتقد أن المسألة تتعلق بمجرد تقليص نفوذ إيران، الحقيقة أعمق: نحن أمام صراع على هوية النظام الإقليمي نفسه. هل تكون دول المنطقة فاعلة في تقرير مصيرها، أم مجرّد ساحات يتقاطع فيها النفوذ الأمريكي والإسرائيلي؟

وهل تستطيع القوى العربية استعادة بعض من وزنها السياسي، أم أنها ستُدمَج ضمن معادلات تُكتب خارج حدودها، وتُفرض عليها كأمر واقع؟

الغرب لا يريد تفكيك الدول العربية هذه المرة، بل إعادة تعريف وظائفها: من مراكز قرار إلى محطات عبور للنفوذ والاقتصاد والسيطرة. ضمن هذا الإطار، يتم التعامل مع إيران كعقبة تجب إزاحتها، لا فقط بسبب طموحها النووي، بل لأنها آخر قوة إقليمية تعلن رفضها الصريح للمنظومة الجديدة.

من سيكتب مستقبل المنطقة؟
ما يُحاك خلف دخان الحرب اليوم، قد يُحدّد شكل النظام السياسي والأمني لعقود مقبلة، وإن لم نشارك في صياغته، فسيفرض علينا كما فُرضت حدود سايكس بيكو قبل قرن
السؤال الذي يجب أن يُطرح اليوم، ليس فقط: ماذا تريد واشنطن أو طهران؟ بل: ماذا نريد نحن كعرب؟ هل نملك الإرادة السياسية لصياغة موقع لنا في خريطة الشرق الأوسط الجديد؟ أم سنبقى مجرّد أدوات أو ساحات تصفية حسابات بين قوى أكبر؟

للأسف، يبدو أن كثيرا من الدول العربية قد تخلّت عن طموح الفعل، واكتفت بدور التكيّف مع إيقاع الخارج، سواء كان أمريكيا، إسرائيليا، أو حتى إيرانيا.

لكن المنطقة لا تحتمل هذا الترف بعد الآن، فما يُحاك خلف دخان الحرب اليوم، قد يُحدّد شكل النظام السياسي والأمني لعقود مقبلة، وإن لم نشارك في صياغته، فسيفرض علينا كما فُرضت حدود سايكس بيكو قبل قرن.

لسنا أمام مجرد حرب، بل أمام لحظة تأسيسية لنظام إقليمي جديد، لحظة ستُحدَّد فيها هوية الفاعلين، وحدود الأدوار، وأشكال النفوذ. وإيران ليست وحدها المعنيّة بالإقصاء أو التهميش، بل العالم العربي بأسره.

فإمّا أن نملك الشجاعة السياسية لنكون طرفا في صناعة هذا المستقبل، أو نبقى في الهامش، بينما يكتب الآخرون خرائطنا باسم "السلام والاستقرار".

مقالات مشابهة

  • الشرق الأوسط بين حربين.. تحوّلات ربع قرن وصدامات تتجدد
  • وزير الخارجية يحذر من خطورة انزلاق منطقة الشرق الأوسط إلى حالة من الفوضى
  • مصر والصين تؤكدان ضرورة تحييد خطر اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط
  • إعادة تشكيل الشرق الأوسط من وراء دخان الحرب الإسرائيلية- الإيرانية
  • حرب الشرق الأوسط الجديد
  • نتنياهو.. الحرب مع إيران والعين على الشرق الأوسط كله
  • هل تنشر الولايات المتحدة  قاذفات القنابل بي-2 سبيريت في الشرق الأوسط؟
  • ملك الأردن: هجمات إسرائيل على إيران تهدد العالم
  • مجموعة السبع تدعو الى خفض التصعيد الإقليمي في المنطقة
  • الغارديان: كيف تعيد إسرائيل تشكيل الشرق الأوسط وتواجه عزلة متزايدة؟