سواليف:
2025-08-03@04:05:19 GMT

الحقائق على الأرض تتنافى دماً مع الأرقام على الورق

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

في ظلال #طوفان_الأقصى “106”

الحقائق على الأرض تتنافى دماً مع الأرقام على الورق

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، التي توخت الدقة والمصداقية، وحرصت على العملية والمهنية، بموجب القوائم المثبتة لديها، والأسماء التي وصلتها وتوثقت منها، والبيانات التي قدمتها إلى المجتمع الدولي عبر بيانها الرسمية، ومؤتمراتها الإعلامية، أن عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، خلال أشهر الحرب التي تقترب من نهاية شهرها الحادي عشر، بلغ أربعين ألف شهيدٍ، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، وجميعهم مدنيون غير مسلحين، وأغلبهم قتل في الأماكن المصنفة آمنة، والمدارس والمقرات المحمية بالأعلام الدولية.

مقالات ذات صلة هل بالضرورة ان اكون نائبا…ولماذا لا..؟ 2024/08/16

تحتفظ وزارة الصحة الفلسطينية وفقاً لمستنداتٍ وبطاقات هوية، وصورٍ شخصيةٍ، وشهادات الأهل والعائلات، وتعريف الأصحاب والجيران، بأسماء الشهداء الأربعين ألفاً، وهم جميعاً قد قتلوا قصفاً بالصواريخ وقذائف الدبابات، وقضى كثيرٌ منهم تحت الردم، وتحت ركام بيوتهم والمؤسسات التي لجأوا إليها، حيث يتعمد جيش العدو استهداف التجمعات السكانية، ومناطق الإيواء المزدحمة، والمدارس المأهولة، والأماكن التي يعلن عنها أنها آمنة، ويسمح للمواطنين بالإقامة فيها، ثم يقوم بقصفهم في خيامهم، ويحرقها بمن فيها من اللاجئين.

إعلان وزارة الصحة الفلسطينية أن عدد الشهداء بلغ أربعين ألف شهيد، بالتأكيدٌ عددٌ غير صحيحٍ، وهو مخالفٌ للواقع، ولا يتفق مع الحقيقة، ولكننا لا نعيب عليها ذلك، ولا نتهمها في نزاهتها، أو نشكك في مصداقيتها، فقد جاء تقريرها مهنياً موثقاً بالشهادات ومعززاً بالبيانات، وهي لا تستطيع مخالفة البيانات الرسمية أو تزوير المعطيات الموثقة، أو إدراج أسماء دون شهاداتٍ أو وثائق، ورغم ذلك يتهمها العدو، ويشكك في مصداقيتها، ويدعي أن أرقامها غير صحيحة، واحصائياتها غير دقيقة.

لكن الحقيقة أن العدد المعلن أقل بكثيرٍ من العدد الحقيقي للشهداء والمفقودين، حيث يتعذر إحصاء كل الشهداء وحصر جميع المفقودين الذين باتوا في حكم الشهداء، ومعرفة عدد الأسرى والمعتقلين الأحياء، إذ ساق جيش الاحتلال الآلاف من سكان قطاع غزة إلى مناطق غير معلومة، ربما إلى معتقلات النقب المفتوحة أو إلى معتقلاتٍ سريةٍ غير معروفةٍ، وقد ثبت أنه قتل بعضهم أمام أهلهم، وأعدم جنوده آخرين عبثاً وتسليةً، ومسابقةً ومنافسة، وهدايا لأطفالهم في عيد ميلادهم، وتذكاراً لعشيقاتهم خلال مكالماتهم، دون سببٍ أو مبررٍ يسوغ لهم قتلهم، اللهم إلا خبث نفوسهم وحقد قلوبهم، وقد تم توثيق عشرات عمليات الإعدام لأسرى مكبلي الأيدي ومقيدي الأرجل ومعصوبي الأعين.

وفي أحيان كثيرة، يصعب على المواطنين الحركة والانتقال، ويتعذر وصول سيارات الدفاع المدني والإسعاف، نتيجة القصف الشديد والغارات المتوالية العنيفة، فلا يتم الإبلاغ عن بعض الشهداء وهم كثير، ويتعذر نقلهم إلى المستشفيات أو المقابر، فيدفنون على عجل في أماكنهم خشية مواصلة القصف، أو بالنظر إلى تحلل جثثهم، وأحياناً يدفنون في مقابر جماعية، لا يستطيعون فيها تمييز الجثث أو تعليم الأكفان، كما حدث مع شهداء مستشفى الشفاء إثر اقتحام جيش الاحتلال له.

ولما كان جيش الاحتلال يتواجد في مناطق مختلفة من القطاع، فإنه يقوم إضافةً إلى القصف الجوي والمدفعي من بعيد، بقتل عامة الفلسطينيين دون تمييزٍ بينهم، وتقوم جرافاته العسكرية بجرفهم وتمزيق أجسادهم، وإهالة التراب عليهم، وربما دفنت العديد منهم وهم أحياء، وقد أظهرت الحفريات حول مستشفى الشفاء بغزة، ومستشفى ناصر بخانيونس، وفي أماكن أخرى مختلفة من القطاع، أن جيش الاحتلال كان يخلف وراءه عشرات الجثث، وقد وجد عناصر الدفاع المدني الفلسطينيين أشلاءً مبعثرةً، وأجساداً ممزقة، وعظاماً مهشمةً، وبقايا أطرافٍ لعشرات الفلسطينيين المجهولي الهوية.

ولما كان يقطع الطريق بين شمال القطاع وجنوبه بدباباته ودورياته وآلياته، ويسيطر على محور نتساريم وامتداده على شارعي الرشيد وصلاح الدين، ويمنع انتقال المواطنين عبرهما من الجنوب إلى الشمال والعكس، ما أدى إلى تمزق العائلات وتشتتها، حيث أصبح بعض أفرادها يقيمون في الشمال وبعضها انتقل إلى الجنوب، بينما كانت دباباته تطلق قذائفها على المواطنين خلال محاولاتهم الانتقال من الجنوب إلى الشمال والعكس، مما أدى إلى استشهاد المئات منهم، وتمزيق أجسادهم، وانتشار أشلائهم على امتداد شارعي الرشيد وصلاح الدين، وكان من المتعذر جداً على عائلاتهم وطواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم ومعرفة هوياتهم، وبالتالي تبقى هوية الشهداء مجهولة، وأعدادهم غير معروفة، وهؤلاء حتماً لم يدرجوا ضمن إحصائيات وزارة الصحة، ولم يتم الإبلاغ عنهم، وما زال كثيرٌ منهم في عداد المفقودين.

وخلال المذابح الكبرى والمجازر الدموية التي ارتكبها جيش الاحتلال، وهي بالمئات في كل مناطق قطاع غزة، ونفذها بقنابل أمريكية ضخمة وفتاكة، تزن الواحدة منها ألفي رطل، والتي كان آخرها قبل أيامٍ في مدرسة التابعين بحي الدرج، والتي استشهد فيها أكثر من مائة فلسطيني، حيث قصفهم أثناء تأديتهم صلاة الفجر.

فقد ذكر الناطق الرسمي باسم الدفاع المدني الفلسطيني، أن عشرات الجثث غير معلومة الهوية وغير مميزة الشكل، إذ أن القنابل الضخمة قد مزقت الأجساد، وقطعت الأوصال، ولم تعد هنالك أجسادٌ كاملة، بل أكوامٌ من اللحم مختلفة، ممزوجة بالدماء ومختلطة ببقايا حجارةٍ وبأجزاء من الركام، فلا يتميز أصحابها، ولا تعرف هوياتهم وشخصياتهم، فيضافون رقماً ويحسبون عدداً.

ستثبت الأيام عندما تضع الحرب أوزارها وينسحب جيش الاحتلال من غزة، وتتمكن المؤسسات الوطنية الفلسطينية من إجراء إحصاءٍ دقيقٍ للشهداء والجرحى والأسرى، بعيداً عن تهديد القصف والغارات الجوية، أن عدد الشهداء الفلسطينيين يتجاوز بكثيرٍ جداً العدد الذي أعلنت عنه وزارة الصحة، وأن الكيان الصهيوني ارتكب أفظع المجازر، ونفذ أبشع المذابح، وقتل عشرات آلاف الفلسطينيين في أوضح هولوكوست مسجل، وحرب إبادةٍ موثقةٍ.

بيروت في 16/8/2024

[email protected]

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: طوفان الأقصى جیش الاحتلال وزارة الصحة

إقرأ أيضاً:

عشرات الشهداء والجرحى جراء مجازر وحشية جديدة في غزة (حصيلة)

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الجمعة، ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلى 60 ألف و332 شهيدا و147 ألف و643 جريحا، في حصيلة غير مسبوقة تعكس حجم الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال، بدعم مباشر من الولايات المتحدة، وسط تجاهل دولي صارخ للنداءات الإنسانية والقرارات الدولية.

وفي بيانها الإحصائي اليومي، أوضحت الوزارة أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة 83 شهيدا و554 مصابا، جراء الغارات والقصف الإسرائيلي المكثف الذي يستهدف الأحياء السكنية ومراكز توزيع المساعدات.

وأضاف البيان أن 9 آلاف و163 فلسطينيا استشهدوا وأصيب 35 ألف و602 آخرون منذ استئناف الاحتلال عملياته العسكرية بشكل أكثر وحشية في 18 آذار/ مارس 2024، رغم الأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية بوقف العمليات التي ترقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية.


مجازر المساعدات: جوع وقتل في آن واحد
وسلطت وزارة الصحة الضوء على المجازر المتكررة بحق الفلسطينيين المصطفين على طوابير المساعدات، مؤكدة أن عدد الشهداء الذين قُتلوا أثناء انتظارهم الحصول على الغذاء والإغاثة الإنسانية منذ 27 أيار/مايو الماضي ارتفع إلى ألف و383 شهيدا، إضافة إلى 9 آلاف و218 مصابا.

وخلال اليوم الأخير فقط، استشهد 53 فلسطينيا وأُصيب أكثر من 400 آخرين، أثناء محاولتهم الحصول على الطعام قرب مراكز التوزيع، في استهداف متعمد من قبل قوات الاحتلال، وفق ما أكده المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

وأشار المكتب إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي يستخدم سلاح الجوع والرصاص معا ضد المدنيين العزل، تاركا آلاف الأسر أمام خيارين: الموت جوعا أو القتل أثناء محاولة النجاة".



مأساة متفاقمة ومجتمع دولي غائب
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يواصل الاحتلال تنفيذ سياسة الأرض المحروقة التي تشمل القتل الجماعي، والتدمير الشامل، والتجويع الممنهج، والتهجير القسري، وسط دعم أمريكي معلن وتواطؤ دولي فاضح.

وتشير تقارير المنظمات الدولية إلى أن أكثر من 70% من ضحايا العدوان الإسرائيلي هم من النساء والأطفال، في حين بلغ عدد المفقودين أكثر من 9 آلاف شخص، يُعتقد أن غالبيتهم ما زالوا تحت أنقاض المباني المدمرة التي تعجز فرق الإنقاذ عن الوصول إليها بسبب الحصار والقصف المستمر.

كما أدت العمليات العسكرية إلى نزوح مئات الآلاف من سكان القطاع، وانتشار المجاعة في معظم المناطق، خاصة في شمال غزة ومدينة رفح، حيث تُمنع الإمدادات الغذائية والطبية من الوصول، في خرق فاضح لكل المواثيق الإنسانية الدولية.

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي تحديه العلني لقرارات محكمة العدل الدولية التي طالبت بوقف العدوان على غزة واتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.

ورغم هذا، فإن حكومة بنيامين نتنياهو تصعّد من عملياتها العسكرية وتُمعن في استهداف البنى التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء، في سلوك وصفته منظمة هيومن رايتس ووتش بأنه يرقى إلى "جرائم إبادة جماعية".


كارثة إنسانية شاملة
تعيش غزة واحدة من أشد الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، مع انهيار شبه كامل للقطاع الصحي، وتفشي الأوبئة، وندرة في مياه الشرب والغذاء والوقود.

وبحسب وزارة الصحة، فإن غالبية مستشفيات القطاع باتت خارج الخدمة أو تعمل بشكل جزئي في ظروف كارثية، وسط نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، فيما يحذر الأطباء والمختصون من تفشي المجاعة بشكل شامل قد يؤدي إلى وفاة آلاف الأطفال والمرضى.

ويحذر المراقبون من أن استمرار هذا الصمت الدولي، في ظل الأرقام الصادمة التي تُسجل يوميًا، يشكّل غضّا متعمدا للطرف عن جريمة مستمرة تُرتكب أمام أنظار العالم.

رغم تصاعد المطالبات الدولية بوقف الحرب، وبدء عشرات الدول في الاعتراف بدولة فلسطين كخطوة رمزية للضغط على الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن ذلك لم يوقف آلة القتل والدمار التي يواصلها جيش الاحتلال.

وترى جهات حقوقية أن الموقف الغربي، خصوصا من الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا، لا يزال بعيدا عن ممارسة ضغط فعلي على الاحتلال الإسرائيلي لوقف مجازرها في غزة، معتبرة أن التواطؤ الدولي يرقى إلى الشراكة في الجريمة.

في المقابل، تصف مؤسسات حقوقية وإغاثية الوضع في غزة بأنه "نقطة اللاعودة"، مشيرة إلى أن حجم الدمار وعدد الضحايا، وتفشي المجاعة، ستخلف آثارًا كارثية لعقود قادمة، إن لم يتم التدخل الدولي العاجل لوقف هذه الإبادة الجماعية وإدخال المساعدات دون قيود.

مقالات مشابهة

  • غزة تنعى عشرات الشهداء بنيران الاحتلال والتجويع
  • ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على قطاع غزة إلى 60.430 شهيدا و148.722 مصابا
  • عشرات الشهداء والجرحى باستهداف الاحتلال المجوعين وخيام النازحين
  • استشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين في غزة
  • الصحة بغزة: 83 شهيداً و554 إصابة خلال 24 ساعة
  • عشرات الشهداء والجرحى جراء مجازر وحشية جديدة في غزة (حصيلة)
  • شهداء ومصابون جراء عدوان الاحتلال على الفلسطينيين بمختلف أنحاء غزة
  • ضياء رشوان: بعض المحللين الفلسطينيين ينساقون مع الخطاب الإعلامي المُضلل فيوجهون اللوم إلى مصر
  • مصر توضح الحقائق حول معبر رفح وتفنّد الادعاءات المغلوطة بشأن دخول المساعدات إلى غزة
  • 26 شهيدًا في الضفة الغربية خلال يوليو الحالي برصاص الاحتلال