الذباب الإلكتروني..وأدوات المواجهة
تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT
يحتوي تراثنا العربي الغزير على مخزون وكم هائل من الحِكم والمواعظ والعبر والدروس عبر التاريخ. إحدى القصص الشعبية تحكي إنه ذات يوم كان الذئب والقنفذ يسيران في إحدى الغابات الكثيفة، علهما يعثران على شيء يأكلانه من فرط جوعهما في ليلة باردة، كان القنفذ يمشي في الأمام والذئب يسير خلفه، وبينما هما يمشيان إذ بهما يعثران على قطعة لحم تظهر أمامهما ملقاة على الأرض وكانت بالنسبه لهما لقمة سائغة.
عندما اقترب منها القنفذ توقف ولم يفعل شيئاً، فقال له الذئب: مابك أيها القنفذ؟ قطعة اللحم أمامك ولم تفعل شيئاً ولم تبتلعها، رد عليه القنفذ: ياسيدي، هذه القطعة من اللحم كتبوا عليها جملة. قال الذئب: ماهذه الجملة المكتوبة؟ أجاب القنفذ: كل من يأكلها ستصيب لعنتها أبناءه أو أحفاده. هنا لم يفكر الذئب الماكر في عاقبة ذلك، وقال: لا شأن لي بالأولاد والأحفاد، سآكلها حالاً.. وتقدم الذئب من قطعة اللحم وانقض عليها، فقبضته المصيدة "الفخ"، فقال للقنفذ: "لقد خدعتني أيها القنفذ الغدار"، فرد عليه القنفذ: "كيف خدعتك"؟ فقال الذئب إن "اللعنة أصابتني أنا ولم تصب أبنائي أو أحفادي". فقال له القنفذ: "لعل أباك أو جدك فعلها من قبل وأصابتك اللعنة ايها الذئب الفطن". المغزى في هذه القصة حالنا مع التعامل مع ظاهرة الذباب الإلكتروني، الذي ازعجنا وصدع رؤوسنا بالمحتوى الهابط والغث المغري للبعض، والذين ودسوا فيه السم المغلف بظاهر العسل، ويجعل من ينخدعون به لا يفرقون بين الصالح والطالح، وبين الحقيقة والوهم!
وما زاد الطين بله، استغلال المغرضين لبرامج الذكاء الاصطناعي المخيفة، حيث يتم تزييف الوجوه بأكثر من قناع ولون وصوت، فقط من أجل التضليل والخداع، أي أن التقنية يساء استخدامها، ولا يتم توظيفها للصالح العام أو للاعتبارات الإنسانية.
بعد أن أصبح الفضاء الإلكتروني مفتوحاً لكل من هب ودب بلارقيب أو حسيب يحمي البشرية من التشويه، لابد من مواجهة الانفلات الإليكتروني عبر وسائل التواصل التي تضيع داخلها القيم والثوابت، وتختفي الضوابط القانونية والأخلاقية، التي تستطيع ردع هذا السيل الجارف من طوفان الكذب والتضليل، والتشويه، والافتراء، والزيف، والحقد، والكراهية! ولوحظ خلال الآونة الأخيرة، هجوماً غير مسبوق من قبل الذباب الإلكتروني، الذي وجد ضالته في هذه المواقع المشبوهة والبيئة الخصبة المتاحة لبث السموم والضغائن والتفرقة وتأجيج الخلافات!
ويهدف الذباب الإلكتروني إلى استغلال ضعاف النفوس والجهلة، من خلال بيع الوهم لهم وترويج الإشاعات والأخبار المفبركة المغرضة، والسعي إلى التشكيك في الأوطان والمعتقدات الدينية والمساس بالثوابت الأخلاقية، وكل ذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، التي أمعنت في تفكيك التواصل الاجتماعي بصورته الطبيعية، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة «للتنافر الاجتماعي» بعدما زعزعت استقرار الأسر وشتت المجتمعات وزرعت الفتن، وأججت صراعات طائفية ومذهبية.
صناعة الوعي ضد الذباب الإليكتروني هدف ينبغي تحقيقه من خلال المؤسسات الإعلامية، كي يتم التصدي لهذا السيل الجارف من الذباب المؤذي المسموم، الذي دخل علينا من كل الأبواب والنوافذ والبيوت والسيارات والمكاتب. وحده الوعي المرتكز على الفكر الرصين الحريص على سلامة المجتمع واستقرار الأوطان، هو القادر على إبادة الذباب السائب، كي لا يؤذينا ويصيب أجيالنا وأطفالنا. ونحتاج دوماً إلى قوة ناعمة ترتكز على أدوات الإعلام الجديد، لمواجهة هذه الأوبئة الفكرية الخطيرة، التي تحاول التسلل إلى المجتمعات.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الذباب الإلكتروني الذباب الإلکترونی
إقرأ أيضاً:
لوقف الاحتيال بالانتحال.. دول أوروبية تسعى لحماية الدفع الإلكتروني
وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي -الأربعاء- على قواعد جديدة لتحسين خدمات الدفع الإلكتروني في الاتحاد من خلال تقليل عمليات الاحتكار وتشجيع الابتكار وتحسين حماية حقوق المستهلك وضمان شفافية الرسوم.
وقال وزير مالية بولندا أندرتسي دومانسكي "يستحق المستهلكون بيئة دفع إلكتروني آمنة وشفافة وخالية من الاحتيال.. وفي الوقت نفسه، نحتاج إلى تشجيع الابتكار في القطاع. هذه القواعد ستحقق الأهداف على الجبهتين".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الرئيسة الأرجنتينية السابقة ستقضي عقوبة السجن في منزلهاlist 2 of 2مسؤول مغربي يدعو لتتبع الأموال غير المشروعة وتجميدهاend of listوتحتاج القواعد الجديدة إلى موافقة البرلمان الأوروبي حتى تدخل حيز التطبيق.
وسوف يُلزم مقدمو خدمات الدفع بمشاركة المعلومات المتعلقة بالاحتيال، ووضع نظام يتيح التحقق من أرقام الحسابات المصرفية الدولية (آيبان) ومقارنتها باسم الحساب قبل تحويل الأموال إليه.
وتهدف المقترحات إلى وضع إطار عمل شامل لمكافحة الاحتيال، في خدمات الدفع، مثل "الاحتيال بالانتحال"، عندما يتظاهر المحتال بأنه مقدم خدمة دفع للعميل لخداعه ودفعه إلى القيام بمعاملات مالية.
من ناحيته، قال رئيس جمعية المصارف الألمانية هاينر هيركينهوف "لا يمكن مكافحة الاحتيال بفعالية إلا إذا قام جميع المعنيين (البنوك ومقدمو خدمات الاتصالات ومنصات الإنترنت) بدورهم. ويجب أن يعكس الإطار القانوني هذا أيضا"، في حين تنتقد البنوك الألمانية مقترحا يقضي بجعل البنوك مسؤولة وحدها عند تعرض العملاء للاحتيال.
وأضاف هيركينهوف أن "المسؤولية الأحادية لن تحل مشكلة الاحتيال، بل ستؤدي فقط إلى تحويل العواقب المالية (من جهة إلى أخرى)"، متوقعا أن تكون النتيجة زيادة الحوافز للمحتالين.