عدن كعاصمة غير مؤقتة.. سوء إدارة للشرعية أم مؤامرة نسجتها هواجس الانفصال
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
سلطت التصريحات اللافتة التي أدلى بها رئيس مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني اللواء سند جميل سعيد، الضوء على استمرار فشل الشرعية في جعل عدن عاصمة للدولة بديلاً عن صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.
وكان الرئيس السابق عبدربه منصور هادي قد أعلن في مارس من عام 2015م عدن كعاصمة "مؤقتة" عقب أيام من تمكنه من الفرار من الإقامة الجبرية التي فرضتها عليه جماعة الحوثي في صنعاء، إلا أن مرور ما يزيد عن 8 سنوات من هذا القرار يشير إلى حقيقة عدم تطبيقه بشكل كامل على أرض الواقع.
بل إن الواقع يشير إلى نتيجة أسوأ من ذلك، فالأمر لم يقتصر على فشل تحويل عدن إلى عاصمة "مؤقتة" لصنعاء، بل إن الواقع يقول إن هذه العاصمة "المؤقتة" لا تزال حتى اليوم تحت رحمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثي، كما تكشف تصريحات رئيس مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني.
حيث يؤكد اللواء سند جميل سعيد بأن عمل المصلحة بالمناطق المحررة وقاعدة بياناتها لا يزال خاضعاً ومرتبطاً بإدارة المصلحة الخاضعة لجماعة الحوثي في صنعاء، التي لا تزال حتى اليوم تتحكم بمنح الأرقام الوطنية والبطائق الشخصية وكافة الوثائق والمستندات للمواطنين بالمناطق المحررة، وكل ذلك بسبب عدم إنشاء منظومة أحوال مدنية جديدة خاصة بالمناطق المحررة.
>> مصلحة الأحوال المدنية.. نموذج لتخاذل الشرعية بمعركة استعادة مؤسسات الدولة
بقاء ارتباط عدن بصنعاء لا يقتصر على ملف الأحوال المدنية، بل يمتد إلى ملفات كثيرة على رأسها ملف الاقتصاد الذي تتحكم به جماعة الحوثي عليه من خلال استمرار بقاء مراكز أهم وأكبر البنوك التجارية وشبكات التحويلات المالية في صنعاء.
ونفس الأمر ينطبق على ملف الاتصالات، بسبب عجز الشرعية عن إنشاء منظومة اتصالات خارج سيطرة مليشيات الحوثي بصنعاء، حيث لا تزال الشركات الخاضعة لها هي من تقدم خدمات الاتصال والإنترنت بالمناطق المحررة.
هذه الحقيقة المؤلمة بعد 8 سنوات، يؤكد وزير الشؤون الاجتماعية محمد الزعوري وهو أحد وزراء المجلس الانتقالي الجنوبي بأنها ليست فشلاً في الإدارة، بل بسبب "السياسات الممنهجة التي يدار فيها الحكم في محافظات الجنوب".
الزعوري وفي حوار إذاعي أجراه الشهر الماضي، تطرق فيه إلى طريقة تعامل حكومات الشرعية المتعاقبة مع إعلان عدن عاصمة مؤقتة، وقال بأنها "اعتبرت وجودها في عدن وجودا مؤقتا، وبالتالي لا حاجة في نقل وبناء مؤسسات الدولة فيها.. وتحت هذه العبارة (مؤقت) تدار كل السياسات التي وضعت البلد في هذا الموقف الشائك وفي هذه المحنة التي يمر فيها"، حد قوله.
الوزير أشار في حديثه إلى وجود ما وصفه بـ"توجه سياسي للنخب اليمنية للأسف الشديد"، كما يقول، مضيفاً بأن هذا التوجه "جعل كل شيء في عدن، الوزارة مؤقت، والحكومة مؤقت، والبنك المركزي مؤقت، والمؤسسة مؤقت".
ما لم يقله الوزير صراحة عن أسباب هذا التوجه السياسي، يقوله سياسيو وإعلاميو ونشطاء الجنوب طيلة السنوات الماضية إن الأمر يتعدى كونه مجرد فساد وعبث، إلى مخطط واضح بمنع تحويل عدن إلى عاصمة حقيقة للدولة ونقل مؤسساتها من صنعاء أو إنشاء بديل عنها خوفاً من أن يسهل ذلك تحقيق مطالب الجنوبيين باستعادة دولتهم الجنوبية.
وما يعزز من هذه القناعة لدى قطاع عريض من الجنوبيين، هو حجم الإمكانيات والظروف المناسبة التي توفرت لحكومات الشرعية المتعاقبة طيلة السنوات الماضية لاستعادة مؤسسات الدولة في عدن وتطبيع الأوضاع بالمناطق المحررة، والتعثر المريب وغير المبرر في كل المشاريع بهذا الجانب، كما هو حاصل في ملف الاتصالات.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: بالمناطق المحررة الأحوال المدنیة
إقرأ أيضاً:
انفصال الشباب عن الواقع.. هروب نفسي أم صرخة لإنقاذ الذات؟
شمسان بوست / متابعات:
في عالم يضج بالأزمات الاقتصادية، والصراعات السياسية، والضغوط الاجتماعية المتزايدة، بات انفصال الشباب عن الواقع ظاهرة متنامية تثير تساؤلات جادة: هل هو وسيلة لحماية الذات؟ أم هروب يُضعف القدرة على التكيّف والتغيير؟
المعالجة النفسية أورانيا ضاهر توضح في حديثها أن الانفصال عن الواقع يمكن أن يكون رد فعل نفسي طبيعي في مواجهة التوتر والضغط الشديد، لكنه يحمل في طياته مخاطر إذا استمر خارج السيطرة.
أسباب الانفصال عن الواقع:
الضغط النفسي المفرط: حين تصبح التوقعات المجتمعية خانقة، يبحث الفرد عن متنفس بعيد عن الواقع.
البيئة الاجتماعية: غياب الأمل في التغيير يدفع البعض لفقدان الإيمان بجدوى المحاولة.
الثورة الرقمية: المنصات الافتراضية تتيح واقعًا بديلاً يُرضي الحاجات النفسية بدون التعرض للرفض أو الفشل.
الانفصال: بين الدفاع والهروب
ترى ضاهر أن الانفصال المؤقت عن الواقع قد يكون بمثابة “استراحة محارب” تسمح بإعادة شحن الذات، لكن المشكلة تبدأ حين يتحول إلى سلوك دائم يقطع التواصل مع المحيط.
وتضيف: “الفرق بين الهروب من الواقع والتكيّف معه يكمن في الوعي. الانفصال الواعي والمؤقت قد يكون ضروريًا، أما المستمر وغير الواعي فقد يتحول إلى فخ نفسي”.
متى يصبح الانفصال مشكلة؟
يبدأ القلق حين يتكرر الانفصال النفسي في المواقف اليومية، ويؤثر على جودة الحياة والعلاقات المهنية والاجتماعية، وقد يتجلى على شكل شعور بأن الشخص يراقب نفسه من الخارج، أو أن العالم حوله غير واقعي.
كيف نواجه الظاهرة؟
تعزيز الوعي الذاتي: عبر مراقبة المشاعر وتحديد محفزات الانفصال.
تقنيات الربط بالواقع: كالتأمل، الكتابة، وتمارين التنفس الواعي.
طلب الدعم النفسي: في حال استمرار الأعراض وتأثيرها السلبي.
وتختتم ضاهر بالقول: “الانفصال قد يخفف الألم مؤقتًا، لكنه لا يعالج جوهر المشكلة. المواجهة الواعية وبناء أدوات التكيف الصحي هي السبيل الحقيقي للحفاظ على التوازن النفسي”.