جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-26@19:41:12 GMT

مختبر المستقبل

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

مختبر المستقبل

 

فاطمة الحارثية

 

لنا في الحياة قدرات لا يجد العلم لها تفسيرًا، ونحن كبشر نمتلك أيضًا مهارة تحجيم بعضنا البعض، ومن أجل تحقيق الكثير مما نؤمن به ونعتقده من أمور، وللتوازن مع التحجيم والتشكيك نلجأ لأطراف ثالثة كالاستشاريين أو التحزُّب أو الابتكار أو الاختراع أو الحيل، حتى تقبل التصورات والحلول المتجددة.

ولكي أُبسِّط هذا القصد، لنأخذ حال أساطير النبوءات كمثال، فعبر التاريخ أستطاع الجهل وهو الغالب أن يُكفر العقل التحليلي، والمنطق والكثير من الفكر والعلوم، ومساند الرقاب على المقاصل والسيوف عبر التاريخ شاهدة على ذلك، فدراسة السلوك وقراءة الظروف والمعطيات المحيطة بأي أمر، يقود بكل سهولة نحو توقع القادم أو لنقل نتائج تفاعل تلك الوقائع والعناصر مع بعضها البعض، طبعا لا يغيب عن الفكر "المتقد" مسائل الاحتمالات، وبناء السيناريوهات وأيضاً متعة الخيال التحليلي الممزوج ببعض الظن، وفي عصرنا الحالي، لمن يمتلكون مثل هذه الإمكانيات والقدرات تسميات يفخرون بها، ومجتمعات يعتزون بوجودهم، بالرغم من وجود عداء محدودي الإدراك ومرضى الجهل والتعصب.

لكل منَّا شغفه الخاص، وخصوصيته في تفضيلاته، مثلا: من أجمل الأوقات الجماعية بالنسبة لي تلك التي نقضيها مع صحبة الفكر وحوارات المنطق، والتجارب والخيال وشركاء الابتكار؛ وهذه اللقاءات لها وقع وأثر لا يُنسى وإثراء لا يضاهيه أية تجمعات، وأحب تسمية تلك اللقاءات بـ"وقت المختبر"، مثل مختبر الإبداع أو مختبر المستقبل، أو مختبر المنطق، أو مختبر النجاح كل حسب الأعضاء والأثر والتنوع، وكلمة "مختبر" أتت ربما لأن المختبر هو المكان الذي يستنبط فيه الباحثون والعلماء، النظريات والاختراعات من واقع التجارب والاختبارات، وأيضًا يُظهر الممكنات ويُلهم الحلول الذكية والفرص المتاحة، وربما لأنه الرحم الذي خرج منه أعظم المنافع الإنسانية والخدمية للحياة. وبطبيعة الحال، ليس الكل مؤهلاً لأن يكونوا أعضاء في مختبرك الخاص، أو من مجموعتك المفضلة، أو حتى مؤهلا ليكون شريكا للنجاح؛ وهذا يقودنا إلى أهمية المعايير والصفات التي يتأهل بها أعضاء المجموعات، والجماعات كيفما كان نوعها إيجابية أم سلبية، تتفق في العموم في بعض الصفات مثل الثقة والولاء، والتقارب الفكري والشغف المشترك، والأهداف والاحترام، أما المعايير والصفات الطرفية فهي جوهر الخصوصية، وهي التي تحكم وتحتضن روح الجماعة وعمرها واتساقها.

هل لديك جماعة أو شلة تغزوا معها فضاءات المعرفة وتحديات التغيير وسيناريوهات المستقبل؟ إن كان جوابك "لا" فلا بأس؛ فالاختلاف نعمة، والحياة أقدار تُرسم لنا من الخالق عز وجل، ونستطيع أن نستمتع بها كيفما كانت. إن ربط الأحداث والسلوك مهارة، وصياغة التوقعات جُرأة والصبر على النتائج أمر حتمي، يستحق الاحتفاء به، ومُختبر المستقبل الذي هو حديث اليوم يتنبأ بقادم لا جدل فيه، وبصدام لن ينجو منه إلا القلب السليم. تفشت خطايا البشر بحجم تعدادهم، الغالب يقول ما لا يفعل، ويدعو إلى ما ليس له به علم، يعتقد أنَّه في لعبة تسمح له أن يجرب مرة أخرى، ونحن لا نعيش على الأرض إلا مرة واحدة، والبقية يتصنعون الضعف ويلعبون دور المغلوب على أمره، كأنهم ضحايا حتى يصبحون بحق ضحايا، ولا ندم ينفع بعد ذلك؛ أما أبطال البالون، فتلك فئة كارثية دموية؛ إن العالم ينوء تحت وطأة ألسنة البشر، وفعل الصمت أمام المجازر والإبادة الإنسانية، لم يعد الخلاف على دين أو طعام، بل وحشية شيطانية تنهش لتحكم الأرض وتبيد السلام وتتفرد بها.

في مختبر المستقبل قلنا: لماذا كل هذا الشر؟ لم يخطئ من قال إن تعداد النساء في تزايد عن الرجال، لكنه لم يعلم أنه بسبب المذابح وعمليات التحول الجنسي، أي مُفتعل وليس طبيعيا، تحدثنا عن سُبل القمع الحديثة، وضياع الحقيقة بطرق ممنهجة اختار معظمنا تصديقها، تحدثنا عن زيف الكلمة على المنابر الاجتماعية، تحدثنا عن هيمنة الرعوية، وقوة التبعية، حتى ذكرنا رفيق المختبر الدائم "وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ" (غافر: 47)، ثم أردف وقال: يجب أن يكف الضعف حتى ننجو، فأجبته: وأعظم الجهاد كلمة حق.

وإن طال...

لا تتذمر لفقد أو خيانة صديق، فربما أنت أيضًا لم تكن مخلصًا، ولا متمسكًا بما يُرضي ويُبقي تلك العلاقة الطاهرة؛ فالصداقة نعمة تضيع إن لم تُصن.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مخيمات الحوثيين الصيفية..معسكرات الموت المبكر.. تجنيد الطفولة واغتيال المستقبل

تنتظر جماعة الحوثي فصل الصيف من كل عام بفارغ الصبر, فهو يمثل لهم مصدرا مهما لعمليات تجنيد الأطفال ومحطة فاعلة لعمليات غسل أدمغتهم , وموسم حربي لصناعة جيل من المقاتلين الذين يدينون لهم بالولاء المطلق بعد تغذيتهم بالأيديولوجيا المتطرفة عبر ما يسمونه بالمخيمات الصيفة.

لذا تضع الحركة الحوثية المخيمات الصيفية في طليعة خططها العسكرية والسياسية والتعبوية , وتمنحها أهمية عليا وتتحرك كل مؤسساتها للعمل من أجل تشجيع المجتمع لدفع أطفالهم اليها.

أرقام وإحصائيات

تتبع موقع مأرب برس المصادر والجهات التي لها علاقة بالنشاط الصيفي في مناطق سيطرة الحوثيين ,وكشفت أخر الإحصائيات مشاركة مليون و500 ألف طالب وطالبة، موزعين على 9 آلاف و100 مدرسة مفتوحة ومغلقة في المخيمات الصيفية.

وكشف الاحصائيات الصادرة عن اللجنة العليا للمخيمات الصيفية مشاركة 9 ملايين طفل في مخيماتهم ومعسكراتهم بين عامي 2017 و2024.

الفئات العمرية المستهدفة: 

تتحرك كل الأجهزة الإعلامية والاجتماعية والدينية الحوثية في تشجيع المجتمع بالدفع بأبنائهم إلى المخيمات الصيفية حيث يُستهدف الأطفال من سن 6 في برامج نهارية ثم يعودن مساء إلى منازلهم، بينما يُزج بالفتيان من سن 13 إلى 17 عاماً في معسكرات مغلقة تقدم تدريباً عسكريا وتثقيفا عقائديا مكثفا للفكر الحوثي.

وتقام غالبية المخيمات في المدارس الحكومية وفيها يخضع الأطفال لتدريبات عسكرية مكثفة على حمل السلاح واستخدام القنابل ووثق تقرير لفريق خبراء الأمم المتحدة عام 2022 أن أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 7 سنوات يُعلَّمون، تنظيف الأسلحة وتقديم خدمات التغذية.

فتيات ضحايا المعسكرات الصيفية: 

لم يقتصر التدمير الحوثي للطفولة على فئة الفتيان فقط بل تجاوز ذلك ليصل حتى فئة الفتيات,حيث يدفع بهن للمشاركة في تلك المخيمات وفيها تسخر الجهود لغسل أدمغتهن بالأفكار المتطرفة, ويتم إغرائهن عبر دورات الخياطة والتطريز والإسعافات الأولية والطهي والتدبير المنزلي.

طرق وأساليب الاستقطاب للمخيمات الصيفية:

صالح محمد شاب في أواخر العشرينات من عمره يقول متحدثا لموقع مأرب برس نجت قريتنا طوال السنوات الماضية من خدع الحوثيين وحيلهم في الدفع بأبناء القرية للمشاركة في المخيمات الصيفية رغم ان قريتنا تضم أكثر من 180 طفلا لكنا فوجئنا العام الماضي بوصول أحد المشرفين الحوثيين وسيارته محملة بعشرات من الدراجات الهوائية إلى المدرسة وأعلن للطلاب أنها سوف توزع على المشاركين في المخيم الصيفي الذي عقد في أحد القرى القريبة منا, في اليوم التالي هرول 3من الأطفال إلى ذلك المخيم ولم يعودوا إلا ومعهم درجاتهم الهوائية وفي الثاني هرول أكثر من 18 طفلا لمخيمهم للحصول على دراجات لكنهم وعدوهم ان التوزيع لن يتم إلا نهاية المخيم , فشاركوا طوال المخيم ولم تصرف لهم أي دراجات لكنهم لم يعودوا للقرية إلا وهم شخصيات أخرى غريبة في تفكيرها ونظرتها للناس والمجتمع بعد شحنهم بالأفكار المتطرفة.

في غالبية القرى الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي تعتبر المواد الغذائية التابعة لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إلى أهم المصايد التي تتخذها جماعة الحوثي في اصطياد الأطفال وأقناع أهاليهم بالمخيمات الصيفة طمعا في سلة غذائية بسبب الفقر والوضع الاقتصادي المنهار، حيث تتحكم المليشيا جملة وتفصيلا في صرف تلك المواد الغذائية دون أي سلطة لمكاتب الأمم المتحدة او الجهات المخولة بالصرف. 

مقابر خمسة نجوم:

من أخطر الخدع التي نجحت في هتك الطفولة هي الرحلات التي تنظمها المخيمات الصيفية إلى المقابر الحوثية, التي خصص لها الحوثيون ميزانيات بمئات الملايين. 

يزور الأطفال تلك المقابر وهي غارقة بأنواع الورود والزهور والروائح الزكية والطيبة, حيث يتم التفنن في عمليات زراعة الورود فيها وكذلك رش العطور على ثرى تراب القبور, ثم يقدم للأطفال خلال زياراتهم لها بأنه ريح المسك الذي يصدر من أجساد مقاتليهم في تلك القبور, مؤكدين للأطفال الزائرين ان تلك كرامات ربانية منحها الله لأولئك القتلى.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: الهجرة النبوية درس في صناعة المستقبل وحب الوطن من صميم الدين
  • مختبر “أوريون” يعرض خبرته الصيدلانية في معرض الجزائر الدولي
  • مخيمات الحوثيين الصيفية..معسكرات الموت المبكر.. تجنيد الطفولة واغتيال المستقبل
  • الفكر المتطرّف والذكاء الاصطناعيّ.!
  • دعم من المستقبل لمبادرة مفتي راشيا
  • المستقبل يُقفل سبيرز جزئياً
  • يجهلون المستقبل.. ترحيب إيراني حذر بتوقف الحرب
  • من هو مرشّح المستقبل لعضوية مجلس نقابة المحامين في طرابلس؟
  • السليمان: في المستقبل مع السجل العقاري لن توجد أي تعديات نهائيا.. فيديو
  • «قيظ المهارات» يستقطب 60 فتاة