سواليف:
2025-12-01@09:08:17 GMT

الحقائق على الأرض تتنافى دماً مع الأرقام على الورق

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

في ظلال #طوفان_الأقصى “106”

الحقائق على الأرض تتنافى دماً مع الأرقام على الورق

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، التي توخت الدقة والمصداقية، وحرصت على العملية والمهنية، بموجب القوائم المثبتة لديها، والأسماء التي وصلتها وتوثقت منها، والبيانات التي قدمتها إلى المجتمع الدولي عبر بيانها الرسمية، ومؤتمراتها الإعلامية، أن عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، خلال أشهر الحرب التي تقترب من نهاية شهرها الحادي عشر، بلغ أربعين ألف شهيدٍ، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، وجميعهم مدنيون غير مسلحين، وأغلبهم قتل في الأماكن المصنفة آمنة، والمدارس والمقرات المحمية بالأعلام الدولية.

مقالات ذات صلة هل بالضرورة ان اكون نائبا…ولماذا لا..؟ 2024/08/16

تحتفظ وزارة الصحة الفلسطينية وفقاً لمستنداتٍ وبطاقات هوية، وصورٍ شخصيةٍ، وشهادات الأهل والعائلات، وتعريف الأصحاب والجيران، بأسماء الشهداء الأربعين ألفاً، وهم جميعاً قد قتلوا قصفاً بالصواريخ وقذائف الدبابات، وقضى كثيرٌ منهم تحت الردم، وتحت ركام بيوتهم والمؤسسات التي لجأوا إليها، حيث يتعمد جيش العدو استهداف التجمعات السكانية، ومناطق الإيواء المزدحمة، والمدارس المأهولة، والأماكن التي يعلن عنها أنها آمنة، ويسمح للمواطنين بالإقامة فيها، ثم يقوم بقصفهم في خيامهم، ويحرقها بمن فيها من اللاجئين.

إعلان وزارة الصحة الفلسطينية أن عدد الشهداء بلغ أربعين ألف شهيد، بالتأكيدٌ عددٌ غير صحيحٍ، وهو مخالفٌ للواقع، ولا يتفق مع الحقيقة، ولكننا لا نعيب عليها ذلك، ولا نتهمها في نزاهتها، أو نشكك في مصداقيتها، فقد جاء تقريرها مهنياً موثقاً بالشهادات ومعززاً بالبيانات، وهي لا تستطيع مخالفة البيانات الرسمية أو تزوير المعطيات الموثقة، أو إدراج أسماء دون شهاداتٍ أو وثائق، ورغم ذلك يتهمها العدو، ويشكك في مصداقيتها، ويدعي أن أرقامها غير صحيحة، واحصائياتها غير دقيقة.

لكن الحقيقة أن العدد المعلن أقل بكثيرٍ من العدد الحقيقي للشهداء والمفقودين، حيث يتعذر إحصاء كل الشهداء وحصر جميع المفقودين الذين باتوا في حكم الشهداء، ومعرفة عدد الأسرى والمعتقلين الأحياء، إذ ساق جيش الاحتلال الآلاف من سكان قطاع غزة إلى مناطق غير معلومة، ربما إلى معتقلات النقب المفتوحة أو إلى معتقلاتٍ سريةٍ غير معروفةٍ، وقد ثبت أنه قتل بعضهم أمام أهلهم، وأعدم جنوده آخرين عبثاً وتسليةً، ومسابقةً ومنافسة، وهدايا لأطفالهم في عيد ميلادهم، وتذكاراً لعشيقاتهم خلال مكالماتهم، دون سببٍ أو مبررٍ يسوغ لهم قتلهم، اللهم إلا خبث نفوسهم وحقد قلوبهم، وقد تم توثيق عشرات عمليات الإعدام لأسرى مكبلي الأيدي ومقيدي الأرجل ومعصوبي الأعين.

وفي أحيان كثيرة، يصعب على المواطنين الحركة والانتقال، ويتعذر وصول سيارات الدفاع المدني والإسعاف، نتيجة القصف الشديد والغارات المتوالية العنيفة، فلا يتم الإبلاغ عن بعض الشهداء وهم كثير، ويتعذر نقلهم إلى المستشفيات أو المقابر، فيدفنون على عجل في أماكنهم خشية مواصلة القصف، أو بالنظر إلى تحلل جثثهم، وأحياناً يدفنون في مقابر جماعية، لا يستطيعون فيها تمييز الجثث أو تعليم الأكفان، كما حدث مع شهداء مستشفى الشفاء إثر اقتحام جيش الاحتلال له.

ولما كان جيش الاحتلال يتواجد في مناطق مختلفة من القطاع، فإنه يقوم إضافةً إلى القصف الجوي والمدفعي من بعيد، بقتل عامة الفلسطينيين دون تمييزٍ بينهم، وتقوم جرافاته العسكرية بجرفهم وتمزيق أجسادهم، وإهالة التراب عليهم، وربما دفنت العديد منهم وهم أحياء، وقد أظهرت الحفريات حول مستشفى الشفاء بغزة، ومستشفى ناصر بخانيونس، وفي أماكن أخرى مختلفة من القطاع، أن جيش الاحتلال كان يخلف وراءه عشرات الجثث، وقد وجد عناصر الدفاع المدني الفلسطينيين أشلاءً مبعثرةً، وأجساداً ممزقة، وعظاماً مهشمةً، وبقايا أطرافٍ لعشرات الفلسطينيين المجهولي الهوية.

ولما كان يقطع الطريق بين شمال القطاع وجنوبه بدباباته ودورياته وآلياته، ويسيطر على محور نتساريم وامتداده على شارعي الرشيد وصلاح الدين، ويمنع انتقال المواطنين عبرهما من الجنوب إلى الشمال والعكس، ما أدى إلى تمزق العائلات وتشتتها، حيث أصبح بعض أفرادها يقيمون في الشمال وبعضها انتقل إلى الجنوب، بينما كانت دباباته تطلق قذائفها على المواطنين خلال محاولاتهم الانتقال من الجنوب إلى الشمال والعكس، مما أدى إلى استشهاد المئات منهم، وتمزيق أجسادهم، وانتشار أشلائهم على امتداد شارعي الرشيد وصلاح الدين، وكان من المتعذر جداً على عائلاتهم وطواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم ومعرفة هوياتهم، وبالتالي تبقى هوية الشهداء مجهولة، وأعدادهم غير معروفة، وهؤلاء حتماً لم يدرجوا ضمن إحصائيات وزارة الصحة، ولم يتم الإبلاغ عنهم، وما زال كثيرٌ منهم في عداد المفقودين.

وخلال المذابح الكبرى والمجازر الدموية التي ارتكبها جيش الاحتلال، وهي بالمئات في كل مناطق قطاع غزة، ونفذها بقنابل أمريكية ضخمة وفتاكة، تزن الواحدة منها ألفي رطل، والتي كان آخرها قبل أيامٍ في مدرسة التابعين بحي الدرج، والتي استشهد فيها أكثر من مائة فلسطيني، حيث قصفهم أثناء تأديتهم صلاة الفجر.

فقد ذكر الناطق الرسمي باسم الدفاع المدني الفلسطيني، أن عشرات الجثث غير معلومة الهوية وغير مميزة الشكل، إذ أن القنابل الضخمة قد مزقت الأجساد، وقطعت الأوصال، ولم تعد هنالك أجسادٌ كاملة، بل أكوامٌ من اللحم مختلفة، ممزوجة بالدماء ومختلطة ببقايا حجارةٍ وبأجزاء من الركام، فلا يتميز أصحابها، ولا تعرف هوياتهم وشخصياتهم، فيضافون رقماً ويحسبون عدداً.

ستثبت الأيام عندما تضع الحرب أوزارها وينسحب جيش الاحتلال من غزة، وتتمكن المؤسسات الوطنية الفلسطينية من إجراء إحصاءٍ دقيقٍ للشهداء والجرحى والأسرى، بعيداً عن تهديد القصف والغارات الجوية، أن عدد الشهداء الفلسطينيين يتجاوز بكثيرٍ جداً العدد الذي أعلنت عنه وزارة الصحة، وأن الكيان الصهيوني ارتكب أفظع المجازر، ونفذ أبشع المذابح، وقتل عشرات آلاف الفلسطينيين في أوضح هولوكوست مسجل، وحرب إبادةٍ موثقةٍ.

بيروت في 16/8/2024

[email protected]

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: طوفان الأقصى جیش الاحتلال وزارة الصحة

إقرأ أيضاً:

ما هي وسائل الاحتلال لسرقة أراضي الفلسطينيين بالقدس؟

القدس المحتلة - خاص صفا لم تتوقف سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن سياستها الرامية للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في القدس المحتلة، وتحويلها لمستوطنات وبؤر استيطانية تخدم أهدافها الاستراتيجية بالسيطرة الكاملة على المدينة وعزلها عن محيطها بالكامل. وتستخدم "إسرائيل" مجموعة من الوسائل والقوانين الممنهجة لاقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم وتجريدهم من حقهم في ملكيتها، باعتباره عنصرًا أساسيًا في السياسة الإسرائيلية الرامية إلى سلب أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية، ومنذ بداية العام الجاري، صعّدت سلطات الاحتلال من مخططاتها للاستيلاء على آلاف الدونمات من أراضي المواطنين في المدينة المقدسة، لصالح المشاربع الاستيطانية والتهويدية. وحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن سلطات الاحتلال استولت منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، على أكثر من 52 ألف دونم من أراضي المواطنين في الضفة الغربية والقدس. والاثنين الماضي، أصدر جيش الاحتلال أمرًا عسكريًا بالاستيلاء على على نحو 77 دونمًا من أراضي بلدتي الزعيم والعيسوية شرقي القدس، بذريعة "الاحتياجات العسكرية. وسبق أن استولى الاحتلال على نحو 6 دونمات من أراضي الفلسطينيين في بلدة عناتا شمال شرق المدينة، لإقامة شارع استيطاني جديد. وتأتي عمليات الاستيلاء على الأراضي ومصادرتها، لصالح المستوطنات، والطرق الالتفافية، وتهجير المقدسيين قسرًا، وصولًا لتنفيذ مشروع "القدس الكبرى" الذي يستهدف السيطرة على 12% من أراضي الضفة. ويستخدم الاحتلال الأوامر العسكرية كأداة ممنهجة لفرض السيطرة على الأراضي الفلسطينية بزعم الأمن، قبل تحويلها لاحقًا لخدمة المشاريع الاستيطانية، بما في ذلك الطرق الالتفافية وتوسيع الكتل والبؤر الاستيطانية المحيطة بالقدس. تصاعد غير مسبوق الخبير في القانون الدولي والشأن الإسرائيلي المحامي محمد دحلة يقول إن مدينة القدس شهدت في الفترة الأخيرة، تزايدًا إسرائيليًا غير مسبوق في وتيرة الاستيلاء والسيطرة على الأراضي الفلسطينية، تحت ذريعة جديدة، وبغلاف قانوني. ويوضح دحلة في حديث لوكالة "صفا"، أن الاحتلال يستخدم من أجل السيطرة على الأراضي، قوانين استيطانية وإسرائيلية لا تُنصف الفلسطيني أبدًا. ويضيف "من الواضح أن حكومة الاحتلال تُريد فرض سيطرة كاملة على مدينة القدس، لأجل تفريغها من سكانها الفلسطينيين، ولهذا الهدف تستخدم وسائل قانونية مختلفة، رغم أن القدس أرض محتلة، ويجب تطبيق القانون الدولي الانساني عليها". لكن سلطات الاحتلال منذ عام 1967، لا تأبه بالقانون الدولي، بل تطبق على المدينة المقدسة القوانين الاسرائيلية الجائرة، وتستعمل هذه القوانين بطرق مختلفة من أجل الاستيلاء على مزيد من أراضي الفلسطينيين. ويؤكد دحلة أن الاحتلال استولى منذ عام 1967 على عشرات آلاف الدونمات في المدينة المحتلة، وأقام عليها مستوطنات وبؤر استيطانية، حتى أصبح عدد المستوطنين المقيمين داخل ما يسمى"حدود بلدية القدس" ما يزيد عن 240 ألف مستوطن. وسائل ممنهجة ومن الوسائل التي يستخدمها الاحتلال لغرض مصادرة الأراضي في القدس، قانون "المصادرة البريطاني للانتداب"، وقانون "المصادرة للاغراض العامة للعام 1943، والذي منح الاحتلال صلاحيات واسعة لمصادرة الأراضي اللازمة للمنفعة العامة. وفق دحلة وبموجب هذا القانون، جرى مصادرة عشرات آلاف الدونمات لأغراض عامة، ولا يزال الاحتلال يستخدمه حاليًا لتنفيذ مشاريع مختلفة، بما في ذلك توسيع الطرق وبناء مستوطنات ومرافق استيطانية. ويتابع دحلة أن الاحتلال يستخدم كذلك ما يسمى قانون "التخطيط والبناء" من أجل مصادرة الأراضي إما لإقامة مباني عامة أو شق شوارع التفافية وشوارع سريعة، تهدف لخدمة المستوطنين، وربط المستوطنات فيما بينها، ومع المستوطنات الواقعة خارج القدس مثل مستوطنة "معاليه أدوميم" شرقي المدينة. بالإضافة إلى قانون "أملاك الغائبين"، الذي يهدف لمصادرة ممتلكات الفلسطينيين الذين نزحوا أو هُجّروا من أراضيهم في الفترة التي سبقت النكبة الفلسطينية عام 1948 أو خلالها أو بعدها. ويوضح الخبير المقدسي أنه بموجب هذا القانون، استولت سلطات الاحتلال على أراضي ومباني تابعة للفلسطينيين، بحجة أن مالكيها أو جزء منهم غير مقيمين في مدينة القدس، أو أنهم لم يحصلوا على هوية إسرائيلية عند الاحصاء الذي جرى في المدينة عام 1967، علمًا أنهم يتواجدون في دول عربية مجاورة، وخاصة الأردن، ولا يمكنهم العودة إلى المدينة المقدسة، بسبب سياسات فرضتها حكومة الاحتلال. ويشير إلى أنه وفي بعض الحالات، يتم مصادرة الأراضي الفلسطينية، تحت حجج أمنية، وذلك استنادًا إلى قوانين مختلفة أو أوامر عسكرية، مثلًا بحجة بناء جدار الفصل العنصري، أو معسكرات أو مواقع أمنية لجيش الاحتلال. وفي بعض الحالات أيضًا، يتم إخراج أو إخلاء السكان من منازلهم، بحجة أن هذه الأراضي والممتلكات تعود ملكيتها إلى اليهود أو أوقاف يهودية كانت تملكها قبل عام 1948. وحسب محافظة القدس، فإن سلطات الاحتلال تعتمد منذ سنوات، على أوامر إعلان "المناطق المغلقة" و"مناطق إطلاق النار" لحرمان الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم، تمهيدًا لمصادرتها ونقلها لمصلحة الاستيطان. ومنذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة، شهدت الضفة الغربية والقدس زيادة ملحوظة في إصدار مثل هذه الأوامر، في محاولة لاستغلال انشغال العالم بالأحداث الجارية لفرض وقائع جديدة على الأرض. وأكدت محافظة القدس أن هذه الخطوات تأتي ضمن مسار متسارع لفرض السيطرة الجغرافية وتقليص المساحات المتاحة للفلسطينيين، بما يؤدي إلى تقطيع أوصال التجمعات السكانية وإضعاف إمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا، في تحدٍّ واضح لقرارات الشرعية الدولية. 

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يزعم اغتيال 40 مقاتلا شرق رفح
  • حصيلة جديدة للشهداء في غزة على وقع استمرار خرق وقف إطلاق النار
  • حصيلة الشهداء والجرحى منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في غزة
  • ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 70100 شهيد و170983 مصاباً
  • الصحة: ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 70100 شهيد و170983 إصابة
  • تقرير: تداعيات خطيرة تُهدد المناطق المحيطة بالقدس والأغوار
  • جيش الاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين بطمون
  • ما هي وسائل الاحتلال لسرقة أراضي الفلسطينيين بالقدس؟
  • آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى
  • تغيُر قيم واولوية الزواج في المجتمع الاردني بين الحقائق والوصمة الاجتماعية..رؤية تحليلية