لجريدة عمان:
2025-05-22@22:18:29 GMT

نساء غزة.. صمود نادر في مواجهة قسوة الحياة

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

ليس مع الاضطرار اختيار، المرأة في غزة لم تمنحها الحرب أي خيارات، بما تتركه من تداعيات وما تخلفه من معاناة.

حالة النزوح المتواصل على مدار 11 شهرا من الحرب على غزة تركت الناجين من القصف في حالة من الإرهاق النفسي والبدني والمادي.

الظروف القاهرة التي أفرزتها الحرب دفعت النساء الفلسطينيات في غزة إلى العمل في مهن شاقة لإعالة أسرهن والتغلب على حالة الفقر المدقع التي طالت الجميع في القطاع البائس.

آلاف النساء في القطاع الحزين وجدن أنفسهن بلا عائل، بل على العكس من ذلك تحولن إلى عوائل لأسر كبيرة وهو ما فرض عليهن أدوارا اجتماعية جديدة في إعالة الأسرة والأبناء، وحمايتهم وتوفير الطعام والغذاء لهم الأمر الذي جعلهن يقمن بأعمال شاقة لا تناسب طبيعة المرأة.

أمام فرن مصنوع من الطين تجلس حسنية خالد من بيت حانون شمالي القطاع لتصنع الخبز لتوفير المال اللازم لشراء حاجيات أسرتها الكبيرة بعد أن أنهكها النزوح واستقر بها المقام في خان يونس جنوبي قطاع غزة.

تقول لـ«عُمان» خلال حديثها: «من أول نزوح وثاني نزوح عملت في هذا العمل الشاق، مع أولادي، لكسب الرزق الحلال، اشتغلت بهذا العمل لأنه عمل شريف، وزوجي بقي في منزلنا في الشمال، فإذا لم أعمل فمن من يصرف علينا؟ تعبنا».

وتضيف: «واحدة من بناتي استشهد زوجها، والآن أنا أعيلها، وعائلتي كبيرة تتكون من ٢١ شخصا، وتحتاج إلى مصاريف كثيرة».

كلمات حسنية ذات السبعة وأربعين عاما تكشف حجم المأساة التى سببتها الحرب من تمزيق للأسر واستشهاد آلاف الرجال والنساء والأطفال وعمليات تهجير قسري ومجازر جماعية وممارسات تستهدف كل مقومات الحياة.

النزوح المتكرر جعل الأسر لا تقوى إلا على حمل القليل من أمتعتها. كما أن العدوان الذي دمر أكثر من 75% من منازل غزة وأفقد السكان ممتلكاتهم وقبلها أحبتهم -هذا العدوان- غير من موقع المرأة في غزة، وفرض عليها أدوارا جديدة باتت مجبرة على التأقلم معها وهو ما غيّر الصورة النمطية عن عمل المرأة الفلسطينية.

كفاح من أجل البقاء ترويه حسنية يبدأ مع الصباح الباكر بتجهيز العجين وتقطيعه وخبزه تحت شمس حارقة ونيران احتلال لا يرحم فضلا عن نيران الفرن المستعرة.

طموحها في الحياة بات محدودا حيث لا ترغب سوى في خيمة تسترها وأفراد أسرتها بعد أن أتى النزوح على ما كانوا يملكون، وفروا من شمال القطاع إلى جنوبه لا يلوون على شيء؛ لتصنع الخبز ليأخذه أبناؤها ليبيعوه بما تحمله عملية تسويقه من مخاطرة كبيرة.

تقول حسينة: «أريد مالا لأشتري خيمة؛ لنستر حالنا، هذا حرام نحن جالسون في العراء، تخيلوا أرسلت ابني في الخطر يبيع الخبز، لكي نشتري قطعة نايلون وخشبتين لننصب خيمة».

شظف العيش وصعوبة الحصول على الحد الأدنى من الطعام دفع فاطمة عبدالرحمن التي نزحت من غزة إلى خان يونس إلى تحويل صناعة الخبز في فرنها الطيني إلى مهنة تتكسب منها لافتة إلى ما تتكبده من مشقة بدءا من الحصول على الحطب والخشب اللازم لإحماء الفرن.

وتضيف: «نشتري كيلو الحطب بـ 5 دولارات، لا يوجد بديل، الحياة غالية، كيلو البندورة بـ ٣ شيكل».

اضطرت كثير من نساء غزة إلى فراق عوائلهن أو عن بعض من أبنائهن الذين ظلوا في المناطق المحاصرة أو في مناطق الشمال، مع انقطاع سبل التواصل معهم، وإمعانا في حجم المعاناة النفسية التي تتكبدها النساء في غزة تتذكر فاطمة التي تبلغ من العمر 60 عاما كيف كانت نساء وفتيات غزة عزيزات مكرمات في بيوتهن قبل الحرب التي جاءت لتشتت الأسر وجعلها تعاني آلام الفقد والنزوح والجوع والعمل الشاق.

توضح المرأة الفلسطينية: «نحن كنا كالملوك في بيوتنا، في راحة وأمان، الآن نحن في تعب، والله تعب كثير، لا أجد لأولادي أي خضراوات لطهيها لهم».

وتوثيقا لمعاناة نساء القطاع تروي زينب الغريب معاناة النزوح من شمال القطاع إلى وسطه ثم إلى جنوبه في رفح وأخيرا إلى مدينة خان يونس في قطاع غزة.

تروي لـ«عُمان» كيف أن أخاها كان شهيدًا للقمة العيش وكيف فقدت أباها لتجد نفسها مسؤولة عن أفراد أسرتها فلجأت لصناعة الخبز في الفرن الطيني وبيعه من أجل أولادها.

ولفتت المرأة إلى أنها مجبرة على ذلك بعد أن فقدت الأسرة كل مدخراتها خلال مرات النزوح المتكررة.

تشير بقولها: «النقود نفدت نتيجة النزوح المتكرر، النقل والمواصلات غالية الثمن ومكلفة، هذه الظروف أجبرتنا نعمل أمام أفران الطين لكي أصرف على أولادي. أسرتي تتكون من ١٨ شخصًا».

أقسى ما في الحرب أن تنسى المرأة أنها امرأة، وأن تتعذب الأم بأمومتها حين لا تقوى على إطعام طفلها أو حمايته، ولكن المعاناة في غزة أكبر، فالمرأة تموت في كل لحظة حين تفقد ابنها أو أباها أو أخاها أو جيرانها، وهو وضع مأساوي طال أمده ويزداد تفاقمًا كما تشير زينب الغريب: «الوضع في غزة للاسوأ، لا يوجد مكان آمن، نعاني كثيرا، الأمل في وجه الله أن تنتهي الحرب، أملنا في الله كبير».

في كل لحظة تمر في غزة مخاطرة ومع كل ثانية معاناة، ولا أفق لنهاية الحرب، رغم الحديث الكثير عن وقف إطلاق النار فليس لها من دون الله كاشفة.

الموت بات هو القاعدة في غزة الأبية استشهادا أو جوعا أو مرضا، وأمام الموت يتضاءل كل شيء، بعد أن أدرك أهل غزة عجز العالم عن وقف آلة العدوان وكبح زبانية الدماء في تل أبيب.

معاناة مضاعفة لنساء غزة، إرهاق نفسي وبدني، وحزن دفين على من رحل، وأسى على من أصيب وصبر على أعمال شاقة لإعالة من كتبت له الحياة.

وأمام كل ذلك أثبتت نساء غزة قدرتهن على التكيف مع ظروف الحرب، واكتساب خبرة النزوح، ولسان حالهن: «يردد حسبنا الله ونعم الوكيل».

واقع المرأة في غزة يفصح عن صمود خارق، نساء غزة أثبتن أنهن لسن كنساء الأرض، خلقن للكفاح والنضال وتربية الأبناء على العزة والكرامة والحرية. لا يفت في عضدهن احتلال غاشم، وقصف غادر، ودماء تسيل، فالأرض أغلى، والوطن أعز وأبقى.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: نساء غزة فی غزة بعد أن

إقرأ أيضاً:

المرأة الإماراتية تحقق إنجازات بارزة في الصناعة والتكنولوجيا بدعم القيادة الرشيدة

تواصل المرأة الإماراتية ترسيخ حضورها في القطاعين الصناعي والتكنولوجي، مدفوعة برؤية قيادية تؤمن بإمكاناتها وتوفر لها البيئة الداعمة للتميّز والمشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية.

وفي هذا الإطار، جاءت الجلسة الحوارية التي نُظّمت تحت عنوان "ريادة المرأة الإماراتية في قطاع الصناعة"، ضمن فعاليات "اصنع في الإمارات 2025"، لتسلّط الضوء على النجاحات التي حققتها الإماراتيات في هذا القطاع الحيوي، وتناقش أبرز التحديات والفرص المتاحة لتعزيز دورهن في المرحلة المقبلة. 

وسلطت الدكتورة اليازية الكويتي، المدير التنفيذي لقطاع الصناعات الإماراتية في شركة مبادلة، الضوء على الدور الاستراتيجي الذي تلعبه "مبادلة" في دعم المنصة منذ انطلاقتها، مؤكدة أن هذه الشراكة تسهم بشكل فاعل في دفع عجلة النمو الصناعي المستدام وتعزيز مستويات الاكتفاء الذاتي، من خلال بناء شراكات محلية ودولية تخدم أهداف التنمية الصناعية في الدولة. 

 

كما أكدت أن "مبادلة" تواصل دعم القيادات النسائية في قطاعات استراتيجية مثل الصناعات الثقيلة والطيران والأدوية، مشددة على أن الإمارات تُعد أرضًا للفرص، وأن المؤسسات التي تحتضن الكفاءات النسائية تساهم في خلق بيئة تنافسية عالمية. 

وأشارت إلى أن المرأة الإماراتية أصبحت اليوم جزءًا أساسيًا من مسيرة التقدم في القطاعات الحيوية، لا سيما في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي التي تتطلب مهارات نوعية وتفكيرًا استراتيجيًا.

ولفتت إلى أن نسبة النساء العاملات في المجالات العلمية والتقنية تشهد ارتفاعًا ملحوظًا، مرجعة ذلك إلى البيئة المحفزة التي توفرها الدولة، من خلال برامج التدريب والدعم الفني والتشريعي. 

من جانبها، استعرضت مريم الجابري، قائد إنتاج في شركة "ستراتا" للتصنيع، تجربتها في مجال صناعة الطيران، مشيرة إلى أن هذا القطاع كان على الدوام مصدر إلهام، إلا أن ما يميّز المرحلة الحالية هو المشاركة الفاعلة للمرأة الإماراتية في هذه الصناعة، لاسيما من خلال مساهمتها المباشرة في تصنيع أجزاء من هياكل الطائرات. 

وأوضحت أن مسيرتها المهنية بدأت قبل 15 عاماً مع تأسيس شركة "ستراتا" في مدينة العين، حيث انطلقت قصة الإلهام التي بُنيت على الثقة الممنوحة للكفاءات الإماراتية في تولي مهام متقدمة في صناعة الطيران. 

وأضافت أن كبرى الشركات العالمية مثل "بوينغ"، و"إيرباص"، و"بيلاتوس" تعتمد على المنتجات المصنّعة في الإمارات، ما يعزز من مشاعر الفخر والانتماء لهذا الإنجاز الوطني ، مؤكدة أهمية الدور الذي تؤديه الكوادر المواطنة، حيث تُنتج هذه الأجزاء بأيدٍ إماراتية.

أخبار ذات صلة مشاركون في «اصنع في الإمارات» لـ«الاتحاد»: الإمارات وجهة عالمية للاستثمارات الصناعية «الصناعة» تطلق «برنامج التبادل العالمي للشركات الناشئة» اصنع في الإمارات تابع التغطية كاملة

ولفتت الجابري إلى أن شركة "ستراتا" احتفلت مؤخرًا بإنتاج القطعة رقم 100 ألف المخصصة للتصدير، في إنجاز يعكس مسيرة من العطاء والنجاح استمرت على مدار 15 عامًا. 

 من جهتها، استعرضت فاطمة الحمادي الرئيس التنفيذي التجاري لمناطق خليفة الاقتصادية في مجموعة كيزاد، تجربتها الممتدة لأكثر من 15 عاماً في القطاع الصناعي، مشيرة إلى أن الإمارات، بقيادتها الرشيدة، حرصت على تمكين المرأة في مختلف المجالات، بما في ذلك الصناعة، مؤكدة أن الدعم المؤسسي الذي تلقته خلال مسيرتها مكّنها من أداء دور فاعل في أحد أهم القطاعات التنموية. 

وأوضحت الحمادي أن شغف الجيل الحالي بالتميز والابتكار يمنحه دافعاً مستمراً للعمل في هذا القطاع، مشددة على أهمية إدراك القيمة الاقتصادية التي يمكن خلقها من خلاله، كما تطرقت إلى فترة جائحة كوفيد-19، مؤكدة أن الإمارات حولت التحديات إلى فرص عبر إطلاق مبادرات مثل "Right & Center"، والتي ساهمت في استقطاب أكثر من 350 شركة صناعية خلال ثلاث سنوات فقط.

 

من ناحيتها قالت المهندسة ياسمين العنزي، مديرة مركز الثورة الصناعية Industry X.O في شركة ماكس بايت تكنولوجي، إن دولة الإمارات أصبحت مركزًا عالميًا للابتكار في مجال التكنولوجيا والروبوتات، مشيدة بتأسيس وزارة الذكاء الاصطناعي وتعيين أول وزير متخصص في هذا المجال، ما يعكس رؤية الدولة الاستباقية في تبني التقنيات المستقبلية. 

وأضافت أن الجامعات الإماراتية، مثل جامعة زايد، بدأت في تقديم برامج أكاديمية متقدمة في تخصص الروبوتات، وهو ما أسهم في رفع نسبة مشاركة النساء في هذا القطاع الحيوي. 

كما كشفت عن مشروع "3D AI"، الذي تعتزم إطلاقه قريبًا بهدف دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في تصميم الروبوتات، مؤكدة أن المرأة تضيف بُعدًا إنسانيًا مهمًا يعزز من جودة وكفاءة هذا القطاع. 

 

بدورها، أثنت خلود النعيمي، مدير أول لتميز الأعمال في شركة الإمارات للصناعات الغذائية، على الجهود الحكومية المبذولة لتمكين المرأة، لا سيما في القطاعين الزراعي والصناعي، مشيرة إلى أن القطاع الحكومي شكل نقطة انطلاق قوية للنساء نحو تولي مناصب قيادية. 

وكشفت عن مشاركتها في عدد من المبادرات التي أسهمت في تمكين المرأة من العمل في مناطق كانت تفتقر إلى الفرص الوظيفية، مؤكدة الدور المحوري الذي تلعبه الشركات الحكومية في دعم تلك المبادرات وتعزيز فرص المشاركة النسائية في سوق العمل.

 

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • وكالة المياه والغابات تطلق بشراكة مع الاتحاد الأوروبي مشروع توأمة لدعم صمود الغابات
  • تحالف صمود يستنكر تصريحات رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي
  • وزير التعليم العالي ومحافظ حلب يناقشان واقع التعليم العالي في المحافظة ‏وسبُل مواجهة التحديات التي تعترضه ‏
  • المرأة الإماراتية تحقق إنجازات بارزة في الصناعة والتكنولوجيا
  • دور المرأة في مواجهة الشائعات وبناء الوعي .. ندوة بدمياط
  • مؤتمر الزراعة نبض الحياة انطلق في بيروت.. ودعوة لتعزيز الأمن الغذائي واستدامة القطاع
  • دي بروين يخشى قسوة طفله
  • المرأة الإماراتية تحقق إنجازات بارزة في الصناعة والتكنولوجيا بدعم القيادة الرشيدة
  • النجاة المستحيلة في غزة.. النزوح عبء إضافي على المنهكين
  • ترافعي 2025: الجامعات اللبنانية تترافع دفاعًا عن المرأة والطفل في زمن الحرب