بعيداً عن جميع الإتهامات و في محاولة لإيجاد الطريق لإنقاذ السودان الشعب أولاً فالدولة نكتب إلى من يهمه الأمر.
و الكلام هنا ليس بالعموم فلا إحصائيات مُلِّكناها و أسفاً أنها لا توجد!
فعلى الذين يُطيقون القراءة لنا الصبر معنا و إحتياطاً قد يُفيد الرجوع إلى بعض قديمنا.
*
يتفق الغالبيَّة "من شعب السودان" على ضرورة وقف الحرب.
و أهم البنود سيبقى دائماً هو "مصير الجنجويد" أولاً ثم محاسبة قادة الجيش ثانياً فمن سيقود البلاد في مرحلة ما بعد وقف الحرب ثالثاً. ثم بعد ذلك أمور الحياة و البناء و الحساب و المعاش.
*
و الآن عودة سريعة -لأخذ العظة- إلى فترة شراكة العسكر و مدنيي السلطة حيث كان "الأغلبيَّة" يعلمون بأطماع حميدتي في السلطة و يُهادنونه لأسباب تخص كل منهم إن كانوا من الساسة أو الحركات أو قادة الجيش أنفسهم. تلاعب "الغالبيَّة" على حبال الفترة الإنتقاليَّة الهشّة هو ما قادهم جميعاً و شعب السودان قبلهم و معهم إلى حرب كانت "النيَّة لها" مُبيَّتة عند "البعض".
علَّ ضعف قادة الجيش الأمنيّ و العسكريَّ و "انعدام" البصيرة "السياسيّة" لديهم كان من أهم عوامل سهولة أجتياح السودان و التنكيل بشعبه و جيشه.
لكن نفاق أغلبيّة القوى و قادة الأحزاب و الحركات في تلك الفترة أيضاً كان بمثابة عنصر الإشعال الأول.
*
حقيقة مليشيات الجنجويد كانت معلومة عند "أغلبيّة" شعب السودان لكن سطوة نظام البشير أيام الثورة و عنفه ثم انتصار الثورة عليه و انحياز دقلو مع الجيش إليها شوش الرؤيا من طيبة أهل السودان أن علّ و عسى!
لكن جريمة فض الإعتصام جاءت لتدق نواقيس الخطر كلها شاهدة تقسم على أن الأصل هو الغالب.
*
و للتاريخ نكتب أن الإشتباك بين الجيش و مليشياته من الجنجويد كان حتمي في نظر كل من كان قلبه مشغولاً خوفاً على السودان و منذ زمن البشير صانعهم.
لكن لتكتمل الشهادة نسجل أن الأمر ما كان ليتحول إلى حرب يُستباح شعب السودان فيها و يُهزم جيشه "لو" كان الجيش يقوده رجال السودان الحق القادة.
نعم فالمستحيل أن يرضى ضابط في قوات الشعب المسلحة بمهزلة حقيقة تلك المليشيات و تاريخ نشأتها و استخدامها و تعظيم شأنها! ذاك في زمن الكيزان و نعم لم يتحرك الجيش للجمها و لنقل بسبب دفاع البشير و برلمانه عنها و تخلصه من كل ضابط أعلن أو حذر منها!
و التاريخ سيشهد على أن أمثال أولئك الضباط في خنوعهم و سكوتهم رغم علمهم بالخطر الذي يتربص بأهلهم و شعبهم و بلدهم قد خانوا العهود و الأمانه! نعم تمت إقالتهم بسبب صراحتهم لكن هم كانوا وقتها من كبار القادة في الجيش و كانوا يعرفون كيف أن يتحركوا عندما يتوجب الأمر.
*
و جاءت الثورة و شارك من تسلقوا موجها إلى السلطة مع القتلة من العسكر و مليشياتهم الجنجويد.
كانوا يومها يعلنون للشعب مطمئنين لهم أنهم بشعاب السياسة و دهاليزها أدرى و أن حق الشهداء لن يضيع معهم و أن شراكتهم مع القتلة حنكة و "تكتيك" مرحلة!
*
الحكمة ضالة السودان المنقذة له وقتها و التي أفتقدها في قيادة المدنيين و الجيش بعدها!
حتى لحظة أن دق لنا ناطق الجيش ناقوس الخطر مئذناً أن الدعم السريع المليشيا خرج عن السيطرة!
كان "العالم" يعلم أن تلك القوات لم تكن يوماً خاضعة للجيش و قادته و السيطرة!
*
و نترك "لو" و شيطانها و نأتي بكان؛
فنقول:
كان على مدنيي السلطة انتهاج الحكمة في تعاملهم مع قيادات الجيش بأن يقودوهم هم لا أن يُقادوا خلفهم!
و كان على قادة الجيش تعلية حسهم الأمني و العسكري في تعاملهم مع وضع مليشياتهم الخطر و لجمهم في جحورهم و حميدتي معهم و بينهم.
*
اليوم و العالم في فرح جنازة السودان أن تزف رخيصة إليه ؛
مازال "الغالبيّة" مختلفين فيمن أطلق رصاصة الحرب الاولى و بينما فزاعة الكيزان نفخت حتى تكاد من الهواء الحار فيها أن تتفجر مازالت "حرب الخونة" تستعر في السودان و تطحن شعبه.
بينما ديوك الساسة و الحركات و العسكر تنتفخ علينا تتشاكس و تتبختر!
*
الحرب في السودان ستقف إن أمر الداعمين لها بوقفها.
هكذا بصريح العبارة و انتهى؛ و بعدها:
هيهات
فلا مكان لجنجويدي لا في الحياة و لا الممات بيننا
و لا لقادة الجيش إلا كأشباح لخونة تهيم التيه أرواحاً منبوذة في السماء.
محمد حسن مصطفى
.
mhmh18@windowslive.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: شعب السودان قادة الجیش
إقرأ أيضاً:
سوريا الجديدة.. كورال “غاردينيا” النسائي يتنسم الحرية
سوريا – من رحم الحرب في سوريا وركام أنقاضها، سطع كورال (جوقة) “غاردينيا” النسائي كأحد أبرز وجوه المقاومة الثقافية، وبعد تحرره من قيود نظام الأسد البائد، تحوّلت أغنياته عن الثورة والحرية إلى نوتات موسيقية تُحاكي الأمل، وتُجسّد قدرة المرأة السورية على النهوض عبر الفن.
وتأسس كورال “غاردينيا” النسائي في عام 2016، في خضم الحرب، بمبادرة من مجموعة من النساء المؤمنات بدور الفن وقدرته علي نشر قيم السلام والتسامح، وإظهار قوة المرأة من خلال الموسيقى.
وبمرور الوقت، لم يقتصر دور الكورال على كونه مجموعة جوقة موسيقية فحسب، بل أصبح رمزًا للصوت النسائي الصادح بمعاني الحرية، والسلام والتعايش، والحاصد على عدة جوائز في فعاليات داخل سوريا وخارجها، نظير أدائه اللافت.
ومع انهيار نظام الأسد وحزب البعث في ديسمبر/ كانون الثاني 2024، تحررت عضوات الكورال من القيود الأمنية السابقة، وأخذن يتنفسن الفن بحرية ويقدّمن أغاني الثورة في حفلات عامة تجمع مختلف أطياف المجتمع.
ويواصل الكورال اليوم نقل آلام وآمال الشعب السوري إلى العالم، ناهضا بروح الفن الحر.
وفي 8 ديسمبر 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 سنة من حزب البعث الدموي و53 سنة من سيطرة أسرة الأسد.
– “الآن يمكننا تقديم رسالتنا بحرية”وفي مقابلة مع الأناضول، عقب إحدى حفلات الكورال التي جرى تنظيمها في قصر “بيت فارحي” أحد القصور التاريخية في العاصمة السورية دمشق، أعلنت عضوات الفريق أنهن أخيرا “تمكن من استنشاق الحرية” والغناء دون خوف أو قيود.
وقالت العضو المؤسس في الكورال سفانة بقلة، إنهن منذ تأسيس الفريق الغنائي خضن مسيرة مليئة بالتحديات.
وأضافت أن الفريق يضم 20 موسيقية من خلفيات مهنية متنوعة، جميعهن يمتلكن خبرة احترافية في الموسيقى.
وأكدت أنهن مجموعة مستقلة، رسالتها كانت دائما “جمع السوريين معا، والدعوة إلى السلام، وإثبات أن العمل الجماعي أقوى من الفردي”.
وتابعت: “نؤمن أننا نستطيع تحقيق المزيد معا”.
واعتبرت بقلة أن تأسيس الكورال جاء “هروبا من الحرب وحالة القمع التي عاشتها سوريا في عهد بشار الأسد”.
وحول فترات القمع والخوف في عهد نظام الأسد، أردفت بقلة: “كانت ساعات التدريب ملاذنا، لحظات نتنفس فيها بحرية ونبتعد عن كل السلبيات”.
وأشارت إلى أن الكورال يولي أهمية خاصة بالحفاظ على التراث الثقافي والدفاع عن حقوق المرأة، مبينة أن سقوط النظام السابق “منحهن مساحة للتعبير عن الآلام التي عاشها السوريون على مدى سنوات”.
وتابعت: “نستطيع الآن أن نقول ما نريد. غنينا أغان لم نكن نحلم بأن نغنيها سابقًا. أعدنا إنتاج التراث الفني الذي وُلد مع الثورة. لم يعد من الصعب إقامة حفل موسيقي، بعد أن كان الأمر يتطلب موافقات أمنية وتعقيدات كثيرة”.
واستدركت بكلمات مؤثرة: “الآن يمكننا أن نقدم رسالتنا الفنية بحرية. بدأنا نعيش حياة أكثر راحة على صعيد حرية التعبير”.
وكشفت بقلة أنها احتُجزت لدى قوات نظام الأسد عام 2012 لنحو شهر، معتبرة أن أول حفل بعد سقوط النظام كان بمثابة “معجزة لا توصف”.
– “شعرت وكأنني في حلم”من جهتها، نوهت عازفة البيانو ياسمين سلامة، وهي عضوة بالكورال منذ عام 2016، إلى أن الفريق واجه صعوبات كثيرة عند التأسيس.
وقالت للأناضول: “سابقا، لم يكن لدينا مكان للتدريب، كنا نتمرن في بيوت الصديقات تحضيرا للعروض”.
ولفتت سلامة إلى أن عضوات الكورال اكتسبن تجارب ومهارات مهمة خلال السنوات التسع الماضية، مشيرة إلى أن الحماسة الكبيرة من الجمهور “كانت دافعا كبيرا للاستمرار”.
وعن أول حفل بعد سقوط نظام الأسد، لخصت سلامة تلك اللحظات قائلة: “كان شعورا غريبا، إحساسا يلامس القلب، رأيت أعلام الثورة وتفاعل الناس معها، شعرت وكأنني في حلم”.
وتابعت: “لم أصدق أننا في دمشق، وأن هذه الأغاني تُغنّى والناس يصفقون، دون أن يُعتقل أحد. كان شعورا لا يوصف، وكل ما نريده الآن هو السلام”.
– “نستحق لسعادة”من جهتها، قالت ميادة حميدان، إحدى الحاضرات في حفل الكورال في “بيت فارحي”، إن الأغنيات التي قدمها الفريق في الحفل كانت “مؤثرة جدا”.
وأكدت في حديث للأناضول على أنه بعد الحرب “يستحق الشعب السوري أن يكون سعيدا”.
وأوضحت أنه خلال الحرب “لم يكن الأطفال يسمعون سوى أصوات القنابل، أما الآن، يستحقون الاستماع إلى الموسيقى”.
وأشارت إلى أن أغنيات فريق “غاردينيا” عن الثورة والتي قدمها خلال حفله في “بيت فرحي” ذكرتها بأصدقائها الذين فقدتهم خلال الحرب التي استمرت نحو 13 عاما.
واستدركت: “نأمل ألا يعيش أطفالنا مثل هذه المعاناة مرة أخرى”.
بدورها، أعربت بسمة فلاحة، عن سعادتها لتمكنها من الاستماع لأغنيات “غاردينيا” في حفل حي مباشر.
وقالت للأناضول: “أنا سعيدة جدا لأنني أرى مثل هذه الفعاليات، وأشاهد عودة بلدي للنهوض من جديد، والأهم أن الناس باتوا يستطيعون التعبير عن آرائهم بحرية”.
الأناضول