بوابة الوفد:
2025-05-16@05:26:32 GMT

عن سيرة فنان جميل (1-2)

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

ليس أعظم من سيرة فنان، يعيش من أجل الجمال، ينكسر مع المواجع، ويشتعل لنثر ذرات الحسن يميناً ويساراً.

كذب الزعماء، الساسة، وقادة الحروب، والمصفقون للطغاة، وهم يسودون لنا الصفحات تاركين مذكرات تبرير وتجميل وكذب.

من هنا فسعادتى لا توصف متى قرأت مذكرات مبدع.. سحرتنى من قبل مذكرات نجيب الريحانى، وفاطمة اليوسف، ويوسف وهبى.

وسعدت أيما سعادة قبل سنوات قليلة بصدور مذكرات عزة فهمى عن الدار المصرية اللبنانية، واليوم تبهرنى دار الشروق بمذكرات فنان ساحر، ومبهر، وجميل وهو محمد عبلة، بعنوان جذاب هو «مصر يا عبلة».

تبدو سيرة الفنان فى بلادنا سيرة مقاومة دائمة. وهى مقاومة لعراقيل جمة. فهى أولاً مقاومة لمجتمع لا يأبه كثيراً فى ظل الهموم المادية الحياتية بقيمة الفن، ويعتبره رفاهية وأمراً ثانوياً.

وثانياً لمؤسسات رسمية تدعى احتضان الإبداع وتشجيعه وتحفيزه، وفى حقيقة الأمر هى تتاجر به، وتستغله، وتحاول توظيفه لمآرب لا علاقة لها بالفن والذوق والجمال.

وثالثاً وذلك الأهم لتيار دينى، مُساق، ومصمت، ومُنغلق، ومخاصم لمعالم الحضارة ومعاد لقيم العصرنة، تحت باب «شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار».

بهذا المنطق قاوم محمد عبلة عقبات الفن فى طريقه مدفوعاً بفورة المحبة للجمال، وحماسة الإيمان بأهمية الفن وقدرته على تغيير البشر، والبلدان، والعوالم. ما الفن سوى راية تحدٍّ لكتائب القبح المستعرة والمنتشرة والمنتشية بمجازر التحضر شرقاً وغرباً..

كان أول تحدٍّ جابهه عبلة عندما اختار الفن، واختاره الفن، هو مقاومة وصاية والده وإصراره على إلحاقه بالكلية الحربية. كان منطق والده واضحاً فى بدايات السبعينيات حيث استقر النظام الذى أسسه ضباط يوليو، وصار كل شىء، إذ سأل ابنه عندما عرف أنه يريد دخول كلية الفنون الجميلة لأنه يحب الرسم: «هل سمعت من قبل عن رئيس مدينة أو محافظ خريج فنون جميلة؟». وأضاف والده «رئيس البلد كلها واحد من الجيش. هل هناك فنان أصبح رئيساً للجمهورية؟ راجع نفسك يا محمد». لكن محمد عبلة لم يراجع نفسه، وتقبل الدفاع عن اختياره وتحمل تبعاته حتى النهاية، فترك البيت واستأجر مكاناً متواضعاً وعمل فى النقاشة والخط وكثير من المهن الحرفية لينفق على نفسه طالباً فى الفنون الجميلة بالإسكندرية.

ثم واجه الفنان تحدى البيروقراطية عندما رفض وكيل الكلية انتقاله من فنون تطبيقية فى شهر ديسمبر، إذ مرت شهور من الدراسة، وكان محمد عبلة معجباً بأعمال فنان سكندرى عظيم هو سيف وانلى، وقرر الاستعانة به فى هذه المشكلة. وذهب الطالب لباعة اللوحات يسألهم عن عنوان الفنان، حتى وصل إليه دون سابق معرفة، وطرق الباب ليجد رجلاً متواضعاً ومهذباً يدعوه للدخول. وحكى له عن رفض وكيل الكلية التحاقه بها، رغم حبه الشديد للفن، وتدخل «وانلى» وهاتف عميد الكلية، وسانده فى قبول أوراقه.

توالت التحديات فى مسيرة الرجل، وكان أصعبها ذلك التمدد العنيف للمتأسلمين فى الجامعات والمدارس، وتحريمهم للفنون وتحريضهم ضدها. وكان من الغريب أن بعض الطلبة الذين صادقهم محمد عبلة، وانبهر بأعمالهم فى البدايات انقلبوا بعد ذلك إلى متشددين، ومكفرين، وناقمين على الفن والمجتمع والحياة برمتها. لقد أعجب ببعضهم وكانوا نواة لتيار السبعينيات الصاعد من رحم الصراع العربى الإسرائيلى، وتغيرات المجتمع الكبرى، لكن موجة التطرف العاتية ابتلعت كل شىء. وربما أغرب ما يستدعى الالتفات هنا، أن هيمنة التيار الدينى وصلت إلى حد تعيين بعضهم فى سلك التدريس بالفنون الجميلة، حتى إن أحدهم قال لـ«عبلة» وهو يعد مشروع التخرج «الرسم حرام، لكن الضرورات تبيح المحظورات».

وللسيرة بقية تستحق الحكى..

والله أعلم

 

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصر يا عبلة محمد عبلة

إقرأ أيضاً:

الثنائي محمد سلطان وفايزة أحمد ورحلتهما مع الفن والزواج في أمسية بالمنتدى الاجتماعي

دمشق-سانا

ضمن سلسلة الأعلام الموسيقية البارزة في العالم العربي، احتفى المنتدى الاجتماعي السوري في دمشق بالثنائي الملحن الموسيقي المصري محمد سلطان وزوجته المطربة السورية فايزة أحمد، ورحلتهما المشتركة بالفن والزواج، عبر سرد قدمه الباحث والمؤرخ الموسيقي عثمان حناوي.

الجلسة التي أدارها المؤلف الموسيقي إيهاب المرادني تطرقت لبدايات سلطان في رحلة الفن والتي بدأها بالعزف على البيانو منذ كان عمره 12 عاماً فقط، وسط عائلة أرستقراطية إسكندرانية تعشق الفن، وفي إحدى زيارات الموسيقي محمد عبد الوهاب الصيفية للإسكندرية التقاه سلطان وعزف أمامه الكثير من الأغاني التي لحنها، وقد أُعجب عبد الوهاب كثيراً بما قدمه هذا الطفل وطلب من أهله الاهتمام بموهبته، ليغدو اسماً لامعاً في المشهد الثقافي والموسيقي.

ويشير حناوي إلى أن سلطان كان ينظر إلى عبد الوهاب كأب روحي وقدوة له، ولكن والده الذي كان ضابطاً فضل أن تكون حياة ابنه بالكلية البحرية، والتي تركها سلطان بعد عام واحد ليتجه نحو شغفه بالفن، وكانت البدايات مع المشاركة في عدد من الأفلام وأهمها الناصر صلاح الدين.

وبين حناوي أن كروانة الشرق ابنة لأب سوري وأم لبنانية، وفي إحدى السهرات وضمن منزل فريد الأطرش كان لقاؤهما الأول مع سلطان، حيث دار بينهما حديث مطول، واقتنع كلاهما أن يركزا اهتمامهما على التلحين والموسيقا، ليقترنا ببعضهما كأشهر زوجين في الحياة الفنية المصرية.

ويوضح حناوي أن فايزة عندما تزوجت سلطان كانت في أوج عطائها وشهرتها الفنية، وكان أول تعاون بينهما أغنية “أؤمر يا قمر أمرك ماشي”، ثم “خليكو شاهدين” و”مال عليّ مال”، والكثير الكثير من الأغاني التي أطربت كل من سمعها.

قصة الحب المميزة تلك جمعتهما كزوجين لأكثر من 18 عاماً، والتي أثمرت عن ابنين وفقاً لحناوي، قصةً نسجت خيوطها أجمل رواية حب في الوسط الفني بالإخلاص والوفاء، واستمر في قلب سلطان حتى ما بعد وفاة شريكة روحه، الذي ظل وفياً لذكراها حتى رحيله بعدها بأكثر من أربعين عاماً.

ويختم حناوي بالإشارة إلى أن سلطان حقق حضوراً على الساحة الفنية بما يوازي حضور محمد الموجي وبليغ حمدي وكمال الطويل، ولكن لم تُسلط الأضواء عليه كما يستحق، لتشكل قصة زواجهما وحبهما أنموذجاً يستحق أن تتداوله الأجيال.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • محمد الشرنوبي يتعاون مع أصالة في أجدد ألبوماتها «ضريبة البعد»
  • محمد سلماوي : مهمة الأديب أن يعبر عن ضمير أمته ..والكتاب المطبوع يقدم المعرفة الكلية
  • ترامب ينبهر بفخامة قصر لوسيل خلال استقباله في الدوحة: لديك منزل جميل!
  • ما أوحت به سيرة "سارق المنشار"
  • «بيئة» تطلق في الشارقة المعرض الفني «نسيج: خيوط من الأمل»
  • جامعة بني سويف تكرم الفنان ماجد المصري
  • حكايات فنية من كواليس الكبار .. فتحي عبدالوهاب يكشف أسرار «الصنعة» |فيديو
  • الثنائي محمد سلطان وفايزة أحمد ورحلتهما مع الفن والزواج في أمسية بالمنتدى الاجتماعي
  • الكشف عن هوية محمود في خورفكان صاحب الصورة الأشهر في جميل وهناء
  • صبحي خليل يكشف أسباب تألقه في أدوار الشر وممثله المفضل ورسالة محمد رمضان له