عين ليبيا:
2025-12-15@06:21:56 GMT

الشرق الأوسط.. بين سندان الهيمنة ومطرقة التطهير

تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT

منذ الأحداث الأخيرة التي أعقبت ربيع الثورات التي لم تكتمل، بينت الأحداث أن كل دول العالم تسعى إلى الهيمنة في مستوياتها جميعا أو في أحدها، فهي لا تتورع أن تهيمن سياسيا اولا ومن ثم اقتصاديا وامنيا وحتى ثقافيا على باقي المجتمعات. لكن تماسك بعض الدول الناتج عن التلاحم بين شعوبها وانطمتها الحاكمة او حتى مجرد تماسك نظامها القائم يفشل مساعي الدول الاخري في فرض هيمنتها، الا ان محاولات الهيمنة لا تنتهي، وضعف النظام الدولي وانهيار منضومته الاخلاقية ساعدا في تمرير سياسات بعض الدول التوسعية.

إيران

إيران، كاحد اهم دول الشرق الاوسط عملت وتعمل جاهدة في تكريس هيمنتها على المنطقة، وهي لا تحفي هذا الامر منذ ان جاء الخميني بثورته الى ايران، وتصريحاته في هذا السياق حول “تصدير الثورة” و”ايقاظ الشعوب الاسلامية”، و”وحدة الامة الاسلامية” و”التحرر من هيمنة الغرب” كانت جدا واضحة وصريحة، رغم انه لم يكن يقصد إنهاء الكيانات الوطنية، بل يدعم استقلالها سياسيا.

وقد نجح النظام الايراني في مشروعه وحقق نفود واسع في الاقليم من خلال انشاء ودعم حلفا له كحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق، بل تحالف مع نظام قائم في سوريا في زمن الاسد وقبل سقوطه باشهر قليلة.

وإيران منذ تورثها في العام 1979 مازالت تعتبر ان وجود القواعد الامريكية في الخليج ووجود اسرائيل يشكلان تهديدا مباشرا لأمنها القومي، لذلك سعت الى خلق مناطق نفود على حدود من تعتبرهم يشكلون هذا التهديد. كما استخدمت موقعها الجغرافي في التحكم في مضيق هرمز الذي يعتبر احد اهم معابر الطاقة والتجارة العالمية، فهو بحق شريان النفظ العالمي، ذالك ان 20% من النفط العالمي ، وما يزيد عن 17 مليون برميل من النفط والغاز المسال يمر عبر هذا المضيق يوميا ، وتقع عليه اهم مواني تصدير النفط السعودي والكويتي والعراقي والاماراتي، وتعتمد قطر كليا على هذا المعبر في تصدير غازها المسال، والذي يشكل ثلت صادرات العالم من الغاز.

باختصار، إيران تبحث عن مكانة استراتيجية تجعل منها لاعباً رئيسياً في تحديد مصير المنطقة، خاصة في ظل التنافس مع دول مثل السعودية وتركيا وإسرائيل، ومع تدخل القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا. هذه المكانة لن تتحقق لها الا عن طريق تحقيق هيمنة كاملة عن طريق الاحتلال وهذا غير ممكن، او عن طريق حلفائها الاقليمين وايدلوجيتها التي استطاعت تصديرها لدول الجوار.

نرى الان ان ايران قد نجحت في تحقيق بعض اهدافها في المنطقة، فهي تملك نفودا واضح في اربع عواصم عربية (تقلص دورها في سوريا بعد سقوط الاسد)، واصبح نفودها يمتد من ايران حتى البحر الابيض مشكلة بذلك النفود ما يمكن ان يوصف بانه هلال شيعي، كما لا يخفى على احد قوة الميليشيات التي شكلتها على طول هذا الهلال.

إسرائيل

الحديث عن اسرائيل حديث جوهري، فهو يمس لب التحوّلات في الشرق الأوسط. ولدولة إسرائيل مجموعة من الأهداف، تتضمنها اهداف أمنية يفرضها وجودها في محيط لا تنتمي اليه ، واهداف سياسية، واخرى اقتصادية وأيديولوجية. وجميعها تدور حول محور مشترك وهو ضمان بقاء الدولة اليهودية وتعزيز نفوذها الإقليمي والدولي.

يهمنا هنا اكثر الهدف السياسي، والذي يشكل جوهر التهديد الوجودي للكيان العربي في الشرق الاوسط، ذلك ان هذا الهدف يشكل مركزية استراتيجيتها، وتتجاوز الداخل لتطال ميزان القوى الاقليمي ومستقبل الشعب الفلسطيني.

يتجلى اهم هذه الاهداف في الدستوري اليهودي، الذي ورغم تقديمها كنمودج لدولة ديمقراطية، الا ان الدستور اليهودي يسعى لدفع دول العالم والمجتمع الدولي الى الاعتراف بدولة اسرائيل كدولة يهودية، ورغم عدم وجود دستور مكتوب لدولة اسرائيل، الا ان الدولة تعمل تحت سيادة ما يعرف بــ”قوانين الاساس” والتي تشكل الاطار الدستوري للدولة. وقد أقر الكنيست في منتصب عام 2018 يهودية الدولة، وخفض هذا القانون من مستوى اللغة العربية من اعتبارها “لغة رسمية” الى جانب العبرية الى “لغة ذات مكانة خاصة”.  والسؤال: ما معنى هذا القانون؟. الحقيقة هذا القانون يمثل اول بوح اسرئيلي رسمي في تطهير اسرائيل من اي وجود غير يهودي، وبمعنى ادق التطهير العرقي لفلسطين.

قامت منهجية العمل الاسرائيل على هذا الهدف في محاولة التطبيع مع اكبر عدد من الدول العربية، وقد نجحت لحد كبير في تحقيق هذا الامر. فقد جاءت اولى النجاحات في تكبيل مصر باتفاقية كامب ديفيد، تلاها في الركب الاردن عبر اتفاقية وادي عربة. وفي ولاية ترامب الاولي قام جاريد كوشنر عراب الاتفاقية الابراهمية من تحقيق اختراق اكبر في السياج العربي، فانضمت الى ركب التطبيع كل من الامارات والبحرين وموريتانيا والمغرب والسودان. ولولا 7 اكتوبر للالتحقت باقي الدول العربية بقطار التطبيع.

هكذا نجحت اسرائيل في كسر الاجماع العربي حول “قضيتهم المركزية،، وتحقق لليهود الغاء مركزية القضية الفلسطينية، ليس فقط في بعدها الاقليمي بل الدولي، وتمثل حرب غزة العلامة الكبرى الدالة على ازالة الوجود العربي من فلسطين كليا، عبر تطهير عرقي ممنهج يدعمه النظام الغربي ضاربا بعرض الحائط كل القيم الانسانية والقوانين والمواثيق الدولية.

الخلاصة

كما اشرت في بداية المقال، فالهيمنة ممارسة دولية مستمرة، تمارسها تقريبا كل دول العالم في حدود امكانياتها المتاحة، وهي ليست حكر على الدول الكبرى. فدور ليبيا وهيمنتها على الساحة الافريقية كانت صارخة على زمن نظام القدافي، وقد توجت بانشاء الاتحاد الافريقي الذي انتهاء تقريبا بنهاية نظام القذافي. وتصدير الايدلوجيات ليست حكر على ايران، السعودية ايضا عبر الحركة الوهابية وورييتتيها الجامية والمدخلية استطاعت ان يصبح لها اليد الطولي في العديد من الدول، واستعملت قطر جماعة الاخوان و مركزها الاقتصادي  في فرض بعض الهيمنة على بعض الدول التي كان للجماعة دور قيادي فيها، ونجحت الامارات من خلال توظيف مركزها الاقتصادي في افشال ثورات الربيع والهيمنة على بعض دوله. لكن يظل هذا الخطر الذي تمارسه هذه الدول محدود جدا امام التهديد الوجودي الذي تمارسه اسرائيل، فأسرائيل تسعى الى ابادة شعب والتهجير القصري له، وتسعى الى توسيع رقعتها الجغرافيا لتتعدى حدود فلسطين التاريخية لتمتد من النيل الى الفرات.

إذا، مساعي ايران في الهيمنة على نطاقها الاقليمي يتضائل كثير امام هذا التهديد الوجودي الذي تمثله اسرائيل، واذا كانت ايران اليوم هي المستهدفة، فهذا لا يعني ان باقي دول الاقليم بعيدة عن “شهوة” اسرائيل في التوسع، بل ستكون اللاحقة، وكما نجحت اسرائيل في ان تتوسع في عملية التطبيع مع دول الاقليم، فهي قادرة على ان تحقق نجاح مماثل في التوسع على حساب شعوب المنطقة, وانهاء وجود بعضها.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

تصاعدت بشكل لافت...كيف تستفيد مليشيا الحوثي من قضايا الثأر في اليمن

قالت صحيفة «الشرق الأوسط» أن مناطق سيطرة المليشيا الحوثية تشهد ارتفاعاً لافتاً في قضايا الثأر والنزاعات العائلية، على الرغم من إعلان الجماعة تبني مبادرات للصلح القبلي وإنهاء الخصومات.

ووفقاً لمصادر أمنية وقضائية تحدثت للصحيفة، فإن الأشهر الماضية سجلت عشرات الحوادث الدموية المرتبطة بالثأر، بعضها وقع خلال محاولات حلّ كانت تحت إشراف قيادات ومشرفين تابعين للجماعة.

وأشارت الصحيفة إلى أن إحدى أبرز هذه الحوادث اندلعت في نوفمبر الماضي بين عائلتين في محيط مدينة رداع بمحافظة البيضاء، وأسفرت عن مقتل نحو 20 شخصاً وإصابة أكثر من 30، قبل أن تتحول إلى موجة ثأرية استمرت لأيام، وتسببت في شلل شبه تام للحياة في المنطقة.

ووفق مصادر خاصة تحدثت لصحيفة «الشرق الأوسط» فإن الجماعة تتحفظ على الإحصائيات الدقيقة لحوادث الانفلات الأمني في مناطق سيطرتها، في محاولة للتستر على فشلها في إدارة هذه الملفات. 

وتربط المصادر بين تصاعد النزاعات وبين اختفاء قيادات حوثية معروفة، خشية الاستهداف بعد تصعيد الجماعة ضد إسرائيل، وهو ما دفعها إلى تكليف مستويات دنيا بإدارة ملف الصلح، الأمر الذي زاد من تعقيد المشهد وأضعف فاعلية الوساطات القبلية.

الصلح القبلي… أداة نفوذ

وتنظر مليشيا الحوثب إلى ملف الصلح القبلي باعتباره وسيلة لبسط النفوذ داخل القبائل وتعزيز حضورها الاجتماعي، أكثر من كونه آلية لحل النزاعات. 

وتنقل «الشرق الأوسط» عن مصدر قضائي في صنعاء أن بعض القيادات التابعة للجماعة تفرض حلولاً غير عادلة، وتميل لصالح الأطراف الأقوى نفوذاً أو الأغنى، بهدف تحقيق مكاسب مالية أو سياسية. 

ويضيف المصدر أن الأطراف الضعيفة تُجبر على القبول بقرارات الصلح تحت تهديد توجيه اتهامات تتعلق بمخالفة توجيهات زعيم الجماعة.

 نزاعات متوارثة

ليست قضايا الثأر جديدة على المجتمع اليمني، إذ أن بعض المناطق تشهد نزاعات قبلية وقضايا ثأر منذ سنوات طويلة ماضية، يعود بعضها لعقود.

 الجدير بالذكر أن المناطق القبلية تعتبر أكثر عرضة لاندلاع الثأر نتيجة لغياب الدولة وانتشار السلاح في الأوساط القبلية بصورة كبيرة، ولا يمكن إغفال السياق الاجتماعي والأعراف التي تنظر للثأر باعتباره واجباً اجتماعياً لا يُمكن تجاهله أو نسيانه.

وخلال العقود الماضية عملت الحكومات اليمنية المتعاقبة على الحد من هذه الظاهرة عبر حملات توعية، ومبادرات صلح، وبرامج تأهيل، لتأتي الحرب لتعيد ظاهرة الثأر إلى الواجهة بسبب غياب أجهزة الدولة.

 تشير تقارير حقوقية إلى أن حوادث الثأر خلال السنوات الأخيرة أصبحت أكثر دموية وتعقيداً، نظراً لانتشار الأسلحة الثقيلة، وغياب القضاء الفاعل، وتداخل النزاعات مع الولاءات السياسية.

في السياق، يلفت تقرير «الشرق الأوسط» إلى أن مناطق سيطرة مليشيا الحوثي باتت بيئة خصبة لعودة الصراعات القبلية، نتيجة غياب الأمن، وتعدد مراكز القوة، وتدخل المشرفين في شؤون السكان. 

وتستخدم الجماعة هذه الصراعات لفرض الجبايات والنفقات على أطراف النزاع وإجبار بعضهم على بيع ممتلكاتهم مقابل إغلاق الملفات.

تبقى قضية الثأر في اليمن مشكلة قائمة تعجز المليشيات الحوثية عن احتوائها والحد من انتشارها، فالسلاح بات في يد كل من يملك المال، كما أن المجتمعات القبلية تنظر لمن لم يأخذ بثأره نظرة استنقاص واستضعاف، وهذا ما يزيد من خطورة المشكلة التي لم تستطع مؤسسات الدولة قبل سنوات إنهائها!

مقالات مشابهة

  • مسؤول إسرائيلي كبير يعترف: قطر بيت الحكمة الجديد في الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط بعد أوهام الردع.. حين تُدار الحروب بدل أن تُمنع
  • «كنائس الشرق الأوسط» تشيد بالدور المصرى فى تثبيت اتفاق غزة
  • بيع أغلى «بنتهاوس» في الشرق الأوسط بقيمة 550 مليون درهم
  • قرار القضاء العراقي بين سندان القانون ومطرقة الفساد
  • تصاعدت بشكل لافت...كيف تستفيد مليشيا الحوثي من قضايا الثأر في اليمن
  • تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط
  • من هم أغنى 5 شخصيات في الشرق الأوسط لعام 2025؟
  • أردوغان: وقف إطلاق النار في غزة هشّ.. وتركيا مستعدة لقيادة مسارات السلام
  • «الليجا» تُطلق مشروعاً استراتيجياً في المنطقة