حرم الله عز وجل الدم والميته وأذية الحيوان، وجعلهم من الأحكام الشرعية الواضحة، وقد استوضح العلماء الحكمة من قوانين الشريعة، فوجدوا أنه من القواعد المهمة التي تؤسس بناء الحضارة الإسلامية أن الأحكام الشرعية لدين الإسلام تؤثر في الروح وفي القلب، فليس هناك انفصال بين دائرة الاعتقاد ودائرة الامتثال.

 

جمعة يوضح كيف رسخ الإسلام للتسامح والقضاء على العنف علي جمعة: حضارة المسلمين قامت على العلم ومحورها النص الشريف


وفي هذا السياق قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق أن الاعتقاد هو الأساس، وهو ما وقر في القلب، لكن لابد أن يصدقه العمل وهو الامتثال، وبناء الإنسان الذي يعكس فعله ما وقر في قلبه هو أولى خطوات الإصلاح الحضاري، والمثال العملي لهذا التوافق يظهر جلياً في امتثال المؤمن لما حرمه الله تعالى، فهذا الامتثال الذي قد يظنه البعض حداً للحرية الشخصية هو في واقعه تربية لنفسية المسلم ليكون النموذج الذي استخلفه الله عز وجل في الأرض ليعبد ربه ويعمر كونه ويزكي نفسه.

 

تحريم الدم والميته في القرآن الكريم وتابع فضيلته أن الله تعالى فقد حرم  الدم، فقال سبحانه: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [البقرة:١٧٣].
 وقال عز وجل: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [المائدة:٣].
 وقال: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النحل:١١٥].
 وحرم كذلك أكل لحم البشر حقيقةً ومجازًا في قوله تعالى: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) [الحجرات:١٢]، فحرّم علينا الغيبة والنميمة.
 وحرَّم أيضاً أكل الميتة، وأكل ما لم يذكر عليه اسم الله، وأن ذلك كله يؤكد توحيد الإله وتعاليه عن البشر، قال تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإِخلاص:١-٤].

 وقال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى:١١].
 وقال تعالى: (لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ) [الأنعام:١٠٣].

 

تحريم أذية الحيوان في السنة النبوية 

 

وانتهى فضيلة المفتي السابق حديثه أنه الله عز وجل حرم علينا أيضا في أحكامه الشرعية أذية الحيوان، فقال صلى الله عليه وسلم: «دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض» (رواه البخاري ومسلم).
 وعلمنا أن الكون من حولنا ليس محض جماد فقال تعالى: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء:٤٤]. 
 وقال تعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) [الرعد:١٥].

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدم الأحكام الشرعية عز وجل عز وجل

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: ابدأ بنفسك دعوة للإصلاح في زمن الغربة على نهج رسول الله ﷺ

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه عندما جاء سيدنا رسول الله ﷺ كان وحده يدعو إلى ربه، ولا أحد معه، فبدأ بدعوته حتى أصبح أكثر الأنبياء تبعًا إلى يوم القيامة، بل أكثر البشر تبعًا؛ فلم يعرف التاريخ –قديمه وحديثه- رجلا أتباعه الأقوام بهذه الكثرة، وعلى مر العصور، مثل نبينا ﷺ.

وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن الرجال تُعرف بالحق، ولا يُعرف الحق بالكثرة، ولا بالرجال، فإن النبي ﷺ يقول: «عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل، والرجلين، والنبي وليس معه أحد» [موطأ مالك ، وابن حبان] يعني: ولا يضره ذلك، لأنه كان على الحق.

دعاء للحبيب في السنة الهجرية الجديدة 1447.. يصلح حاله ويوسع رزقهدعاء هلال شهر محرم.. بهذه الكلمات نستقبل العام الهجري الجديد

وأشار الى أنه لابد من التغيير، قال ﷺ: «ابدأ بنفسك، ثم بمن يليك» [مسلم ، وبهذا اللفظ أخرجه العجلوني في كشف الخفاء].

والإسلام كما بدأ غريبًا مستضعفًا معتدًى عليه، يعود كذلك، كما أخبرنا بذلك النبي ﷺ: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء» [رواه مسلم والترمذي]. وفي رواية الطبراني زيادة: «قيل: ومن الغرباء؟ قال: الذين يصلِحون إذا فسد الناس».

فوَطِّن نفسَك -أيها المؤمن- أن تكون من الغرباء المُصلحين، ولا تكن إمَّعة، فقد نهانا رسول الله ﷺ عن ذلك، فقال: (لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطِّنوا أنفسكم؛ إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا) [الترمذي].

وأمامنا فرصة أن نكون من أحباب رسول الله ﷺ ، وأعظم درجة ممن سبقونا، وإن كانوا هم في المنزلة الأعلى، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «متى ألقى أحبابي؟ فقال بعض الصحابة: أوليس نحن أحباؤك؟ قال: «أنتم أصحابي، ولكن أحبابي قوم لم يروني وآمنوا بي، أنا إليهم بالأشواق» [أبو الشيخ في الثواب]

وفي مسند الفردوس للديلمي زيادة: «أنا إليهم بالأشواق».

وعن رجاء بن حيوة رضي الله عنه قال: «كنا مع رسول الله ﷺ ومعنا معاذ بن جبل، عاشر عشرة، فقلنا : يا رسول الله، من قوم أعظم منا أجرا؟ آمنا بك واتبعناك!

قال : ما يمنعكم من ذلك، ورسول الله بين أظهركم، يأتيكم الوحي من السماء ؟!

بلى، قوم يأتون من بعدكم، يأتيهم كتاب بين لوحين، فيؤمنون به، ويعملون بما فيه، أولئك أعظم منكم أجرا، أولئك أعظم منكم أجرا ،أولئك أعظم عند الله أجرا» [الطبراني].

فهلا دخلنا في دائرة الحب لسيدنا رسول الله ﷺ، وجعلناه أسوتنا واتبعناه حقا، ففي زمن الغربة الأول، بدأ رسول الله ﷺ بمنهج البداية بالنفس، فقال ﷺ: «ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول» [رواه مسلم وابن حبان].

ففي هذا الزمان، يكون إصلاح النفس وتربيتها أولى من الانغماس في أمر العامة، ثم بعد هذه المرحلة، يمكن أن يتدرج المؤمن للانغماس في أمر العامة لإصلاحهم، يقول النبي ﷺ: «إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع العوام، فإن من ورائكم أياما، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم».

قال عبد الله بن المبارك: «قيل: يا رسول الله، أجر خمسين منا أو منهم؟قال: بل أجر خمسين منكم» [رواه الترمذي].إذن، علينا أن نبدأ بأنفسنا، ثم بمن نعول، وأن نتحمل المسؤولية عن أفعالنا، وألّا نُبرِّرَ أخطاءنا.

طباعة شارك الدعوة الى الله تغيير النفس للأحسن ابدأ بنفسك ثم بمن يليك

مقالات مشابهة

  • علي جمعة يكشف صيغة الصلاة الكمالية.. اغتنم ثوابها العظيم
  • من مكةَ إلى المدينةِ: رحلةُ بناء أمة
  • القتل تعزيرًا بجانيين هربا أقراص الإمفيتامين إلى المملكة
  • القتل تعزيرًا بـ 3 مهربين للحشيش في نجران
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا في ثلاثة من الجناة بمنطقة نجران
  • علي جمعة: إطعام المحتاجين أولى من العمرة
  • علي جمعة: ابدأ بنفسك دعوة للإصلاح في زمن الغربة على نهج رسول الله ﷺ
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بجانيين في منطقة تبوك
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بمصري وأردني لتهريبهما أقراص مخدرة إلى المملكة
  • لتهريبهما الإمفيتامين المخدر إلى المملكة.. تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بجانيين في تبوك