هل أحوالنا كلها طيبة؟!
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
سالم بن نجيم البادي
من العبارات الدارجة والمُستخدمة بكثرة بين النَّاس "الأحوال طيبة" و"الأمور زينة"، وقد تُقال هذه الكلمات من باب المجاملة والتفاؤل وتوقع الخير، أو المواساة وجبر الخواطر، وقد تُقال لأن الأمور طيبة في الواقع، والأحوال زينة، وكل شيء على ما يرام.
ولا شك أن أمورنا طيبة وأحوالنا كذلك ونحن أفضل من غيرنا ولدنيا الخير والرزق الوفير والأمن والاستقرار واللحمة الوطنية والقيادة المحبوبة من الشعب، لكن هل كل أمورنا طيبة؟ الجواب: كلا!
نحن هنا نحتاج إلى وقفات مصارحة ومكاشفة وشفافية ومحاسبة النفس وعدم الهروب من واقعنا.
أما هذه الرواتب الراكدة منذ زمن بعيد ورواتب التقاعد ومكافآت نهاية الخدمة، فهل هي كافية لأولئك الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن؟
وبمناسبة ذكر رواتب التقاعد، هل استطاع أحدكم فك لغز قانون التقاعد والنَّاس الذين على وشك التقاعد يسألون عن كيفية حساب رواتب التقاعد ولا توجد إجابة شافية حتى الآن.
وماذا عن منفعة الأطفال الزهيدة التي لا تستطيع الإيفاء بمطالبهم التي لا تنتهي في ظل دلع أطفال هذا الزمن!
كل ذلك يأتي مع موجة غلاء في الأسعار مسكوت عنها، يشعر بها الفقراء وأصحاب الدخل المحدود والمتوسط وغيرهم. سيُقال لهم إنَّ موجة الغلاء تجتاح العالم كله، لكن ماذا عن منتجاتنا الوطنية. خذ مثالًا على ذلك: الأسماك التي تتفاوت أسعارها من محافظة لأخرى داخل الوطن الواحد، وكيف هي أحوال شركة الأسماك العمانية التي يُقال إنها تخسر مثل بعض الشركات الحكومية، فهل أصبحت الشركات الحكومية بخير وأمورها طيبة؟ وماذا عن أسعار المنتجات الزراعية من فواكه وخضراوات وحبوب، وماذا عن اللحوم المحلية وغير ذلك من المنتجات والصناعات الوطنية؟ والحديث عن الاكتفاء الذاتي من هذه المنتجات يطول وهو حديث ذو شجون!
من منَّا لا تشغله قضية الباحثين عمل وأعدادهم الكبيرة، التي هي في تصاعد مستمر، وفي معظم البيوت العمانية يوجد باحث عن عمل أو أكثر. إلى جانب مشكلة المُسرَّحين من العمل، وتبعاتها السلبية على الناس لا تخفى على أحد، وغير بعيد عن الباحثين عن عمل والمُسرَّحين يوجد أصحاب عقود العمل المؤقتة من المواطنين، وهم في خوف دائمٍ من عدم تجديد عقودهم وعودتهم مرة أخرى إلى صفوف الباحثين عن عمل.
ومع كثرة الأماكن السياحية الرائعة وتنوعها وجمالها وثرائها، هل المرافق السياحية مغرية وجاذبة للسياح من مختلف أنحاء العالم بالدرجة التي نطمح لها؟ نعرف أن هناك مشاريع سياحية طموحة بعضها قائم والأخرى قيد الإنشاء، ولكن هل هي كافية؟
هل الاستثمارات الأجنبية كما نحب ونأمل؟ وفي هذا السياق هل خفت حدة الروتين والضرائب والتأمينات والطلبات التي تجعل بعض المستثمرين الأثرياء يلوذون بالفرار ويبقى المستثمر المسكين الذي لا يملك المال والذي دخل إلى البلاد مستغلًا تأشيرة المستثمر التي اقترحنا إعادة النظر فيها حتى لا تُمنح إلّا للمستثمر الجاد صاحب المشاريع الضخمة والأموال الهائلة. ويُقال إن أفرادًا من إحدى الجنسيات لهم باع طويل في القطاع الخاص ويقومون ببعض التصرفات التي قد تُلحق الضرر بالمواطن، فيما يتعلق بالتوظيف والرواتب وقلة التقدير للمواطن في بعض الحالات، والكلام حول هذه القضية كثير والشكوى من المواطنين مستمرة، لكن لا نرى إجراءات مُعلنة للحد من هذه التصرفات. علاوة على الحديث عن إحلال المواطن محل الوافد في الوظائف المختلفة، لكننا لا نجد سوى القليل من الأفعال.
وكيف هي أحوال قطاعي الصحة والتعليم، هل الوضع مثالي وعال العال؟ وماذا عن أحوال التنمية في المحافظات؟ ويقال إن تركيز المشاريع والخدمات والمبادرات المختلفة والمهرجانات والفعاليات يكون في حواضر المحافظات، وأن عجلة التنمية في باقي الولايات بطئية.
وماذا عن مجلس الشورى، هل هو فاعِل ويقف أعضاؤه في صف الذين انتخبوهم؟ وكم عدد القوانين التي صدرت من المجلس وصفق لها الجمهور فرحًا؟ وكم عدد القوانين التي لم يوافق عليها المجلس لأنها لا تخدم المواطن؟
إننا وحتى ننطلق نحو تحقيق رؤية "عُمان 2040" بخطوات ثابتة، يجب علينا حل تلك القضايا المذكورة أعلاه، عندئذٍ ستكون "الأمور طيبة" و"الأحوال زينة" وكل شيء على ما يرام إن شاء الله.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
في عيد ميلادها... نيرمين الفقي.. السيدة التي لم تهرم أبدًا
في كل عام، حين يحل يوم ميلادها، لا نحتفل فقط بتاريخ ولادتها، بل نحتفي أيضًا بامرأة اختارت أن تمشي بخفة عبر الزمن، دون أن يسرق منها العمر شيئًا. نيرمين الفقي، تلك التي ظهرت يومًا كحلم في إعلان، فكبر الحلم حتى صار وجوهًا وأدوارًا، وصارت هي رمزًا للأنوثة الهادئة، والحضور النبيل، والاختيارات الذكية.
امرأة تشبه الهدوء.. لكنها ليست ساكنة
نيرمين لم تكن أبدًا صاخبة. لم تدخل إلى الفن من باب الجدل أو الضجيج، بل عبرت من أضيق ممرات الذوق، حتى وصلت إلى أوسع قلوب المشاهدين. لم تضع نفسها في سباق على البطولة، بل كانت تعرف جيدًا أن البطولة الحقيقية ليست بحجم الدور، بل بعمق الأثر.
خطواتها مدروسة.. حتى في الغياب
حين غابت، لم ننسَها. وحين عادت، لم نندهش من جمالها، لأنه لم يغب أساسًا. غيابها كان يشبه صمت البحر: عميق، ولكنه مليء بالحياة. اختارت أن تختفي حين شعرت أن الساحة لا تشبهها، ثم عادت حين أدركت أن الجمهور لم يزل ينتظرها كما تركته.
لا زمن لها.. هي زمن مستقل
ربما هي من النجمات القلائل اللواتي لا يمكنك أن تُلصق بهن تاريخًا محددًا. فملامحها، وذوقها، وأسلوبها في الأداء، يتجاوز كل مرحلة عمرية. هي نجمة لا تنتمي لجيل بعينه، بل لكل من عرف الدفء في عينيها، أو صدق تعبيراتها، أو أناقة صمتها على الشاشة.
ليس لها نسخة أخرى
في عصر النسخ المتكررة، تظل نيرمين الفقي النسخة الأصلية التي لا يمكن تقليدها. لا ملامحها مستنسخة، ولا اختياراتها مكررة، ولا حضورها يشبه أحدًا. إنها النموذج الذي لا يشيخ، لا فنيًا، ولا إنسانيًا.
في عيد ميلادها.. لا نطفئ شموعًا، بل نضيء بها الذاكرة
نيرمين الفقي ليست فقط من نحب أن نشاهدها، بل من نحب أن نُذكّر بها. في كل مشهد أدته، هناك جملة لم تُقل، لكنها وصلت. في كل نظرة، هناك إحساس عبر دون أن يُشرح. وفي كل عيد ميلاد لها، هناك جمهور لا يقول فقط: "كل سنة وأنتِ طيبة"، بل يقول: "شكرًا لأنكِ هنا.. لأنكِ كما أنتِ".