الانقسام يخيم على مظاهر الاحتفاء بذكرى ثورة سبتمبر باليمن
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
تعز– حلت اليوم الخميس الذكرى الـ62 لثورة 26 سبتمبر/سبتمبر اليمنية، وسط حالة انقسام سياسي حاد خلف تباينا ملحوظا في مسار الاحتفال بهذه المناسبة الوطنية، في بلد ممزق جراء الحرب المستمرة منذ نحو 10 سنوات.
واندلعت ثورة 26 سبتمبر عام 1962 ضد النظام الإمامي الذي حكم شمالي اليمن لعقود، بينما كان حينها جنوبي البلاد يخضع لسيطرة الاستعمار البريطاني.
ومنذ أيام، بدأ الاحتفال بذكرى الثورة، وسط زخم كبير بالمناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة اليمنية، بعكس المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين التي شهدت انتشارا أمنيا مكثفا رفضا لأي تجمعات احتفالية بهذه المناسبة. وواجهت هذه الجماعة اتهامات حقوقية وحكومية بتنفيذ اعتقالات بحق ناشطين دعوا للاحتفاء بذكرى الثورة.
وعبر حسابه على منصة إكس، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، يوم الاثنين، إن جماعة الحوثي "اعتقلت المئات من المشائخ والتربويين والسياسيين والإعلاميين والصحفيين والناشطين في مواقع التواصل لمنع الاحتفال بذكرى الثورة".
بدوره، رد عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين محمد علي الحوثي على هذه الاتهامات بتحدي الحكومة اليمنية أن تحتفي بالمناسبة في مدينة عدن، الواقعة تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بانفصال جنوب البلاد عن شماله.
● تصعيد مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، حملات الاختطاف التي طالت خلال الايام الماضية المئات من المشائخ والتربويين والسياسيين والاعلاميين والصحفيين والناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي في عدد من المحافظات الخاضعة بالقوة لسيطرتها، محاولة لإرهاب المواطنين ومنع الاستعدادات… pic.twitter.com/qUpLd82yF1
— معمر الإرياني (@ERYANIM) September 23, 2024
الاحتفال كرسالة سياسيةنتيجة الانقسام في السيطرة الجغرافية والعسكرية بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي والمجلس الانتقالي الجنوبي، بات من الصعب إيجاد وحدة في الموقف حول العديد من القضايا، بما في ذلك المناسبات الوطنية.
وفي السياق، يقول المحلل السياسي عبد الواسع الفاتكي، في تصريح للجزيرة نت، إن "ثورة السادس والعشرين شهدت في ذكراها هذا العام انقساما كبيرا بالنسبة لليمنيين وتباينا في وجهات النظر بين من يؤيد الاحتفال بهذه الثورة ومن يعارض ذلك نتيجة الانقسام على الأرض والجغرافيا اليمنية بين مناطق تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليا وأخرى تحت سيطرة الحوثيين".
وأشار الفاتكي إلى أن الاحتفاء المتصاعد في مناطق سيطرة الحكومة "يعد رسالة سياسية واضحة بأن ما تريده جماعة الحوثي لن يتحقق، وبأن هنالك جماهير شعبية رافضة لها ولما تريد فرضه على اليمنيين عن طريق عقيدتها السياسية أو توجهها".
وفي المقابل، لفت المحلل السياسي إلى أن "جماعة الحوثي ترى أن الاحتفاء في مناطقها بالثورة يعتبر رسالة تأييد للحكومة المعترف بها دوليا، ويمثل أيضا رسالة رفض لها خاصة بأنها عبرت أكثر من مرة عن عقيدتها السياسية القائمة على نظرية عودة الإمامة، وعملت على ممارسة اعتقالات في مناطق سيطرتها لمن يرفع شعار الاحتفاء بثورة 26 سبتمبر سواء في الواقع أو مواقع التواصل".
ومع ذلك، ووفق الفاتكي، هنالك قطاع من اليمنيين يرون أن الأهمية في هذه المرحلة يجب أن تكون لإنهاء الحرب، لأنها أخذت من اليمن الكثير على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبأنه "آن الأوان لأن تضع الحرب أوزارها، ويخمد صوت البندقية ويعلو صوت السلام".
بدوره، يقول الباحث بمجموعة الأزمات الدولية أحمد ناجي، في تصريح للجزيرة نت، إن تحولا حدث في تعاطي اليمنيين مع ذكرى ثورة 26 سبتمبر وفق شقين:
الأول يتمثل بالحنين إلى الماضي عند كثير من الناس خاصة أن البلد منقسم عسكريا وسياسيا، وفي حالة من الفوضى والتدهور الاقتصادي، وبالتالي تمثل ثورة 26 سبتمبر لمجموعة كبيرة من الناس لحظة تأسيس لفكرة العدالة والمساواة والجمهورية والتغيير، وهي العودة إلى حالة ترفض كل هذا الانقسام وكل هذا الوضع السيئ الذي تعيشه البلاد. الثاني يتمثل بأن الكثير من الناس ينظرون إلى الحوثيين بأنهم أتوا ليجهضوا فكرة النظام الجمهوري، وهي نوع من رفض هذا التوجه، وصارت الثورة لديهم مثل الأيقونة عند الكثيرين الذين يرفضون حكم الحوثيين، وبالتالي يصاحب الاحتفال بالثورة هجوم كبير جدا على الجماعة باعتبارها النقيض لهذا التوجه.وتابع ناجي أن المناطق التي شهدت مواجهة مع الحوثيين تشهد احتفالات واسعة جدا وزخما كبيرا كما بمحافظتي تعز ومأرب، بينما المناطق التي لا يوجد فيها مواجهات مباشرة مع الحوثيين لم نشهد فيها هذه الاحتفالات، وهذا لا يعني، حسب المتحدث ذاته، أنها مؤيدة للحوثيين ولكن حالة الاشتباك الذي حصل حفز هذا التعاطي الكبير مع ثورة 26 سبتمبر وذكراها.
فيديو من احتفالات #تعز بعيد الثورة اليمنية.#اليمن pic.twitter.com/W6SfxPaqo2
— Maher Alabsi (@maheralabssi) September 26, 2024
البحث عن السلاموفي السياق، يرى الدكتور عبد القادر الخلي، أستاذ التحليل السياسي بجامعة تعز (إحدى أكبر جامعات اليمن) أن الاحتفال بالثورة لم يظهر هذا العام في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، عازيا ذلك إلى منع الجماعة الاحتفاء بذلك، أو بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي جعلت الكثير من المواطنين ينشغلون في البحث عن لقمة العيش وتأمين حياتهم المعيشية عن الاحتفال بهذه الثورة.
وأضاف الأكاديمي اليمني للجزيرة نت أن "العديد من المواطنين سئموا منذ 10 سنوات من الانقسام، ويرون ضرورة الخروج إلى حل سلمي يؤدي إلى التعايش والقضاء على كل المشاكل والمعضلات، وإعادة لحمة الجغرافيا اليمنية والأسرة اليمينة".
وتابع "اليمنيون يرغبون بوجود حل يعيد بلادهم إلى مسارها الطبيعي ويوحد شمل اليمنيين، وهذا لا يعني بالضرورة أنهم لا يعشقون الثورة أو مبادئها، ولكنهم ليسوا مع العودة إلى النظام الإمامي أو تقسيم اليمن إلى ما قبل الوحدة اليمنية".
ولفت الخلي إلى أن "بعض اليمنيين باتوا يخشون على أنفسهم من أن يتعرضوا للقمع أو السجن أو انتهاك أعراضهم من قبل جماعة سياسية، ويجنحون إلى السلم ويبحثون عن خارطة طريق تؤدي إلى التعايش السلمي بين كافة أبناء المجتمع".
الاحتفال بثورة سبتمبر بهاذا الزخم وهاذا الكم وهاذا التحدي حتى من المناطق المحتله من الكهنوت برغم حملة الاعتقالات والحشود العسكريه في الشوارع والميادين والتهديد والوعيد هوا اكبر استفتا شعبي برفض هاذي الجماعه وعليه يجب ان يفهمو ان لامكان لهم في اليمن وعليهم الرحيل pic.twitter.com/sHS0uCma1R
— عفاشي ولي مع العز تاريخ (@FTarykh) September 25, 2024
انشغال بلقمة العيشوفي حديثه للجزيرة نت، يقول المواطن هائل الأحمدي الذي يقيم في محافظة تعز إن جراح الحرب ولدت لديه شعورًا في البحث عن السلام، مشيرا إلى أنه عزف عن الاحتفاء بالثورات الوطنية نتيجة توظيفها في مشاريع سياسية من قبل الحكومة الشرعية والحوثيين، حسب تعبيره.
وأضاف الرجل الخمسيني الذي يعمل بالأجر اليومي ويعول 10 أفراد "نتوق للسلام وإقامة دولة يمنية موحدة نستطيع فيها الحصول على مقومات العيش لأسرنا، ونرفض كافة العوائق التي تصنعها أطراف الصراع، ومحاولتها النيل من مكتسبات الثوار الأحرار، واستغلال ثورتهم سياسيا".
وفي حديثه مع الجزيرة نت، يرى المواطن عبد الله الصبري أن توفير متطلبات الحياة الأساسية للمواطنين هو أكبر احتفاء وطني لغالبية السكان.
وأضاف الصبري (60 عاما) وهو يقود دراجته النارية وسط تعز على بعد عشرات الأمتار من تجمع واسع يحتفي بذكرى ثورة 26 سبتمبر صباح الخميس "الواقع كله غلاء.. لا نستطيع توفير أدنى متطلبات الحياة.. لا يهمني الاحتفال بالثورة، فلست مع أو ضد الاحتفاء.. كل ما يهمني هو توفير القوت اليومي لأولادي الثمانية عبر عملي بدراجتي في نقل الركاب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات اليمن ثورة 26 سبتمبر جماعة الحوثی للجزیرة نت فی مناطق إلى أن
إقرأ أيضاً:
الاحتفال بذكرى انتصارات أكتوبر بكلية دار العلوم فى الفيوم
نظمت كلية دار العلوم فى جامعة الفيوم ندوة احتفالية بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لانتصارات أكتوبر المجيدة، وذلك تحت رعاية الدكتور ياسر مجدي حتاته، رئيس جامعة الفيوم، وإشراف الدكتور عرفة صبري حسن، نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث والمشرف على كلية دار العلوم.
شهدها الدكتور عصام عامرية، وكيل الكلية لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وحاضر خلالها الدكتور وائل أحمد طوبار، أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ومنسق عام الأنشطة الطلابية بالجامعة، بحضور الدكتور بيومي طاحون مدير وحدة ضمان الجودة بالكلية، والدكتور إيهاب خالد منسق الأنشطة الطلابية، وعدد من أعضاء هيئة التدريس والعاملين والطلاب، وذلك اليوم الإثنين .
أعرب الدكتور عصام عامرية عن سعادته بهذه الذكرى الغالية التي أعادت لمصر كرامتها وعزتها، مؤكدًا أن نصر أكتوبر كان ملحمة وطنية جسدت إرادة المصريين وصلابتهم، حيث حولوا الهزيمة إلى انتصار، والمستحيل إلى ممكن. وأوضح أن روح العبور ما زالت مستمرة في مشروعات التنمية الكبرى التي تشهدها الدولة المصرية حاليًا، مثل العاصمة الإدارية الجديدة وقناة السويس الجديدة، ومشروعات حياة كريمة وتكافل وكرامة، وتطوير شبكات الطرق والسكك الحديدية، ومشروعات الطاقة المتجددة والاستصلاح الزراعي في توشكى وشرق العوينات، والتي تُعد امتدادًا حقيقيًا لروح أكتوبر المجيدة.
التحية لارواح الشهداءكما قدّم الدكتور وائل طوبار التهنئة بهذه المناسبة العظيمة، موجّهًا التحية لأرواح شهداء مصر الأبرار الذين ضحّوا بأنفسهم دفاعًا عن الوطن منذ عام 1967 حتى نصر 1973، مؤكدًا أن مصر انتقلت من الإنكار إلى الانتصار، ومن الهزيمة إلى العزة والكرامة. وأشار إلى أن طريق النصر لم يكن نزهة عسكرية، بل معركة شاقة خاضها الجيش المصري الباسل بإيمان وإصرار، ليثبت للعالم أن مصر لا تعرف الانكسار عبر تاريخها الطويل، فهي دولة قوية شامخة عصية على السقوط.
وتناول" طوبار "خلال الندوة عددًا من المحاور الرئيسية، من أبرزها: من الانكسار إلى الانتصار – دروس أكتوبر في القيادة والوحدة – من الحرب إلى السلام والبناء – العبور الثاني والجمهورية الجديدة – من نصر السلاح إلى نصر البناء.
كما استعرض تفاصيل حرب الاستنزاف التي خاضتها مصر منذ عام 1970، والتي بلغت خلالها العمليات القتالية نحو ألف عملية كبّدت العدو خسائر بشرية ومادية جسيمة، وأسهمت في استعادة ثقة الجندي المصري بنفسه وجيشه. وتحدث عن ساعة الصفر وتحطيم خط بارليف باستخدام خراطيم المياه، وعن أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر" التي تحطمت على أيدي أبطال مصر الأحرار الذين قدّموا أرواحهم فداءً للوطن.
وأكد في ختام كلمته أن الجمهورية الجديدة تُعد امتدادًا لروح أكتوبر، إذ تواصل بناء الإنسان المصري وترسيخ قيم الانتماء والوعي والعمل، مشيرًا إلى أن الدولة تخوض اليوم معركة جديدة هي معركة بناء الإنسان المصري، موضحًا أن جيل أكتوبر انتصر بالسلاح، بينما يصنع الجيل الحالي نصرًا بالعلم والعمل والإنتاج، مواصلًا مسيرة البناء والتنمية نحو مستقبل مشرق لمصر.