جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-14@05:51:06 GMT

تصحيح مسارات

تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT

تصحيح مسارات

 

عائشة بنت أحمد البلوشية

 

ألا تلاحظون معي أن الأشهر الإثنى العشرة الماضية كانت مليئة بالأحداث التي كانت ضمن خانة المستحيل، أو ربما اللامعقول؟ فالمتأمل يرى أن هذه الأحداث لم تقتصر على المستويات الشخصية؛ بل اتسعت دوائرها إلى المحلية والإقليمية وتعدتها إلى العالمية!

لستُ بالمُنظِّرة هنا أو المُتنبِئة أو الراصدة لحركة النجوم والمجرات والكواكب، ولكنها ملاحظات لأحداث تتشارك كلها في حدث واحد يدور محوره حول الانفصال أو الفصل أو الفسخ أو التخارج أو فض الشراكات، إلى آخرها من هذه الانقسامات الإيجابية منها والسلبية، وللمتمعن بعين المتفكر يجدها كلها تصحيحية، رغم إنها إذا جاءت على المستوى الشخصي تكون طلاقًا أو انفصالًا، الذي قد يجده الكثير منا -رغم مشروعيته حال استحالة العشرة- كارثيًا، أو صداقات وروابط قديمة انتهت واضمحلت وكأنها لم تكن، وكانت هذه العلاقات تصنف بالمثالية التي لا تنحل عقدتها، أما على صعيد الشراكات التجارية والصناعية والسياسية وغيرها تصلنا الأخبار عن فضها أو انفصالها، رأينا وما زلنا اتجاها كونيا للتصحيح ووضوح الرؤية في أمور ظنناها مُستحيلة التغيير.

"ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَیۡدِی ٱلنَّاسِ لِیُذِیقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِی عَمِلُوا۟ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ" (الروم: 41).. نعم فقد ظهر الفساد وعم واستشرى وانتشر في الأرض، فقد رأينا الإصرار على جعل الشاذ والخارج عن الفطرة السليمة مفروضا على واقعنا، فالشذوذ الذي أصبح يسمى تلطيفا بالمثلية، أصبح اليوم قسرا حرية شخصية، وله منظماته الحقوقية في العالم الغربي، فللشخص الحرية الكاملة ليصبح ما يريد لنفسه من قائمة (LGBTQ)، التي أصبحت تزداد حرفًا هجائيًا كل فترة، وربما قد نجد يومًا أن الحرف (A) المعبرة عن الحيوان (Animal) قد أضيف إليها، أي أن الإنسان الذي كرَّمه الله وخلقه في أحسن تقويم سيطالب بأن يعامل معاملة أي نوع يختاره من الحيوان، وبالطبع فإن الذكر والأنثى ليست من هذه القائمة، ومن يدري فقد يصبح (m/f) -ذكر/أنثى- من الشواذ في يوم ما، وأصبح الإزدراء بالأديان أمرا عاديا -إلا ديانة واحدة مزجت بكثير وكثير وكثير من الصهيونية-، من تحدث بما في توراتها وما يؤمنون به نعتوه بمعاداة السامية فورًا.

"وَلُوطًا إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦۤ أَتَأۡتُونَ ٱلۡفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنۡ أَحَدࣲ مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِینَ" (الأعراف: 80)، ولشدة جرم الفاحشة التي أتى بها قوم لوط عليه السلام، أرسل الله تعالى الروح الأمين جبريل عليه السلام واثنين من الملائكة ليُنفذوا فيهم أمر الله تعالى، وكلنا يعرف العقوبة التي أوقعها بهم، فهي ليست بأي جريمة، وليست بأي فاحشة؛ بل وصموا أنفسهم بالسبق في إتيانها، لذا وحتى لا يأتيها أي من الأمم من بعدهم، كان الدرس بالوعيد بغليظ العقوبة، وها نحن نراهم اليوم قد خرجوا إلينا بدواعي حقوق الإنسان بحرية الاختيار، رغم اتفاق جميع الملل والأديان على حرمة هذا الجرم.

"وَلَأُضِلَّنَّهُمۡ وَلَأُمَنِّیَنَّهُمۡ وَلَـَٔامُرَنَّهُمۡ فَلَیُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلۡأَنۡعَـٰمِ وَلَـَٔامُرَنَّهُمۡ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلۡقَ ٱللَّهِۚ وَمَن یَتَّخِذِ ٱلشَّیۡطَـٰنَ وَلِیࣰّا مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدۡ خَسِرَ خُسۡرَانࣰا مُّبِینࣰا" (النساء: 119). ولأن القرآن الكريم جاء معجزة خالدة ينطبق على جميع العصور لهذا ظهر فساد جديد في هذا العصر، حيث أن المرء منهم له مطلق الحرية أن يحول خلقة الله من ذكر إلى أنثى أو العكس، والآية القرآنية أعلاه توضح ذلك بجلاء منقطع النظير، فالشيطان -نسأل الله العافية- هو الذي يحمل الشعلة ويضيء لهم طريق الضلال.

ونأتي إلى أبشع جريمة في هذا العصر؛ حيث يحاصر شعب غزة ويجوع ويحرم من أبسط الحقوق الإنسانية منذ ثمانية عشر عامًا، ولكن منذ السابع من أكتوبر 2023 ونحن نرى شقلبة صحيحة في موازين الكون، يثور المظلوم على الظالم، وتبدأ الفئة القليلة تُلقن الفئة الكثيرة دروسا في استرداد الحقوق، شعب القرآن وخاصته، شعب استعملهم الله، والعالم كله شهود على ما يتكبدونه من ويلات الجوع والعطش والتهجير والقتل، ولسان حالهم يلهج: اللهم خذ من دمائنا حتى ترضى، دفاعًا عن مسرى رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.. استبسلوا في ميادين الشرف والعزة، ونال أكثر من واحد وأربعين ألفا منهم وسام الشهادة، منهم ما يقارب من نصف العدد من أطفال أبرياء ونساء عزل، والعالم اليوم والكون شاهد بين فريقين لا ثالث لهما، فريق الحق وفريق الباطل، والمشهد لا يحتاج إلى شرح، فالظالم المغتصب واضح، وصاحب الحق المظلوم واضح، وبقي الاختيار علينا أين نصنف أنفسنا، وقبل كل هذا وذاك هل أعددنا الإجابة عندما تنشر الصحف وتقام الموازين حين نسأل: أين كنتم عندما استصرخكم إخوتكم في الدين!؟ ما الذي سنقوله لرسولنا صلى الله عليه وآله وسلم؟!

----------------------------------

توقيع:

دارت أفلاك الكون وحانت لحظة إحقاق الحق، لذا فإمّا أن نكون ممن استعملهم الله أو يا ويل حالنا إن كنا ممن استبدلنا.. نحن من نختار!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أردوغان: وقف إطلاق النار في غزة هشّ.. وتركيا مستعدة لقيادة مسارات السلام

شدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال كلمته في المنتدى الدولي للسلام والثقة المنعقد في العاصمة التركمانستانية عشق آباد، على أن الوضع في قطاع غزة لا يزال في مرحلة دقيقة تتطلّب تدخلاً دولياً مكثفاً. 

وأوضح أن وقف إطلاق النار القائم، رغم أهميته، يبقى هشًّا بفعل الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، ما يفرض — بحسب قوله — ضرورة وجود دعم دولي حقيقي يضمن صموده ويمنع انهياره.

وأشار أردوغان إلى أن أي مسار جاد لتحقيق السلام في الشرق الأوسط لا يمكن أن يُبنى بمعزل عن الفلسطينيين، مؤكداً وجوب إشراكهم بشكل كامل في كل مراحل العملية السياسية، وأن الهدف النهائي يجب أن يظل ثابتًا: إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود معترف بها دوليًا.

وفي سياق حديثه عن الأزمات العالمية، أكد الرئيس التركي استعداد بلاده لتقديم دعم ملموس لكل المبادرات الدبلوماسية الهادفة إلى إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مشيراً إلى أن مسار مفاوضات إسطنبول ما يزال يشكل أرضية فعّالة يمكن البناء عليها لاستعادة التفاهم وفتح الطريق أمام تسوية مستدامة.

ترامب: نحضر لمرحلة جديدة في غزة.. والسلام بالشرق الأوسط أقوى من أي وقتالأردن.. 5 وفيات من عائلة واحدة نتيجة تسرب غاز مدفأة

وشدد أردوغان على أن تركيا — انطلاقًا من إرثها التاريخي وموقعها الجغرافي ودورها الحضاري — تتحمل مسؤولية خاصة في دعم الاستقرار الدولي. وقال إن أنقرة تعمل «بكل ما تملك من إمكانات» لتعزيز مناخ الحوار، والحد من النزاعات، وتوسيع الجهود الدبلوماسية التي تعيد الثقة بين الأطراف المتنازعة.

ويأتي خطاب أردوغان في ظل تسارع التطورات الإقليمية والدولية، ليؤكد مجددًا رغبة تركيا في لعب دور محوري في صناعة السلام، سواء في الشرق الأوسط أو في ساحات الصراع العالمية، من خلال حضورها الدبلوماسي النشط وشراكاتها المتعددة.

طباعة شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المنتدى الدولي للسلام العاصمة التركمانستانية أردوغان الحرب بين روسيا وأوكرانيا خطاب أردوغان

مقالات مشابهة

  • "مسارات شوران".. نموذج حضري يدعم أنسنة المدينة المنورة
  • 7 مناطق استثمارية.. "مسارات شوران" يدعم أنسنة المدينة المنورة
  • سيناريوهات البيك أب والتسلّل البرّي.. ما الذي يتدرّب عليه الطيّارون الإسرائيليون اليوم؟
  • حكم الدين في عدم الإنجاب.. أزهري: الشخص الذي يرفض النعمة عليه الذهاب لطبيب نفسي
  • أردوغان: وقف إطلاق النار في غزة هشّ.. وتركيا مستعدة لقيادة مسارات السلام
  • فضل الله بعد لقائه سلام: الملف الأساسي الذي ناقشناه يرتبط بإعادة الأعمار
  • الجميل: وعدُنا أن نكمل الطريق الذي استشهد لأجله جبران وبيار وباقي شهداء ثورة الأرز
  • تعلن محكمة جنوب غرب الأمانة أن الأخ سيف الله اليتيم تقدم بطلب تصحيح اسمه
  • جلال كشك.. الذي مات في مناظرة على الهواء مباشرة وهو ينافح عن رسول الله
  • علي جمعة يوضح الفرق بين القلب والفؤاد..فتعرف عليه