أجواء حرب.. الضربة الإسرائيلية تثخن جراح الاقتصاد اللبناني
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
بيروت- يخرج فؤاد من متجره في الضاحية الجنوبية لبيروت مستاء وغاضبا وهو يقول "أريد السفر، الوضع لم يعد يحتمل، والخسارة أصبحت كبيرة".
ما قاله التاجر -الذي يعمل في قطاع الألبسة ولديه أكثر من محل في هذه المنطقة بينها ما هو قريب إلى المكان الذي اغتيل فيه القيادي بحزب الله فؤاد شكر– هو لسان حال معظم التجار، ليس فقط في الضاحية بل في لبنان كله.
"نعيش أجواء حرب، ونحن نكافح للبقاء على قيد الحياة، ولكن العدوان على حارة حريك كان بمثابة الضربة القاضية لتجارتنا"، يضيف فؤاد.
جولة قصيرة وسريعة في هذه المنطقة المكتظة سكانيا والمزدحمة بالأسواق الشعبية تؤكد أن الناس باتوا يشترون الضروريات -خاصة الطعام والدواء- ويدخرون أموالهم خوفا من تدهور الأوضاع الأمنية والانزلاق إلى الحرب.
تهافت على المواد الاستهلاكيةوعلى عكس السلع "غير الضرورية" كان واضحا أن هناك تهافتا على الطعام والوقود وكأن الناس يستعدون لحرب قد تفاجئهم في توقيتها ويريدون أن يكون جاهزين لها ولو بتأمين "الأكل والشرب والسلع الضرورية لعائلاتنا رغم ضعف إمكانياتنا"، وفق إحدى السيدات التي كانت تجر عربة تسوق مملوءة عن آخرها.
نترك الضاحية ونتجه جنوبا، الطرقات فارغة على غير العادة، فليست هناك أي اختناقات مرورية "الناس خائفون ويعيشون أجواء حرب"، بحسب الشاب عبد الله الذي يعمل سائق أجرة صباحا وحارس أمن ليلا.
يروي عبد الله قصة عن إحدى المسافرات التي قالت له إنها دفعت آلاف الدولارات كي تقرب موعد سفرها وتفر من البلاد قبل اندلاع الحرب.
نترجل من سيارة الأجرة على وقع كلمات قالها لنا الشاب الثلاثيني "ترقب الحرب أصعب من وقوعها".
هذه الكلمات رافقتها تقارير إعلامية محلية تزعم أن مطار رفيق الحريري الدولي سيلغي رحلات قادمة وأخرى مغادرة بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي، لكن وزير الأشغال اللبناني علي حميك نفى تلك الأخبار ووصفها بأنها "كاذبة".
القطاع السياحي يئننصل إلى جنوب لبنان ونسأل حسن صاحب مكتب لتأجير السيارات عن تأثره بهذه الأجواء، ليأتي جوابه صاعقا ويكشف أنه تم إلغاء أكثر من 75% من الحجوزات، وهناك من ترك السيارة رغم دفعه سلفا بدل استئجارها وغادر البلاد.
يقول حسن "قبل اغتيال شكر ليس كما بعده، فرغم الحرب على الحدود كان اللبنانيون المغتربون وعدد لا بأس به من السياح يأتون إلى لبنان، وكان الطلب على سيارات الإيجار أكثر من العرض، لكن الضربة على الضاحية أصابت القطاع السياحي كله بمقتل وأصيب بالشلل"، وأنهى حديثه متأثرا "لم نعد نقوى على الصمود".
وبما أن القطاع السياحي هو الأكثر تضررا من "أجواء الحرب" التي يعيشها لبنان أكملنا رحلتنا إلى بلدة أرصون في محافظة جبل لبنان -والتي تبعد نحو 40 كيلومترا عن العاصمة بيروت- لنتحدث مع صاحبة أحد المشاريع السياحية هناك، والتي تأثرت بالضربة الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية رغم بعد المسافة.
تقول رانيا إنه "بعد يوم من الضربة تم إلغاء نحو 75% من الحجوزات رغم أن المشروع كان محجوزا بشكل كامل لأيام قادمة، خسارة كبيرة لأننا نعتمد على جهودنا الذاتية التي تتضاءل يوما بعد يوم، خاصة بعد سرقة ودائعنا في المصارف".
كانت رانيا تشير إلى الأزمة الاقتصادية الشديدة التي عصفت بلبنان عام 2019، إذ تراجعت فيها الليرة أكثر من 90% أمام الدولار، ووصف البنك الدولي الأزمة اللبنانية وقتها بأنها الأسوأ منذ عام 1850، مما جعل السلطات تفرض قيودا خانقة على سحب الودائع.
نغادر المشروع الذي كان شبه فارغ من الزوار محملين بجملة قالتها لنا رانيا "آمل ألا يكون القادم أسوأ، البلاد تعبت ونحن أرهقنا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أکثر من
إقرأ أيضاً:
التعاون الثنائي على رأس أولويات زيارة رئيس الوزراء اللبناني لقطر
الدوحة- وصل رئيس مجلس الوزراء اللبناني نواف سلام إلى الدوحة في زيارة رسمية على رأس وفد وزاري ضم وزير الثقافة غسان سلامة ووزير الطاقة جو صدي ووزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني ووزير التنمية الإدارية فادي مكي.
وسيلتقي سلام خلال زيارته بأمير دولة قطر سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري وعدد من المسؤولين القطريين، وتتناول الاجتماعات البحث في الملفات ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.
ويرى مراقبون أن قطر تحضر بثقل سياسي وإنساني كبير في المشهد اللبناني، فقد كانت الدوحة على الدوام وسيطا مقبولا من مختلف الأطراف اللبنانية، ولعبت أدوارا محورية، أبرزها رعايتها اتفاق الدوحة عام 2008، فضلا عن دعمها المتواصل للجيش اللبناني والمؤسسات الرسمية والمجتمع المدني.
وقد أعلنت قطر مرارا التزامها بمساعدة لبنان على تجاوز أزمته من خلال دعم اقتصادي وإنساني مباشر، ومن خلال مشاركتها الفاعلة في مجموعة العمل الخماسية (قطر، فرنسا، الولايات المتحدة، السعودية، ومصر)، والتي تتابع عن قرب ملف الاستحقاقات اللبنانية.
علاقات متميزةوذكرت وكالة الأنباء القطرية أن قطر ولبنان يرتبطان بعلاقات ثنائية متميزة تكرست عبر محطات متعددة شكلت خلالها الدوحة نموذجا في التضامن العربي، ولا سيما خلال الأزمات الكبرى التي عصفت بلبنان سياسيا واقتصاديا.
وقد دأبت قطر على الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني في أحلك الظروف مقدمة دعما إنسانيا وتنمويا ملموسا ومبادرات دبلوماسية هدفت إلى الحفاظ على استقرار لبنان ووحدته.
وأضافت الوكالة أن المواقف القطرية تحظى بتقدير كبير في الأوساط الرسمية والشعبية اللبنانية، حيث عُرفت الدوحة بتبني سياسة ثابتة تجاه لبنان تقوم على احترام سيادته ودعم قضاياه العادلة، فضلا عن مناصرتها المستمرة له في المحافل الدولية.
إعلانوتأتي زيارة رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام إلى الدوحة لتعزيز أواصر التعاون بين البلدين، واستكشاف سبل الدعم السياسي والاقتصادي للبنان في مرحلة شديدة الحساسية.
ويرى مراقبون أن بيروت تأمل أن تكون هذه الزيارة خطوة باتجاه تجديد الزخم العربي والدولي لدعم لبنان، سواء على مستوى الوساطة السياسية، أو عبر الشراكات التنموية التي يمكن أن تسهم في تخفيف الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة.
ولم تقتصر مساهمة قطر في دعم لبنان على الجانب السياسي، بل امتدت إلى تقديم مساعدات إنسانية وصحية مباشرة في الأوقات الحرجة.
وخلال العدوان الإسرائيلي عام 2024 فعّلت الدوحة جسرا جويا لتقديم أكثر من 150 طنا من المساعدات الطبية والغذائية، كما لعبت دورا محوريا في جهود التهدئة، والتي أثمرت اتفاقا لوقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه.
كما تشكل زيارة نواف سلام فرصة لإعادة تحريك مشاريع تنموية مشتركة، وتعزيز الاستثمارات القطرية في لبنان، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والصحة والبنية التحتية، إلى جانب البحث في سبل توسيع برامج الدعم الاجتماعي والتعليم المهني، بما يعزز قدرة لبنان على تجاوز أزماته المتراكمة.