إسرائيل تعلن عن عملية برية جنوب لبنان.. وحزب الله يضرب تل أبيب
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
عواصم "وكالات": أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس أنه باشر عملية برية "محدودة" ضد حزب الله في جنوب لبنان، بعد أسبوع من القصف المكثف على أهداف للحزب أوقع مئات الشهداء، الأمر الذي أثار تحذيرات دولية من التصعيد وصولا إلى الحرب الشاملة.
غير أنّ قوة الأمم المتحدة في لبنان أكدت عدم حصول "توغّل بري الآن"، بينما نفى الحزب دخول قوات إسرائيلية الأراضي اللبنانية.
وقال جيش الاحتلال في بيان فجر أمس، إن جنوده دخلوا جنوب لبنان مساء الإثنين في إطار عملية "برية محدودة وموضعية ومحدّدة الهدف" ضد "أهداف ومنشآت" لحزب الله، من غير أن يوضح عدد الجنود المشاركين فيها.
في المقابل، قال مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمّد عفيف في تصريحات وزّعها إعلام الحزب إن "كل الادعاءات الصهيونية أن قوات الاحتلال دخلت إلى لبنان هي ادعاءات كاذبة ... لم يحدث أي اشتباك بري مباشر بعد بين مجاهدي المقاومة وقوات الاحتلال".
وأكد جهوزية مقاتلي الحزب "للمواجهة المباشرة" مع القوات الإسرائيلية التي "تتجرأ أو تحاول دخول" لبنان.
كذلك، أشار الناطق باسم قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) أندريا تيننتي لوكالة فرانس برس إلى أن "لا توغل بريا الآن"، بعيد تحذير القوة الدولية في بيان من أن "أي عبور إلى لبنان يعد انتهاكا لسيادة لبنان وسلامة أراضيه"، داعيا الأطراف كلها الى "التراجع عن مثل هذه الأفعال التصعيدية التي لن تؤدي إلا إلى المزيد من العنف وسفك الدماء".
دعوة إلى الإخلاء
وطلب المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي من سكان جنوب لبنان إخلاء حوالى ثلاثين بلدة و"التوجه فورا إلى شمال نهر الأولي".
من ناحية أخرى، أطلقت الأمم المتحدة نداء لجمع أكثر من 400 مليون دولار لمساعدة نحو مليون نازح وفق تقديرات رئيس الحكومة اللبنانية لتصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فيما طالب رئيس البرلمان نبيه بري بإنشاء جسر جوي لإيصال المساعدات.
وحذرت الأمم المتحدة أمس من عواقب "اجتياح بري واسع النطاق" في لبنان. وقالت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ليز ثروسيل في تصريح صحفي إن "العنف المسلح بين إسرائيل وحزب الله تصاعد، والعواقب على المدنيين رهيبة أساسا ونخشى أن يؤدي اجتياح بري اسرائيلي واسع النطاق للبنان الى تفاقم المعاناة".
كذلك، دان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان العملية البرية الإسرائيلية في لبنان ودعا الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى إلى وضع حد لإسرائيل من دون "إضاعة مزيد من الوقت".
ودعت روسيا إسرائيل إلى سحب قواتها "فورا" من جنوب لبنان، بينما أكدت الصين أنّها ترفض "التعديات على سيادة لبنان".
وأكد السفير الاسرائيلي في فرنسا جوشوا زرقا أن بلاده "لا تعتزم غزو لبنان وتكرار الخطأ الذي ارتكب في 1982"، مضيفا ردا على سؤال عن الفترة الزمنية التي ستستغرقها العملية البرية "لا اعلم ما إذا كانت مسألة ساعات أو أيام، ولكنها ليست مسألة أشهر بالتأكيد".
أمريكيا، أعرب وزير الدفاع لويد أوستن في بيان على منصة إكس، عن قناعته المشتركة مع إٍسرائيل بضرورة "تفكيك البنى التحتية الهجومية" التابعة لحزب الله على طول الحدود "لضمان ألا يتمكّن حزب الله من شن هجمات مماثلة لهجمات السابع من أكتوبر على البلدات الشمالية في إسرائيل".
واستهدفت ستّ غارات جوية إسرائيلية ليل الإثنين الثلاثاء ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله، على ما أفاد مصدر أمني.
كما استهدفت غارة جوية إسرائيلية فجر أمس مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، ما أدى إلى استشهاد ستة أشخاص بينهم نجل منير المقدح، القيادي البارز في الجناح العسكري لحركة فتح.
في الأثناء، واصل حزب الله قصفه على إسرائيل وانطلقت صافرات الإنذار الجوي في وسط إسرائيل، فيما أفاد الجيش بأنّ مقذوفات أطلقت من لبنان.
وأعلن حزب الله أنه استهدف جنودا إسرائيليين بنيران المدفعية والصواريخ في المطلّة وأفيفيم.
وأفاد بأنه أطلق "صليات صاروخية من نوع فادي 4 على قاعدة جليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية.. ومقر الموساد التي تقع في ضواحي تل أبيب".
وسقط صاروخ آخر قرب مفرق أيال على طريق يشهد حركة مرورية كثيفة بوسط إسرائيل بدون التسبب بسقوط ضحايا.
وفي الداخل الإسرائيلي، أعلن جيش الاحتلال تشديد القيود على التجمّعات العامة في أنحاء البلاد، بما في ذلك في القدس وتل أبيب، ما يحد عدد الأشخاص الذين يسمح لهم بالتجمّع في الخارج قبل رأس السنة العبرية.
وعلى وقع هذا التطور الخطير، استهدفت سلسلة غارات جوية إسرائيلية فجر أمس دمشق، مما أسفر وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض عن مقتل ستة مدنيين، بينهم إعلامية في التلفزيون الرسمي.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" عن مصدر عسكري قوله إنّ "العدو الإسرائيلي شنّ عدوانا جويا بالطيران الحربي والمسيّر من اتجاه الجولان السوري المحتل مستهدفا عددا من النقاط في مدينة دمشق".
وأعلنت دول عدة عن إجراءات لإجلاء رعاياها، بما في ذلك استئجار رحلات جوية أو حجز رحلات تجارية بأكملها، بينما أعلنت فرنسا أنّ إحدى سفنها الحربية ستتمركز قبالة الساحل اللبناني "احترازا" للمساعدة في إجلاء الرعايا إذا ما استدعى الأمر ذلك.
"بضعة آلاف"
وتعزز الولايات المتحدة قواتها في الشرق الأوسط بـ"بضعة آلاف" الجنود عبر استدعاء وحدات جديدة مع زيادة أعداد تلك الموجودة أساسا، وفق ما أعلن البنتاجون.
وقالت نائبة المتحدث باسم البنتاغون سابرينا سينغ للصحافيين الاثنين "سيتم تعزيز عدد محدد من الوحدات المنتشرة حاليا في منطقة الشرق الأوسط .. والقوات التي من المفترض أن يحل دورها في الانتشار للحلول مكانها ستعزز الآن".
وأضافت "تشمل هذه القوات المعززة طائرات مقاتلة من طراز إف-16 وإف-15إي وأيه-10 وإف-22 والعناصر المرتبطين بها". وأوضحت في وقت لاحق أنه سيتم بالتالي نشر "بضعة آلاف إضافية" من العناصر في المنطقة.
وأمس قال مسؤولان أمريكيان إن الولايات المتحدة لديها مؤشرات على أن إيران تستعد لشن هجوم بصواريخ باليستية على إسرائيل قريبا، قد يكون، على الأقل، كبيرا كالهجوم الذي شنته طهران في وقت سابق من هذا العام.
وقال مسؤول كبير بالبيت الأبيض إن الولايات المتحدة تعزز بقوة الاستعدادات اللازمة للدفاع عن إسرائيل ضد هجوم صاروخي إيراني جديد.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الأمم المتحدة جیش الاحتلال جنوب لبنان حزب الله فی لبنان
إقرأ أيضاً:
التغلب على العقبات التي تحول دون إصلاح الأمم المتحدة
نيليما جولراجاني ـ جون هندرا -
في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، سوف يكون لزاما على المشاركين مواجهة أزمة تمويل التنمية المتصاعدة التي تجتاح منظومة الأمم المتحدة. حتى الآن، كانت الاستجابات للضغوط المالية تركز على خفض التكاليف، عن طريق تقليص النفقات العامة وتحسين الكفاءة. لكن الحل الدائم يتطلب تغييرات أعمق، وهذا يبدأ بسؤال جوهري: ما هي الهيئة التي يحتاج العالم أن تكون عليها الأمم المتحدة اليوم، وهل تناسب نماذج التمويل الحالية الغرض منها؟
في هذا العام، تعني أزمة السيولة الناجمة عن امتناع الحكومات عن السداد أو تأخرها في السداد أن الأمم المتحدة تواجه عجزا قدره 2.4 مليار دولار من مستحقات ميزانيتها العادية، ونحو 2.7 مليار دولار من مساهمات حفظ السلام. علاوة على ذلك، إذا فشلت الأمم المتحدة في إنفاق أي أموال قبل نهاية العام ــ ولنقل بسبب التأخر في تسليمها ــ فإنها مطالبة بإعادتها إلى البلدان الأعضاء في هيئة أرصدة دائنة، بدلا من ترحيلها إلى العام التالي. على الرغم من خطط خفض الإنفاق بنسبة 30% هذا العام عن الذروة التي بلغها في عام 2023، فإن منظومة الأمم المتحدة بأكملها معرضة لخطر الإفلاس. وما يضاعف من شدة الضغوط، أن تخفيضات المساعدات تقوض برامج الأمم المتحدة، ويتحمل العواقب على نحو غير متناسب أكثر الناس ضعفا وعُـرضة للخطر في العالم. وتتفاقم هذه المشكلات بفعل تقلص الميزانيات بين بعض أكبر المانحين على مستوى العالم ــ تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفاضا سنويا بنسبة 9-17% في المساعدات الخارجية في عام 2025. في حين أن حجم أزمة التمويل والسيولة التي تعاني منها الأمم المتحدة حاليا غير مسبوق، فإن المشكلات الأساسية ليست جديدة. فلأن ميزانيتها العادية لا تغطي سوى جزء بسيط من احتياجاتها، تعتمد الأمم المتحدة بشكل كبير على التمويل الحكومي الطوعي غير المخطط. وتعتمد منظومة الأمم المتحدة الإنمائية (UNDS) ــ التي تضم 43 صندوقا ووكالة وبرنامجا تقدم الدعم الإنمائي والمساعدات الإنسانية على مستوى البلدان ــ بشكل خاص على المساهمات الطوعية التي يمكن استرجاعها بسرعة. فقد انخفضت الاستثمارات في منظومة الأمم المتحدة الإنمائية بنسبة 16% في عام 2023 (ما يقرب من 9 مليارات دولار)، ويأتي 93% من إجمالي التمويل من مصادر طوعية و7% من اشتراكات العضوية المقررة.
لمواجهة هذه الأزمة، أطلق أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، مبادرة الأمم المتحدة 80، والتي تضم ثلاثة «مسارات عمل»: إيجاد سبل لتحسين الكفاءة، ومراجعة تنفيذ ولايات الأمم المتحدة، ودراسة التغييرات البنيوية المحتملة وإعادة تنظيم البرامج. ومن المفترض أن تعمل نتائج ومقترحات مساري العمل الأولين على تشكيل فِـكر وجوهر المسار الثالث. الواقع أن مسار العمل الثالث هو الذي ينطوي على القدر الأعظم من الإمكانات التحويلية. وإذا أُدير هذا الجهد على النحو الصحيح، فمن الممكن أن يمثل نقطة تحول لكل «التساؤلات» حول عمل الأمم المتحدة و«كيفية إدارتها». لكن النجاح يستلزم حرص الأمم المتحدة على تجنب الأخطاء التي ارتُـكِـبَت في إطار جهود الإصلاح السابقة، والتي سعت إلى إزالة الطابع المركزي وتحسين التنسيق بين الوكالات لكنها تجنبت تساؤلات أشد عمقا حول الغرض من منظمة الأمم المتحدة وكيفية تمويلها.
فيما يتعلق بالغرض، فإن القيمة الفريدة التي تتمتع بها منظومة الأمم المتحدة الإنمائية تكمن في قدرتها على النهوض بالمعايير المتفق عليها عالميا والحفاظ عليها. وينبغي للأنشطة على مستوى البلدان والتي تعزز معايير مثل المساواة بين الجنسين، والاستدامة، وحقوق الإنسان، أن تكون على رأس القائمة.
يعتمد تحقيق هذه الوظيفة على الكفاءات الفنية لدى منظومة الأمم المتحدة الإنمائية وقدرتها على عقد الاجتماعات، ومصداقيتها الدولية، وعلاقاتها الدبلوماسية. ولكن من الأهمية بمكان أن نعلم أن الأمر يعتمد أيضا على الحصول على التمويل الوافي الذي يُـمكِن التنبؤ به لتعزيز العمليات التي تدعم هذه المعايير. وفي حين أن المساهمات المقررة من الممكن أن توفر ذلك، فإنها في الممارسة العملية تمثل حاليا جزءا ضئيلا من إجمالي موارد منظومة الأمم المتحدة الإنمائية. ونتيجة لهذا، تنتهي الحال بالصناديق والوكالات والبرامج التابعة لمنظومة الأمم المتحدة الإنمائية المتعطشة للأموال إلى قبول مساهمات مرتبطة بمشاريع محددة بشكل ضيق، وقد يؤدي هذا إلى تفتت الجهود، وهو يعكس أهواء وتفضيلات حفنة من كبار المانحين الطوعيين. وهذا يحول منظمة الأمم المتحدة فعليا إلى مقاول مسؤول أمام أصحاب الأموال، بدلا من أن تكون مستشارا جديرا بالثقة للحكومات المضيفة وواضعا للأجندة العالمية. بوسع منظومة الأمم المتحدة الإنمائية أن تعمل بأعظم قدر من الفعالية عندما يتمكن العاملون بها من توجيه السياسة على نحو استراتيجي وتحقيق النتائج حيثما تشتد الحاجة إليها، وليس حيثما تمليها الجهات المانحة.
لهذا السبب، دعا اتفاقان للتمويل على التوالي إلى زيادة التمويل الأساسي لأنشطة الأمم المتحدة الإنمائية، وتقليل الاعتماد على المساهمات المخصصة. في المقابل، التزمت الأمم المتحدة بتحسين الشفافية، وتعزيز سبل الإبلاغ، وتعزيز كفاءة عملياتها. في عام 2023، حققت وكالات الأمم المتحدة 56% من أهداف الاتفاق ــ أي أكثر من ضعف الحصة التي حققتها البلدان الأعضاء البالغة 24%. وعلى هذا فإن انعدام الكفاءة الذي تنتقد البلدان الأعضاء الأمم المتحدة بسببه يرجع جزئيا على الأقل إلى ممارساتها التمويلية.
في نهاية المطاف، فشل الميثاق في اكتساب الزخم بين الحكومات الأعضاء في الأمم المتحدة لأنه لم يقدم حجة مقنعة بالقدر الكافي للدور الإنمائي الذي تضطلع به الأمم المتحدة. ويتمثل أحد الدروس المستفادة من الميثاق في دعم مسار العمل الثالث لمبادرة الأمم المتحدة ثمانين في أن وجود رؤية متجددة لمنظومة الأمم المتحدة الإنمائية تستطيع الحكومات الأعضاء أن تدعمها على نطاق واسع يشكل خطوة أولى ضرورية للإصلاح الناجح. أما عن التمويل في حد ذاته، فإن أحد الحلول قد يتمثل في تعزيز وتوسيع نطاق استخدام المساهمات المقررة من خلال إعادة النظر في صيغة توزيع الالتزامات المالية بين البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة.
الأمم المتحدة قادرة أيضا على توسيع أشكال أكثر ليونة من التخصيص، مثل الصناديق المشتركة والمجمعة؛ وإدخال أشكال أكثر إبداعا للتمويل، مثل تجديد الموارد والرسوم؛ وتوسيع نطاق الاستفادة من أموال الـمِـنَـح لحشد استثمارات إضافية. أياً كان ما سيحدث بعد ذلك، يجب أن يكون أمرا واحدا شديد الوضوح: سوف يحدد تمويل البلدان للأمم المتحدة مدى كفاءتها. من غير الممكن أن تخدم الأمم المتحدة كقناة ذات مصداقية لاستثمارات الأعضاء في التنمية العالمية إلا من خلال إطار تمويل قوي ويمكن التنبؤ به، مسترشدة بإجماع قوي على الأهداف. هذه هي الأجزاء المفقودة من أُحجية إصلاح الأمم المتحدة والتي يجب العثور عليها الآن وبسرعة.