صحيفة التغيير السودانية:
2025-06-10@22:53:46 GMT

دارفور بين مد العطاوة وجزر الزغاوة

تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT

دارفور بين مد العطاوة وجزر الزغاوة

دارفور بين مد العطاوة وجزر الزغاوة

خالد فضل

الدعم السريع لم تهبط شياطينه من السماء، مثلما لم تهبط من قبل شياطين الحركات السياسية المسلحة من بين طيّات السحاب، لكن الحقيقة الثابتة والموثقة في إرشيف ووقائع ويوميات حروب السودان الأهلية الممتدة طولاً وعرضاً منذ الاستقلال وحتى الآن؛ أنّ ثمّ مركز مهيمن ومسيطر على السلطة والثروة والفضاء الدعائي العام بأدواته الإعلامية (الدعائية) في حقيقتها؛ ذلك أن الإعلام هو تمليك المعلومات للناس بينما الدعاية هي الترويج  لشئ ما حقيقي أو غير حقيقي، هناك من يروج دعائياً للعلاج عن طريق (الكي) بالنار فتتراص الحافلات في كل محطات المواصلات ويتبارى الكموسنجية في الصياح (الكريمت تش) مئات الآلاف من الرجال والنساء استجابوا للدعاية وليس في جوهرها ذرة واحدة من (إعلام) أي إخبار بالحقيقة!

عندما انطلقت شرارة الكفاح السياسي المسلح في دارفور مطلع القرن الحالي، كان على سدة الحكم تنظيم الجبهة الإسلامية القومية بمسماه المؤتمر الوطني، كانوا يملكون السودان بكل مؤسساته ومرافقه ومظان ثرواته وموارده فيما يسمى بعملية التمكين.

وبالطبع كانت الآلة الإعلامية تعمل بموجب موجهات الدعاية المرسومة بعناية وحرفية ومهارة عالية، شأن كل دعاية ناجحة، من صور ونماذج تلك الدعايات أن هذه الحركات تنتمي لقبيلة الزغاوة، وهي قبيلة في حقيقة وجودها تمتلك امتدادات طبيعية بين دولتي السودان وتشاد، شأنها شأن عشرات القبائل والمجموعات السكانية المتداخلة عبر الحدود السياسية بين معظم دول العالم وليس السودان هنا فريد عصره، الأكراد  يتداخلون عبر حدود العراق وتركيا وسوريا وإيران، حتى بين سويسرا وألمانيا هناك من يتداخلون ولغتهم الألمانية وهم يحملون جنسية سويسرا، بني عامر بين إريتريا والسودان في الشرق. العبابدة شمال السودان وصعيد مصر.. إلخ. ولكن في حالة ذلك الصراع  السياسي المسلح فإن كل الحقائق يجب أن تسقط لتحل محلها الدعاية المرسومة وهي أن الزغاوة يطمحون لتأسيس دولة أو امبراطورية الزغاوة الكبرى ودارفور من ضمن تلك الأطماع، لذلك فإن حرب الخرطوم وسلطتها الإسلامية هي حرب مقدسة ضد الخونة العملاء المرتزقة الأجانب الذين يؤسسون لدولتهم المزعومة، فالمعركة ضدهم هي معركة (كرامة) وطنية لدحر عملاء الاستخبارات وأذيال الدول الغربية الاستعمارية وإسرائيل!! كما أنّ عناصر وأفراد هذه الحركات كلهم من المهلوسين الذين يتعاطون الخمر والمخدرات ويغتصبون الحرائر ويقتلون الأبرياء، وعندما يقع في الأسر قائد سلاح الجو في مطار الفاشر اللواء البشرى، ويتم احتجازه بوساطة هولاء المخمورين، يطلق سراحه لاحقاً بمبادرة أهلية ويعود للخرطوم، وتجري معه جريدة الصخافة حواراً من جزئين، تم نشر الجزء الأول منه وفيه أوضح ظروف احتجازه، وكيف أن قادة الحركات من الشباب الواعي ولهم قضية عادلة وهم على درجة عالية من الالتزام الأخلاقي، يشترون طعامهم من الأسواق، تدخل جهاز الأمن بعقليته الدعائية المركزية ومنع نشر الجزء الثاني من الحوار، فالعقلية المتحكمة لا تريد الحقائق التي تبطل مفعول دعايتها الخبيثة. وأذكر هنا أنّ وفداً تم ابتعاثه للالتقاء بالمتمردين ضمن مقررات مؤتمر الفاشر التداولي لأهل دارفور وكان بإشراف الفريق إبراهيم سليمان حاكم الولاية آنذاك، كان الوفد بقيادة البروفيسور أبو القاسم سيف النصر؛ أشاع جهاز الأمن دعاية مفادها أن الوفد تم احتجازه من جانب المتمردين المرتزقة الخونة الغادرين؛ ولكن أسقط بين يدي الدعاية عندما عاد أفراد الوفد للخرطوم سالمين غانمين لقاء مثمراً مع أولئك الشباب، جاءوا للخرطوم وتمت دعوة عدد محدود من الإعلاميين لتنويرهم بنتائج ذلك اللقاء حتى يتمكن الرأي العام من معرفة الحقائق حول الموضوع، في آخر لحظة وعند وصولي وبعض الزملاء الصحفيين لمقر الدعوة في دار اتحاد مزارعي السودان قبالة قيادة المنطقة العسكرية المركزية في وسط الخرطوم فوجئ الجميع بأوامر من جهاز الأمن بإلغاء الفعالية وإغلاق الأبواب بالأقفال الحديدية، الحقيقة دوماً هي عدو للدعاية!! كما أن ّ حواضنهم الإجتماعية ذاتها يجب أن تنال العقاب والجزاء والإبادة والتطهير العرقي حتى لا ينجح مخططهم الآثم في تمزيق وحدة البلاد وشعبها العظيم الهمام الذي يقف خلف قواته المسلحة الباسلة والقوات الأخرى التي تقاتل معها في خندق واحد ذوداً عن الأرض والعرض!!! أما القوات التي تقف في الخندق الواحد ضد أطماع ومخططات (دولة الزغاوة) فهم فرسان بني هلبة، وكواسر الرزيقات ونسور المسيرية… إلخ وزعماء ووجهاء هذه المجموعات يحجون إلى الخرطوم أو يحج إليهم من الخرطوم موفدون باسم الوطنية والإسلام، لتدجيج شبابهم وفتيانهم بالسلاح ودفع المعلوم للوجهاء والأمراء! ومن هنا نشأت المليشيات، لم تهبط من السماء لكنها أسست في الأرض، أرض دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وحالياً تنشأ المليشيات في جبال البحر الأحمر وكسلا وسهول القضارف ونهر النيل والشمالية والمناقل من مناطق الجزيرة، وبعض أنحاء بحر أبيض، ولكن (ود أحمد) يتمرد في نهر النيل وينشر عنه (مطلوب للعدالة) وود أحمد نصفه عاقل ونصفه مجنون، فهو ينشد الخدمات والمطالب التنموية لمنطقته، وهذا حق، لكنه يقود تياراً عنصرياً جهوياً بغيضاً ضد أبناء غرب السودان في مناطق التعدين وهذا عين الباطل. كما أن المركزية ليست جهة ولكنها أسلوب في التفكير يعلي من شأن ومصالح الأنا على حساب شأن ومصالح الآخرين، لهذا نجد بعض أبناء الهامش يتمركزون أكثر من (الأتراك) المركزيين أنفسهم، يتخلون عن مطالب العدالة والمساواة والمواطنة بدون تمييز لمصلحة الدعاية المركزية التي اصطلوا بنارها في سنوات زعمهم الكفاح المسلح، ونماذج (المتوركين) عديدة، يعرفها القاصي والداني ويعرفون أنفسهم. يرددون كالببغاوات نفس المقاطع البائسة عن (دولة العطاوة) نفس الوتيرة التي بدأ بها القرن الجديد ربعه الأول يختتم بها الربع نفسه فقط بتغيير اللفظ من (زغاوة ) لـ(عطاوة)، ألا ينظر رجل رشيد أو امرأة رشيدة من بين هؤلاء فيصرخ مثل صرخة الطفل في وجه الفرعون!!.

الوسومالخرطوم الدولة المركزية الزغاوة السودان العطاوة الكفاح المسلح الهامش جهاز الأمن والمخابرات خالد فضل دارفور

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الخرطوم الدولة المركزية الزغاوة السودان العطاوة الكفاح المسلح الهامش جهاز الأمن والمخابرات خالد فضل دارفور جهاز الأمن

إقرأ أيضاً:

«الأغذية العالمي»: جنوب الخرطوم يعاني الجوع والعوز واليأس

أحمد مراد (جنيف، أبوظبي)

أخبار ذات صلة انتهاء مهام «يونامي» في العراق بنهاية 2025 الأمم المتحدة تدعو إلى التهدئة في احتجاجات لوس أنجلوس

ذكر برنامج الأغذية العالمي، أمس، أن عدة مناطق جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم عُرضة لخطر المجاعة، إذ يفوق حجم الاحتياجات الفعلية الموارد المتاحة في ظل نقص التمويل.
وقال لوران بوكيرا المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في السودان لصحفيين في جنيف عبر رابط فيديو من بورتسودان «مستوى الجوع والعوز واليأس الذي تم رصده شديد ويؤكد خطر المجاعة في تلك المناطق».
وذكر البرنامج التابع للأمم المتحدة أنه وصل إلى مليون شخص في سبعة مواقع بالخرطوم، بعد التمكن من دخول العاصمة السودانية.
وأدى الصراع الدائر في السودان منذ عامين إلى نزوح الملايين وتقسيم البلاد إلى مناطق سيطرة لكل من طرفي الصراع.
وسرد برنامج الأغذية العالمي أمثلة لمناطق يعاني سكانها من جوع شديد، من بينها جبل أولياء، مشيراً إلى تقليص حصص الزيت والبقوليات في توزيعاته الغذائية بسبب مواجهة عجز في التمويل قدره 500 مليون دولار لمساعدات الطوارئ الغذائية والنقدية نتيجة خفض الدول المانحة تمويل العمليات الإنسانية.
وقال بوكيرا: «المكملات الغذائية للأطفال الصغار والنساء الحوامل والمرضعات بعيدة المنال بسبب نقص الموارد، وبدون دعم عاجل لن نتمكن من إيصال الحزمة الغذائية التي يحتاج إليها السودانيون».
وفي أبريل، أعلن برنامج الأغذية العالمي خفض الحصص الغذائية في المناطق المعرضة لخطر المجاعة إلى 70% من الحصة الغذائية القياسية التي يقدمها البرنامج «أي ما يعادل 2100 سُعر حراري يومياً».
وأضاف البرنامج أنه يقدم المساعدات حالياً لأربعة ملايين شخص في أنحاء السودان.
في غضون ذلك، حذرت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في الخرطوم، ليني كينزلي، من خطورة تدهور الأوضاع الإنسانية بمستويات غير مسبوقة في السودان، مؤكدة أن الواقع الإنساني في بعض الولايات السودانية مؤلم للغاية، في ظل تفاقم معاناة ملايين المدنيين، بسبب تداعيات النزاع المسلح الدائر في البلاد منذ منتصف أبريل 2023.
وكشفت كينزلي، في تصريح لـ«الاتحاد»، عن أن السودان يواجه أكبر أزمة جوع، لافتة إلى أنه البلد الوحيد عالمياً الذي يُعاني حالة مجاعة، مشددة على أن ملايين السودانيين بحاجة لدعم دولي عاجل.
وأشارت إلى أنه تم تهجير أكثر من 12 مليون سوداني، في العامين الماضيين، من بينهم 4 ملايين فرّوا إلى دول مجاورة، مثل تشاد وجنوب السودان ومصر، موضحة أن الوضع في السودان بات خطيراً للغاية، حيث يضطر ملايين السودانيين، في المناطق الأكثر تضرراً، إلى اتخاذ تدابير يائسة للبقاء على قيد الحياة، لا سيما في الولايات التي تشهد مجاعة.
ونوهت كينزلي بأن برنامج الأغذية العالمي يعمل على مدار الساعة، لتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية والإغاثية للمدنيين، الذين يعانون الجوع بمستويات غير مسبوقة، موضحة أنه في أبريل الماضي، قدم البرنامج الأممي الدعم لأكثر من 4 ملايين شخص، من خلال مساعدات غذائية طارئة، وهي إمدادات حيوية تشكّل طوق نجاة للعائلات المتأثرة بالنزاع.
وقالت المتحدثة باسم برنامج «الأغذية العالمي»، إن الفرق الإنسانية التابعة للبرنامج تمكّنت، خلال الأشهر الماضية، من إيصال الإمدادات الغذائية إلى ولايات الخرطوم والجزيرة وكردفان ودارفور، بما في ذلك العديد من المناطق التي كانت شبه مغلقة منذ بداية النزاع.
وأضافت أن الجهات المانحة تبذل جهوداً مكثفة لتقديم الدعم للمحتاجين، لكن الاحتياجات الإنسانية هائلة وتتجاوز الموارد الحالية، حيث إن هناك حاجة إلى تمويل عاجل لتنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، وتحديداً حتى نوفمبر المقبل.

مقالات مشابهة

  • وسط تحذيرات أممية وتصاعد الأزمة الإنسانية.. خطر المجاعة يخيم على جنوب الخرطوم
  • «الأغذية العالمي»: جنوب الخرطوم يعاني الجوع والعوز واليأس
  • تحذير أممي من تفشي المجاعة جنوب الخرطوم
  • الأغذية العالمي: خطر المجاعة لا يزال يخيم على السودان في خضم نقص التمويل
  • تحذير أممي من المجاعة جنوب الخرطوم
  • العقوبات الأمريكية .. (سيف مسلط) على رقاب الشعب السوداني
  • السودان: 9 وفيات و153 حالة اشتباه بالكوليرا في ولاية سنار
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: بوت الشرطة وأيام العيد النضرة
  • مكتب أطباء السودان: الخرطوم و6 ولايات أخرى تعاني من تفشي وباء الكوليرا
  • السودان .. برمجة قاسية للكهرباء في أم درمان مع ارتفاع درجات الحرارة