يفتتح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الثلاثاء، الدورة العادية التاسعة والسبعين للجمعية العامة للمنظمة الدولية، في طقوس ثابتة، مثل القرع على الناقوس الذي قدمته اليابان هدية، في إشارة رمزية إلى تنبيه العالم إلى الحدث الجاري، والقضايا المهمة التي سيتم تداولها.
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتبر برلمان العالم، والجهاز الرئيسي لصنع السياسات في المنظمة الدولية التي يفترض أن تمثل النظام العالمي الجديد بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، حيث تضمّ الجمعية العامة في عضويتها كافة الدول الأعضاء، وتتيح منتدى لا مثيل له للمناقشة متعددة الأطراف لنطاق كامل من القضايا الدولية التي شملها ميثاق الأمم المتحدة، ولكل دولة من الدول ال 193 الأعضاء في المنظمة الدولية صوت واحد في الجمعية العامة، مما يتيح تساوياً في قوة الأصوات بين كافة الدول الأعضاء.وستستمر اجتماعات دورة الجمعية العامة حتى يوم الاثنين القادم، حيث سيخاطب رؤساء الدول والحكومات وممثلو بلادهم البرلمان العالمي حول مختلف القضايا.
والعنوان الرئيسي للدورة هو «عدم ترك أحد خلف الركب: العمل معاً من أجل النهوض بالسلام والتنمية المستدامة والكرامة الإنسانية للأجيال الحالية والمقبلة»، إلى جانب طيف واسع من القضايا العالمية وبعضها يتم مناقشته منذ عقود، فيما بعضها جديد مثل: تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتغير المناخ، والعمل من أجل وقف إطلاق النار في مناطق النزاعات وحفظ السلام، إلى جانب حقوق الإنسان وإشاعة الديمقراطية وسيادة القانون والحوكمة، فضلاً عن عناوين اللجوء والهجرة ومكافحة الإرهاب، والأطفال والنساء والعنف الجنسي في الصراعات المسلحة، إلى جانب التعاون الرقمي والتمويل الرقمي والذكاء الاصطناعي، وغيرها من القضايا الساخنة.
ينعقد المنتدى العالمي الأكبر من نوعه هذا العام، وفي هذه الآونة، والمجتمع الدولي يقف على مفترق طرق، وسط شكوك في العمل الدولي نفسه، ما يجعل رؤية المستقبل غامضة وضبابية، في ظل الصراعات والنزاعات والحروب والانتهاكات البيّنة لكل القوانين الدولية والإنسانية، وبرعاية من القوى الدولية المتنفذة المتدرعة بحق النقض (الفيتو)، والتي تملك إلغاء أو تعطيل مشاريع القرارات الأممية التي لا توافق هواها أو مصالحها وحلفاءها.
وقد عبّر عن هذا المأزق المستمر منذ عقود، مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، الذي قال أمس الاثنين، خلال افتتاح الدورة ال 57 لمجلس حقوق الإنسان: «يمكننا إما أن نواصل على الطريق الحالي، على أنه أمر طبيعي، ونسير في سباتنا نحو مستقبل قاتم، وإما أن نستيقظ ونقلب منحى الأمور لصالحنا وصالح البشرية وصالح الكوكب».
وتلمس هذه الحقيقة واقع أن الكبار في العالم مكلفون أخلاقياً أن يكونوا أكثر من غيرهم حرصاً على الحفاظ على المنظمة الدولية وميثاقها وما تمثله مؤسساتها من رمزية لاستمرار النظام الدولي حفاظاً على الأمن والسلم والقانون والاستدامة والعدالة، بدلاً من استبدال الثوابت بقواعد مستجدة تلتف على قوة الحق لإعلاء حق القوة، استهتاراً بالقانون الدولي، وضرباً للحائط بالمعايير والمؤسسات الدولية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الأمم المتحدة الجمعیة العامة
إقرأ أيضاً:
أميركا تعاقب 4 قاضيات بالجنائية الدولية انتقاما لمذكرة اعتقال نتنياهو
فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 4 قاضيات في المحكمة الجنائية الدولية على خلفية قضايا مرتبطة بواشنطن وإسرائيل، منها إصدار مذكرة توقيف بحق المطلوب من المحكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بسبب الحرب على قطاع غزة.
وسيحظر على القاضيات الأربع دخول الولايات المتحدة، كما سيتم تجميد أي أموال أو أصول يملكنها في البلاد، وهي تدابير غالبا ما تتخذ ضد صانعي سياسات دول مناهضة للولايات المتحدة وليس ضد مسؤولين قضائيين.
وشاركت قاضيتان في الجنائية الدولية، وهما بيتي هولر من سلوفينيا، ورين ألابينيغانسو من بنين، في إجراءات أفضت إلى إصدار مذكرة اعتقال في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بحق نتنياهو.
وخلصت المحكمة إلى وجود "أسباب معقولة" لتحميل نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت المسؤولية عن أفعال تشمل جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كوسيلة حرب في الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل.
أما القاضيتان الأخريان البيروفية لوث ديل كارمن إيبانيث كارانثا والأوغندية وسولومي بالونغي بوسا، فشاركتا في السابق بإجراءات أدت إلى فتح تحقيق في مزاعم بأن القوات الأميركية ارتكبت جرائم حرب خلال الحرب في أفغانستان.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في بيان له أمس الخميس "ستتخذ الولايات المتحدة كل الإجراءات التي تعدها ضرورية لحماية سيادتنا، وسيادة إسرائيل، وأي حليف آخر للولايات المتحدة، من الخطوات غير المشروعة للمحكمة الجنائية الدولية".
إعلانوتابع "أدعو الدول التي لا تزال تدعم المحكمة الجنائية الدولية، والتي كلفت الحرية في الكثير منها تضحيات أميركية كبيرة، إلى التصدي لهذا الهجوم المخزي على بلدنا وعلى إسرائيل".
تقويض استقلال المحكمةوردا على القرار الأميركي، اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها في لاهاي، أن العقوبات "محاولة جلية لتقويض استقلالية مؤسسة قضائية دولية تعمل بتفويض 125 من الدول الأطراف من كل أنحاء العالم".
من جانبها، حضت منظمة هيومن رايتس ووتش الدول الأخرى على رفع الصوت وإعادة التأكيد على استقلالية المحكمة الجنائية الدولية التي أنشئت عام 2002 لمقاضاة الأفراد المسؤولين عن أخطر الجرائم في العالم عندما تكون الدول غير راغبة أو غير قادرة على تحقيق العدالة بنفسها.
وقالت مديرة برنامج العدالة الدولية في المنظمة الحقوقية ليز إيفنسون إن العقوبات "تهدف إلى ردع المحكمة الجنائية الدولية عن السعي إلى المساءلة وسط الجرائم الخطيرة التي ارتكبت في إسرائيل وفلسطين، بينما تتصاعد الفظائع الإسرائيلية في غزة، بما في ذلك بالتواطؤ مع الولايات المتحدة".
ورفضت إسرائيل بشدة اتهامها بارتكاب جرائم حرب، بالإضافة إلى اتهام آخر منفصل بالإبادة الجماعية قادته جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية.
يذكر أن الولايات المتحدة وكذلك إسرائيل من الدول غير الموقعة على نظام روما الأساسي الذي أنشأ الجنائية الدولية. لكن الحلفاء الغربيين للولايات المتحدة بغالبيتهم الساحقة، وكذلك اليابان وكوريا الجنوبية والغالبية العظمى من أميركا اللاتينية ومعظم أفريقيا، من الموقعين على النظام الأساسي وبالتالي يطلب منهم من الناحية النظرية اعتقال المشتبه بهم عندما يصلون إلى أراضيهم.
وفي ولايته الأولى، فرض ترامب عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية آنذاك بسبب التحقيق في أفغانستان.
إعلانوبعد خروجه من البيت الأبيض عام 2020، اتخذ خلفه الديمقراطي الرئيس جو بايدن آنذاك نهجا أكثر تصالحية تجاه المحكمة، حيث تعاون مع كل قضية على حدة.
وألغى أنتوني بلينكن، سلف روبيو، العقوبات على المحكمة، ورغم انتقاده لموقفها تجاه إسرائيل فقد تعاون معها بشأن حرب روسيا على أوكرانيا.
وأصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية عام 2023 مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن مزاعم اختطاف جماعي لأطفال أوكرانيين خلال الحرب.
وأعرب كل من بوتين ونتنياهو عن رفضهما لضغوط المحكمة الجنائية الدولية، لكنهما سعيا أيضا إلى تقليل مدة إقامتهما بالدول الأعضاء في المحكمة.
وتعد مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ذات حساسية خاصة في بريطانيا، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، إذ إن رئيس وزرائها كير ستارمر محام سابق في مجال حقوق الإنسان.
وصرح مكتب رئيس الوزراء البريطاني بأن لندن ستفي "بالتزاماتها القانونية" دون أن يوضح صراحة ما إذا كان سيتم اعتقال نتنياهو إذا زارها.
وابتعدت المجر، بقيادة فيكتور أوربان، حليف ترامب، عن بقية دول الاتحاد الأوروبي بانسحابها من المحكمة الجنائية الدولية. كما استخف أوربان بالمحكمة من خلال استقباله نتنياهو بزيارة في أبريل/نيسان الماضي.