القدس المحتلة – رنا شمعة - صفا

لعبت المرأة المقدسية وما زالت دورًا كبيرًا وفعالًا في تربية الأجيال الناشئة على حب القدس والمسجد الأقصى المبارك، وغرس روح الفداء والنضال والتضحية في نفوسهم، ووجوب العمل لأجل نصرته وتحريره من الاحتلال الإسرائيلي.

ورغم تعرضها للاعتقال والملاحقة والإبعاد، إلا أنها ما زالت تشكل رمزًا يُحتذى به في الشجاعة والصمود أمام عنف الاحتلال وإجراءاته الظالمة، وتدفع ضريبة دفاعها المستميت عن المسجد الأقصى، وتصديها لاقتحامات المستوطنين، وإفشال كل المخططات الإسرائيلية الرامية للسيطرة عليه وتهويده.

ودومًا كانت المرأة المقدسية شريكة للرجل في مسيرة النضال والتضحية الطويلة، تقف إلى جانبه وتُسانده وتُؤدي دورها اليومي الملقى على عاتقها لخدمة وطنها وقضيتها العادلة في شتى الميادين، فكانت الشهيدة والأسيرة وأم الشهيد وشقيقته وزوجته.

ولم يتوقف نضالها يومًا، بل سجلت حضورًا مميزًا ومشاركة فاعلة على كل المستويات، مما أعطى للمشهد الفلسطيني نكهته الخاصة، رغم كل التحديات والمعاناة التي تُواجهها، في سبيل الحفاظ على انتمائها ومقدساتها وهويتها الوطنية.

جيل متميز

المقدسية زينة عمرو واحدة من النساء المقدسيات التي لعبن دورًا مهمًا في زرع حب الأقصى في قلوب أبنائها، وحثهم على حمايته والدفاع عنه، حتى كرسوا حياتهم لخدمته والرباط فيه، رغم تعرضها وهم لسلسلة من الملاحقات والإبعادات.

وتقول عمرو، في حديث خاص لوكالة "صفا": إن "الظروف والمعاناة الصعبة والقاسية التي تعيشها المرأة في مدينة القدس جعلت منها مربية صابرة قادرة على صنع جيل متميز ومعطاء، يُحب الجهاد والتضحية في سبيل الدفاع عن المسجد الأقصى".

وتوضح أن ممارسات الاحتلال وإجراءاته العنصرية التي يفرضها على المقدسيين تجعل هذا الجيل مرتبطًا بالأقصى ارتباطًا وثيقًا، كونه نشأ في ظروف جعلته يتحمل المسؤولية الكاملة تجاه قضيته.

وتضيف أن "هذا الدور لم يعد مقتصرًا على المرأة فقط، بل أصبح لدى الشباب المقدسي معتقدات خاصة بهم، لذلك أصبحنا نرى تمردًا لدى كثير من الأبناء، ولا سيما عند اندلاع أي أحداث بالقدس والأقصى، إذ يُسارعون إلى تصدر الميدان دون علم آبائهم وأمهاتهم".

وبات هذا الجيل- كما تبين عمرو- يمتلك الشجاعة والنخوة والشهامة، ويُثبت حضوره المميز والدائم في شتى الميادين، دفاعًا عن أولى القبلتين، ومدينته المقدسة التي تعاني الأمرين، نتيجة الاحتلال.

وتتابع "كلما اشتدت الأحداث والظروف في القدس نرى هؤلاء الشباب يدافعون بكل قوة عن أقصاهم ومدينتهم، لا يأبهون للاحتلال واعتداءاته الهمجية، بل يقفون كالأسود دفاعًا عن وجودهم ومقدساتهم".

صمود وتحدٍ

و"للمرأة المقدسية دور كبير في تعزيز نماذج الصمود والثبات لدى أبنائها، والتحلي بالصبر والتحدي، وهم يرون في الأم المثل والقدوة التي يُحتذى بها، وهي التي تتحمل أعباء الحياة وممارسات الاحتلال من أجل التمسك بمنزلها وبقائها في القدس"، وفق عمرو.

وتضيف "نجد أن صمود الأبناء وثباتهم وتحديهم الكبير لظروف الحياة، نابع من أن الأم هي قدوة لهم، تمثل قلعة الصمود والتحدي في مواجهة الاحتلال".

وتؤكد أن "المسجد الأقصى يمثل قلعة الصمود، ورمز الوطنية والانتماء للأمة، والمساس به خط أحمر، وأن الدفاع عنه لا يقتصر على أحد، بل لابد من بذل الغالي والنفيس من أجل حمايته والدفاع عنه".

وبهذا الصدد، تقول عمرو: "عند المساس بالأقصى نرى الجميع يقف وقفة واحدة، وهناك من يتقدمون الصفوف دفاعًا والذود عنه، ورأينا من أسقطهم الاحتلال في براثن المخدرات أول من وقفوا للدفاع عن المسجد، باعتباره خط أحمر".

الأقصى عقيدة

أما المقدسية فوزية الكرد فتقول: إن "المرأة المقدسية تغرس حب الأقصى في نفوس أبنائها منذ الصغر، من خلال تنشئتهم على ذلك بالعلم والثقافة والأخلاق، والتعريف بالمسجد ومعالمه الإسلامية، واصطحابهم معها للمسجد، وحثهم على الرباط الدائم فيه والدفاع عنه".

وتضيف أن "المرأة تُربي أبناءها أن الأقصى يُمثل عقيدة ومكانة عظيمة ومهمة لدى المسلمين عامة، وأهل القدس خاصة، وأن هذا المكان مقدس للمسلمين وحدهم، ليس لليهود أي ذرة تراب فيه، وأيضًا تعريفهم بمكانة المسجد وتاريخه، وتوعيتهم بخطورة الاحتلال وأهدافه المستمرة للسيطرة عليه".

وتتابع "رغم وجود الاحتلال ومحاولته تدمير أخلاق الشباب المقدسي، إلا أن المرأة تبقى حريصة بشتى الوسائل على خلق جيل قادر على الدفاع عن الأقصى وحمايته، ووجوب العمل على تحريره".

وتشير إلى أنها تجد خلال رباطها بالمسجد الأقصى، في عيون الأطفال والشباب مدى حبهم وارتباطهم الوثيق فيه، وشجاعتهم في الدفاع عنه من اقتحامات المستوطنين وتدنيسهم لحرمته.

وتؤكد الكرد أن "مسؤولية الدفاع عن الأقصى تقع على عاتق الجميع، ويجب توعية الأبناء وزرع حب الأقصى في قلوبهم منذ الصغر، لأجل بناء جيل واعٍ يحمل هم قضيته وتحرير مقدساته من براثن الاحتلال".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: المسجد الأقصى القدس المسجد الأقصى الدفاع عنه الدفاع عن

إقرأ أيضاً:

أسيوط تحتفي بتجربة مسرح الطفل: نموذج تربوي وفني ملهم لصعيد مصر

شهد قصر ثقافة أسيوط، عدداً من الندوات وورش العمل للعديد من النقاد والكتاب المسرحيين، فى إطار أعمال المهرجان القومى للمسرح، حيث نظمت ثقافة أسيوط ندوة متميزة للكاتب والناقد الكبير حسام عطا تناولت تجربة فريدة ورائدة في مسرح الطفل بصعيد مصر، احتفاءً بعطاء صلاح شريت، والسيدة نادية الشبوري، وفرقة مسرح الطفل بأسيوط التي قدمت أعمالًا مسرحية تربوية وفنية راقية لأكثر من خمسة عشر عامًا.

استعرضت الندوة التعاون المثمر بين مؤسسات الدولة، ممثلة في وزارتي الشباب والرياضة، والتربية والتعليم، إضافة إلى المجتمع المدني، لدعم هذه التجربة التي شكلت نموذجًا يحتذى به في العمل المسرحي الموجه للأطفال في محافظات الصعيد.

شهدت الندوة استعراضًا لسيرة أبرز أعضاء الفرقة، منهم المهندس ناصر عبد الحافظ، كبير مهندسي ديكور المسرح القومي بالقاهرة، الذي أبدع في تصميم الديكورات المسرحية، والملحن المتفرد محمد فرغلي، ابن أسيوط، الذي ساهم بألحانه في صياغة هوية موسيقية مميزة لعروض الفرقة. كما ذُكر خلال الندوة اسم الراحل الدكتور ممدوح الكوك، أستاذ الفنون الجميلة، والذي كان يصنع أقنعة مسرحية جمالية لافتة، إلى جانب مجموعة من الملحنين والموسيقيين الذين عملوا مع الفرقة، مثل أحمد إسماعيل، وأحمد شاهين، وحمدي الواعي. وقد تولت فرقة "East West Music" تقديم الموسيقى الحية بقيادة الفنان سامح فكري، الذي أصبح لاحقًا من العازفين المعروفين في فرنسا. كما أبدع الفنان فتحي مرزوق في تصميم الإكسسوارات والعرائس، وواصل مسيرته لاحقًا كمحترف لهذا الفن في القاهرة.

وأضاف حسام عطا أن العروض التي قدمتها الفرقة لم تقتصر على أسيوط وسوهاج فقط، بل عرضت أيضًا في دار الأوبرا المصرية بالقاهرة، ومسرح سيد درويش بالإسكندرية، ونالت استحسان النقاد، ومنهم منحة البطراوي (الأهرام)، عبلة الرويني (الأخبار)، إسماعيل العدلي (الأهالي)، فوزية مهران (روزاليوسف). وقد حظيت هذه التجربة بمتابعة واهتمام خاص من الكاتب الكبير الراحل يعقوب الشاروني، أحد أبرز كتاب أدب الطفل في مصر، والذي تابع نشاط الفرقة حين كان رئيسًا للمركز القومي لثقافة الطفل.

في موسم الشتاء، كانت جميع مدارس أسيوط بمراكزها وقراها تحرص على حضور عروض الفرقة بالتنسيق مع المحافظة، ضمن الفصل الدراسي الأول. أما في الصيف، فكانت العروض تُقام يوميًا في السادسة مساءً، بالتعاون مع مراكز الشباب، خاصة بجهود الأستاذ سعد الفرنساوي، وبالتنسيق مع الأستاذ صلاح شريط، من خلال إعلانات الشوارع والعربة المتنقلة التي كانت تدعو الأطفال للحضور إلى قصر الثقافة.

استطاعت فرقة مسرح الطفل بأسيوط أن تقدم نموذجًا تراكميًا متصلاً، أحدث فارقًا حقيقيًا في تشكيل وعي الأطفال، وأسهم في تفكيك مفاهيم متطرفة حول الفنون، مما ساعد في تنشئة جيل جديد من الأطفال الفاعلين في الحياة الثقافية والمجتمع المدني.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل إغلاق المسجد الأقصى وكنيسة القيامة لليوم الـ12 على التوالي
  • استشهاد 3 فلسطينيين خلال قصف لشمال وجنوب غزة واعتقال 26 آخرين من الضفة الغربية
  • وسط إجراءات عسكرية مشددة.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل إغلاق المسجد الأقصى
  • أسيوط تحتفي بتجربة مسرح الطفل: نموذج تربوي وفني ملهم لصعيد مصر
  • حماس: العدو الصهيوني يمارس انتهاك صارخ للوضع التاريخي والقانوني في الأقصى
  • ماذا وراء اقتحام الاحتلال للمسجد الأقصى والتحقيق مع حراسه؟
  • لليوم التاسع.. قوات الاحتلال تواصل إغلاق المسجد الأقصى
  • قوات الاحتلال تقتحم مسجد الأقصى وتعتقل حراسًا
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل إغلاق المسجد الأقصى
  • تصعيد خطير - الاحتلال يُعيد إغلاق المسجد الأقصى ويعتقل 4 من حرّاسه