مدير مكتب الجزيرة بطهران: حراك إسطنبول مهم لإيران ويؤسس لمظلة سياسية
تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT
في ذروة التصعيد بين إيران وإسرائيل، تتجه الأنظار إلى التحركات الدبلوماسية المكثفة التي بدأها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بالتوازي مع استمرار الضربات العسكرية المتبادلة.
ويبدو أن طهران تراهن في هذه المرحلة على بناء مظلة سياسية إقليمية ودولية تحمي موقفها، وتفتح أمامها هامشا من المناورة إذا ما تحوّلت المواجهة المحدودة إلى صراع أوسع.
ويرى مدير مكتب الجزيرة في طهران عبد القادر فايز أن ما يجري في إسطنبول يحمل أهمية بالغة لطهران، لا سيما من زاوية حشد دعم سياسي من دول العالم الإسلامي، فهذه الخطوة تتكامل مع الحراك الدبلوماسي الذي بدأ في جنيف، رغم أنه لم يسفر عن نتائج حاسمة بعد، بحسب المؤشرات الأولية.
ويشير فايز إلى أن الحراك الإيراني يندرج ضمن إستراتيجية واضحة تهدف إلى الاستعداد لاحتمال اتساع رقعة الصراع، وربما دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة، وهو سيناريو لا يزال حاضرا بقوة في العقل السياسي والعسكري الإيراني.
ومن هنا يأتي السعي لتوسيع شبكة الاتصالات مع موسكو وبعض العواصم الإقليمية والخليجية، في المرحلة المقبلة، حسب ما أوضحه فايز.
وأشارت تقارير إعلامية إلى عروض تركية وعمانية وأوروبية لاستضافة محادثات مباشرة أو غير مباشرة بين طهران وواشنطن، وسط تحذيرات من أن فرصة إنهاء الصراع عبر الدبلوماسية قد تضيق خلال الأسبوعين المقبلين، وهي المهلة التي سبق أن أشار إليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
التصعيد الميدانيوفي الأثناء، لا يتوقف التصعيد الميداني، فقد شهد شمال إيران خلال الساعات الماضية استهدافا جديدا من قبل إسرائيل، هو الثاني من نوعه لمحافظة جيلان، ويكتسب هذا التطور بعدا خاصا، بحسب فايز، نظرا إلى أن المنطقة مكتظة الآن بالسكان، بعد أن لجأ إليها آلاف المدنيين الفارين من مناطق أخرى.
ويعقّد استمرار استهداف هذه المناطق المشهد على المستويين الأمني والاجتماعي، كما أنه يشير إلى نية إسرائيل توسيع خارطة الأهداف داخل إيران، بما يتجاوز المواقع العسكرية والمنشآت النووية.
إعلانوفي موازاة ذلك، عاد ملف الاغتيالات إلى الواجهة، بعد أن أعلنت إيران اغتيال العالم النووي إيثار طباطبائي وزوجته، ويعتبر فايز أن هذا الاغتيال يعكس استهدافا ممنهجا للعقول النووية المدنية، وهو نهج يعيد إلى الأذهان المراحل الأولى من حملة الاغتيالات الإسرائيلية.
وتم حتى الآن اغتيال 17 عالما نوويا منذ بداية المواجهة الحالية، وعلى الجانب العسكري، تتحدث إسرائيل عن اغتيالات طالت قياديين بارزين في الحرس الثوري الإيراني، من دون أن تؤكد طهران أو تنفي رسميا تلك الأنباء.
رجال الظلوالشخصان المستهدفان هما سعيد إيزيدي وبهنام شهرياري، وهما -حسب فايز- ممن يوصفون في إيران برجال الظل أو رجال التجسير، نظرا لدورهم المحوري في ربط إيران بحلفائها في المنطقة.
وفي هذا السياق، يشير فايز إلى أن الغموض الإيراني حول هذه الاغتيالات يهدف إلى إبقاء مساحة للمناورة، لا سيما أن الإعلان الرسمي عنها قد يفرض على طهران ردا مباشرا يوسّع المواجهة.
أما في ميدان المسيّرات، فقد تصاعدت العمليات الإيرانية بشكل لافت، إذ أرسلت طهران ما يزيد على ألف طائرة مسيرة وقرابة 520 صاروخا على إسرائيل منذ بدء المواجهة، بحسب بيانات الجيش الإسرائيلي، ومع ذلك، يرى فايز أن هذه الأرقام تظل متواضعة مقارنة بما تمتلكه إيران من مخزون إستراتيجي.
ويفسّر فايز هذه المقاربة بأنها تعكس حرصا إيرانيا على توزيع وتيرة الاستنزاف وفق زمن ممتد، تحسّبا لإطالة أمد المعركة أو توسّعها إقليميا، ولهذا السبب، تستخدم إيران خليطا من المسيّرات، بما فيها "شاهد 107″ و"138" و"آرش"، إلى جانب صواريخ باليستية وفرط صوتية لتحقيق أهداف نوعية.
ويكشف فايز عن وجود إستراتيجية مزدوجة في هذا المجال، تقوم على إنهاك منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية من جهة، وتحقيق ضربات مباشرة في العمق الإسرائيلي من جهة أخرى، مع الحفاظ على زخم المعركة من دون انقطاع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
مع احتدام المواجهة.. دول عديدة تغلق سفاراتها في إيران
مع احتدام المواجهة بين إسرائيل وإيران وبروز مخاوف من احتمال توسعها إلى حرب شاملة، قررت عدة دول إغلاق سفاراتها في العاصمة طهران.
فقد أعلنت وزارة الخارجية السويسرية، الجمعة، أنها قررت إغلاق سفارتها في إيران مؤقتا، مرجعة ذلك إلى العمليات العسكرية المكثفة هناك، والوضع الميداني غير المستقر.
وقالت الوزارة في بيان: "غادر جميع الموظفين الأجانب إيران، وهم بأمان، موضحة أن الموظفين سيعودون إلى طهران بمجرد أن يسمح الوضع بذلك".
كما أفادت رويترز، بأن بلغاريا أعلنت أيضا عن إغلاق بعثتها في إيران ونقل الموظفين إلى أذربيجان كإجراء احترازي.
وأكدت أستراليا أيضا، في 19 يونيو الجاري، إغلاق سفارتها في إيران، مرجعة ذلك إلى "الوضع الأمني المتدهور"، وهو إجراء اتخذته بريطانيا أيضا.
وأقدمت نيوزيلندا على إجلاء موظفي سفارتها بسبب تصاعد العمليات العسكرية.
أما غانا، فقد أغلقت سفارتها أيضا في إيران نتيجة تصاعد التهديدات إثر الهجمات الإسرائيلية.
بينما علقت التشيك وسلوفاكيا عمل بعثتيهما في منتصف الشهر الجاري "استجابة للمخاطر الأمنية".
وفي السياق ذاته، أغلقت فنلندا سفارتها مؤقتا، مع ازدياد التحذيرات من ضربات محتملة.
وأعلنت البرتغال إغلاق سفارتها في طهران مؤقتا أمام "خطورة الوضع الراهن"، حسبما صرح وزير الخارجية باولو رانغيل في لشبونة.
ولليوم الثامن على التوالي، يتواصل التصعيد غير المسبوق بين إيران وإسرائيل، وسط مخاوف دولية من انزلاق الأوضاع نحو حرب شاملة.