مختص بالشأن الإسرائيلي: تذمر من الحرب وبوادر مساءلة يتوقع اتساعها
تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT
تشهد إسرائيل مؤشرات تتزايد على اختراق الإجماع الشعبي تجاه الحرب على إيران، وسط انتقادات بدأت تتسلل من الأطراف اليسارية، في وقت تتعرض فيه الجبهة الداخلية لضغوط متصاعدة بسبب الهجمات الإيرانية المتكررة، وموجات الإنفاق العسكري، وغياب أي أفق زمني لإنهاء المواجهة.
ويرى الكاتب المتخصص في الشؤون الإسرائيلية إيهاب جبارين أن المشهد في الداخل الإسرائيلي بدأ يتفكك على مستويين متوازيين: المستوى الإعلامي الرسمي الذي يواصل تغطية الأحداث بمنطق التعبئة، والمستوى المجتمعي الذي بدأت تبرز فيه تساؤلات وانتقادات، خاصة من أطراف يسارية لا تزال في هامش الخطاب العام لكنها آخذة في الاتساع.
وفي حديثه لقناة الجزيرة، أوضح جبارين أن خطاب "الوحدة في وقت الحرب"، الذي ساد خلال الأيام الأولى من المواجهة، بدأ يتعرض للتآكل، فمع تزايد الضربات الإيرانية، واشتداد الخسائر، بات بعض الإسرائيليين يتساءلون عن قدرة مؤسسات الدولة، خاصة الصحية والدفاعية، على الصمود.
وتزامنت هذه التحديات مع فقدان الرؤية بشأن نتائج الهجوم على إيران، إذ لا تتوفر معلومات دقيقة عن مدى نجاعة الضربات الإسرائيلية، وهو ما يضعف ثقة الشارع بالقيادة العسكرية والسياسية، ويعزز الشعور بأن إسرائيل دخلت هذه الحرب دون خطة خروج واضحة.
سقف زمني
ومما يثير القلق في أوساط الإسرائيليين -حسب جبارين- تجنب حديث المؤسسة العسكرية عن سقف زمني محدد للعمليات، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان سيناريوهات استنزاف سابقة في غزة ولبنان، وبهذا فإن الحديث عن حرب "بلا أفق" يدفع المجتمع للتساؤل حول الثمن الباهظ الذي سيدفعه من أمنه واقتصاده.
ورأى أن الوضع داخل الجبهة الإسرائيلية لم يعد يشبه ما كان قائما خلال الحرب على قطاع غزة، إذ كانت الخسائر تقتصر على الجنود، أما اليوم فالضربات تصيب المدنيين مباشرة، وتلحق أضرارا بمنازلهم وممتلكاتهم، وتُثقل كاهلهم بتكاليف اقتصادية مرتفعة.
إعلانويسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاحتواء الغضب الداخلي عبر خطاب تعبوي يضع الحرب ضمن إطار "المعركة المصيرية"، إذ يرى جبارين أن نتنياهو يحاول تقديم نفسه كقائد لحظة تاريخية، لكنه في الوقت ذاته يعاني من تآكل في مصداقيته، خاصة مع استمرار الخسائر وتفاقم الأزمة.
ومع خشيته من تبعات التمرد الداخلي، يعول نتنياهو على فكرة "كتابة التاريخ" باعتباره من يقود المواجهة ضد إيران، ويضيف جبارين أن الإعلام الإسرائيلي يعاني من "شلل موضعي" جعله مجندا بالكامل للرواية الرسمية، على غرار ما جرى في الأيام الأولى لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
معركة وجودية
وتروج حكومة نتنياهو للحرب بوصفها معركة وجودية، حسب جبارين، وذلك في محاولة لتذويب الفروقات بين الأبعاد العاطفية والعقلانية، وإقناع الشارع بأن أي مساءلة داخلية هي خيانة لخط الدفاع عن إسرائيل.
ومع ذلك، تتزايد الأصوات التي تربط بين الهجوم الإيراني والقصور في السياسات الرسمية، خاصة في ما يتعلق بالتحذير من اندلاع مثل هذا السيناريو منذ أشهر دون تحرك فعلي.
ويشير إلى أن بعض الأصوات في المعارضة بدأت تنتقد استمرار الحرب دون رؤية سياسية أو عسكرية واضحة، متسائلة عن جدوى الاستمرار في الصراع المفتوح، ومعتبرة أن غياب التخطيط المسبق يجعل البلاد رهينة لمواقف خارجية، أبرزها الموقف الأميركي الذي بات يلعب دورا مباشرا في ضبط مسار المواجهة.
وفي سياق متصل، ذكر جبارين أن الجيش الإسرائيلي وصف المعركة الحالية بأنها "الأكثر تعقيدا في تاريخ الدولة"، في حين أعلنت لجنة المالية الإسرائيلية عن نيتها رفع ميزانية الدفاع بنحو 30.6 مليار شيكل، مما يثير تساؤلات واسعة حول قدرة الدولة والمواطنين على تحمّل الأعباء المتصاعدة.
ويؤكد أن تكلفة الحرب اليومية تقارب 200 مليون شيكل، وهو ما يضع ضغطا هائلا على الميزانية العامة، ويهدد الرفاه الاقتصادي للإسرائيليين. كما أشار إلى أن هذه الحرب ليست الأولى التي تعيشها إسرائيل دون وضوح في البداية أو النهاية، في تشابه مع تجربة جنوب لبنان بين 1983 و2000.
وحسب جبارين، فإن المواطن الإسرائيلي يستحضر اليوم الأثمان الباهظة التي دفعتها الدولة حينها، بما في ذلك التضخم والتحولات الاقتصادية الجذرية، لكنه حتى الآن لا يشعر بوطأتها المباشرة بفضل آليات الدعم الحكومي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
مظاهرات أمام مقر الحكومة الإسرائيلية للمطالبة بإنهاء الحرب وعدم احتلال غزة
خرجت مظاهرات حاشدة أمام مقر الحكومة الإسرائيلية في القدس، مطالبة الحكومة بعدم احتلال قطاع غزة والعمل على إنهاء الحرب وإعادة الرهائن.
ونقلت صحف إخبارية تابعة للاحتلال، عن مسؤولين في الجيش الإسرائيلي قولهم: «احتلال كامل لقطاع غزة قد يستغرق سنوات، ويشكل خطرًا على حياة المخطوفين»، مؤكدين أن احتلال غزة يستدعى تجنيد عدد كبير من القوات، والجيش لا يريد السيطرة على السكان.
وقال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، إن الجيش سيواصل التعبير عن موقفه دون خوف، وذلك في أول تعليق له منذ ورود تقارير عن خلافات بين الجيش الإسرائيلي وحكومة رئيس وزراء الاحتلال بشأن مقترح احتلال كامل لقطاع غزة.
ونقلت وسائل إعلام الاحتلال، عن زامير قوله في تقيم للوضع قبل ساعات قليلة من اجتماع مجلس الوزراء الأمني الحاسم: «نحن نتعامل مع مسألة حياة أو موت، دفاعًا عن الوطن، ونفعل ذلك ونحن نتطلع إلى جنودنا ومدنيي إسرائيل، سنواصل العمل بمسؤولية ونزاهة وعزم واضعين نصب أعيننا أمن إسرائيل ورفاهيتها فقط».
وتناول تقييم الوضع، الذي أُجرى في مقر هيئة الأركان العامة في مقر «الكرياه» بتل أبيب، خطط الجيش الإسرائيلي للقتال على جميع جبهات القتال.
وأفادت وسائل الإعلام، بأن حكومة بنيامين نتنياهو، تسعى إلى احتلال أجزاء من القطاع على الأقل، ورفض الجيش هذه الخطة رفضًا قاطعًا، معتبرًا إياها مُرهقة وخطيرة على الجنود، وتشكل خطرًا بالغًا على الرهائن الذين ما زالوا على قيد الحياة في قبضة حماس، إذ ستُضيّق القوات الخناق على المناطق التي يُحتجزون فيها، مما يُعرّض حياتهم لخطر أكبر.
اقرأ أيضاًحماس: توسيع العدوان الإبادة والتهجير سيكبد إسرائيل وجيشها ثمنا باهظا
الأمم المتحدة: مستشفيات غزة على وشك الانهيار التام
نتنياهو: إسرائيل لن تضم غزة.. وسنسلم القطاع إلى هيئة حاكمة مؤقتا