محللون: نتنياهو يتذرع بمحور فيلادلفيا لترحيل الصفقة وتحقيق مكاسب سياسية
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
القدس المحتلة- أجمعت قراءات المحللين الإسرائيليين على أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتعمد إضاعة الوقت والمراوغة في مفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، وشككت بالجدوى الأمنية لبقاء الجيش الإسرائيلي على كل من محور صلاح الدين "فيلادلفيا" الحدودي مع مصر ومفرق الشهداء "نتساريم" في قطاع غزة.
وتوافقت قراءات المحللين على أن الشروط والمقترحات التي يقدمها نتنياهو إلى الطاقم الإسرائيلي مع تجدد جولات المفاوضات، تهدف إلى عرقلة المساعي لوقف إطلاق النار وإعادة المحتجزين الإسرائيليين، والإبقاء على حالة القتال في قطاع غزة.
ورجحت التقديرات أن نتنياهو الذي تتسع شعبيته بأوساط الإسرائيليين بسبب مواقفه المتشددة وإصراره على استمرار الحرب حتى تحقيق "النصر المطلق" حسب زعمه، يسعى إلى إدارة أزمة المفاوضات لحين انتخابات الرئاسة الأميركية بالخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حيث يراهن على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وإلى حين الحسم الانتخابي في أميركا، سيبقى نتنياهو -وفقا لتقديرات محللين إسرائيليين- يراوغ بالمفاوضات، ويوظفها لزيادة شعبيته بأوساط اليمين، حتى وإن كان ذلك على حساب الصدام مع فريقه المفاوض وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، التي تتحفظ على بقاء الجيش بمحوري "فيلادلفيا" و"نتساريم"، وهو الصدام والخلاف الذي يعكس الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي والاستقطاب السياسي.
مفاوضات عبثيةاستعرض الصحفي الاستقصائي والمختص في الشؤون العسكرية والاستخباراتية رونين برغمان المحاور الخلافية التي يضعها نتنياهو لفريق تفاوضه، وقال إنه لا يستبعد أن يضيف نتنياهو المزيد من البنود الجديدة في حال تم تجاوز وتسوية بنود وشروط سابقة، وكل ذلك من أجل تعقيد المفاوضات بالمزيد من العقبات.
وكشف برغمان النقاب في تقرير له بصحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مقترح نتنياهو الذي تحفظ عليه الجيش الإسرائيلي، وسيقدمه المفاوض الإسرائيلي في لقاء القاهرة هذا الأسبوع، ويقضي بحفر نفق عرضي على طول محور "نتساريم" وإقامة نقاط لعبور المركبات بغية تفتيشها خلال تنقل المدنيين الفلسطينيين بالقطاع.
وأشار برغمان إلى أن مقترح حفر النفق العرضي قدم من قبل مكتب نتنياهو في جولة المفاوضات في مايو/أيار الماضي، وتم رفضه من قبل حماس، قائلا إن "طرحه مجددا قد يؤدي إلى أشهر عديدة من المفاوضات العبثية"، حيث إنه "يدخل مفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة التبادل في دوامة عميقة".
ومن وجهة نظر محللة الشؤون السياسية في صحيفة "معاريف" آنا براسكي، فإن الخلافات الإسرائيلية بشأن البقاء أو الانسحاب من محور فيلادلفيا، تعكس النقاط الأساسية التي تصر عليها إسرائيل في الغرف المغلقة في محادثات التفاوض بالقاهرة.
وتعتقد محللة الشؤون السياسية أن "هناك نقطتين أساسيتين على رأس أولويات الفريق الإسرائيلي، تتعلقان بعدد الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم".
وأشارت إلى أن نتنياهو لا يعارض صفقة التبادل ولا يتعمد تفجيرها، لكنها تعتقد أنه يتعمد المماطلة والمراوغة بالمفاوضات وتوظيفها من أجل تعزيز مكانته بالمجتمع الإسرائيلي وتحقيق مكاسب سياسية.
وأضافت "لنكن واضحين ودقيقين، فهو أيضا ليس تواقا للتوصل إلى صفقة من شأنها أن توقف الحرب".
ورجحت أن الهدف الإستراتيجي من وراء صفقة التبادل هو التوجه نحو تسوية إقليمية، قائلة إن "نتنياهو يتطلع إلى إقامة تحالف إقليمي مع الدول العربية المعتدلة تحت المظلة الأميركية".
وأشارت إلى أن "ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال صفقة تنظم الوضع في قطاع غزة، حتى لو كان مؤقتا، وذلك لتجنب حرب شاملة بالشرق الأوسط".
مقترح جديدووسط الخلافات والبنود الجديدة التي كلف نتنياهو وفده المفاوض للقاهرة، رجحت صحيفة "هآرتس" أن المقترح الجديد الذي ستتم مناقشته لا يتضمن وجودا دائما للجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا، ويتوقع الوسطاء أن تنسحب إسرائيل منه لاحقا.
وقدر المراسل السياسي في الصحيفة يهونتان ليس، أن الخطوط العريضة المقترحة في المحادثات بالقاهرة تشمل صياغة غامضة وضبابية، تسمح لنتنياهو بالإعلان عن بقائه على الحدود الجنوبية للقطاع حتى يتم التوصل إلى حل آخر، في حين يمكن لحماس أن تقول إن الاتفاق لا يسمح بوجود إسرائيلي على طول الخط الحدودي مع مصر.
وأوضح مراسل الصحيفة أنه "من المفترض أن تسمح الصيغة -التي تناقش حاليا- لإسرائيل بنشر قوات محدودة على طول المحور على أن تسحبها خلال فترة زمنية محدودة، والسماح بحل دائم آخر للإشراف على منع التهريب، بحيث إن القوات الإسرائيلية على طول محور فيلادلفيا لن تتمركز بالقرب من المناطق المأهولة، بل في نقاط نائية".
الشرخ الإسرائيليوفي استعراض النقاط الخلافية والمواقف المتشددة لنتنياهو في صفقة التبادل وإعادة المحتجزين، كتب المحامي عومر بيلسكي مقالا بعنوان "ما هو مسموح لليمين – عدم التماثل في النقاش العام بين اليسار واليمين"، وجّه فيه انتقادات شديدة اللهجة إلى نتنياهو وحكومته التي تعرقل مفاوضات الصفقة، في مؤشر يعكس بأنها ضحت بالمحتجزين حتى من بقي منهم على قيد الحياة.
واستذكر بيلسكي في مقاله الذي نشره بالموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل"، المناقشات بإسرائيل حول صفقة التبادل، مشددا على موقف المؤسسة الأمنية الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي يمكنه الانسحاب من محور فيلادلفيا، ومراقبة النشاط في المحور بوسائل مختلفة.
ويقول الكاتب الإسرائيلي إن هذا الموقف يمكن من التوصل إلى صفقة، بيد أنه يقابل بانتقادات شديدة من اليمين، مما يشكك في نبوءات وتقديرات وزارة الدفاع، ويذكر بالكثير من إخفاقات توقعات وتقديرات معسكر اليسار.
وأشار إلى أن تشدد نتنياهو في مواقفه التي تعكس طرح معسكر اليمين المتطرف، يأتي لدوافع سياسية وانتخابية، مشيرا إلى أن عدم إنجاز الصفقة وعرقلة المفاوضات يعكس الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي والاستقطاب السياسي وعدم التماثل بين برامج اليسار واليمين.
وخلص بيلسكي إلى أنه "في إسرائيل تشكل السياسة اليمينية القاعدة، والانحراف عنها نحو اليسار يتطلب مبررا خاصا، حتى في التوصل لصفقة تبادل ووقف مؤقت لإطلاق النار".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجیش الإسرائیلی محور فیلادلفیا صفقة التبادل إطلاق النار على طول إلى أن
إقرأ أيضاً:
ناشيونال إنترست: نتنياهو يخاطر بانهيار الاقتصاد الإسرائيلي على يد اليمنيين
ونشرت المجلة، الأربعاء، تقريراً جاء فيه أن “استهداف مطار بن غوريون الدولي كان تصعيداً خطيراً من جانب صنعاء، وحتى لو كانت ضربة صاروخية أولى مجرد تحذير للقدس، ففي نهاية المطاف يعتمد اقتصاد إسرائيل بشكل كبير على السياحة، نظراً لخلفيتها كـ(أرض مقدسة)”.
وأضاف التقرير، الذي كتبه محلل الأمن القومي في المجلة، براندون ويشيرت، أن “استمرار هجمات اليمنيين على المطار سيجعله في نهاية المطاف محفوفاً بالمخاطر بالنسبة للطائرات التجارية التي لن تخاطر طواعيةً بالتعرض للأضرار أو التدمير بالصواريخ اليمنية ومع مرور الوقت، قد تَشلّ حملتهم على مطار بن غوريون الاقتصاد الإسرائيلي”.
وتساءل: “لماذا ذلك؟ وماذا كان اليمنيون يطالبون إسرائيل؟ هل بالاستسلام والقبول بهجمات أخرى على غرار 7 أكتوبر؟” مجيباً على تساؤلاته بالقول: “كلا.. لقد كان تحذير اليمنيين هو أنه إذا نفذ نتنياهو تهديداته بغزو غزة وإعادة احتلالها، فسيبدأون حصاراً جوياً على إسرائيل، وكان هذا تهديداً يهدف في جوهره للردع، فإذا أوقفت إسرائيل عملياتها في غزة، فسيتركها اليمنيون وشأنها”.
ووفقاً لذلك، أوضح التقرير أنه “بعد أن بدأ نتنياهو الذي يحرص دائماً على صورته العالمية بالغزو، بادر اليمن كما هو متوقع بتنفيذ تهديدهم بالحصار، والآن يهددون بإطلاق ترسانتهم الصاروخية بعيدة المدى على ميناء حيفا الرئيسي في إسرائيل”.
وذكّر التقرير بأن “اليمنيين فرضوا العام الماضي حصاراً مماثلاً على ميناء إيلات، الواقع على الطرف الجنوبي لإسرائيل المطل على خليج العقبة، واضطر ميناء إيلات إلى إعلان إفلاسه العام الماضي بعد أشهر من التوقف بسبب تهديد اليمنيين الصاروخي، ويُعتبر ميناء إيلات أصغر بكثير من ميناء حيفا، حيث لا يمثل سوى حوالي 5% من إجمالي حجم التجارة في إسرائيل”.
ولكن ميناء حيفا، وفقاً للتقرير “أكثر أهمية للاقتصاد الإسرائيلي، ومن المرجح أن يواصل اليمنيون تكتيكاتهم الناجحة في إيلات ضد حيفا ومطار بن غوريون أيضاً”.
وأوضح التقرير أن “هذا الوضع سيفاقم الخطورة على إسرائيل، فميناء حيفا وحده يُعالج حوالي 36.4% من إجمالي حركة البضائع في إسرائيل، وعلاوةً على ذلك، يأتي 92 مليار دولار من الاقتصاد الإسرائيلي من قطاع التصدير القوي. لذا، فإن الحصار الذي يتحدث عنه اليمنيون سيُلحق ضرراً بالغاً بإسرائيل”.
وأضاف: “يُدرك أعداء إسرائيل أهمية إغلاق ميناء حيفا، وإذا ما أُضيف إلى ذلك مطار إسرائيل الرئيسي وميناء إيلات، فقد يُؤدي ذلك إلى انهيار الاقتصاد الإسرائيلي على يد اليمنيين، وستُضطر البلاد إلى الاعتماد على ميناء أشدود قرب تل أبيب، والذي من المُرجّح ألا يكفي لتلبية احتياجات إسرائيل التجارية. ومن المُرجّح أن يستهدف اليمن ذلك الميناء أيضاً”.
وتابع التقرير: “الاستراتيجية تتعلق بالتوقيت، فأن تكون استراتيجياً بارعاً يعني أن عليك التمييز بين الفرص الاستراتيجية الحقيقية التي يمكن استغلالها والفرص الزائفة- وهي المعادل الجيوسياسي للسراب- وفي هذه المرحلة، لا يبدو قرار نتنياهو بغزو غزة وإعادة احتلالها منطقياً، بل حتى لو اعتقد نتنياهو أن قواته قادرة في نهاية المطاف على هزيمة حماس في غزة، فإن التهديدات الصادرة عن اليمنيين كان ينبغي أن تجعل الحكومة الإسرائيلية تُعيد النظر في قرارها”.
واعتبر التقرير أن “الأمر لا يتعلق بمظهر الرضوخ لمنظمة إرهابية، وهو ما سيُروَّج في العالم الإسلامي، فما هو على المحك حقاً هو بقاء إسرائيل، إذ ليس على اليمنيين تفجير قنابل محرمة في قلب إسرائيل، فكل ما يحتاجون إليه هو خلق حالة من عدم اليقين في قطاعات الشحن والتجارة والسياحة بتهديداتهم الصاروخية ووابلهم الناري، مما يُعيق اقتصاد إسرائيل ويُشلّها.
ومن ثم، ومع مرور الوقت، ستنهار قدرة إسرائيل على شنّ عمليات عسكرية طويلة الأمد مع انهيار اقتصادها”.
وأضاف: “باختصار، ستجعل عملية غزة إسرائيل أقل أمناً، لا أكثر”.
وأشار التقرير إلى أن “الرئيس ترامب أثر ضمنياً بأنه بعد 30 يوماً، لن تتمكن البحرية الأمريكية الجبارة من هزيمة اليمنيين”، وأن “اليمنيين أوضحوا أنه ما دامت إسرائيل لم تتوغل في غزة، فلن يشكلوا تهديداً لها، لكن يبدو أن نتنياهو لا يستطيع ضبط نفسه”.
واعتبر التقرير أن “إسرائيل على حافة الهاوية، وأي زعيم إسرائيلي آخر سيدرك أن الوقت قد حان للتوقف وانتظار نتائج دبلوماسية ترامب الجريئة، لكن نتنياهو يواصل تعريض بلاده للخطر بأعمال عدوانية عبثية ضد غزة، التي تتجذر فيها شبكة حماس”