الشارقة في 10 أغسطس/ وا م/ اختتمت أرادَ والجامعة الأمريكية في الشارقة أحدث تعاونٍ بينهما لتمكين طلاب هندسة العمارة بالجامعة بتصميم سلسلة من النماذج لأغلفة الأبنية في مشروع الجادة العملاق في ضاحية مويلح بقلب الشارقة.

وجاء المشروع الجديد تحت مسمى "Thick Skins" برعاية المطوّر الرئيسي، أرادَ، ومثّل شراكة مثمرة بين القطاع الأكاديمي وقطاع التطوير العقاري، حيث أتاح المجال أمام الطلاب لاكتساب خبرة عملية شملت مرحلة التصميم التصوّري، وتحليل الموقع، وتطوير التصاميم، والتعاون مع الاستشاريين.

وخلال برنامج جامعي بإشراف أستاذ العمارة المشارك جايسون كارلو تضمن 18 طالباً في سنة التخرّج من كلية العمارة والفنون والتصميم بالجامعة الأمريكية في الشارقة، قام الطلاب بالأبحاث وإعداد التصاميم لابتكار أغلفة أبنية للمحطة الفرعية القائمة، والتي تقوم بتشغيلها هيئة كهرباء ومياه وغاز الشارقة.

واستعرض الطلاب الجوانب الواقعية في سلسلة من الفصول الدراسية تحت إشراف أعضاء هيئة التدريس في أمريكية الشارقة وفرق التصميم المتخصصة في شركة أرادَ.

وقال أحمد الخشيبي، الرئيس التنفيذي للمجموعة في أرادَ: "يأتي هذا التعاون مع أمريكية الشارقة ضمن رؤية أرادَ لإيجاد مساحات مفتوحة ومرحّبة يتم تصميمها لتعزيز تجربة الناس وخدمة المدن العصرية. ويلعب تصميم واجهات المباني للمرافق العامة دوراً مهماً في الارتقاء بجمالية المدن، كما يجسّد هذا المشروع التزام أرادَ برعاية الشراكات المبتكرة مع مختلف شرائح المجتمع المحلي".

ومن جانبه، قال الدكتور فاركي بالاثوتشيريل، عميد كلية العمارة والفنون والتصميم بالجامعة الأمريكية في الشارقة: "يسرنا العمل مع شركات القطاع الخاص القادرة على رفد طلابنا بالخبرات العملية والمهارات اللازمة والمهمة لهم خلال مستقبلهم المهني. ونحن ممتنون لشركة أرادَ على الدعم والتوجيه المتواصل عبر توفير هذه المنصة الفريدة التي تشجع طلابنا على مواجهة التحديات المرتبطة بمشاريع حقيقية على أرض الواقع".

وقد تبنّت التصاميم التي قدّمها الطلاب للواجهات، والتي بلغ محيطها 369 متراً وبارتفاع 12 متراً، أفضل الممارسات المعمارية العالمية الملائمة للظروف المحلية، حيث طرحت باقة متنوّعة من المنهجيات المتبعة في التصميم.

وتضمنت المجموعة تصاميم مرنة أخذت بعين الاعتبار الظروف الجوية المختلفة وعامل التعرض لأشعة الشمس، إضافة إلى تصميم واجهات أكثر عمقاً لدمج الهياكل المعمارية وتقديم مساحات أكثر جاذبية ورحابة.

وفي إطار المشروع، قام الطلاب المشاركون برحلات ميدانية لمجموعة من المصانع والأبنية في كلّ من دبي وأبوظبي، كما تم الترحيب بإيفان ليفل، مدير شركة فرونت الاستشارية لواجهات الأبنية، والذي استعرض أمام الطلاب باقة من تصاميمه الخاص وقدّم لهم المشورة الفنية اللازمة فيما تضمنت المراجعة الأولية أغلفة أبنية الأبراج النموذجية.

وأقيم العرض الختامي لتصاميم واجهة المحطة الفرعية أمام الرئيس التنفيذي للمجموعة في أرادَ، أحمد الخشيبي، وبحضور كبار أعضاء هيئة التدريس في كلية العمارة والفنون والتصميم بالجامعة الأمريكية في الشارقة، بما في ذلك الدكتور فاركي بالاثوتشيريل، عميد كلية العمارة والفنون والتصميم بالجامعة؛ وجورج كاتودريتيس، أستاذ الهندسة المعمارية؛ وجايسون كارلو، الأستاذ المشارك في الكلية.

جديرٌ بالذكر أن هذا التعاون بين أرادَ والجامعة الأمريكية في الشارقة جاء بعد الانتهاء من مشروع جناح الجادة في عام 2021، والذي قام بتصميمه مجموعة من طلاب كلية العمارة والفنون والتصميم بالجامعة تخليداً لذكرى الراحل الشيخ خالد بن سلطان القاسمي. وقد حصل جناح الجادة على تقدير عالمي خلال نسخة عام 2021 من حفل جوائز المعهد الأمريكي للمهندسين المعماريين (AIA) ضمن الفئة الدولية المفتوحة، والتي شهدت تنافساً كبيراً بين العديد من المشاريع المشاركة من مختلف أنحاء العالم.

اسلامه الحسين

المصدر: وكالة أنباء الإمارات

إقرأ أيضاً:

هندسة اقتصاديات الإعلام: المشروع السعودي

في عالم تتسابق فيه الدول على تطوير اقتصاديات الإعلام، لم يعد إرسال بريد إلكتروني بلغة إنجليزية موحدة إلى شركة عالمية كافيًا لإقناعها بالاستثمار أو الشراكة. فالمسألة لا تتعلق بالرسالة، بل بفهم لغة السوق والسياق والثقافة. وعندما نتحدث عن دول ناطقة بالفرنسية، أو الإسبانية، أو اليابانية، فإننا لا نخاطبها بكلمات، بل بمنظومات من القيم والسلوكيات والتوقعات وتطوير محتوى محلي يجذب تلك الاقتصادات.

من هنا تنبع الرؤى الاستراتيجية التي ترى أن جذب اقتصاديات الإعلام إلى المملكة العربية السعودية لا يكون فقط عبر العروض النظرية أو الملتقيات والمعارض الدولية، بل من خلال بناء جسور فاعلة من خلال التواصل متعدد اللغات، تقودها كفاءات سعودية تفهم الواقع العالمي ميدانيًا، وتتمكن من التنقل بين العواصم لا كزائرين، بل كمبادرين يعرضون نماذج ومشاريع قابلة للتنفيذ، حاملين معهم منظومة متكاملة من التشريعات الذكية، والبنية التحتية المرنة، والدعم اللوجستي المستدام، والنجاحات المحلية، والرؤى الحكومية الواضحة التي توائم بين الهوية والربحية، وبين التمكين الثقافي والاستثمار العالمي.

إن الإعلام اليوم بوصفه قوة ناعمة تُشكّل الوعي الجمعي وتعيد إنتاج صورة الوطن في ذهن المواطن وفي أعين العالم الخارجي، يتطلب عدم اختزاله في أبعاد مالية فقط، أو اعتباره مجرد وسيلة لزيادة الوظائف أو الترفيه، فهذا يجعل المشروع الإعلامي هشًا على المدى المتوسط والبعيد، معرضًا للتآكل أو الابتلاع من قبل موجات العولمة الثقافية. لهذا، أؤمن أن الربحية الحقيقية لا تُبنى على تطوير المحتوى المحلي الإعلامي الحالي، بل إعادة تقديمه بلغة العصر وفهم السياق. وهذا ما يجعل المملكة العربية السعودية حالة فريدة: فهي تمتلك رصيدًا ثقافيًا وروحيًا وتاريخيًا عميقًا، وجذورًا حضارية ضاربة في التاريخ تجعل من الاستثمار في اقتصاديات الإعلام فرصة لزيادة الناتج المحلي.

ومع نضج الرؤية السعودية وثمارها المتحققة في مختلف القطاعات، يبرز الإعلام اليوم كركيزة مؤهلة لبناء اقتصاد وطني واعد، الذي يتطلب عملاً تكامليًا تشترك فيه التشريعات، والبنية التحتية، والنماذج التجارية، وتمكين الكفاءات لصناعة هذا الاقتصاد. ولقد قطعنا شوطًا معتبرًا، إلا أن الوقت قد حان لهندسة المشروع الإعلامي السعودي بجرأة تتجاوز التردد، مستندين إلى قيادة داعمة وكفاءات قادرة. خصوصا وإن التحولات الرقمية عالميا فتحت المجال لاعتماد نماذج هجينة: مثل الاشتراكات المدفوعة، والرعاية المؤسسية، وإنتاج المحتوى القابل للتصدير عبر منصات السينما ومن خلال صناعة الوثائقيات والبرامج. كما نحتاج إلى تطوير صناديق استثمار إعلامية تدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة تحديدا، وتُحفّز ريادة الأعمال الإعلامية. كما أن المناطق الإعلامية بدورها يجب أن تتجاوز دور الحاضنة إلى كونها منظومة إنتاج متكاملة، تقدم المعدات، وتستقطب المواهب، وتدعم خدمات ما بعد الإنتاج، بما يفتح الباب أمام تصدير المحتوى إلى الأسواق العالمية، ويمنح السعودية موقعًا تنافسيًا في خارطة الإعلام الدولي.

ومن خلال تجربتي المهنية والعلمية الممتدة لأكثر من ٢٠ عاما محليا وعالميا لا سيما أثناء دراساتي في إسبانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وسويسرا والبرتغال، ورصدي المتعمق لنماذج مثل كندا وكوريا الجنوبية، تيقنت بأن تحقيق التوازن في بناء اقتصاد إعلامي ممكن وواقعي. فالنموذج الكندي يوفّق بين الاستقلال المالي وحماية الهوية المحلية بذكاء مؤسسي، بينما نجح النموذج الكوري في تصدير الثقافة الشعبية عالميًا دون المساس بلغتها أو روحها الاجتماعية. وهنا تكمن فرصتنا في السعودية: أن نبني اقتصادًا إعلاميًا متينا يلهم العالم لقصتنا الناجحة، ويحوّل الثقافة إلى منتج تنافسي، مع المحافظة على أصالة القيم والبعد التاريخي والحضاري والديني للمملكة.

ما طُرح سابقًا لا يكفي لتطوير اقتصاديات الإعلام؛ فلا بد من تمكين الكفاءات المحلية والحوكمة، فالكوادر السعودية تمتلك الموهبة والذكاء، لكنها بحاجة إلى بيئات تعليم إنتاجي، لا إلى تدريب تقليدي. ومن خلال إشرافي ومشاركتي في مشاريع إعلامية داخل المملكة وخارجها، لمست كيف يتحول الشاب من هاوٍ إلى محترف عندما يدعم مشروعه، ويتم تمكينه من التعامل مع الأدوات الرقمية، ودعمه لتوزيع أعماله. ولذا فالتمكين لا يعني التدريب فقط، بل توفير منصات واقعية لاختبار القدرات، ومشاريع تُظهر الطاقات وتُراكم الخبرات. أما الحوكمة، فهي ليست رقابة فحسب، بل يجب أن تكون أداة استراتيجية تُحفّز الاستثمار والابتكار من خلال ترخيص سريع لا يفرّط في الجودة، وحماية ذكية للمحتوى المحلي دون إعاقة المنافسة، وتقديم حوافز جذابة للمنصات العالمية لإنتاج محتوى سواء بلغة المستثمر أو بلغة سعودية. وفي الحقيقة فإن بعض هذه السياسات تم تطبيقها وبدأت تظهر نتائجها، لكنها تحتاج تسريعًا لتواكب إيقاع رؤية 2030.

بقي القول، إنه في هذا السياق المتغير، أؤمن أن بناء اقتصاد إعلامي سعودي فاعل لن ينجح بحلول آنية وقتية، أو جزئية، أو بأفكار متناثرة بين القطاعات الإعلامية، أو تجارب محكومة عليها بعدم النجاح، بل بقيادة متوثبة تعي أن الإعلام هو رافعة اقتصادية وهوية وطنية في آنٍ واحد. ومن خلال مسيرتي الممتدة في بيئات دولية متعددة، أدركت أن توطين الإعلام لا يعني التضييق أو الاعتماد على أفكار حالمة وتنظير وبالعقلية الواحدة، بل بتوسيع الأفق ورؤية تستثمر في الإنسان والمحتوى والتقنية. إن الإعلام السعودي اليوم أمام فرصة تاريخية لتشكيل نموذج إعلامي يصدر القيم، ويستثمر في المحتوى، ويُنتج اقتصادًا ثقافيًا مستدامًا. ومع قيادة داعمة، وكوادر قادرة، وسياسات مرنة، يمكننا هندسة مستقبل إعلامي ينتج للعالم بلغة سعودية، ويُنافس بثقة، ويقود بإبداع.

ــ

صحفي وأكاديمي.

الإعلاماقتصاديات الإعلامقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • «أمريكية الشارقة» تحتل المرتبة 272 عالمياً وتسجل أعلى تصنيف لها في «كيو إس»
  • «تصميم باب الوهم».. متحف شرم الشيخ يطلق ورشة للأطفال حول العمارة المصرية القديمة|صور
  • جامعة أسيوط تنظم رحلة نيلية ترفيهية للطالبات الهنديات بالجامعة
  • التعليم العالي تحدد مواعيد امتحانات الفصل الثاني لطلاب السنة التحضيرية للكليات الطبية
  • برنامج علاجي لطلاب مدرسة الرسوب الجماعي في الشهادة الإعدادية ببني سويف
  • تنسيق الجامعات.. كلية هندسة حلوان منارة علمية تقدم برامج دولية تنافسية
  • شاومينج لطلاب الثانوية العامة : صور الامتحان وهبعت لك الإجابة .. والتعليم تحذر
  • هندسة اقتصاديات الإعلام: المشروع السعودي
  • محافظ أسيوط ونائب رئيس الجامعة يفتتحان معرض فنى "قضايا لطلاب كلية التربية النوعية" بقصر الثقافة
  • أحمد جمال يكتب: الأهلي كان نايم في ميامي.. وصحِي على كابوس اسمه بالميراس!