الساعة النووية.. أدق 100 ألف مرة من الذرية وقد تكشف أسرار الكون
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
استطاع باحثو معهد "جاي آي إل إيه" البحثي التابع لجامعة كولورادو بولدر الأميركية تحديد المكونات المطلوبة لبناء الساعة الأكثر دقة على الإطلاق، وذلك يعني خطوة أولية مهمة جدا لاقت كثيرا من الترحيب في أوساط الفيزياء بالعالم.
وفي بحثهم المنشور يوم الخامس من سبتمبر/أيلول بدورية نيتشر، حدد الفيزيائيون تردد الضوء المطلوب من أجل استثارة نواة عنصر الثوريوم 229 كي تنتقل إلى مستوى طاقة أعلى.
ويتوقع علماء الفيزياء أن هذا الابتكار سيسهم في إجراء مزيد من الأبحاث الدقيقة المتعلقة بفيزياء الجسيمات، واكتشاف أغوار المادة المظلمة.
حساب الوقت على مر التاريختطورت الساعات عبر الزمن مرات عدة، فاستخدم المصريون القدماء واليونانيون والرومان وسائل شديدة البساطة من أجل التعرف إلى الوقت، وتمثلت هذه الوسائل في الساعات الشمسية (عمود مثبت في الأرض يتغير مكان ظله على مدار اليوم)، تليها الساعات المائية المتطورة (ساعة تتكون من إناء أو إنائين مملوئين بالماء بكل منهما ثقب يمرر الماء، ويمثل مرور كمية من الماء مرور الوقت).
وفي القرن السابع عشر، خلال مطلع عام 1657 تحديدًا، طوّر العالم كرستيان هيوجنز أول نموذج للساعة البندولية، وهي تتكون من "وزن" يتحرك يمينًا ويسارًا مربوطًا بترس معدني، وتعني حركة الترس مرور ثانية واحدة.
لاحقًا ظهرت الساعة الميكانيكية، وتعمل بطريقة عمل ساعة البندول، إلا أن العلماء استبدلوا البندول الطويل بملف معدني صغير قادر على الانقباض والارتخاء، مُحرّكًا الترس.
وأخيرًا ظهرت ساعة الكوارتز، وهي مادة مميزة تنتج الكهرباء عند تعرضها للضغط، وتهتز حينما نمدّها بالكهرباء، تعمل الساعة حينما تصدر البطارية كهرباء مسببة اهتزاز مادة الكوارتز التي تنطلق منها نبضات كهربائية تستطيع أجهزة الترانزستور قياسها.
ولأن هذه الساعة قد تتأثر دقتها بعوامل عديدة، اتجه العلماء إلى تطوير الساعة الذرية، المشابهة في مفهومها لساعة الكوارتز.
وبدلًا من الكوارتز، يستخدم العلماء عنصر السيزيوم، وبدلًا من البطارية مصدر الطاقة يوجد مصدر لإشعاع الميكروويف، وهو الإشعاع المستخدم في تسخين الطعام بأجهزة "الميكروويف" المنزلية.
ويحدد العلماء مقدار الثانية لا عن طريق الاهتزازات كما كان الحال سابقًا، إنما عن طريق رصد انتقال الإلكترونات التي تدور حول نواة السيزيوم من مستوى طاقة منخفض إلى مستوى أعلى.
الساعة النوويةلكن الساعة النووية تعمل بشكل مختلف، وإذ يتكون أي عنصر من ذرة، داخلها في النواة تقع البروتونات والنيوترونات، فحينما تتعرض النواة لقدر من الطاقة، تنتقل هذه البروتونات والنيوترونات إلى حالة طاقة مختلفة، مثلما هو الحال حينما نأكل السكريات، فنستمد الطاقة التي نستغلها في الحركة على مدار اليوم.
وفي حديثه إلى الجزيرة نت، أشار شوانكون تشانج -الباحث الرئيس بالدراسة- إلى أن الساعة النووية "تعتمد على تغير حالة الطاقة الخاصة بالبروتونات والنيوترونات الموجودة داخل النواة، بدلًا من انتقال الإلكترونات إلى المدار الأعلى طاقة".
ويوضح تشانج أن "الفارق الأساسي بين الساعتين النووية والذرية لا ينبغي اختزاله في الدقة؛ إذ يتطلب الحصول على ساعة نووية فائقة الدقة سنوات من التجارب، حينئذ ستتفوق هذه الساعة على نظيرتها الذرية بمراحل".
من ناحية أخرى، شرح الباحث أهم مميزات الساعة النووية الجديدة، وأولها هو الاعتماد على جزئيات وتفاعلات مختلفة عن تلك الخاصة بكيفية عمل الساعة الذرية، ويُمكن استخدام الساعتين معًا في الأبحاث الفيزيائية من أجل الحصول على نتائج دقيقة.
ويرى تشانج أن الساعتين النووية والذرية ستسهمان في اختبار صحة الثوابت الفيزيائية التي طالما اعتمد العلماء عليها طويلًا، مثل سرعة الضوء، وثابت الجاذبية، وذلك سيفيد في إجابة السؤال عن هذه الثوابت: هل هي ثابتة حقا؟
كذلك فإن ارتفاع معدل استقرار الساعة النووية مقارنة بكل الساعات المصنوعة سابقًا، نتيجة عدم تأثرها بعوامل البيئة الخارجية، مثل المجالات المغناطيسية، يعني زيادة فاعليتها. ويُمكن وضع النواة الخاصة بالساعة في أجسام صلبة، وهذا يعني إمكانية استخدامها خارج المعامل البحثية بلا مشكلة.
تواصلت الجزيرة نت مع الدكتور مصطفى بهران، الأستاذ الزائر في قسم الفيزياء بجامعة كارلتون الكندية، لتقييم مدة فاعلية الساعة الجديدة، فأوضح أن "الساعة الذرية تستمد الطاقة من ليزر الضوء المرئي، بينما تستمد الساعة النووية الطاقة من ليزر الأشعة فوق البنفسجية الأعلى طاقة وترددًا".
وأضاف بهران أن "الساعة الذرية تخطئ بمقدار ثانية واحدة كل مليار مليار ثانية، أما الساعة النووية التي هي قيد التطوير فتخطئ بالمعدل نفسه كل 100 ألف مليار مليار ثانية"، ولا يعتقد بهران أن هذه التقنية الحديثة لقياس الوقت ستسهم مباشرة في حياة البشر، لكنها بالتأكيد ستسهم في فهم أعمق للكون من حولنا.
ويقترح بعض الفيزيائيين أن المادة المظلمة هي مادة ذات كتلة خفيفة جدا تؤثر تأثيرًا بسيطًا في بعض الثوابت الفيزيائية، مثل شدة القوة المغناطيسية. تساعد الساعة النووية ومن قبلها الساعة الذرية في رصد هذه التغيرات الطفيفة.
ويتفق تشانج مع هذا الرأي، فالطاقة المظلمة -طبقًا لتعريفه- تمثل "مجالات اهتزازية"، وهذه المجالات تؤثر بطريقة معينة في الإلكترونات، وتؤثر بطريقة مختلفة في النواة.
ويضيف قائلا "إذا أردنا دراسة المادة المظلمة يمكننا الاستعانة بكل من الساعة الذرية وتلك النووية، فكل ساعة منهما عند تعرضها لتلك المادة سيصدر منها اختلافات في مستوى الطاقة، سواء على مستوى الإلكترونات، أو على مستوى الذرة".
جدير بالذكر أن الساعات الذرية الحالية نظرًا لمستوى دقتها تستخدم في تكنولوجيا الاتصالات، مثل أنظمة تحديد الموقع "جي بي إس"، والاتصالات بين الأقمار الصناعية، وكذلك الاتصال بين سفن الفضاء وكوكب الأرض، وكلها مجالات يُمكن أن تدعم اكتشاف أعماق الفضاء البعيد.
وسيعمل تشانج وفريقه خلال المرحلة القادمة على مزيد من التجارب الخاصة بالساعة النووية لاختبار مدى تأثرها بالعوامل الخارجية، وضمان حُسن سير العمليات داخلها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الساعة النوویة الساعة الذریة
إقرأ أيضاً:
«جوج وماجوج» وعلاقتهما بحرب إيران.. هل اقتربت الساعة؟ الأزهر يكشف أسرار «النبوءات»
يربط البعض ما يحدث في إيران الآن من حرب مع إسرائيل، على أنه تفسير للرواية التوراتية، التي وردت في نبوءة جوج وماجوج الواردة في سفر حزقيال «الإصحاحان 38 و39»، التي تصوّر مواجهة كبرى في «أواخر الأيام» تُشن ضد اليهـود.
حذّر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من توظيف الأبعاد الدينية واللاهوتية في الصراع القائم بين الكيان الصـهيوني وإيران، وهو توظيف يتجاوز الأبعاد السياسية والجغرافية ليتغلغل في بنية العقائد الدينية، ولا سيما داخل أوساط المسيحية الإنجيلية في الولايات المتحدة.
الحرب ضد اليهودأوضح الأزهر: وتعتمد هذه الأوساط على تأويلات خاصة لنصوص توراتية قديمة، أبرزها نبوءة "جوج وماجوج" الواردة في سفر حزقيال «الإصحاحان 38 و39»، التي تصوّر مواجهة كبرى في "أواخر الأيام" تُشن ضد اليهـود.
وتابع: ويُفسَّر ذكر "فارس" في هذه النبوءة على أنه يشير إلى إيران المعاصرة، التي تُقدَّم بوصفها العدو الأول في تحالف معادٍ للكيان.
واستطرد: وبالنظر إلى هذه التأويلات نجدها لا تُقدَّم إيران كمجرد خصم إقليمي أو تهديد نووي، بل كعنصر محوري في سيناريو «نهاية الأزمنة» الذي تتبناه هذه الأوساط.
بداية تحقق النبوءات التوراتيةوأكمل: ويُعدّ قيام الكيان الصـ.هـ.يوني عام 1948 – بحسب هذا التصور – بداية تحقق النبوءات التوراتية، وأن أي تهديد لوجوده يُعَد تمهيدًا لما يُعرف بـ"المعركة الأخيرة" التي ستسبق المجيء الثاني للمسيح.
وواصل: وينعكس هذا التصور بوضوح في وسائل الإعلام التابعة للمسيحية الصـهـيونية في الولايات المتحدة، والتي تبث برامج ومقالات تربط كل تصعيد سياسي أو عسكري مع إيران بهذه النبوءات، ما يسهم في ترسيخ دعم شعبي محافظ للكيان، ويؤثر بدوره على صُنّاع القرار في واشنطن، الذين يرون في دعم الكيان واجبًا دينيًا واستراتيجيًا.
وأكد مرصد الأزهر أن هذه القراءات اللاهوتية ليست سوى ذريعة تُستخدم لتبرير السياسات التوسعية والعدوانية التي يمارسها الكيان ضد دول عربية وإسلامية، وهو ما أدى إلى نشر الفوضى وتصاعد العنف في منطقة الشرق الأوسط.
الجرائم اللا إنسانيةوفي هذا السياق، حذّر المرصد المجتمع الدولي من الاستمرار في التغاضي عن الجرائم اللا إنسانية التي يرتكبها الاحـتلال في قطاع غزة، لا سيما استخدام التجويع كسلاح حرب، واستهداف المدنيين العزّل خلال محاولاتهم تأمين احتياجاتهم الأساسية من الطعام والدواء.
وجدد مرصد الأزهر، دعوته إلى الوقف الفوري للقتل الممنهج، وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وغير مشروط إلى قطاع غزة، باعتبار ذلك حقًّا إنسانيًّا أصيلًا كفلته المواثيق والعهود الدولية. ويؤكد أن الصمت الدولي المتواصل يُعدّ تواطؤًا أخلاقيًّا مع جرائم الاحـتلال، ويقوّض المبادئ الإنسانية التي يُفترض أن يقوم عليها النظام العالمي.
نبوءة جوج وماجوج في العهد القديم
1 وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: 2 «يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ عَلَى جُوجٍ، أَرْضِ مَاجُوجَ رَئِيسِ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ، وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِ 3 وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَيْكَ يَا جُوجُ رَئِيسُ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ. 4 وَأُرْجِعُكَ، وَأَضَعُ شَكَائِمَ فِي فَكَّيْكَ، وَأُخْرِجُكَ أَنْتَ وَكُلَّ جَيْشِكَ خَيْلًا وَفُرْسَانًا كُلَّهُمْ لاَبِسِينَ أَفْخَرَ لِبَاسٍ، جَمَاعَةً عَظِيمَةً مَعَ أَتْرَاسٍ وَمَجَانَّ، كُلَّهُمْ مُمْسِكِينَ السُّيُوفَ. 5 فَارِسَ وَكُوشَ وَفُوطَ مَعَهُمْ، كُلَّهُمْ بِمِجَنٍّ وَخُوذَةٍ، 6 وَجُومَرَ وَكُلَّ جُيُوشِهِ، وَبَيْتَ تُوجَرْمَةَ مِنْ أَقَاصِي الشِّمَالِ مَعَ كُلِّ جَيْشِهِ، شُعُوبًا كَثِيرِينَ مَعَكَ. 7 اِسْتَعِدَّ وَهَيِّئْ لِنَفْسِكَ أَنْتَ وَكُلُّ جَمَاعَاتِكَ الْمُجْتَمِعَةِ إِلَيْكَ، فَصِرْتَ لَهُمْ مُوَقَّرًا. 8 بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ تُفْتَقَدُ. فِي السِّنِينَ الأَخِيرَةِ تَأْتِي إِلَى الأَرْضِ الْمُسْتَرَدَّةِ مِنَ السَّيْفِ الْمَجْمُوعَةِ مِنْ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ الَّتِي كَانَتْ دَائِمَةً خَرِبَةً، لِلَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنَ الشُّعُوبِ وَسَكَنُوا آمِنِينَ كُلُّهُمْ. 9 وَتَصْعَدُ وَتَأْتِي كَزَوْبَعَةٍ، وَتَكُونُ كَسَحَابَةٍ تُغَشِّي الأَرْضَ أَنْتَ وَكُلُّ جُيُوشِكَ وَشُعُوبٌ كَثِيرُونَ مَعَكَ. 10 هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أُمُورًا تَخْطُرُ بِبَالِكَ فَتُفَكِّرُ فِكْرًا رَدِيئًا، 11 وَتَقُولُ: إِنِّي أَصْعَدُ عَلَى أَرْضٍ أَعْرَاءٍ. آتِي الْهَادِئِينَ السَّاكِنِينَ فِي أَمْنٍ، كُلُّهُمْ سَاكِنُونَ بِغَيْرِ سُورٍ وَلَيْسَ لَهُمْ عَارِضَةٌ وَلاَ مَصَارِيعُ، 12 لِسَلْبِ السَّلْبِ وَلِغُنْمِ الْغَنِيمَةِ، لِرَدِّ يَدِكَ عَلَى خِرَبٍ مَعْمُورَةٍ وَعَلَى شَعْبٍ مَجْمُوعٍ مِنَ الأُمَمِ، الْمُقْتَنِي مَاشِيَةً وَقُنْيَةً، السَّاكِنُ فِي أَعَالِي الأَرْضِ.
13 شَبَا وَدَدَانُ وَتُجَّارُ تَرْشِيشَ وَكُلُّ أَشْبَالِهَا يَقُولُونَ لَكَ: هَلْ لِسَلْبِ سَلْبٍ أَنْتَ جَاءٍ؟ هَلْ لِغُنْمِ غَنِيمَةٍ جَمَعْتَ جَمَاعَتَكَ، لِحَمْلِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، لأَخْذِ الْمَاشِيَةِ وَالْقُنْيَةِ، لِنَهْبِ نَهْبٍ عَظِيمٍ؟ 14 «لِذلِكَ تَنَبَّأْ يَا ابْنَ آدَمَ، وَقُلْ لِجُوجٍ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عِنْدَ سُكْنَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ آمِنِينَ، أَفَلاَ تَعْلَمُ؟ 15 وَتَأْتِي مِنْ مَوْضِعِكَ مِنْ أَقَاصِي الشِّمَالِ أَنْتَ وَشُعُوبٌ كَثِيرُونَ مَعَكَ، كُلُّهُمْ رَاكِبُونَ خَيْلًا، جَمَاعَةٌ عَظِيمَةٌ وَجَيْشٌ كَثِيرٌ. 16 وَتَصْعَدُ عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ كَسَحَابَةٍ تُغَشِّي الأَرْضَ. فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ يَكُونُ. وَآتِي بِكَ عَلَى أَرْضِي لِكَيْ تَعْرِفَنِي الأُمَمُ، حِينَ أَتَقَدَّسُ فِيكَ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ يَا جُوجُ. 17 «هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلْ أَنْتَ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمْتُ عَنْهُ فِي الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ عَنْ يَدِ عَبِيدِي أَنْبِيَاءِ إِسْرَائِيلَ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ سِنِينًا أَنْ آتِيَ بِكَ عَلَيْهِمْ؟
18 وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَوْمَ مَجِيءِ جُوجٍ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، أَنَّ غَضَبِي يَصْعَدُ فِي أَنْفِي. 19 وَفِي غَيْرَتِي، فِي نَارِ سَخَطِي تَكَلَّمْتُ، أَنَّهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ رَعْشٌ عَظِيمٌ فِي أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 20 فَتَرْعَشُ أَمَامِي سَمَكُ الْبَحْرِ وَطُيُورُ السَّمَاءِ وَوُحُوشُ الْحَقْلِ وَالدَّابَّاتُ الَّتِي تَدُبُّ عَلَى الأَرْضِ، وَكُلُّ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، وَتَنْدَكُّ الْجِبَالُ وَتَسْقُطُ الْمَعَاقِلُ وَتَسْقُطُ كُلُّ الأَسْوَارِ إِلَى الأَرْضِ.
21 وَأَسْتَدْعِي السَّيْفَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ جِبَالِي، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَيَكُونُ سَيْفُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى أَخِيهِ. 22 وَأُعَاقِبُهُ بِالْوَبَإِ وَبِالدَّمِ، وَأُمْطِرُ عَلَيْهِ وَعَلَى جَيْشِهِ وَعَلَى الشُّعُوبِ الْكَثِيرَةِ الَّذِينَ مَعَهُ مَطَرًا جَارِفًا وَحِجَارَةَ بَرَدٍ عَظِيمَةً وَنَارًا وَكِبْرِيتًا. 23 فَأَتَعَظَّمُ وَأَتَقَدَّسُ وَأُعْرَفُ فِي عُيُونِ أُمَمٍ كَثِيرَةٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.
جوج وماجوج في سِفْر الرؤياوورد ذكر جوج وماجوج أيضًا في سِفْر الرؤيا، وهو آخر أسفار العهد الجديد، باعتبارهم أقوامًا مفسدين يظهرون في آخر الزمن، فيصطدمون بجيش المؤمنين، ولكن الله يقضي عليهم:
«ثم متى تمت ألف السَّنة يُحَلُّ الشيطان من سجنه ويخرج ليُضلَّ الأمم الذين في أربع زوايا الأرض جوج وماجوج ليجمعهم للحرب، الذين عددهم مثل رمل البحر. فصعدوا على عرض الأرض وأحاطوا بمعسكر القدِّيسين وبالمدينة المحبوبة (= أورشليم). فنزلت نارٌ من عند الله من السماء وأكلتهم. وإبليس الذي كان يُضلهم طُرِحَ في بحيرة النار والكبريت» (الرؤيا ٢٠: ٧–١٠).
يأجوج ومأجوج في القرآن الكريموهناك إشارة أخرى في سورة الأنبياء إلى نقب يأجوج ومأجوج للسد عند اقتراب الساعة: «حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ» (٢١ الأنبياء: ٩٦–٩٧).
يأجوج ومأجوج هم قوم من الأقوام الذين سكنوا الأرض في القديم وتم ذكرهما في الكتب السماوية جميعها وذلك كما ورد فى قوله تعالى فى القرآن الكريم: « قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا»،
يأجوج ومأجوج هما قبيلتان سكنتا الأرض في قديم الزمان وعاثوا فيها بالفساد وطغوا وتجبروا بشرهم على من في الأرض فقوتهم وعددهم يفوق الخيال والوصف فظلموا من حولهم بسبب هذه القوة والجبروت.
فبعث الله عز وجل لهم الملك الصالح «ذو القرنين» في منطقة تقع ما بين المشرق والمغرب أو بين السديّن كما جاء وصفها في القرآن الكريم وقد كان هذا الملك الصالح يجوب الأرض متفقداً لأحوال الناس في محاولة لإصلاحها بما أتاه الله عز وجل من القوة والعلم، وعندما وصل إلى ما بين السدين وجد قوماً يشتكون له من يأجوج ومأجوج ومن بطشهم وقوتهم وجبروتهم وإفسادهم في الأرض.
وطلبوا من ذي القرنين أن يقوم ببناء سدٍّ ما بينهم وبين يأجوج ومأجوج ليحتموا به من شرهم، فما توانى هذا الملك الصالح ببناء السد بما آتاه الله عز وجل من العلم والحكمة فما كان منه إلا أن أقام سدّاً حصيناً ما بين هؤلاء الأقوام وما بين يأجوج ومأجوج من الحديد وقام بإذابة النحاس فوقه فأصبح بذلك هذا السد منيعاً قوياً لا يمكن اختراقه إلّا بأمر الله عز وجل.
وقد جاء وصف هذا السد في القرآن الكريم ووصف يأجوج ومأجوج في سورة الكهف في قوله تعالى:«قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً* آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً»، آيات 95 إلى 97.
وأخفى الله -عز وجل- هذا السد ومكان يأجوج ومأجوج عن الناس فلا أحد منهم يعلم بمكانه فلا هم يرون البشر ولا نحن نراهم وسيظل هذا المكان مخفياً عن أعيننا بقدرة الله عز وجل حتى يشاء فيظهرهم بعد أن ينزل عيسى -عليه السلام- مرة أخرى ويقتل المسيح الدجا ل ويخرج يأجوج ومأجوج ويعيثون في الأرض فساداً فيتحصن عيسى -عليه السلام- ومن معه إلى جبل الطور ويلجأون إلى الله بدعائهم لأنّه لا طاقة لهم بهؤلاء الأقوام ويصيبهم ما يصيبهم من القحط والجوع والجدب حتى لا يكون من معين لهم إلا الله عز وجل فيستجيب الله عز وجل لهم ويرسل على يأجوج ومأجوج النغف وهو دود يكون في أنوف الغنم والإبل فيبيد به الله عز وجل هذين القومين ويرسل بعدها مطراً يغسل به الأرض ويعيد عز وجل الخيرات إلى الأرض من زرع ورمانٍ ولبن وغيرها من النعيم.