رسائل الحرب والحرف
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
مريم الشكيلية
احترس من تلك الغربان التي تحلق فوقك بصوتها المرعب، أنا وأنت قد رأينا امتداد ذاك الجسر الذي يمتد بيننا دون حواجز أو مسافات.
هذا الصباح وفي تمام الثامنة كنت قد استيقظت دون حراك.. كنت أطوف بعيني إلى سقف الغرفة الباردة بعد قراءة رسالتك في منتصف ليل وعتمة.
قلت في نفسي هل تدرك أن رسائلنا تشبه ذاك الجسر المعلق بين ضفتين ومدينتين وحرفين؟
إن تلك الرسائل التي تسير في ذاك الجسر الوهمي فقط أنا وأنت نراها تعبر المسافات بين مدن الحرب والحرف.
الجميع يرتعشون من الخوف والبرد والانتظار، إلّا أنا وأنت لا نزال نمسك بقنديل أمل وقلم!
تتشابك رسائلنا كأن أيادينا في تلك الأسطر لا حديثنا.. نحاول أن نخمد ذاك الخوف الذي يشتعل في أجسادنا بمطر سبتمبر الآتي حتى نوهم الأوراق بخريف لا إصفرار فيه؛ وكأن الربيع لم يغادرنا يومًا.
لن تخيفنا أصوات الغربان وهي تأتي كل مرة في سماءنا الزرقاء، سوف نجعل من ذاك الجسر حقلا مزهرا بشقائق نبضاتنا وتفتح رسائلنا العصية على الدمع، ذاك الجبل الجليدي الشاهق الذي يفصلنا كلانا يعلم أنه سوف يذوب ويصبح بحيرة شفافة مدهشة، بفعل رسائلنا التي لا تزال تعبر سياج الحرب والحرف عثرنا على فصل خامس لا علاقة له بمواسم السنة، وتشبثنا بخيوط ضوء الشمس الذي أحدث ثقبا في ذاك الانهيار وأخترق جدار غيمات سوداء.
هل تدرك معنى أن تكون لأحرفنا تلك القوة التي تفوق جحافل محتل تتوغل في حدائق الأرض المعطرة؟!
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حين يهمس لك المشروع بأنك لست في مكانك.. فاستمع!
في عالم ريادة الأعمال، لا تُقاس النجاحات فقط بالأرباح، بل تُقاس بصدق الأسئلة، التي نطرحها على أنفسنا في منتصف الطريق. سؤال واحد كان كفيلاً بهزّ قناعاتي من الجذور: “هل بدأت المشروع الخطأ؟” سؤال يبدو بسيطًا، لكنه يحتاج إلى جرأة نادرة، لأن من يطرحه بصدق، يُعلن استعداده لتغيير الاتجاه، لا لتبرير الاستمرار.
من تجربتي الشخصية، تعلمت أن الشغف ليس ترفًا، بل ضرورة. إن استيقظت كل صباح وأنت تشعر بأنك تُجرّ إلى العمل جرًّا، فثمة شيء ليس في مكانه. الشغف ليس فقط ما تحبه، بل هو ما يدفعك للركض نحو أهدافك رغم التعب، ما يجعلك تُعطي أكثر مما تأخذ، وتبني وأنت تبتسم. فإن غاب، غابت الروح، وتحوّل المشروع إلى سجنٍ فاخر.
ثم تأتي الحقيقة الثانية التي لا تقبل المجاملة: السوق لا يرحم. قد تعشق فكرتك، وتراها فتحًا جديدًا، لكن إن لم يكن السوق بحاجة إليها، فكل ما تفعله هو إهدار الوقت والمال والجهد. تعلّمت أن أُوازن بين قناعتي الشخصية وصوت السوق، وأن أُصغي جيدًا لما تقوله المؤشرات لا الأماني.
أما الأرباح، فهي الترجمة العملية لكل ما سبق. يمكن أن تتحمّل الخسارة المؤقتة في سبيل التأسيس، لكن إن تحوّل النزيف المالي إلى عادة، ووجدت نفسك تموّل مشروعك من جيبك بلا أفق واضح، فالأمر يستحق إعادة النظر. تعلّمت أن العاطفة وحدها لا تبني عملًا، وأن الأرقام لا تكذب.
وأخيرًا، هناك ذلك الصوت الداخلي الخافت، حدسك، والذي غالبًا ما يُحاول أن يُحادثك وسط ضجيج المهام والتوقعات. لقد تجاهلته مرارًا، ثم ندمت. الحدس أداة قوية، لا تستخف بها. حين يُخبرك أنك على طريق لا يشبهك، فلا تكمّ فمه، بل اجلس معه وتأمل إشاراته.
وإن وصلتَ إلى يقين أنك بدأت مشروعًا لا يُناسبك، فاعلم أن الشجاعة ليست في الاستمرار على خطأ تعرفه، بل في امتلاك الجرأة للتوقف، وإعادة التوجيه. غيّر، عدّل، أعد تشكيل حلمك، لا بأس. لا تنظر إلى التغيير كخسارة، بل كبوصلة جديدة.
رسالتي لك: ليس من العيب أن تُعيد التفكير، بل العيب أن تُصرّ على مسار يُطفئك من الداخل. اسأل نفسك بصدق: هل ما أفعله اليوم يُقرّبني من نفسي؟ إن لم يكن الجواب نعم… فلديك فرصة، لا خسارة، لتبدأ من جديد، ولكن هذه المرة، وأنت تعرف الطريق.
jebadr@