د. منجي علي بدر يكتب: الصناعة والتنمية المستدامة بمصر
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
إن عملية التنمية الصناعية في مصر هي تحويل الاقتصاد المصري من اقتصاد زراعي خدمي إلى اقتصاد صناعي متنوع قادر على المنافسة وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز التنمية الاقتصادية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في معظم السلع والخدمات وزيادة الصادرات. وتقليل الواردات، مع عدم تصدير المواد الخام إلا بعد إدخال عدد من العمليات التصنيعية عليها بغرض زيادة القيمة المضافة.
ويمثل النهوض بقطاع الصناعة الوطنية نهجا استراتيجيا لمصر وأولوية متقدمة في خطط التنمية الاقتصادية المستدامة، حيث تم العمل على وضع خطة متكاملة وتنفيذ عدد من المبادرات للارتقاء بهذا القطاع وتحديثه، وتعميق التصنيع المحلى من خلال التوسع في إقامة المجمعات الصناعية وتوفير مستلزمات الإنتاج وتقديم تيسيرات لتشجيع المستثمرين على الاستثمار في هذا القطاع الذى يرتبط بعلاقات تشابكية مع العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية، ورفع القدرة التنافسية للمنتج المصري، سواء في الأسواق الداخلية أو العالمية.
أهمية التنمية الصناعية في مصر:
- تنويع مصادر الدخل، بحيث يتم تقليل الاعتماد على الزراعة والسياحة والقطاع الخدمي كمصدر رئيسي للدخل مع حسن استخدام كافة الموارد الطبيعية والبشرية وخاصة التعدينية وخلق فرص عمل جديدة للشباب والعمالة غير المنتظمة وبالتالي الحد من البطالة وزيادة معدلات التشغيل مع رفع كفاءة العمالة باستمرار.
- العمل على زيادة القدرة التنافسية للصادرات المصرية في الأسواق العالمية بمساندة المصدر مادياً ومعلوماتياً ودعمه في الاشتراك في المعارض الدولية المتخصصة بالخارج وتحقيق الاكتفاء الذاتي صناعياً وزراعياً وتقليل الاعتماد على الاستيراد في العديد من السلع الأساسية المصنَّعة ونصف المصنَّعة.
- التحديث التكنولوجي ونقل التكنولوجيا الحديثة إلى مصر، ورفع كفاءة الإنتاج كماً ونوعاً مع التركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة العالية والتي يتميز فيها شباب مصر وتطوير البنية التحتية وخاصة الصناعية، مثل الطرق والموانئ البرية والبحرية والجوية والمناطق الصناعية، وخاصة المناطق الاقتصادية الخاصة وكذا البنية التشريعية.
وتتمثل أهم القطاعات الصناعية الرئيسية في مصر فيما يلى:
- الصناعات التحويلية: تشمل صناعة الأغذية والمشروبات، والنسيج، والملابس الجاهزة، والبلاستيك، والمعادن.
- الصناعات الكيماوية: إنتاج الأسمدة والأدوية والمواد البتروكيماوية.
- الصناعات الهندسية: إنتاج الآلات والمعدات والسيارات والأجهزة المنزلية وصناعة مواد البناء والمواد الغذائية.
- إنتاج الأسمنت والحديد والزجاج.
ونعرض لأهم التحديات التى تواجه التنمية الصناعية في مصر:
- المنافسة العالمية: تواجه الصناعة المصرية منافسة شديدة من المنتجات المستوردة وخاصة من الصين وجنوب شرق آسيا وكذا من الدول التي عقدت مصر معها اتفاقات للتجارة الحرة حيث تدخل صادراتها للسوق المصرية من دون جمارك.
- البيروقراطية: تعاني الشركات من البيروقراطية والإجراءات ولكن بعد التشكيل الوزاري الجديد في يوليو الماضي تعهدت الحكومة بنسف الروتين وتقديم تسهيلات مادية ومعلوماتية وتدريبية للشركات المتعثرة.
جهود الحكومة المصرية لتعزيز التنمية الصناعية:
- توفير الأراضى الصناعية: تخصيص أراضٍ صناعية مجهزة للمستثمرين، وفي مناطق مختلفة من الجمهورية، خاصة الأماكن القريبة من موانئ التصدير وأماكن الاستهلاك.
- تقديم الحوافز الاستثمارية: تقديم حوافز مالية وضريبية للمستثمرين كمرحلة أولى مع توفير العمالة المدربة ومناخ صديق للمستثمر وسياسات صناعية مستقرة ودعم المستثمر إذا تعثر لأسباب خارجة عن إرادته.
- تطوير البنية التحتية: الاستثمار في تطوير البنية التحتية الصناعية هو من أهم مطالب المستثمرين.
- تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر: جذب الاستثمارات الأجنبية إلى القطاع الصناعي وتقديم الحافز والدعم للمستثمر بحيث تكون السوق المصرية أكثر جذباً للمستثمر الصناعي من الدول المنافسة.
- دعم البحث والتطوير: تشجيع البحث والتطوير في المجال الصناعى وذلك بإقامة مزيد من مراكز الأبحاث التابعة للحكومة وأيضاً تشجيع القطاع الخاص على إقامة مراكز البحوث الخاصة بصناعته مع إمكانية التنسيق بين مراكز البحوث العامة والخاصة سعياً للمنافسة العالمية.
مستقبل الصناعة في مصر:
انتقلت مصر حالياً من اقتصاد الأزمة إلى مرحلة الانطلاق الاقتصادى وهي مرحلة دقيقة للغاية تحتاج إلى عناية وثبات وحسم لكافة الإجراءات، وتتمتع مصر بإمكانيات كبيرة تمكّنها من إحداث طفرة صناعية، وذلك بفضل مواردها الطبيعية وموقعها العبقرى والاستراتيجى. ومع استمرار الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتوفير بيئة جاذبة وصديقة للاستثمار، يمكن لمصر أن تصبح قوة صناعية إقليمية ودولية في وقت قريب.
ونفذت مصر العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية التى تدعم بيئة الاستثمار وخاصة في الصناعة، لتبسيط إجراءات إنشاء المشروعات وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتمهيد البنية التحتية وتحسين جودتها كإحدى الركائز الرئيسية لجهود الدولة لتحفيز القطاع الخاص، وتحسين بيئة الأعمال المصرية.
ونود أن نشير للنقاط الهامة التالية:
- العمل على تعميق التصنيع المحلى مما سيؤدى إلى زيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية.
- التوجه نحو الصناعات عالية التقنية ذات القيمة المضافة العالية وتشجيع الاستثمار في الصناعات عالية التقنية، مثل صناعة الإلكترونيات والبرمجيات، وصناعات الذكاء الاصطناعى والهيدروجين الأخضر.
- الاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر ودعمها تدريبياً ومالياً وتسويقياً، فهي تشكل العمود الفقرى للاقتصاد المصرى ودراسة إمكانية إنشاء بنك للصناعات الصغيرة للعمل على زيادة الثقافة المصرفية للأفراد، وتوفير التمويل اللازم بطرق ميسرة والإسراع بعملية الشمول المالى والرقمنة، وكذا أهمية إدخال الاقتصاد غير الرسمى في الاقتصاد الرسمى.
- تعزيز التكامل بين قطاع الأعمال العام والقطاع الخاص والاستفادة من خبرات كل منهما والتنسيق المستمر، خاصة في الأسواق الخارجية.
هذا، وتعد مصر غنية بالمعادن الفلزية وغير الفلزية، بما في ذلك الحديد، النحاس، الذهب، الفضة، الجرانيت، والفوسفات، والبترول والغاز والرمال البيضاء والسوداء التى تدخل في صناعة العديد من الصناعات ذات القيمة الاقتصادية العالية الجودة وصناعة مواد البناء والأسمنت. وتُتيح الثروة المعدنية إمكانية إنشاء مصانع جديدة لإنتاج الأسمنت والزجاج والسيليكون والكيماويات ورقائق الكمبيوتر. ونرى أن تكوين جيل جديد من رجال الأعمال مسئولية الدولة ونجاح التجارب التنموية هي نتاج الجيل الجديد، ودعم القطاع الخاص حتى لا يغرد خارج السرب وبعدها يتم الانطلاق الكبير.
وعلى الجانب الآخر، أحرزت مصر عدداً من التراكمات في التنمية، منها: التوازن بين الجغرافيا والديموغرافيا باتساع المعمور المصرى من 7% إلى 14% من مساحة مصر وهي قفزة تجعل من هدف الوصول إلى 25% ممكناً خلال السنوات المقبلة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الصناعة التنمية الحكومة الجديدة وزارة الصناعة والنقل التنمیة الصناعیة القیمة المضافة البنیة التحتیة القطاع الخاص العدید من فی مصر
إقرأ أيضاً:
وزير الصناعة والثروة المعدنية يجتمع مع قادة القطاع الخاص الأمريكي في مقر منظمة World Business Chicago
التقى معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريف، قادة القطاع الخاص الأمريكي خلال اجتماع الطاولة المستديرة المنعقد بمقر منظمة World Business Chicago، في مدينة شيكاغو الأمريكية، الذي ركَّز على بحث سُبل تعزيز التعاون المشترك في قطاعي الصناعة والتعدين، واستكشاف أبرز الفرص الاستثمارية المتبادلة في القطاعين.
وخلال الاجتماع, أكَّد الخريّف متانة العلاقات الإستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية، والروابط الاقتصادية الثنائية العميقة، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 123 مليار ريال، منوهًا بأهمية الزيارة الأخيرة لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب إلى المملكة في توسيع آفاق التعاون الاقتصادي المشترك، حيث شهدت توقيع وثيقة الشراكة الإستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب توقيع اتفاقيات في عددٍ من القطاعات الحيوية شملت, الدفاع والطاقة والتعدين والتقنية والذكاء الاصطناعي.
وأشار معاليه إلى الدور الحيوي لقطاعي الصناعة والتعدين كركيزتين أساسيتين لتنويع اقتصاد المملكة وفقًا لرؤية 2030، مبينًا أن الإستراتيجية الوطنية للصناعة ركزت على تطوير وتوطين 12 قطاعًا واعدًا تشمل الكيماويات التحويلية، وصناعة السيارات، وصناعة الطيران، والصناعات التعدينية؛ كما تستهدف رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 244 مليار دولار بحلول 2030، وتقدم الإستراتيجية 800 فرصة استثمارية تقدر قيمتها بنحو تريليون ريال سعودي؛ لترسيخ مكانة المملكة كمركز صناعي رائد عالميًا.
اقرأ أيضاًالمملكةإنفاذًا لتوجيهات القيادة.. بدء عملية فصل التوأم الملتصق السوري “سيلين وإيلين” بمستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال في الرياض
وتحدَّث الوزير الخريّف عن قطاع التعدين، مؤكدًا أن المملكة تستهدف تحويله إلى ركيزة ثالثة في الصناعة الوطنية، بالاستفادة من الثروات المعدنية غير المستغلة المقدرة قيمتها بأكثر من 9.4 تريليونات ريال، وتشمل معادن إستراتيجية منها الذهب والنحاس والعناصر الأرضية النادرة، حيث تستهدف الإستراتيجية الشاملة للتعدين والصناعات المعدنية رفع مساهمة القطاع؛ ليبلغ 240 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.
ونوّه معاليه بالمزايا التنافسية للبيئة الاستثمارية التعدينية في المملكة، التي تعزز من جاذبيتها لشركات التعدين المحلية والعالمية، حيث يوفر نظام الاستثمار التعديني ولائحته التنفيذية حوافز وتشريعات تسهِّل رحلة المستثمرين، مشيرًا إلى الدور الفاعل الذي تلعبه منظومة الصناعة والثروة المعدنية في تطوير قطاع التعدين، وتحسين بيئته الاستثمارية، ومن ذلك تقليص الفترة الزمنية للحصول على التراخيص التعدينية لتصبح “90” يومًا فقط.
يذكر أن اجتماع الطاولة المستديرة، شهد حضور قادة القطاع الخاص الأمريكي، وأكثر من 30 مستثمرًا في عدة قطاعات إستراتيجية من أهمها الكيماويات التحويلية، وصناعة السيارات، وصناعة الطيران، والصناعات التعدينية, مستعرضًا الاجتماع تطور قطاعي الصناعة والتعدين في المملكة، وفرص الاستثمار في الابتكار والتقنيات الصناعية، وسُبل بناء شراكات فاعلة تدعم التنمية الاقتصادية المستدامة في البلدين.