سواليف:
2025-06-06@22:15:09 GMT

الحقائق على الأرض تتنافى دماً مع الأرقام على الورق

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

في ظلال #طوفان_الأقصى “106”

الحقائق على الأرض تتنافى دماً مع الأرقام على الورق

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، التي توخت الدقة والمصداقية، وحرصت على العملية والمهنية، بموجب القوائم المثبتة لديها، والأسماء التي وصلتها وتوثقت منها، والبيانات التي قدمتها إلى المجتمع الدولي عبر بيانها الرسمية، ومؤتمراتها الإعلامية، أن عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، خلال أشهر الحرب التي تقترب من نهاية شهرها الحادي عشر، بلغ أربعين ألف شهيدٍ، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، وجميعهم مدنيون غير مسلحين، وأغلبهم قتل في الأماكن المصنفة آمنة، والمدارس والمقرات المحمية بالأعلام الدولية.

مقالات ذات صلة هل بالضرورة ان اكون نائبا…ولماذا لا..؟ 2024/08/16

تحتفظ وزارة الصحة الفلسطينية وفقاً لمستنداتٍ وبطاقات هوية، وصورٍ شخصيةٍ، وشهادات الأهل والعائلات، وتعريف الأصحاب والجيران، بأسماء الشهداء الأربعين ألفاً، وهم جميعاً قد قتلوا قصفاً بالصواريخ وقذائف الدبابات، وقضى كثيرٌ منهم تحت الردم، وتحت ركام بيوتهم والمؤسسات التي لجأوا إليها، حيث يتعمد جيش العدو استهداف التجمعات السكانية، ومناطق الإيواء المزدحمة، والمدارس المأهولة، والأماكن التي يعلن عنها أنها آمنة، ويسمح للمواطنين بالإقامة فيها، ثم يقوم بقصفهم في خيامهم، ويحرقها بمن فيها من اللاجئين.

إعلان وزارة الصحة الفلسطينية أن عدد الشهداء بلغ أربعين ألف شهيد، بالتأكيدٌ عددٌ غير صحيحٍ، وهو مخالفٌ للواقع، ولا يتفق مع الحقيقة، ولكننا لا نعيب عليها ذلك، ولا نتهمها في نزاهتها، أو نشكك في مصداقيتها، فقد جاء تقريرها مهنياً موثقاً بالشهادات ومعززاً بالبيانات، وهي لا تستطيع مخالفة البيانات الرسمية أو تزوير المعطيات الموثقة، أو إدراج أسماء دون شهاداتٍ أو وثائق، ورغم ذلك يتهمها العدو، ويشكك في مصداقيتها، ويدعي أن أرقامها غير صحيحة، واحصائياتها غير دقيقة.

لكن الحقيقة أن العدد المعلن أقل بكثيرٍ من العدد الحقيقي للشهداء والمفقودين، حيث يتعذر إحصاء كل الشهداء وحصر جميع المفقودين الذين باتوا في حكم الشهداء، ومعرفة عدد الأسرى والمعتقلين الأحياء، إذ ساق جيش الاحتلال الآلاف من سكان قطاع غزة إلى مناطق غير معلومة، ربما إلى معتقلات النقب المفتوحة أو إلى معتقلاتٍ سريةٍ غير معروفةٍ، وقد ثبت أنه قتل بعضهم أمام أهلهم، وأعدم جنوده آخرين عبثاً وتسليةً، ومسابقةً ومنافسة، وهدايا لأطفالهم في عيد ميلادهم، وتذكاراً لعشيقاتهم خلال مكالماتهم، دون سببٍ أو مبررٍ يسوغ لهم قتلهم، اللهم إلا خبث نفوسهم وحقد قلوبهم، وقد تم توثيق عشرات عمليات الإعدام لأسرى مكبلي الأيدي ومقيدي الأرجل ومعصوبي الأعين.

وفي أحيان كثيرة، يصعب على المواطنين الحركة والانتقال، ويتعذر وصول سيارات الدفاع المدني والإسعاف، نتيجة القصف الشديد والغارات المتوالية العنيفة، فلا يتم الإبلاغ عن بعض الشهداء وهم كثير، ويتعذر نقلهم إلى المستشفيات أو المقابر، فيدفنون على عجل في أماكنهم خشية مواصلة القصف، أو بالنظر إلى تحلل جثثهم، وأحياناً يدفنون في مقابر جماعية، لا يستطيعون فيها تمييز الجثث أو تعليم الأكفان، كما حدث مع شهداء مستشفى الشفاء إثر اقتحام جيش الاحتلال له.

ولما كان جيش الاحتلال يتواجد في مناطق مختلفة من القطاع، فإنه يقوم إضافةً إلى القصف الجوي والمدفعي من بعيد، بقتل عامة الفلسطينيين دون تمييزٍ بينهم، وتقوم جرافاته العسكرية بجرفهم وتمزيق أجسادهم، وإهالة التراب عليهم، وربما دفنت العديد منهم وهم أحياء، وقد أظهرت الحفريات حول مستشفى الشفاء بغزة، ومستشفى ناصر بخانيونس، وفي أماكن أخرى مختلفة من القطاع، أن جيش الاحتلال كان يخلف وراءه عشرات الجثث، وقد وجد عناصر الدفاع المدني الفلسطينيين أشلاءً مبعثرةً، وأجساداً ممزقة، وعظاماً مهشمةً، وبقايا أطرافٍ لعشرات الفلسطينيين المجهولي الهوية.

ولما كان يقطع الطريق بين شمال القطاع وجنوبه بدباباته ودورياته وآلياته، ويسيطر على محور نتساريم وامتداده على شارعي الرشيد وصلاح الدين، ويمنع انتقال المواطنين عبرهما من الجنوب إلى الشمال والعكس، ما أدى إلى تمزق العائلات وتشتتها، حيث أصبح بعض أفرادها يقيمون في الشمال وبعضها انتقل إلى الجنوب، بينما كانت دباباته تطلق قذائفها على المواطنين خلال محاولاتهم الانتقال من الجنوب إلى الشمال والعكس، مما أدى إلى استشهاد المئات منهم، وتمزيق أجسادهم، وانتشار أشلائهم على امتداد شارعي الرشيد وصلاح الدين، وكان من المتعذر جداً على عائلاتهم وطواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم ومعرفة هوياتهم، وبالتالي تبقى هوية الشهداء مجهولة، وأعدادهم غير معروفة، وهؤلاء حتماً لم يدرجوا ضمن إحصائيات وزارة الصحة، ولم يتم الإبلاغ عنهم، وما زال كثيرٌ منهم في عداد المفقودين.

وخلال المذابح الكبرى والمجازر الدموية التي ارتكبها جيش الاحتلال، وهي بالمئات في كل مناطق قطاع غزة، ونفذها بقنابل أمريكية ضخمة وفتاكة، تزن الواحدة منها ألفي رطل، والتي كان آخرها قبل أيامٍ في مدرسة التابعين بحي الدرج، والتي استشهد فيها أكثر من مائة فلسطيني، حيث قصفهم أثناء تأديتهم صلاة الفجر.

فقد ذكر الناطق الرسمي باسم الدفاع المدني الفلسطيني، أن عشرات الجثث غير معلومة الهوية وغير مميزة الشكل، إذ أن القنابل الضخمة قد مزقت الأجساد، وقطعت الأوصال، ولم تعد هنالك أجسادٌ كاملة، بل أكوامٌ من اللحم مختلفة، ممزوجة بالدماء ومختلطة ببقايا حجارةٍ وبأجزاء من الركام، فلا يتميز أصحابها، ولا تعرف هوياتهم وشخصياتهم، فيضافون رقماً ويحسبون عدداً.

ستثبت الأيام عندما تضع الحرب أوزارها وينسحب جيش الاحتلال من غزة، وتتمكن المؤسسات الوطنية الفلسطينية من إجراء إحصاءٍ دقيقٍ للشهداء والجرحى والأسرى، بعيداً عن تهديد القصف والغارات الجوية، أن عدد الشهداء الفلسطينيين يتجاوز بكثيرٍ جداً العدد الذي أعلنت عنه وزارة الصحة، وأن الكيان الصهيوني ارتكب أفظع المجازر، ونفذ أبشع المذابح، وقتل عشرات آلاف الفلسطينيين في أوضح هولوكوست مسجل، وحرب إبادةٍ موثقةٍ.

بيروت في 16/8/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: طوفان الأقصى جیش الاحتلال وزارة الصحة

إقرأ أيضاً:

ارتفاع عدد الشهداء من الصحفيين إلى 225

صراحة نيوز ـ قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن عدد الشهداء من الصحفيين ارتفع إلى 225 صحفياً منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.

ويأتي الارتفاع بعد الإعلان عن استشهاد 4 من الزملاء الصحفيين، وهم سليمان حجاج الذي يعمل مراسلاً ومحرراً في قناة فلسطين اليوم الفضائية وإسماعيل بدح الذي يعمل مصوراً في قناة فلسطين اليوم الفضائية وسمير الرفاعي الذي يعمل محرراً في وكالة شمس نيوز الإخبارية ويوسف النخالة الذي يعمل صحفياً في وكالة للإعلام.

ودان المكتب الإعلامي الحكومي بأشد العبارات،اليوم الخميس، استهداف وقتل واغتيال الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين الفلسطينيين بشكل ممنهج، داعيًا الاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، وكل الأجسام الصحفية في كل دول العالم إلى إدانة هذه الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة.

وطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والمنظمات ذات العلاقة بالعمل الصحفي والإعلامي في كل دول العالم إلى إدانة جرائم الاحتلال وردعه وملاحقته في المحاكم الدولية على جرائمه المتواصلة وتقديم مجرمي الاحتلال للعدالة، وممارسة الضغط بشكل جدي وفاعل لوقف جريمة الإبادة الجماعية، وحماية الصحفيين والإعلاميين في قطاع غزة، ووقف جريمة قتلهم واغتيالهم.

مقالات مشابهة

  • ما هي القنابل الارتجاجية التي قصف بها الاحتلال الضاحية الجنوبية؟
  • المقرر الأممي المعني بالحق في الغذاء: إسرائيل تشن حملة لتجويع الفلسطينيين في غزة
  • ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزة إلى 226 منذ بدء العدوان
  • ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزة
  • ارتفاع عدد الشهداء من الصحفيين إلى 225
  • نقابة الصحفيين المصريين تدين مجزرة الاحتلال الصهيوني ضد الزملاء الفلسطينيين في ساحة المعمداني
  • سلامة داود: مبادرة السعودية لاستضافة حجاج ذوي الشهداء الفلسطينيين تجسد مواقفها الثابتة
  • حماس تدعو إلى التحرك لإنقاذ الأسرى الفلسطينيين من التعذيب في سجون الاحتلال
  • ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 54,607
  • استشهاد عشرات الفلسطينيين إثر استهداف متكرر لمراكز توزيع المساعدات بغزة