منازل بدولار واحد.. هل تحل مشكلة تدهور المدن؟
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
في محاولة للتصدي لمشكلة تدهور المدن، بدأت مدن مثل بالتيمور الأميركية وليفربول البريطانية في بيع منازل مهجورة مقابل دولار واحد فقط. ولكن هل يمكن أن تحقق هذه المبادرة النجاح المنشود، ومن هم الرابحون والخاسرون من هذه التجربة؟.
وفقًا لتقرير نشرته بي بي سي البريطانية، تعود جذور هذه المبادرة إلى سبعينيات القرن الماضي في بالتيمور بالولايات المتحدة، حيث تم طرح منازل مهجورة للبيع مقابل دولار واحد فقط ضمن برنامج أُطلق عليه اسم "الاستيطان الحضري".
وكانت جودي أليكزالزا، إحدى الأوائل الذين استفادوا من هذا البرنامج، قد اشترت منزلا مهجورا في منطقة "بيغ تاون" عام 1976. ورغم أن المنزل كان في حالة مزرية وقت الشراء، فقد قضت سنوات في ترميمه بمبالغ مالية كبيرة، قائلة: "كنت على وشك إعلان إفلاسي الشخصي، لكن بعد كل شيء، أصبح المنزل ملكي بالكامل، وهذا كل ما يهم".
تجربة بالتيمور ونجاح محدودوكان البرنامج يهدف إلى إعادة تأهيل المناطق الحضرية المدمرة من خلال تمكين السكان المحليين من شراء المنازل بأسعار رمزية ثم ترميمها. ويقول جاي برودي، الذي كان يدير البرنامج في ذلك الوقت: "لقد اخترنا أسماء من بين المتقدمين وبدأنا بالتعامل معهم. وعندما انتهى البرنامج، احتل غلاف مجلة أميركان إكسبريس".
ورغم النجاح النسبي الذي حققه البرنامج في بداية الأمر، فإنه توقف في عام 1988 بعد مغادرة برودي. ومع ذلك، عادت بالتيمور في وقت سابق من هذا العام لتطرح مبادرة جديدة مشابهة تحت مسمى "برنامج الأسعار الثابتة"، حيث يُمكن للمقيمين شراء منازل مهجورة مقابل دولار واحد بشرط أن يكون لديهم 90,000 دولار لتمويل عملية الترميم، وأن يلتزموا بالسكن في المنزل لمدة 5 سنوات على الأقل.
وفي عام 2013، تبنت مدينة ليفربول البريطانية الفكرة، حيث طرحت منازل في منطقة "ويبستر تريانغل" للبيع مقابل جنيه إسترليني واحد. وتقول ماكسين شاربليس، إحدى المشترين: "كان هناك غزو للفئران، وكان لدي شجرة تنمو من إطار نافذة المنزل. كان العمل مرهقا ومتعبا للغاية، لكنه كان يستحق ذلك في النهاية".
ورغم كل الصعوبات التي واجهتها، تقول شاربليس: "لقد غير المنزل حياتي بالكامل..، فأنا أعيش في المنزل الذي حلمت به وقمت بترميمه بنفسي".
انتقادات ومخاوفورغم الانتشار الواسع لهذا النموذج في مدن أخرى حول العالم، بما في ذلك في إيطاليا وإسبانيا، فإن هناك انتقادات لهذه المبادرة وفق بي بي سي.
وتذكر بي بي سي، ديفيد سيمون، مبتكر المسلسل التلفزيوني الشهير "ذا واير"، الذي استلهم من تجاربه كمراسل في بالتيمور، أبدى شكوكه حول نجاح هذه البرامج في تحقيق العدالة الاجتماعية. حيث يقول سيمون: "رغم أن البرنامج أعاد قاعدة ضريبية إلى المدينة، فإنه لم يكن ناجحا في نشر الثروة. أي برنامج تجديد حضري في المدينة لم يكن يوما عادلا".
في ليفربول، يعترف توني ماوسديل من قسم الإسكان في المجلس البلدي بأن البرنامج قد ساعد في تحسين المنطقة، لكنه واجه بعض التحديات مثل السلوكيات غير الاجتماعية والمنازل التي لم تُرمم بعد.
في بالتيمور، يتحدث ديفيد ليدز، مدير منظمة "ووتر بوتل كوبريتيف" غير الربحية، عن قلقه من تأثير هذه البرامج على زيادة الإيجارات ودفع الأشخاص ذوي الدخل المنخفض إلى مغادرة المناطق. يقول ليدز: "الأفراد الذين يشترون المنازل بدولار واحد قد يتسببون في إعادة تأهيل المناطق، ولكن ذلك قد يؤدي إلى رفع الإيجارات وطرد الأشخاص ذوي الدخل المنخفض".
ورغم هذه الانتقادات، تؤكد أليس كينيدي، مفوضة الإسكان في بالتيمور، أنها تدرك المشكلات التي خلفتها البرامج السابقة وتسعى لتفادي الأخطاء الماضية. تقول كينيدي: "أولوية قصوى لنا جميعًا هي تصحيح السياسات السكنية العنصرية التي وقعت في الماضي والتعامل مع الفصل الاجتماعي والاقتصادي".
وتظل مبادرات بيع المنازل بدولار واحد وسيلة لجذب الانتباه نحو تجديد المناطق الحضرية المتدهورة، ولكنها تواجه تحديات كبيرة. ومع أنها نجحت في تحسين بعض المناطق، إلا أن المخاوف حول العدالة الاجتماعية ورفع الإيجارات تظل قائمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی بالتیمور دولار واحد
إقرأ أيضاً:
العفو الدولية وأحزاب يطالبون بوقف تدهور حقوق الإنسان بتونس ووضع حد للانقلاب
طالبت منظمة العفو الدولية، بوقف تدهور وضع حقوق الإنسان في تونس وبالتحرك السريع لحث السلطات التونسية على الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفيا، وإنهاء القمع المتصاعد لحقوق الإنسان ،دعوة تزامنت مع بيانات حزبية تونسية مشابهة وذلك بعد مرور أربعة أعوام على إجراءات سعيد الاستثنائية، والتي تعتبرها أغلب الأحزاب والمنظمات "انقلابا" على الديمقراطية والتي تم بمقتضاها حل البرلمان وتجميد أعماله وحل حكومة هشام المشيشي حينها وحل هيئات دستورية تلاها تعليق العمل بالدستور وصياغة آخر.
أوقفوا الانتهاكات
وفي رسالتها قالت العفو الدولية: "أنني أحثكم وحكومتكم على وقف هجومكم على حقوق الإنسان فورًا، والتعهد علنا باحترام سيادة القانون، والوفاء بالالتزامات تونس في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب".
وأكدت المنظمة أن "البلاد تشهد أزمة حقوقية فمنذ استيلاء الرئيس سعيد على السلطة في 25 يوليو/تموز 2021، شنّت السلطات هجومًا متصاعدًا على سيادة القانون وحقوق الإنسان، مقوّضة بذلك الحق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، فضلًا عن الحق في المحاكمة العادلة. بالإضافة إلى ذلك، داست السلطات على حقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء".
ولفتت إلى أنه "خلال الأربع سنوات التي مرت منذ استحواذ سعيّد على السلطة في 25 تموز/ يوليو 2021، عكست السلطات مسار التقدم الذي أحرزته في مجال حقوق الإنسان في أعقاب ثورة 2011 فمنذ نهاية عام 2022، تعرَّض ما يزيد على 80 شخصا، من ضمنهم خصوم سياسيون وقضاة ومحامون وصحفيون ونقابيون ونشطاء ومدافعون عن حقوق الإنسان، للملاحقات القضائية الجائرة و للاحتجاز التعسفي لمجرد ممارستهم لحقوقهم، مثل الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها".
وأشارت إلى أن السلطات بتونس استحوذت على عدة إجراءات تقوّض استقلالية القضاء، مع فرض قيود متزايدة على الحيّز المدني.
قمع واستبداد
وقال حزب "العمل والإنجاز" إن البلاد تعيش في أزمة متعددة الأبعاد باتت تهدد المكتسبات الوطنية وتغذي الصراعات الداخلية وأنه وبعد مرور أربعة أعوام على الانقلاب تصحرت الحياة السياسية وتراجعت الحريات وتم تدجين القضاء".
وأشار الحزب إلى أن "حصيلة سنوات الانقلاب كارثية على جميع المستويات و وهو ما يتطلب وقفة وطنية جامعة للإنقاذ دون إقصاء عبر مبادرة سياسية جامعة".
بدوره قال حزب العمال اليساري، إنه وبعد مرور أربع سنوات من الانقلاب" استفحلت ظاهرة الفساد والرّشوة في كافّة المستويات، إضافة إلى التّدهور القيمي والأخلاقي وتصاعد خطاب الكراهيّة والتخوين والعنصريّة والشماتة علاوة على تحوّل الكذب والنفاق إلى العملة الأكثر رواجا في المجتمع لتشويه الغير والاعتداء على كرامة النّاس وأعراضهم ممّا عمق مظاهر الفرقة والتمزّق المجتمعي".
واعتبر الحزب أن حصيلة أربع سنوات من الانقلاب في المستوى الاقتصادي والاجتماعي هي تعمّق تبعية البلاد وتدهور معيشة الشعب، وأما سياسيا فلم تكن سوى تكريسا لمنظومة الحكم الفردي الاستبدادي، الفاشي والمعادي للحريات" مشددا، على أنه ومنذ اللحظة الأولى لإعلان ما جرى ليلة 25 يوليو/تموز2021 اعتبرها انقلابا وعودة بالبلاد إلى مربّع الدكتاتورية".