القدس المحتلة- يرى محللون عسكريون إسرائيليون أن سيناريو حرب شاملة مع حزب الله ما زال قائما، لكنهم قدروا أن إسرائيل تتجنب المواجهة على الجبهة الشمالية مع لبنان، خشية اندلاع حرب إقليمية قد تكبد الجبهة الداخلية الإسرائيلية خسائر فادحة.

وتوافقت القراءات الإسرائيلية على أن "الضربة الاستباقية" التي شنها الجيش الإسرائيلي في الأسبوع الماضي على جنوب لبنان، لربما رحلت الهجوم الواسع الذي خطط له حزب الله ردا على اغتيال القائد العسكري للحزب فؤاد شكر، لكنها لم تردع الحزب المدعوم من إيران والذي يواصل التأهب لإمكانية اندلاع حرب شاملة على الجبهة الشمالية.

وقدرت التحليلات العسكرية للإسرائيليين أن خطر حرب شاملة على جبهات متعددة ما زال قائما، وذلك في حال لم يتم التوصل إلى صفقة تبادل ووقف إطلاق النار ولو كان مؤقتا على جبهة غزة، وعزوا ذلك إلى مواصلة حزب الله في خطته العسكرية العملياتية بتوسيع الهجمات الصاروخية والمسيّرات المتفجرة بالعمق الإسرائيلي بشكل متدرج.

ورجحت القراءات أن حزب الله يستنزف القدرات الجوية الإسرائيلية تمهيدا لرد إيراني ينتقم لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وأجمعت على أنه في أي حرب شاملة فإن الحزب سيهاجم أولا الدفاعات الجوية، ويسعى لتدميرها لتمكين نجاعة أي هجمات على العمق الإسرائيلي، سواء من إيران أو حلفائها.

مخاطر وجودية

يعتقد محلل الشؤون العسكرية في القناة الـ13 الإسرائيلية ألون بن دافيد، أن إسرائيل وفي ظل استمرار التصعيد الأمني على عدة جبهات تتجه نحو الهاوية، قائلا إن "المجتمع الإسرائيلي ينظر من الجانب، ويتصرف وكأن شيئا لم يحدث، ولا يدرك حجم المخاطر الوجودية".

وأوضح المحلل العسكري أنه منذ شهرين وإسرائيل متوقفة عند تقاطع طرق إستراتيجي، مضيفا أن "الانعطاف يمينا سيقودنا إلى صفقة رهائن ولو جزئية، وإلى وقف القتال العنيف في غزة، وإمكانية التوصل إلى تسوية في الشمال والضفة والمنطقة بأكملها".

بينما الانعطاف إلى اليسار بحسب بن دافيد فإنه يقود إسرائيل للتخلي نهائيا عن المحتجزين والتضحية بهم، والمغامرة نحو حرب إقليمية واسعة لا يمكن توقع تداعياتها ونتائجها، خاصة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، حيث تشتعل الضفة، بينما الجبهة مع لبنان وحزب الله تتوسع تدريجيا.

وأشار إلى أن تصدي الجيش الإسرائيلي للرد الأولي لحزب الله على اغتيال شكر، لا يعني بالضرورة نجاعة الضربة الاستباقية، بل كانت فرصة للمستوى السياسي الإسرائيلي للتحرك نحو تسوية مع حماس وحزب الله والمنطقة، "لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اختار مواصلة الحرب على جميع الجبهات، وإسرائيل ستدفع الثمن".

سلاح الجو الإسرائيلي ما يزال في حالة تأهب قصوى تحسبا لهجوم من إيران أو حزب الله (الجيش الإسرائيلي) هجوم واسع

الطرح ذاته تبناه المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يوآف زيتون، الذي يعتقد أن "الضربة الاستباقية" لم تردع حزب الله، حيث يواصل التأهب لمواجهة شاملة على الجبهة الشمالية، وينسق الخطوات المستقبلية مع إيران والفصائل المسلحة في سوريا والعراق واليمن.

وأشار المراسل العسكري إلى أن الرد الأولي لحزب الله كان يهدف بالأساس إلى تعطيل منظومة القبة الحديدة في البلاد، وذلك من أجل تهيئة الظروف لهجوم واسع على العمق الإسرائيلي قد تشارك به إيران.

وأوضح زيتون أن "الضربة الاستباقية" لربما أجلت ورحّلت رد حزب الله الواسع، الذي ما زال يعتمد ذات الخطة العسكرية من خلال هجماته المكثفة بالرشقات الصاروخية والمسيّرات المتفجرة على معسكرات الجيش والمنظومات الدفاعية في الشمال.

وحيال ذلك، يقول المراسل العسكري إن "القوات الجوية الإسرائيلية في حالة تأهب قصوى تحسبا لهجوم محتمل من إيران، أو تكرار سلسلة الهجمات المكثفة التي شنها حزب الله، والتي تعتبر الأكبر منذ حرب لبنان الثانية، وتهدف إلى تفريغ الصواريخ الاعتراضية لنظام الدفاع الجوي".

ويضيف زيتون "ستضطر القوات الجوية في أيام القتال الكبرى إلى اختيار مناطق دفاع حيوية ومواقع إستراتيجية، حتى وإن كان ذلك على حساب حماية التجمعات السكنية، فلدى حزب الله قدرات أخرى طوّرها منذ عام 2006 ولم يستخدمها".

إنجازات تكتيكية

وأمام هذه المستجدات وتطور القدرات والتصعيد الأمني على جبهات متعددة، قدر المحلل العسكري في الموقع الإلكتروني "واينت" رون بن يشاي، أن إسرائيل تتجنب حربا شاملة على عدة جبهات، وخاصة على الجبهة الشمالية مع لبنان، خشية من الأضرار الكارثية التي قد تسببها بالعمق الإسرائيلي.

وأشار المحلل العسكري إلى أن المستوى السياسي الإسرائيلي ومنذ مايو/أيار الماضي، يتجنب الصدام مع الإدارة الأميركية، بل ويتناغم مع واشنطن من أجل الامتناع عن أي إجراءات قد تتسبب بمواجهة شاملة مع حزب الله، والاكتفاء بالإنجازات التكتيكية التراكمية.

ولفت بن يشاي إلى أن الضربة الاستباقية لربما منعت ردا أوليا واسعا وشاملا لحزب الله داخل الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بيد أنها لم تؤدِّ إلى إحداث تغيير إستراتيجي على الجبهة الشمالية، وهو التغيير الذي لن يتحقق دون حرب شاملة مع حزب الله وتوغل بري في جنوب لبنان.

ورجح المحلل العسكري أنه في حال لم يتمكن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين من التوصل إلى تسوية دبلوماسية مع لبنان، من شأنها أن تبقي حزب الله وأسلحته الثقيلة بعيدا عن الحدود، فإن إسرائيل ستضطر إلى خوض الحرب لإزالة تهديد صواريخ الحزب وطائراته المتفجرة عن الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

ويقول بن يشاي إن أي حرب شاملة مع حزب الله ستكون ثقيلة من حيث الخسائر البشرية والدمار على الجبهة الداخلية الإسرائيلية واللبنانية، حيث سيحتاج الجيش الإسرائيلي إلى كمية كبيرة من الأسلحة الثقيلة وقطع الغيار التي لا تستطيع سوى الولايات المتحدة توفيرها.

كما ستحتاج إسرائيل أيضا إلى التعاون مع قوات القيادة المركزية الأميركية وحلفاء الولايات المتحدة الإقليميين، "لصد الهجمات الصاروخية والمسيّرات المتفجرة التي قد تشنها إيران ووكلاؤها"، حسب ما يقول المحلل العسكري.

وخلص إلى أنه "في العصر الحالي من الحرب المتعددة الساحات، لم تعد إسرائيل قادرة أن تقول إن لديها القدرة على الدفاع عن نفسها ضد كل التهديدات القادمة من كافة الاتجاهات، وهذا قد يكون ممكنا من الناحية الفنية، ولكن الثمن الذي ستدفعه الجبهة الداخلية الإسرائيلية سيكون باهظا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجبهة الداخلیة الإسرائیلیة على الجبهة الشمالیة الضربة الاستباقیة شاملة مع حزب الله الجیش الإسرائیلی المحلل العسکری شاملة على حرب شاملة من إیران مع لبنان إلى أن

إقرأ أيضاً:

محللون: على العرب تلقف الموقف الأوروبي وتحويله إلى رؤية سياسية

دعا محللون تحدثوا لبرنامج "مسار الأحداث" إلى ضرورة أن تستثمر الدول العربية في الموقف الأوروبي الحالي المساند لحقوق الشعب الفلسطيني، وأن تتواصل مع الأوروبيين لتحويل موقفهم إلى رؤية سياسية وليس إنسانية فقط، لخدمة القضية الفلسطينية.

وفي خطوة متقدمة وغير مسبوقة، أقدمت الحكومة البريطانية على اتخاذ سلسلة من الإجراءات العقابية بحق الحكومة الإسرائيلية للضغط عليها لوقف الحرب على قطاع غزة ووقف المجاعة التي تفرضها على السكان.

كما صدّق البرلمان الإسباني على النظر في مقترح حظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل. وقبل هذا القرار، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى استبعاد إسرائيل من الفعاليات الثقافية الدولية بسبب عدوانها المستمر على قطاع غزة، مثلما جرى استبعاد روسيا بعد حربها على أوكرانيا.

ودعت هولندا، إلى جانب فرنسا ودول أخرى، إلى فرض عقوبات جديدة من جانب الاتحاد الأوروبي على المستوطنين الإسرائيليين العنيفين ومنظماتهم في الضفة الغربية. بينما دعت باريس المفوضية الأوروبية إلى النظر فيما إذا كانت إسرائيل تفي بالتزاماتها بموجب اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إن بلاده تدعم مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.

إعلان

ووصف أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف الدكتور حسني عبيدي التغير في الموقف الأوروبي بأنه بداية تحول وقطيعة مع إسرائيل، بعد مساندتها سابقا من دون شروط، لافتا إلى أن محاولة الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على قطاع غزة وتفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع شكلت نقطة التحول الأساسية في الموقف الأوروبي.

وأشار عبيدي إلى أن الدول الأوروبية تعوّل على موقف أميركي علني من أجل الضغط على إسرائيل، مشيرا إلى أن أوروبا كانت السباقة إلى إعلان رفضها للممارسات الإسرائيلية، وعارضت أيضا تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".

وعلى صعيد الموقف الأميركي، نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين بالبيت الأبيض أنّ "الرئيس ترامب يشعر بالإحباط بسبب الحرب المستمرة في غزة، وأنه عبر عن انزعاجه من صور معاناة الأطفال الفلسطينيين"، وأفاد مسؤولون بالبيت الأبيض بأن الرئيس ترامب طلب من مساعديه أن يخبروا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه يريد منه إنهاء الأمر.

الاعتراف بالدولة الفلسطينية

ومن جهته، يؤكد الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي أن التحول في الموقف الأوروبي سببه إمعان إسرائيل في القسوة والتدمير، وفي استخدام سلاح التجويع ضد الغزيين، وهي وسائل تنتهك القانون الدولي، حيث رأى الأوروبيون أن موت الأطفال جوعا لا يمكن السكوت عنه.

وبرأي مكي، فإن هذه المواقف الأوروبية يجب تلقفها واستثمارها، وتحويل الغضب الأوروبي والغربي إلى مواقف سياسية تخدم القضية الفلسطينية، من خلال العمل على دفع الاتحاد الأوروبي كله للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

ومن جهته، شدد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف على أهمية أن تستثمر الدول العربية في الموقف الإيجابي الأوروبي إزاء ما يحدث في غزة من أجل أن تعترف دول الاتحاد بالدولة الفلسطينية.

إعلان

وعن الموقف الإسرائيلي من التحول الجاري في الموقف الأوروبي، أشار الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى إلى قلق الإسرائيليين من الضغوط المتزايدة عليهم، ويرى أنهم يعتقدون أن "الجرأة" الأوروبية على مستوى اللهجة وعلى مستوى التلويح بالعقوبات نابع من صمت أميركي.

وقال إن جميع الشراكات الإسرائيلية في مختلف المجالات هي مع الاتحاد الأوروبي وليس مع الولايات المتحدة الأميركية، ورغم تعويل إسرائيل على مسألة أن إلغاء الشراكة يحتاج إلى إجماع داخل الاتحاد الأوروبي، فهي تخشى عقوبات على مستوى الدول الأوروبية، كما أوضح مصطفى.

مقالات مشابهة

  • في 65 ساحة.. أبناء ريمة يؤكدون استمرار الموقف المساند لغزة والجهوزية لمواجهة العدو الصهيوني
  • فيديو.. الجيش الإسرائيلي يقصف مبنى جنوبي لبنان
  • بعد الغارات... ماذا أعلن الجيش الإسرائيلي؟
  • محللون: ترامب ممثل ويضع مصالحه قبل مصالح أميركا
  • استهداف مطار بن غوريون وهدفين حيويين للعدو الإسرائيلي
  • عاجل | القناة 14 الإسرائيلية: إلقاء 3 عبوات ناسفة باتجاه الجيش الإسرائيلي في نابلس
  • وزيرة: 4 كنديين كانوا ضمن وفد بالضفة أطلق جنود إسرائيليون نارا بالقرب منه
  • الورداني: الالتجاء إلى الله سنة لمواجهة الكوارث وتحقيق التوازن النفسي
  • رغم الأزمة الإنسانية الخانقة في غزة.. إسرائيليون يحاولون منع دخول المساعدات إلى القطاع
  • محللون: على العرب تلقف الموقف الأوروبي وتحويله إلى رؤية سياسية