منظومة الدعاية الإسرائيلية تفشل في سردية الحرب باعتراف مكتب نتنياهو
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
القدس المحتلة – كشفت وثيقة من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو النقاب عن فشل المنظومة الدعائية في الترويج لرواية إسرائيل بكل ما يتعلق في الحرب على قطاع غزة ولبنان، وهو الفشل المتواصل منذ بدء معركة "طوفان الأقصى"، مع تقدم الرواية الفلسطينية على مستوى الرأي العالم العالمي.
وتقول الوثيقة التي كشف عن مضمونها الموقع الإلكتروني "شومريم"، إن "الضرر واضح ويزداد سوءا كل يوم".
وتكشف الوثيقة عن عدم وجود رئيس للفريق الدعائي، والعقود مع المروجين والمحللين والمتحدثين باللغة الإنجليزية غير منظمة، وليس هناك مسؤول يحرر ويمثل الرواية الإسرائيلية وسياسة الحكومة وأعمالها من خلال رسالة موحدة وواضحة ومتسقة في إسرائيل وخارجها، وكذلك الإشراف على صياغة الإستراتيجية المعلوماتية وعرضها على صناع القرار.
مع إطالة أمد الحرب، أخذ الفشل الدعائي الإسرائيلي مناحي أخرى بالتمادي في استهداف الصحفيين ووسائل الإعلام في الداخل الفلسطيني والقدس وقطاع غزة، وهو ما تناوله بحث بعنوان "صحفيون في المرمى" أعدّته الدكتورة أفنان كناعنة، وصدر عن "إعلام- المركز العربي للحريات الإعلامية والتنمية والبحوث" في الناصرة.
واستعرض البحث الدعاية الإسرائيلية في الحرب على قطاع غزة، والصيغة التي أوجدها جيش الاحتلال في تغطيتها بفرض التعتيم الإعلامي والرقابة على طبيعة المعارك والعلميات العسكرية، مع استهداف متعمد للصحافة والإعلام، حيث استشهد 176 صحفيا بالقطاع بنيران الاحتلال، الذي سعى من خلال استهداف الإعلام "للسيطرة على الوعي وطمس الرواية الفلسطينية".
وعزت مديرة "مركز إعلام" خلود مصالحة أسباب الفشل إلى كون الدعاية الإسرائيلية لجأت منذ بداية الحرب إلى الكذب والتضليل والتزييف، في وقت كان فيه هناك جهات وأطراف كثيرة لديهم كل الإمكانيات لفضح هذا النهج.
واستعرضت -في حديث للجزيرة نت- الآليات والوسائل التي مكنت من فضح زيف الرواية الإسرائيلية، وأبرزها شبكات التواصل الاجتماعي التي لا تقل تأثيرا عن الإعلام التقليدي، وتُعد "سلطة ليست أقل أهمية من وسائل الإعلام التي يُنظر إليها عالميا على أنها سلطة رابعة".
وتعتقد أن وسائل الإعلام البديلية مكنت من إظهار الحقائق عبر تحقيقات خاصة كشفت توظيف الاحتلال الذكاء الاصطناعي في حرب الإبادة على غزة، وفضحت ممارساته ضد الأسرى الفلسطينيين في معتقل "سدي تيمان"، في حين كانت السردية الإسرائيلية تتناقض مع ما ينشر بالذات في الإعلام الأجنبي.
فشل وتناقضولفتت مصالحة إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية -وخلافا للإعلام الأجنبي والبديل- لم تركز في تغطيتها ولم تضع في سلم أولوياتها جرائم الحرب والضحايا المدنيين، واستخدام جيش الاحتلال للوسائل العسكرية المحرمة دوليا على اعتبار أنها "مجندة وجزء من المؤسسة الأمنية الرسمية، وتشكّل بوقا للمؤسسة العسكرية طوال سير الحرب".
كما أن الرقابة العسكرية المشددة التي ترافق سير الحرب كانت توجه السردية الإسرائيلية نحو مسارات ممنهجة يتم الحديث عنها، لذلك لم تنجح هذه الرواية في الصمود أمام هذه التحديات الجديدة التي لم تكن في الحروب السابقة، وفق مصالحة.
وعن تداعيات فشل المنظومة الدعائية الإسرائيلية، ترى مديرة مركز إعلام أن ذلك تجلى في التأثير على الرأي العام العالمي الذي بات -بغالبيته العظمى- مدافعا عن الرواية الفلسطينية ومعارضا لإسرائيل، و"هي تحولات مهمة وإن لم تصل بهذه المرحلة إلى مستوى من التأثير على رأس الهرم وقرارات الدول".
بدوره، يعتقد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي طه إغبارية أن فشل الرواية الإسرائيلية في تسويق سرديتها للعالم حول الحرب عقب "طوفان الأقصى"، يعود بالأساس إلى تفوق وتقدم الرواية الفلسطينية في ظل حرب الإبادة في غزة.
ورجح إغبارية -للجزيرة نت- أن الرواية الإسرائيلية التي اعتمدت على شخص نتنياهو وتصريحاته، أظهرت تراجعها وفشلها في ظل العزلة الدولية على مستوى الشعوب بالعالم والتي فُرضت على إسرائيل بسبب المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين.
وعلى الرغم من هذا الفشل، فإن السردية الإسرائيلية -باعتقاد المحلل إغبارية- ما زالت حاضرة على مستوى الكثير من أنظمة الحكم بأوروبا والإدارة الأميركية التي ما زالت تتماهى معها، رغم التحول المضاد على مستوى الرأي العام لشعوب العالم.
وقدّر أن هذه الشعوب بدأت تفهم أكثر الرواية الفلسطينية وتبدي تعاطفا أكثر مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للمجازر والإبادة في قطاع غزة، وبذلك عادت القضية الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى وجدان شعوب العالم، و"هذا هو الفشل من وجهة النظر الإسرائيلية".
ورجح المحلل السياسي أن تتقدم الرواية الفلسطينية وتراجع نظيرتها الإسرائيلية فشلها عالميا، مما سينعكس سلبا على تل أبيب التي ما زالت في هذه المرحلة تفعل ما تريد على جبهتي قطاع غزة ولبنان.
وأرجع عدم إحداث تغيير في مواقف الدول الكبرى إلى عدم تمكن الرأي العام العالمي من تشكيل ضغوط على الحكومات الغربية والإدارة الأميركية، وإجبارها على تغيير سلوكها ونهجها الداعم للحكومة الإسرائيلية في الحرب على غزة ولبنان.
وفي قراءة لتداعيات فشل سرديتها، يقول إغبارية إن إسرائيل، التي كانت تتوقع أن يتضامن العالم معها رغم المجازر التي ترتكبها في غزة ولبنان، تواجه المزيد من العزلة الدولية على مستوى الشعوب، وقد تصطدم حتى بمعارضة من قبل بعض الحكومات الأجنبية في حال توسع التصعيد إلى حرب شاملة بالشرق الأوسط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الروایة الإسرائیلیة السردیة الإسرائیلیة الروایة الفلسطینیة جیش الاحتلال غزة ولبنان على مستوى قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
وزير الإعلام المصري الأسبق لـعربي21: الكاميرا يجب أن ترافق البندقية.. والبعض خان فلسطين (شاهد)
أعادت حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة خلال العامين الماضيين تشكيل وعي الشعوب العربية والإسلامية، وخلقت تحولا غير مسبوق في الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية، بعدما كشفت مشاهد الإبادة والدمار حجم الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.
وفي الوقت نفسه، وضعت هذه الحرب الإعلام العربي والدولي أمام اختبار تاريخي، فبرزت مؤسسات وطاقات إعلامية أدت دورا محوريا في فضح الرواية الإسرائيلية وكشف الزيف، فيما اختارت جهات أخرى الصمت أو الانحياز، لتصبح المعركة الإعلامية جزءا أصيلا من معركة الوجود على أرض فلسطين.
في لقاء خاص مع "عربي21"، قدم وزير الإعلام المصري الأسبق صلاح عبد المقصود قراءة معمقة لدور الإعلام في حرب غزة، وتحليلا لتأثيرها الواسع على وعي الشعوب العربية والعالمية، مؤكدا أن هذه الحرب أعادت تثبيت أن قضية فلسطين ليست مجرد ملف سياسي، بل قضية إنسانية ووجودية تحرك الضمير الحر في كل مكان.
وقال عبد المقصود إن ما جرى في غزة خلال الحرب الأخيرة كشف بوضوح حجم الانقسام داخل المنظومة الإعلامية العربية والدولية، مشيرا إلى أن "جزءا من الإعلام العربي، ومعه مراسلون دوليون أصحاب ضمائر حية، لعبوا دورا حاسما في كشف الحقيقة وفضح الزيف الصهيوني، خاصة الادعاءات التي روجها الاحتلال عن أن المجاهدين قتلوا الأطفال أو اعتقلوا النساء والشيوخ".
وأوضح بعد المقصود أن "الرواية الصهيونية سقطت لأن الإعلام الصادق فضحها بالصورة والحقائق"، مشددا على أن هذا الدور لم يكن بشكل عام، بل كان نتاج جزء من الإعلام العربي "بينما كان هناك أيضا إعلام عربي منبطح، موال للعدو، يطعن الفلسطينيين والمقاومين في ظهورهم ويبرر جرائم الاحتلال".
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وتحدث الوزير السابق بتأثر عن الدور الذي أداه الصحفيون في غزة خلال الحرب، قائلا: "أشدّ على أيدي زملائي الإعلاميين، وأترحم على زملاء الصحفيين والمصورين وأطقم العمل الذين ارتقت أرواحهم في غزة وهم يجاهدون بالكاميرا"، مؤكداً أن معركتهم لم تكن أقل قيمة من معركة المقاتلين في الميدان.
وأضاف عبد المقصود أن العديد من المؤسسات الإعلامية "أدت دورها الكامل، ولولاها لما عرف العالم حقيقة ما يجري في فلسطين"، وأضاف: "الحمد لله، هناك كتائب إعلامية أدت دورها، ودورها لا يقل عن المجاهدين في الميدان".
وأكد أن المعركة الإعلامية أصبحت جزءا أصيلا من معركة المقاومة نفسها، قائلا: "لا بد للكاميرا أن ترافق البندقية، ولا بد للقنوات التلفزيونية أن ترافق الخنادق والأنفاق، وإلا فلن نستطيع التغلب على هذا العدو الفاجر الذي يستخدم كل الوسائل ليقضي على مقاومتنا وعلى أهلنا في غزة والضفة والقدس".
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
ودعا عبد المقصود إلى تكامل الجهود بين الإعلاميين والمثقفين والفنانين والكتّاب في دعم القضية، قائلا: "هذا واجبنا اليوم، ولا ينبغي أن نتأخر عنه، وإلا لحقنا العار في حياتنا وبعد موتنا".
قضية فلسطين تعيد الأمل وتفضح أوهام التسوية
وفي حديثه عن تأثير الحرب على وعي الشعوب، أكد الوزير الأسبق أن القضية الفلسطينية أثبتت أنها قضية كل عربي ومسلم، وكل إنسان يؤمن بالحرية والعدالة، لافتا إلى أن مشاهد غزة "حركت ضمير العالم".
وقال: "إذا كانت آلمتنا في بلادنا العربية والإسلامية، فقد آلمت أيضا أحرار العالم، وجدنا المظاهرات تتحرك في أوروبا وأمريكا، وتمنع من الخروج للأسف في بعض البلاد العربية".
وأشار إلى أن الحرب الأخيرة أعادت الأمل للشعوب بأن التحرير ممكن، قائلا: "طوفان الأقصى أذل العدو وأظهر أنه نمر من ورق، أثبت أن المقاومة هي الحل ولا يفل الحديد إلا الحديد. هذا عدو لا يعرف إلا لغة القوة".
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
فشل المفاوضات ومأزق التطبيع
وفي تقييمه لمسار التسويات السياسية الممتد منذ عقود، قال عبد المقصود إن التجارب أثبتت بلا شك أن هذا الطريق لم يقدم أي نتيجة، مضيفا: "المفاوضات منذ زيارة السادات للقدس عام سبعة وسبعين، ثم كامب ديفيد، ثم مسار التطبيع، ثم الاتفاق الإبراهيمي… كل هذا لم يحقق إلا مزيداً من التوسع الصهيوني، والهيمنة على أرض فلسطين، وتهويد الحجر والشجر والمقدسات".
وختم قائلاً: "لا جدوى من وراء هذه المسارات هذا عدو لا يعرف إلا لغة القوة، ولا حل معه إلا بالمقاومة".