سكوت الإمام بعد قراءة الفاتحة في الصلاة.. كم ينتظر؟
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "ما حكم سكوت الإمام عقب قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية؟ وما مقداره؟
سكوت الإمام بعد الفاتحة في الصلاةوقالت دار الإفتاء، إنه يستحب سكوت الإمام في الصلاة الجهرية عند فقهاء الشافعية والحنابلة عقب فراغه من قراءة الفاتحة وقبل قراءة السورة؛ وذلك لإعطاء الفرصة للمأمومين خلفه لقراءتها، وحتى لا يفوت عليهم استماع الفاتحة واستماع السورة، ومقدار سكوت الإمام في ذلك هو بقدر ما يتمكن به المأمومون من قراءة الفاتحة.
وأوضحت، أنه من المقرر شرعًا أنه لا يجب على الإمام أن يسكت لقراءة المأموم الفاتحة عقب فراغه من قراءتها باتفاق الفقهاء، إلا أنهم اختلفوا في استحباب ذلك للإمام؛ فذهب الشافعية والحنابلة ومَن وافقهم إلى استحباب سكوت الإمام عقب قراءة الفاتحة سكتةً يسيرةً، يقرأ فيها مَنْ خلفه الفاتحة، بينما ذهب الحنفية والمالكية إلى كراهة ذلك.
واستدل الشافعية والحنابلة ومَن وافقهم على استحباب سكوت الإمام عقب فراغه من قراءتها بحديث سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه: "أنه حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سكتتين: سكتة إذا كبَّر، وسكتة إذا فرغ من قراءة: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: 7]، فحفظ ذلك سمرة وأنكر عليه عمران بن حصين، فكتبا في ذلك إلى أبيِّ بن كعب فكان في كتابه إليهما أو في ردِّه عليهما: أنَّ سمرة قد حفظ" رواه أبو داود -واللفظ له-، وابن ماجه، والترمذي في "السنن". وقال الترمذي: "حديث سمرة حديث حسن".
وتابعت: فسكوت الإمام إذن بعد قراءة الفاتحة لإعطاء فرصة للمأمومين لقراءتها مسألة خلافية بين الفقهاء، ومن القواعد المقررة شرعًا في مثل هذه المسائل الخلافية أنه: "لا إنكار في مسائل الخلاف"، وأنه "من ابتُلِيَ بشيء من المختلف فيه فليقلد من أجاز".
وعليه: فإن للإمام ألَّا يسكت بعد قراءة الفاتحة ولا يمهل المأمومين لقراءتها بعده؛ تقليدًا لمن كره ذلك من الفقهاء، وله أن يسكت سكتة يسيرةً لكي يعطي فرصة للمأمومين لقراءة الفاتحة عقب قراءتها؛ تقليدًا لمن أجاز.
مقدار سكوت الإمام
وقالت دار الإفتاء، إنه إذا تقرر هذا واختار الإمام أن يسكت في صلاته عقب قراءة الفاتحة وقبل قراءة السورة فقد استحب له فقهاء الشافعية والحنابلة أن يسكت سكتة لطيفة بمقدار ما يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة.
والقاعدة الفقهية أَنَّ: "الخروج من الخلاف مستحب"؛ ومن ثَمَّ فيستحب قراءة الفاتحة للمأمومين في الصلاة الجهرية، وعلى الإمام -على سبيل الاستحباب- أن يسكت سكتة خفيفة تتيح للمأمومين قراءة الفاتحة قبل شروعه في السورة خروجًا من الخلاف؛ فإذا لم يسكت وشَرَع في قراءة السورة مباشرة؛ فالمختار للفتوى أنه يجب على المأمومين حينئذٍ الإنصات والاستماع لقراءة إمامهم وعدم الانشغال بقراءة الفاتحة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء قراءة الفاتحة الصلاة فی الصلاة من قراءة
إقرأ أيضاً:
بين التمرد والتجريد: قراءة نقدية لمقال خالد كودي عن ظاهرة القونات
بين التمرد والتجريد: قراءة نقدية لمقال خالد كودي عن ظاهرة القونات
راني السماني
(من سلسلة: تفكيك الظاهرة- القونات، تمرد مُعلَن أم توظيف مُبطّن؟)
في مقاله الممتد بعنوان “بين الطار والعار: القونات يقئن الحمل على صلف النخب عند عتبات الخراب السوداني”، يقدم الأستاذ والفنان التشكيلي خالد كودي دفاعاً صريحاً وواسع النطاق عن ظاهرة “القونات”، بوصفها تمرداً فنياً أصيلاً، وساحة احتجاج جمالي على أنقاض الوطن المكسور، ويُلبسها أردية الهامش والمقاومة، ويضعها في قلب اشتباك جمالي مع النخبة، كما يُحمّلها أبعاداً احتجاجية تتجاوز المحلي، لتتصل بسرديات التمرد العالمي:من الدادائية إلى الهيب هوب، ومن الريغي إلي البوتو، بل ويضعها على تماس مع حلقات الذكر.
يُعيد كودي تموضع “القونة” لا كمجرد مؤدّية، بل كرمز مقاوم.
يكسوها لغة شعرية وفضاءً تمثيلياً كثيف الدلالات، كأنها تنهض من تحت الركام لتعيد للهوامش لغتها الخاصة، وللجسد دوره في مواجهة السلطة.
الطرح جريء، مشغول بهمّ إعادة الاعتبار لجماليات مُهمّشة، ومكتوب بلغة نَفَسية، مشبعة بالمجاز والانفعال الجمالي.
لكنه، برغم زخمه، يُطل برأسه من مرآة ضبابية: نلمح من خلاله صوراً لامعة، ولكننا لا نُمسك تماماً بالبُنية التي تربط تلك الصور، ولا بالسياق السوداني الذي يُفترض أن يحتضنها.
تمجيد الجسد أم تفكيك السلطة؟في رغبته الواضحة والمشروعة لهدم خطاب النخبة المُحافِظة، يكاد كودي يُبرّئ الظاهرة برمّتها من أي مساءلة.
فكل انتقاد يُقرأ كتواطؤ برجوازي، وكل تحفظ يُفكك كامتداد أخلاقي سلطوي، وكل أداء جسدي يُستقبل كنص احتجاجي.
لكن هل يمكن للرمز أن يعفي الظاهرة من المراجعة؟
هل يُغني الاحتجاج وحده عن وجود رؤية متماسكة؟
وهل يقف الجسد وحده شاهداً دون خطاب يرفده، ومشروع يُنظّمه، ومرجعية تُنقّيه من التوظيف؟
تلك أسئلة لا يُجيب عليها المقال صراحة، لكنها تلوح من بين سطوره، كإيقاع خفي في نصّ يحتفي بالمخاطرة.
عن المقارنة القلقة: من “الدادائية” إلى “الزنق”يربط المقال بين “فن القونات” وحركات احتجاجية كونية، وهو ربط يُحسب له من حيث الجرأة، لكنه يحتاج إلى عناية أكبر بالسياقات.
فهل يمكن فعلاً مقارنة ظاهرة سريعة التشكل، تنتج أحياناً في مناخ ترندات متقلبة، بحركات نشأت من معسكرات اللجوء، أو من جحيم الحرب العالمية، أو من شوارع السود الأميركيين المحاصرين بالقمع؟
قد تتقاطع الظواهر في الشكل، في الجسد، في الصوت، لكن السياقات لا تتشابه:
لا من حيث البنية الطبقية،
ولا الخلفية السياسية،
ولا أدوات الإنتاج الفني نفسها.
وهنا، لا نرفض المقارنة، ولكننا نُشير إلى الحاجة لتثبيت الفروق، كي لا تنقلب رمزية “القونة” إلى صورة جاهزة، تُعلّق على كل ثورة، وتُعلّب في كل مشهد احتجاجي دون تفصيل.
غياب المشروع الجمالي: سؤال لم يُطرح بعدفي خضم الاحتفاء بالشكل، لا نجد في المقال كثير تأمل في المضمون:
ما هو مشروع القونات فعلياً؟
ما مضامين أغانيهن؟
ما لغتهن الفنية؟
ما أدواتهن الجمالية؟
هل نحن أمام حركة تحمل خطاباً تحويلياً، أم مجرد تكرار جاذب لشكل اختُبر في أماكن أخرى؟
ربما لا يسعى المقال إلى الإجابة عن هذه الأسئلة، وربما أراد أن يفتح الباب فقط، لا أن يُغلقه بإجابات حاسمة.
لكن مع ذلك، فالقارئ يخرج وفي قلبه فراغ صغير، يتساءل فيه:
من أين يبدأ الفن؟ من الشكل أم من الموقف؟
عن النخبة: هل كل نقد خيانة؟
المقال يعامل “النخبة” بوصفها جداراً واحداً، لكنه لا يُفكّك مكوناتها.
فيتساوى من صمت مع من قاوم، ويُدان من انتقد دون أن يُمنح فرصة التوضيح.
والحال أن النخبة في السودان، كما في أي مكان، متباينة:
هناك من غطّى القمع بشهادته،
وهناك من غنّى للمعتقل،
وهناك من صمت، وهناك من قاوم بالكلمة والموقف.
لهذا، يحتاج نقد النخبة، كي يكون عادلاً، أن يكون تفكيكياً لا تبسيطياً.
أن يفرّق بين الحارس والساكت، بين المتواطئ والمتحفّظ، بين من باع ومن انسحب ليحفظ ما تبقى من كرامته.
خاتمة: تمهيد لسؤال أعمقلا يسعى هذا المقال إلى الردّ أو النفي، بل إلى فتح أبواب قراءة موازية، تُضيء ما غاب، وتضع بعض إشارات استفهام على خريطة كودي الثريّة.
وربما نحتاج، بعد هذا التقديم، إلى تفكيك أعمق للغة المقال، لمقولاته، لافتراضاته الجمالية والسياسية، وهو ما سيأتي لاحقاً في مقال منفصل، بعنوان:
بين الاحتجاج والتسليع
رد نقدي على مقال خالد كودي:”.
وما بين التمجيد والرفض، تبقى المساحة الرمادية هي الأكثر حاجةً للضوء.
مايو 2025
الوسومالحرب العالمية الزنق السودان القونات خالد كودي راني السماني معسكرات اللجوء