هل اقتربت الحرب حقاً؟ صحيفة بريطانية تشرح واقع توتر المنطقة
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
سرايا - في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية والقيادي في حزب الله فؤاد شكر، ساد شعور بالانتصار في إسرائيل، لكنه في الأيام التي تلت ذلك، وقع الإسرائيليون، والمنطقة بشكل أوسع، في قبضة الخوف، في انتظار ما تحمله الأيام التالية وسط دوامة خطيرة ومتصاعدة من العنف، حسب ما أفادت صحيفة "فايننشال تايمز".
وتعهدت كل من إيران والحزب بالرد على إسرائيل بعد اغتيال فؤاد شكر في غارة جوية في بيروت، واغتيال إسماعيل هنية في طهران.
وقالت الصحيفة البريطانية في مقال لها إنّ "الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون والعرب يعملون مرة أخرى بشكل يائس لتهدئة الموقف، خوفاً من خطر انزلاق الشرق الأوسط نحو حرب شاملة"، وأضافت: "إنه السيناريو الذي كانوا يخشونه منذ أن أدى هجوم حماس المروع في 7 تشرين الأول إلى إشعال فتيل الحرب في غزة".
وبحسب الصحيفة، فإنه "رغم الجهود الدبلوماسية التي بُذلت على مدى الأشهر العشرة الماضية والثقل السياسي المفترض لواشنطن ومحاولات كبح جماح ردة الفعل، فإن وقف إطلاق النار في غزة وعودة الرهائن الإسرائيليين هو السبيل الوحيد لمنع التصعيد، وقد حان الوقت لتفعيل ذلك".
كذلك، اعتبرت الصحيفة أن مصير المنطقة يقع بأيدي إسرائيل وحزب الله وإيران ويحيى السنوار في غزة، ما يجعل الوضع قابلاً للاشتعال ولا يمكن التنبؤ به.
بدأت أحدث موجة من التوترات بعد هجوم صاروخي طال بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل وأدى إلى مقتل 12 فتى في ملعب كرة قدم.
بدورها، اتهمت إسرائيل "حزب الله" بالهجوم، لكن الأخير نفى ذلك وأقر بأنه كان يطلق النار على منشآت عسكرية في المنطقة في ذلك اليوم.
وكانت مثل هذه المأساة حتمية حيث تبادل الحزب وإسرائيل إطلاق النار بشكل مكثف منذ أطلق حزب الله الصواريخ عبر الحدود في 8 تشرين الأول.
ووصف السّاسة الإسرائيليون الهجوم بالحادث العدائي الأكثر دموية في الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل منذ هجوم حماس. كذلك، أدركت واشنطن التهديد وضغطت على نتنياهو لإظهار ضبط النفس، لكن الأخير تجاهل النصيحة على ما يبدو حيث راهن على انتقام عالي المخاطر؛ فقامت القوات الإسرائيلية باغتيال شكر في جنوب بيروت، ثم تبع ذلك بساعات عمل تصعيدي مماثل أدى إلى مقتل هنية في طهران.
وبحسب الصحيفة، فقد "وجه الهجومان على هنية وشكر ضربات قوية لأعداء إسرائيل، وتركتهم هذه الأحداث في مأزق، فإما أن يستجيبوا ويخاطروا بحرب شاملة مع إسرائيل، وإما أن يظهروا ضبط النفس ويَظهروا عاجزين"، وأضافت: "تشير الخطابات في إيران وحزب الله إلى أنهما سوف يُقدمان على الرد، ربما بالتنسيق مع بعضهما، وسوف يكون حجم الرد مهما وسيحدد الخطوة التالية التي سوف تتخذها إسرائيل".
واستدركت الصحيفة بقولها: "لكن هناك مخرج يتمثل في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق متعدد المراحل لتأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة وإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس. وهذا هو مفتاح التوصل إلى اتفاق منفصل بوساطة الولايات المتحدة لإنهاء الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل. وفي حال أُعلن عن وقف إطلاق النار، فقد يسمح ذلك لإيران بإنقاذ ماء وجهها وإعادة النظر في ردها".
وصلت محادثات الرهائن إلى طريق مسدود منذ أشهر، حيث تصر حماس على أن أي اتفاق لابد وأن يضمن نهاية دائمة لحرب غزة، وهو ما يرفضه نتنياهو بشدة. ولكن في الأسابيع الأخيرة، خففت حماس من موقفها، واعترفت بأن تفاصيل كيفية إنهاء الصراع يجب أن تُناقش في نهاية المرحلة الأولى من الاتفاق، وليس قبل أن تبدأ.
واعتقد الوسطاء أن هذا قد أزال العقبة الأخيرة أمام التوصل إلى اتفاق، لكن نتنياهو صعب موقف إسرائيل، حتى مع دعم رؤساء أمنه للاتفاق. وكان اغتيال هنية، المفاوض الرئيسي لحماس، بمنزلة انتكاسة أخرى للمحادثات.
وكان قرار حماس بتعيين السنوار، كزعيم سياسي للحركة، إهانة لإسرائيل، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى تعقيد المفاوضات، ولكن نظراً لأنه ما يزال يسيطر على ما تبقى من حماس في غزة، فقد كان دائماً مفتاحاً للتوصل إلى اتفاق، بحسب الصحيفة.
وأشارت "فايننشال تايمز" أيضاً إلى أن إسرائيل استنفدت القدرات العسكرية لحماس بشدة، وأضافت: "لن تتمكن الحركة أبداً من السيطرة على غزة أو تكرار 7 تشرين الأول. كذلك، وجهت إسرائيل ضربات شديدة لحزب الله، وأظهرت لإيران أنها تستطيع أن تضرب قلب طهران".
وأكملت: "يثبت التاريخ أنه عندما يُقتل زعيم متشدد، يملأ آخر الفراغ، ويحتاج نتيناهو إلى الاستماع إلى جو بايدن وكذلك مسؤولي الأمن لديه واغتنام الفرصة لتأمين حرية الرهائن المتبقين. هذه هي الرسالة الحاسمة التي يطلقها الرئيس الأميركي".
ومن عجيب المفارقات هنا، تقول الصحيفة في ختام مقالها، إن إسرائيل وإيران وحزب الله يرغبون في تجنب اندلاع صراع إقليمي شامل، لكن كما أظهرت الأشهر الأخيرة، فإن المنطقة تنزلق ببطء وخطورة إلى الحرب.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: إلى اتفاق حزب الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
7 نقاط تشرح أحداث لوس أنجلوس من الاحتجاجات حتى نشر المارينز
في مشهد يعيد إلى الأذهان توترات الستينيات والتسعينيات، تدخل مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا الديمقراطية يومها الخامس من الاحتجاجات والمواجهات، مع تجلي نهج الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصارم في تطبيق قوانين الهجرة وترحيل المهاجرين غير النظاميين.
فمنذ ليل الجمعة الماضي، تتواصل المظاهرات التي تحولت إلى مواجهات أمنية بعد اعتقال السلطات الفدرالية مهاجرين غير نظاميين في مناطق عدة في لوس أنجلوس، وذلك بهدف ترحيلهم.
غير أن ما بدأ احتجاجا مدنيا سرعان ما تحول إلى أزمة دستورية بين ترامب وولاية كاليفورنيا التي خاضت منذ تولي الرئيس الأميركي ولايته مواجهات مع إدارته حول سياسات الهجرة والمناخ وتمويل التعليم.
1- ماذا حدث في 4 أيام؟بعد مداهمات نفذتها وكالة الهجرة والجمارك الأميركية في أماكن عمل وسط لوس أنجلوس، اندلعت احتجاجات رافضة للترحيل اشتبك على إثرها متظاهرون مع عناصر الشرطة الفدرالية، ثم أُعلِن "تجميع غير قانوني" فتدخلت الشرطة لفض الاحتجاجات واعتقال المحتجين.
والسبت، تصاعدت التظاهرات وامتدت إلى أماكن جديدة، مما دفع ترامب إلى الأمر بنشر 2000 عنصر من الحرس الوطني من دون موافقة حاكم الولاية غافين نيوسوم، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عام 1965 حين نشر الرئيس الأميركي ليندون جونسون الحرس الوطني من دون طلب حاكم الولاية حينها على إثر اضطرابات عرقية في حي واتس اندلعت بعد توقيف الشرطة شابا من أصول أفريقية.
إعلانلكن آخر مرة أمر رئيس أميركي بنشر الحرس الوطني في لوس أنجلوس، كانت عام 1992 في ظل اضطرابات أعقبت تبرئة 4 ضباط اعتدوا على أميركي من أصول أفريقية. وكان القرار الرئاسي حينها بموافقة حاكم الولاية.
والحرس الوطني هو قوة عسكرية موجودة في كل ولاية، عادة يتبع لحاكم الولاية، إلا في حال تحويله لقوة فدرالية كما فعل ترامب، ويستخدم استجابة للكوارث الطبيعية وحفظ النظام المحلي.
والأحد الماضي، بدأت عناصر الحرس الوطني الانتشار في لوس أنجلوس، ورافقتها قوات المارينز التي كانت قد أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) استعدادها، فتجددت الاشتباكات أمام مركز الاحتجاز الفدرالي واستعملت قوات حفظ الأمن الرصاصات المطاطية والغاز المدمع ضد المحتجين، فضلا عن اعتقالها عددا منهم.
وأمس الاثنين، أمر ترامب بنشر 2000 عنصر إضافي من الحرس الوطني إلى جانب نحو 700 من مشاة البحرية، رغم اعتراضات حاكم كاليفورنيا. كما أعلنت شرطة لوس أنجلوس حظر التجمع وسط المدينة، مؤكدة أن عناصر إنفاذ القانون أوقفوا 56 شخصا على الأقل في يومين، في حين أصيب 3 عناصر بجروح طفيفة.
2- هل صنع ترامب الأزمة؟
اعتبر حاكم ولاية كاليفورنيا أن تدخل ترامب من دون دعوة خلق الأزمة. ووصف نيوسوم الرئيس الأميركي بـ"الدكتاتور".
وفي حين قال ترامب إن نشر الحرس الوطني يهدف إلى استعادة النظام، شدد نيوسوم على أن قراره "اعتداء مباشر على سيادة الولاية".
واعتبر نيوسوم أنه كان بإمكان الولاية السيطرة على الوضع لولا تدخل ترامب "الذي زاد التوتر"، مشددا على أن "الرئيس الأميركي أشعل الحرائق وكانت كاليفورنيا تملك الأدوات اللازمة لمعالجة الأزمة".
تبرر إدارة ترامب تحركها عبر قانون التمرد، وهو قانون يعود لعام 1807، ويمنح الرئيس صلاحية نشر القوات المسلحة بما في ذلك الحرس الوطني، في حال وجود "تمرد داخلي" يهدد النظام العام ويعيق تنفيذ القوانين الفدرالية التي تعجز سلطات الولاية على فرضها.
إعلانويعد قرار ترامب تجاوزا لما فعله للرد على احتجاجات "حياة السود مهمة" في فيلادلفيا عام 2020، حين قال إنه "لا يستطيع استدعاء الحرس الوطني إلا إذا طلب منا الحاكم ذلك" وأن "علينا الالتزام بالقوانين".
واعتبر محللون أن قرار ترامب بنشر الحرس الوطني أتى اختبارا لحدود سلطته التنفيذية في إطار تنفيذ وعده الانتخابي بترحيل المهاجرين غير النظاميين.
3- هل تجاوزت السلطة الفدرالية صلاحياتها؟في حالة الاضطرابات الداخلية كما حدث في لوس أنجلوس، تتمتع السلطة الفدرالية بصلاحيات محددة لكنها مشروطة، خاصة بما يتعلق بنشر قوات فدرالية مثل الحرس الوطني. إذ ينص الدستور الأميركي على أن الأمن الداخلي مسؤولية الولايات، لكن الحكومة الفدرالية يمكنها التدخل لحماية النظام العام في حالات خاصة.
واعتبر حقوقيون أميركيون أن خطوة ترامب تعد تجاوزا لصلاحيات الحكومة الفدرالية، لأن الوضع الأمني في لوس أنجلوس لم يكن خارج السيطرة، كما لم تطلب الولاية أي تدخل لفرض الأمن، كذلك اعتبر بعضهم أن نشر الحرس الوطني يمكن أن يُفسَّر كاستخدام سياسي للقوة الفدرالية ضد ولايات معارضة.
إذ عارضت كاليفورنيا السياسات الفدرالية المتشددة للهجرة، وأعلنت نفسها "ولاية ملاذ" تقيّد التعاون بين شرطة الولاية ووكالات الهجرة والفدرالية في تعقب المهاجرين غير النظاميين الذين لا يرتكبون جرائم.
وقد تعهد مسؤولو كاليفورنيا، بمن فيهم الحاكم نيوسوم، بالدفاع عن حقوق المهاجرين، بغض النظر عن وضعهم القانوني، مؤكدين أن الولاية "لن تتحوّل إلى ذراع أمنية تابعة للعاصمة".
أعلن المدعي العام لولاية كاليفورنيا روب بونتا رفع دعوى قضائية أمام محكمة فدرالية ضد ترامب، بسبب نشر الحرس الوطني في لوس أنجلوس لمواجهة الاحتجاجات من دون تنسيق مع الولاية.
إعلانووفقا للدعوى، فإن الرئيس تجاوز صلاحياته باستخدام القوة العسكرية دون تفويض من الحاكم.
ويتوقف الحكم القضائي المنتظر على سؤال محوري: هل يملك الرئيس حق إرسال قوات فدرالية إلى ولاية دون إذنها، إذا اعتبر الوضع تهديدا عاما؟
5- كيف تصاعد الصراع السياسي؟فتحت اضطرابات لوس أنجلوس جبهة جديدة من الانقسام بين الديمقراطيين والجمهوريين. فقد أعادت الجدل حول ملف الهجرة، إذ يرى الحزب الجمهوري أن ترحيل المهاجرين غير النظاميين أمر أساسي لحماية الأمن القومي، في حين يرى الحزب الديمقراطي أن النظام بحاجة لإصلاح شامل وأن معاملة المهاجرين يجب أن تحترم كرامتهم الإنسانية.
وصوّر ترامب الاضطرابات بأنها "مؤامرة يسارية لتعطيل الدولة" موجها اتهامات لحكام ديمقراطيين بأنهم يتساهلون مع الفوضى.
واعتبر أعضاء ديمقراطيون في الكونغرس أن قرار ترامب بنشر الحرس الوطني "ترهيب سياسي" أدى إلى عمليات أمنية غير قانونية.
لا يعتبر المهاجرون غير النظاميين في الولايات المتحدة بلا حقوق بالمطلق. فرغم أن حقوقهم محدودة، فإن القانون الأميركي يضمن لجميع الموجودين ضمن أراضي الولايات المتحدة حقوقا أساسية بغض النظر عن وضعهم القانوني.
فهم يملكون الحق في الإجراءات القانونية العادلة التي تحميهم من الترحيل التعسفي، كما يملكون الحق في عدم التعرض للتفتيش أو التوقيف غير القانوني، فضلا عن امتلاكهم حق التعليم حتى الصف الـ12، والحق في الرعاية الطبية الطارئة.
لكنهم لا يملكون الحق بالعمل القانوني أو الضمان الاجتماعي والمساعدات الفدرالية.
7- لماذا كاليفورنيا؟ووفق تقديرات مركز "بيو" للأبحاث، يعيش في الولايات المتحدة حوالي 10.5 ملايين إلى 11 مليون مهاجر غير نظامي، نصفهم تقريبا من المكسيك.
إعلانوبسبب قربها الجغرافي من المكسيك واقتصادها الزراعي والصناعي الضخم، تُعد كاليفورنيا الولاية التي تضم أكبر عدد من المهاجرين غير النظاميين في البلاد، حيث يُقدر عددهم بأكثر من مليوني شخص يشكلون جزءا أساسيا من اليد العاملة في الزراعة والبناء وخدمات التنظيف.
وتشير إحصائيات أميركية إلى أن المهاجرين غير النظاميين يسهمون بمليارات الدولارات سنويا في الاقتصاد عبر الضرائب غير المباشرة، مثل ضريبة المبيعات والإيجار.