د.حماد عبدالله يكتب: الغراب والقوة الشيطانية
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
لماذا تكره مصر تركيا ؟ لماذا يكره " أردوجان" مصر وقائدها.
للإجابة على هذين السؤالين يجيب عالمنا الكبير المرحوم الأستاذ الدكتور " جمال حمدان" فى كتاب ( وصف مصر) وفى كتاب "شخصية مصر وتعدد الأبعاد" والجوانب وتحديدًا فى الصفحتين أرقام (74،73) حيث إستطاع توصيف " الدولة التركية" خير وصف.
يقول الدكتور " جمال حمدان" تركيا وريثة الدولة العثمانية: بين تركيا ومصر مشابهات على السطح قد تغرى بالمقارنة، فتركيا بين آسيا وأوروبا، مثلما مصر جسر بين آسيا وإفريقيا، بل إن الجسم الأكبر فى كل منهما يقع فى قارة، بينما لا يقع فى القارة الأخرى إلا قطاع صغير «سيناء وتراقيا» على الترتيب، وفى كلا الحالين إنما يفصل بينهما ممر مائى عالمى خطير، أضف إلى ذلك التناظر القريب فى حجم السكان.
ويضيف الدكتور جمال حمدان: «لقد تمددت تركيا فى أوروبا حتى فيينا، كما وصلت مصر إلى البحيرات فى إفريقيا، واندفعت كل منهما فى آسيا من الناحية الأخرى».
ويفجر الدكتور جمال حمدان، قنبلة، عندما يؤكد أنه ورغم كل هذا التشابه بين البلدين، فإنه تشابه مضلل لأنه سطحى، وسطحى لأنه جزئى، فربما ليس أكثر من تركيا نقيضا تاريخيا وحضاريا لمصر من الاستبس كقوة «شيطانية» مترحلة، واتخذت لنفسها من الأناضول وطنا بالتبنى، وبلا حضارة هى، بل كانت «طفيلية» حضارية خلاسية استعارت حتى كتابتها من العرب.
ويسترسل جمال حمدان فى وصف الدولة المشوهة ومنزوعة الجذور الحضارية والتاريخية، عندما قال نصا فى كتابه: «ولكن أهم من ذلك أنها تمثل قمة الضياع الحضارى والجغرافى، غيرت من جلدها وكيانها أكثر من مرة، الشكل العربى استعارته ثم بدلته بالشكل اللاتينى والمظهر الحضارى الآسيوى نبذته وادعت الوجهة الأوروبية، أنها بين الدول بلا تحامل، الدولة التى تذكر بـ«الغراب» يقلد مشية الطاووس، وهى فى كل أولئك النقيض المباشر لمصر ذات التاريخ العريق والأصالة الذاتية والحضارة الانبثاقية... إلخ.
هنا وَضح الدكتور جمال حمدان رؤيته واستطاع التوصل إلى توصيف علمى موثق للدولة التركية، فى كتاب صدر عام 1967 أى منذ ما يقرب من 58 عاما، حتى لا يخرج البعض ليؤكد أن سبب هذا التوصيف لوريثة الدولة العثمانية، الآن ويأتى فى ظل احتضانها جماعة الإخوان، وحلفائها وكل أعداء مصر..!!
بالطبع، مصر ظلت وستظل تمثل للأتراك كل العقد وليس عقدة وحيدة، فهى الدولة التى يحتسب عمرها بعمر هذا الكون، بينما تركيا بلا تاريخ، ووطن بالتبنى، فاقد الهوية، وغيرت جلدها أكثر من مرة، بالشكل العربى تارة، ثم استبدلته بالشكل اللاتينى تارة أخرى، وأخيرا إلى الشكل الأوروبى.
أيضا جيش مصر العظيم يمثل أبرز العقد للأتراك، فقد أعطى دروسا قوية فى الفنون العسكرية للجيش التركى، وسحقه أكثر من مرة فى معارك ضروس، والبداية كانت عندما اندلعت ثورة ضد الحكم العثمانى عام 1824 وطلب حينذاك السلطان العثمانى من محمد على التدخل لإخماد تلك الثورة التى انطلقت شرارتها فى الحجاز واليونان، وأسدى له وعدا أنه فى حالة نجاحه سيمنحه حكم الشام، وافق محمد على، ودفع بجيش مصر تحت قيادة ابنه إبراهيم باشا للقضاء على الثورة عام 1824، وبالفعل نجح فى ذلك، لكن السلطان العثمانى تنصل من وعده، ومنحه جزيرة كريت فقط، فقرر محمد على أن يستولى على حكم الشام بالقوة، زحف جيش مصر على الشام عام 1831 وبالفعل حاصر عكا، المحصنة بأسوارها العالية، ونجح فى احتلالها، وسيطر على فلسطين، ثم دمشق، ثم التقى الجيش العثمانى من جديد عند «حمص» ولقنه درسا قويا، واستولى على حمص وباقى المدن السورية.
ولن ينسى الأتراك أيضا، خاصة رجب طيب أردوغان، ما فعله الجيش المصرى بأجداده العثمانيين عام 1839 فى معركة «نصيبان»، عندما لقن الجيش المصرى نظيره الجيش التركى «علقة» ساخنة، مستخدما قوته المفرطة، وتسرد بعض الروايات التاريخية أن الجيش المصرى أفنى كل الجيش العثمانى فى تلك المعركة، وأسروا ما يقرب من 15 ألف جندى وضابط، واستولوا على كل الأسلحة والمؤن، وعندما بلغ السلطان العثمانى أمر الهزيمة المنكرة وفناء جيشه مات حزنا، ولم يكتفِ الجيش المصرى بسحق الجيش العثمانى، وإنما حاصر إسطنبول، واستسلم الأسطول التركى لمصر فى الإسكندرية، وأصبحت الدولة العثمانية بلا سلطان أو جيش أو حتى أسطول، ولولا التدخل الأوروبى، لكانت تركيا من بين ممتلكات مصر..!!
تركيا، وطن بالتبنى يفتقد كل القيم الحضارية والمكونات الأخلاقية، وإذن.. كيف نطلب من رجب طيب أردوغان ونظامه وحزبه أن يتدثر بالقيم الأخلاقية فى تعامله السياسى مع الدول ومنها مصر؟! بالطبع، فاقد الشىء لا يعطيه!!
ولك الله ثم جيش قوى وشعب صبور يا مصر...!!!
ورغم التسامح الذي تبديه مصر نحو أعداء الماضي، بزيارات متبادله أو لقاءات شبه وديه، إلا إنه يجب علي المصريين إلا ينسوا التاريخ، فهو راسخ ولن يمحي من الكتب أو الذاكره، فلنحظر،، فلنحظر.
أستاذ دكتور/حماد عبد الله حماد
[email protected]
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
اليونسكو تضمّ مؤسسة «حمدان بن راشد» إلى اللجنة المشرفة على دراسة واقع المعلمين
دبي: «الخليج»
اعتمد الفريق الدولي للمعلمين مؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية والتربوية عضواً في اللجنة العليا المشرفة على الدراسة العالمية الشاملة التي تُجريها المنظمة لرصد وتحليل واقع المعلمين على مستوى العالم. جاء ذلك خلال الاجتماع الأخير لمجلس إدارة الفريق الدولي المعني بالمعلمين في إطار أهداف التعليم حتى عام 2030، بحضور السيدة ستيفانيا جيانيني، المدير العام المساعد لقطاع التعليم في اليونسكو والدكتور خليفة السويدي، المدير التنفيذي لمؤسسة حمدان، إلى جانب عدد من الخبراء وأعضاء الفريق من مختلف الدول.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور خليفة السويدي، المدير التنفيذي لمؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية والتربوية، أن انضمام المؤسسة إلى عضوية اللجنة العليا يأتي تتويجاً لدورها الريادي في دعم المعلمين وتعزيز المبادرات التربوية على المستويين الإقليمي والدولي وذلك بتوجيهات من الشيخ راشد بن حمدان بن راشد آل مكتوم، الرئيس الأعلى للمؤسسة.
وأكَّد السويدي أن المؤسسة تؤمن بأهمية بناء بيئة شاملة وداعمة للمعلمين، سواء على صعيد السياسات أو فرص التطوير أو التقدير المجتمعي، لما لذلك من أثر مباشر في استدامة النظم التعليمية ورفع جودة مخرجاتها.
وتُعدّ هذه الدراسة من المبادرات النوعية التي أطلقتها اليونسكو بهدف توفير قاعدة معرفية دقيقة وشاملة حول التحديات التي تواجه المعلمين والمهنة التعليمية بوجه عام، في ظل تزايد النقص في أعداد المعلمين عالمياً وتراجع جاذبية المهنة لدى الأجيال الجديدة، كما تهدف الدراسة إلى بلورة سياسات واستراتيجيات دولية تسهم في دعم المعلمين وتحسين بيئات عملهم وتعزيز مكانتهم في النظم التعليمية.
ويُشكّل انضمام مؤسسة حمدان إلى اللّجنة العليا خطوة تعكس مكانتها كشريك استراتيجي في الجهود الدولية الرامية إلى النهوض بالتعليم، خصوصاً في ما يتعلق بتطوير مهنة التعليم وتعزيز الابتكار في إعداد المعلمين وتدريبهم. وتُسهم المؤسسة، من خلال عضويتها، في تقديم الدعم الفني والمعرفي لضمان نجاح هذه المبادرة، انسجاماً مع رسالتها في الارتقاء بجودة التعليم وتحفيز التميز التربوي.
ومن جهتها، عبّرت ستيفانيا جيانّيني عن شكرها للمؤسسات المشاركة، مشيدة بجهود الفريق الدولي في إبقاء قضية المعلمين على جدول الأعمال العالمي، ومؤكدة أهمية تضافر الجهود من أجل بناء نظم تعليمية قادرة على الاستجابة لتحديات العصر وفي قلبها المعلم باعتباره المحرك الأساسي لعملية التعلم.
وتجدر الإشارة إلى أن اللّجنة العليا المشرفة على الدراسة تضمّ نخبة من الخبراء التربويين وممثلي المنظمات الدولية والجهات الأكاديمية وتعمل على متابعة مراحل تنفيذ الدراسة وتحكيم نتائجها، تمهيداً لإصدار تقرير عالمي موسّع من المنتظر أن يُعرض على الدول الأعضاء في اليونسكو لوضع توصيات سياسية تدعم تطوير مهنة التعليم وتوفير المعلمين المؤهلين والمحفَّزين في جميع أنحاء العالم.