إيمان الشعراوي تكتب: دور الإعلام لدعم جهود الدمج
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
«ضرورة دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى».. لا تكاد تشاهد أو تسمع مسئولاً أو خبيراً أو برلمانياً، إلا ويُردّد هذه الجملة، ورغم أن هناك قلة قد تدرك الآليات اللازمة لحدوث ذلك، فإن الغالبية يكتفون بترديدها من قبيل الوجاهة الثقافية والحرص على دعم الاقتصاد الوطنى، ولكنهم لا يملكون طرح مقترحات ورؤية مهمة لمواجهة هذه الظاهرة، إنما مجرد كلام مرسل لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع.
ولكى لا نسير على الخُطى نفسها.. سنتطرق لآلية مهمة فى دعم توجه الدولة نحو دمج الاقتصاد غير الرسمى، وهى تعزيز دور «الإعلام التنموى»، الذى لا يقتصر دوره على مجرد نقل الأخبار وتبادل المعلومات، إلا أنه يمكن أن يسهم فى تحقيق النهوض الاقتصادى والتغيير الاجتماعى، وخدمة قضايا التنمية، عبر أكثر من وسيلة، سواء ما يتعلق بإقامة حملات توعية مكثّفة لنشر إيجابيات ومزايا التحول إلى الاقتصاد الرسمى من حيث السهولة فى إجراء التراخيص، والتسهيلات البنكية، وينبغى أن يتم ذلك بطريقة قريبة من الناس وطرح نماذج حقيقية من المواطنين استطاعوا دمج اقتصادهم غير الرسمى بدون معوقات.
هذا بالإضافة إلى دور الإعلام فى التوعية بثقافة استخدام المعاملات المالية إلكترونياً، والتيسيرات فى هذا الإطار والقضاء على ثقافة المعاملات النقدية العائق أمام كشف حجم هذا النوع من الاقتصاد، والترويج على نطاق واسع لعقوبات تزوير مستندات مشروعات الاقتصاد غير الرسمى، وطرح نماذج ناجحة لدول أفريقية ظروفها مشابهة استطاعت القضاء على هذه الظاهرة وأصبح اقتصادها من الدول القوية، مثل دولة «مورشيوس»، التى لعب الإعلام فيها دوراً بارزاً فى هذا الموضوع.
كما يجب أن يراقب الإعلام خطوات الدولة لدعم دمج الاقتصاد غير الرسمى أثناء وبعد التنفيذ لكشف مكامن الخلل وتصحيحها وتسليط الضوء على السلبيات والإيجابيات إن وُجدت، وإقامة الحلقات النقاشية من خلال البرامج التليفزيونية والإذاعية، والحوارات التى تُنظمها الصحف اليومية والأسبوعية، التى تفيد فى نشر الوعى من ناحية، وفى جمع المعلومات من ناحية أخرى، وتوسيع الحوار بين أفراد المجتمع نفسه، وبين المجتمع والدولة، الأمر الذى يُعزّز إزالة العوائق التى وقفت حائلة أمام هذا الأمر لسنوات طويلة.
والأهم من ذلك، أنه يجب ألا تقتصر حملات التوعية على الإعلام التقليدى فقط، وإنما يجب استخدام مواقع التواصل الاجتماعى الخاصة بالقنوات والصحف للتسويق لهذه الأفكار، لما لها من قوة تأثير وسهولة الانتشار قد تصل ليس إلى الآلاف فقط، بل إلى الملايين فى كثير من الأوقات.
ختاماً يمكن التأكيد على أن نجاح الإعلام فى القيام بدور فاعل فى دمج الاقتصاد غير الرسمى، ينطلق من إدراك العاملين به أن هذه الظاهرة ليست اقتصادية فقط، إنما لها أبعاد اجتماعية شديدة التعقيد تتطلب المهنية فى التعامل مع حملات التوعية مع المواطنين من جانب.. والقدرة على الإقناع بخطورة هذه الظاهرة على الاقتصاد المصرى، الأمر الذى يتطلب تكاتفاً وطنياً من أجل دعمه ومساندته والتوقف عن الممارسات التى تؤثر عليه سلباً بما يضر بنا جميعاً.
* باحثة فى الشئون السياسية والأفريقية
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: اقتصاد الظل قطاع الزراعة الحوار الوطنى دمج الاقتصاد غیر الرسمى هذه الظاهرة
إقرأ أيضاً:
بن طريف تكتب في حق العيسوي
صراحة نيوز- د اسراء بن طريف
في حضرة الرجال الكبار، تنحني الكلمات احتراماً، وتبحث الأقلام عن الحروف التي تليق بمقامهم. ومعالي يوسف حسن العيسوي، رئيس الديوان الملكي الهاشمي، واحد من هؤلاء الرجال الذين لا يُشبهون أحدًا، فهو نموذج استثنائي لمسؤول أردني جمع بين الهيبة والتواضع، وبين الانتماء العميق للوطن وخدمة الناس بكل حبٍ وإخلاص.
نشأ معاليه في بيئة عسكرية عريقة، خدم في صفوف القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي بشرف، فكان الجندي الأمين الذي نهل من مدرسة الانضباط، والوفاء، والتضحية. واليوم، ما زال يحمل تلك القيم في كل خطوة من مسيرته داخل أروقة الديوان الملكي، حيث يمثل همزة الوصل الصادقة بين المواطن وقيادته الهاشمية الحكيمة.
منذ توليه رئاسة الديوان الملكي، حمل همّ المواطن الأردني في قلبه وضميره، ولم يتوانَ لحظة عن إيصال صوت الناس إلى سيد البلاد، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم – حفظه الله – بكل أمانةٍ وصدق. لا يغلق بابه في وجه أحد، ولا يعرف الكبر أو التردد في تلبية أي نداء يحمل في طيّاته حاجة الناس أو مصلحة الوطن.
إن معالي يوسف العيسوي لا يرى في منصبه سوى فرصة لخدمة وطنه وأهله، ولا مكان فيه للرتب أو الألقاب أمام إنسانية المواطن، بل يُعامله كأخ أو أب، ينقل همومه ويناضل من أجله، بروح متواضعة ومخلصة، تنبع من حب عميق للوطن وقائده.
شهادتي بمعالي يوسف العيسوي ليست مجرد كلمات، بل تجربة شخصية أفتخر بها. حين زرت مكتبه برفقة والدي، استقبلنا بكل محبة وتواضع، وقال لنا من قلبه:
“هذا بيت الأردنيين، وأهلاً وسهلاً فيكم بأي وقت.”
كانت لحظة تشعر فيها بأنك في بيت والدك، لا مكتب مسؤول رفيع. وأكثر من ذلك، كلما تواصلت معه، يردّ على اتصالي بمحبة كبيرة، ويقول لي دائماً:
“الدكتورة، إنتِ زي حفيدتي… أي شي بدك إياه أنا بالخدمة.”
هذه الكلمات لا تصدر إلا عن إنسان نبيل، يعرف كيف يكون أباً لكل أردني قبل أن يكون مسؤولاً في الدولة. رجل يخدم الناس بقلبه، ويمد يده لكل من يطلب العون، دون حساب أو انتظار مقابل.
في زمنٍ قلّ فيه من يحملون الأمانة بهذا الصدق، يظلّ معالي يوسف العيسوي رمزاً نقيّاً للمسؤول الأردني الذي يمثل الشعب والقيادة بكل وفاء. هو الوجه المشرق للمؤسسة الملكية، والسند الأمين لكل محتاج، وصوت المحبة الذي لا ينقطع عن أبناء هذا الوطن الطيب.
وما يميز معاليه أيضاً هو تواضعه الجم، وابتسامته الدائمة التي تُشعر كل من يقابله بأنه محل تقدير واحترام، مهما كانت مكانته. فهو رجل الدولة الذي لا ينسى أبداً أنه خادم للشعب، يحمل قضاياهم على صدره، وينقلها بدقة وحرص إلى أعالي السلطة، بصدق وأمانة.
ختاماً، نقولها بكل فخر: أمثال معالي يوسف العيسوي لا يُكرّرهم الزمن، ولا تنصفهم الكلمات، فهم رجال دولة من طراز نادر، يعيشون لأجل الوطن، ويعملون في صمت، ويبقون في القلوب طويلاً، وكلنا ثقة بأن سيرته ستظل نوراً يُضيء دروب الأجيال القادمة.