أصالة الإجرام وانحطاط وفساد الأخلاق
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
إن من يتأمل في قول الله تعالى في وصف اليهود ((ويسعون في الأرض فساداً)) يدرك أنهم في إجرامهم ليس نتاج نزوة عابرة أو غلطة نادرة أو صدفة، وإنما ناتج عن ممارسة ماهرة ومكر وتدبير عظيم وعميق في ذات الوقت وذلك بسبب مسار التفكير من الهدي إلى الضلال ومن الإيمان إلى الكفر ومن الحق إلى الباطل.
لديهم فرق متمرسة في قتل وإبادة الآخرين الذين لا يرغبون بهم ولا يرضون عنهم ولا يتفقون مع سياساتهم الإجرامية، فرق للاغتيالات السياسية تدمر المستهدفين بالفضائح والمنشورات والدعايات السوداء، وفرق للاغتيالات العسكرية تمارس جرائمها في القتل والاجرام في كل دول العالم، ولهم أياد تسهل لهم إجرامهم ولهم وسائلهم التي يمارسونها على الآخرين من اجل إجبارهم على العمل لصالحهم.
في عمل إجرامي دخل الفريق القاتل المتخصص إلى غرفة المجني عليه ووضعوا المتفجرات داخل علبة التلفون وحينما تأكدوا من نومه على سريره فجروا الغرفة بأكملها وأرسلت التهنئة إلى كبار الآمرين بالقتل والأجرام، بمناسبة أن العملية تمت بنجاح.
المطارد الآخر حينما لم يستطيعوا الإمساك به استعانوا بعميل لهم تم تجنيده لهذه المهمة، حيث قاموا بتفخيخ تلفون ليسلمه له وما إن استلمه المجني عليه حتى انفجر به بواسطتهم.
الاغتيالات المباشرة باستخدام الطائرات والصواريخ والقنابل والعبوات الناسفة، لا يدانيهم ولا يتفوق عليهم أحد، فقد حققوا أرقاماً قياسية في ذلك.
أياديهم تطال المستهدفين في كل القارات وغالبية الدول والاستثناء القلة التي قد لا يتمكنون من حرية العمل فيها أو لا تتاح لهم حرية القتل والاجرام.
استعدادهم للقتل والاجرام بلا حدود، فقد قتلوا وسفكوا دماء بعض الأنبياء وتآمروا على البعض، ووصلت وقاحتهم حتى تطاولوا على رب العزة والجلال خالق السماوات والأرض تعال الله عما يقولون علواً كبيرا_ قال تعالى ((لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق)) آل عمران 181.
وقالوا مرة أخرى قال تعالى ((وقالت اليهود يد الله مغلولة غُلت أيديهم ولعنوا بماقالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء)) المائدة 64.
واشتركوا مع النصارى في الافتراء على الله فقالوا ((نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق)).
مارسوا إجرامهم على أرض لبنان وعاثوا فيها الفساد وانسحبوا منها تحت ضربات رجال المقاومة وسحبوا العملاء والخونة معهم واليوم عادوا يمارسون أبشع الجرائم بقتل الأبرياء وباستخدام وسائل الاتصالات فخخوها وجعلوها قنابل موقوتة يقصفون بها أذان وأيادي ورؤوس وخواصر الضحايا من الأطفال والنساء والأبرياء تحت ذريعة ومبررات استهداف عناصر حزب الله وهي وسائل اتصالات عامة يستخدمها الشعب اللبناني ومن ضمنهم عناصر ورجال حزب الله.
لديهم استعداد إجرامي منقطع النظير لتحويل الوسائل العادية إلى أدوات قاتلة، فما بالكم بوسائل القتل والاجرام، فمثلا قد يضعون السم في الشكولاتة التي يعجب بها الضحية، وقد يقسمونه على جرعات إذا اقتضي الأمر حتى لا يكتشف أمرهم -كما فعلوا في اغتيالهم الزعيم ياسر عرفات- لأنه رفض الانصياع لبعض مطالبهم.
اغتالوا قيادات الجهاد بالتعاون مع القوات البريطانية واستمروا في اغتيالهم للمفكرين والقيادات السياسية والعسكرية وصناع الرأي، وتوسعت دائرة إجرامهم فاغتالوا علماء الذرة من العرب والمسلمين في بلدانهم وفي غيرها وتوسعوا فاغتالوا علماء الفيزياء والكيمياء من مصر والعراق وسوريا وغيرهم من العلماء.
دمروا البرامج النووية في العراق وسوريا وليبيا واغتالوا البرنامج المصري فجعلوه سلميا وصفّوا العاملين فيه.
حاربوا البرنامج النووي الإيراني فاغتالوا علماء الذرة، ووصل الأمر بهم إلى اغتيال رئيس الهيئة النووية في العاصمة طهران واغتالوا قيادات الحرس الثوري من فيلق القدس في إيران وسوريا والعراق ولبنان، في سيرة إجرامية وسلسلة لم تنتهى حتى الآن، لا يضارعهم في خستهم ومكرهم وإجرامهم أي صنف من الآخرين سوى الداعمين لهم.
حينما اشتعلت الانتفاضتان الفلسطينيتان – الأولى والثانية- استخدموا فرق المستعربين وهم اليهود الذين يتحدثون اللغة العربية ويفهمون تعاليم الإسلام، وضعوهم في صفوف المتظاهرين ليقوموا بالقبض على الناشطين وتكسير عظامهم التي يتحركون بها، ومن لا يستطيعون الوصول إليهم يرسلون الإشارة إلى القناصين منهم لتصفيتهم، مع انهم يواجهون متظاهرين لا يحملون أسلحة، بل يواجهون الدبابات والمجنزرات بصدورهم العارية، أسلحتهم الحجارة احتجاجا على المعاملة المهينة والإجرامية من سلطات الاحتلال في السجون والمعتقلات وما تمارسه من تدمير ومصادرة الأراضي وهدم البيوت والحصار المفروض عليهم في كل المجالات.
فلسطين أرض الرباط والجهاد، مارس الإنجليز على أرضها أبشع الجرائم وسلموها لليهود ليكملوا مشوارهم بمساندة الحلف الصليبي الصهيوني، وهذا الإجرام لن يستمر إلى الأبد، بل إن نهايته الحتمية قد حانت، قال تعالى ((انا لننصر رسلنا والذين ءامنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)).
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
نعي فؤاد الحميري… بين جلال الموت وانحطاط الكراهية
كنا ولا نزال نراهن على حكمة اليمنيين، أصدقاء وخصومًا، في قدرتهم على تجاوز جراح الماضي، لا سيما وقد أصبح الجميع شركاء في وجعٍ واحد لا يستثني أحدًا.
وقد اعتدنا كيمنيين أن نجعل من المناسبات الإنسانية، وفي مقدمتها الموت، فرصة للتواصل والمراجعة، لما يحمله الموت من جلالٍ ورهبة، وما يوقظه في النفس من عظة وتذكير بزوال الدنيا وفناء البشر.
لم يحدث أن ندمنا يومًا على الترحم على خصومنا، أو على تقديم واجب العزاء لأهاليهم وذويهم. فالموت، في ثقافتنا، لحظة تعالٍ عن الصغائر، ومحطة لعودة الروح إلى جذورها الأخلاقية، حيث الأخلاق فوق الخصومة، والوطنية تعلو على الصراع.
لقد اعتاد اليمنيون، حتى في ذروة الصراع، أن يجعلوا من مناسبة الموت جسرًا للتواصل، لا خندقًا لتجديد العداوة.
لكن يبدو أن بعضهم لا يزال يرفض التصالح مع هذه القيم، ويصر على اغتيال خصومه حتى بعد رحيلهم، وكأن الموت وحده لا يكفي.
كان رحيل الشاعر والمناضل فؤاد الحميري لحظة وطنية مؤثرة، حيث تدفقت مشاعر الحزن والوفاء من جمهور واسع، بطريقة عفوية وصادقة، أعادت التذكير بأن القلوب اليمنية لا تزال تنبض بالحب لمن صدق القول والفعل، وبقي صوتًا للضمير في زمن الخديعة.
غير أن هذا النعي الجماهيري الكبير، بما فيه من صدق وعفوية، قد أثار حفيظة البعض، ممن أكل الحقد السياسي ضمائرهم، فاستأجروا الأقلام، وأطلقوا جيوش الذباب الإلكتروني للتشفّي والانتقام.
كان مشهدًا مرعبًا ومخزيًا، حين تحوّلت لحظة الرحيل الإنساني إلى منصة لتصفية الحسابات، والاحتفال بنهاية خصم، لا بوداع إنسان.
إنها صدمة أخلاقية وثقافية تتعارض تمامًا مع تقاليد اليمنيين في توقير الموت، واحترام الراحل، وجعل الوفاة مناسبة للتراحم لا للتشفي.
لقد استكثروا على فؤاد الحميري حتى نعي الجماهير، ظنًّا منهم أن الحب يُمنح بأمر، وأن الاحترام يُفرض بالقوة، ولم يدركوا أن الجماهير لا تحتاج إلى توجيه حزبي، ولا إلى إعلام رسمي، كي تعبّر عن حبها لمن رأت فيه شيئًا من حلمها، وصوتًا من ضميرها، فالحب والاحترام لا يُفرضان، بل يُكتسبان.
ومع ذلك، لا يمكننا أن نلومهم كثيرًا؛ فهم، في أعماقهم، لم يكونوا يشاهدون النعي العفوي المجرد للحميري فقط، بل كانوا يرون فيه قدرًا مرعبًا يطوّقهم ويترصدهم، وكأن هذا النعي لم يكن إلا مرآةً لمصير قادم، وموتٍ يتلبسهم ويقترب منهم، وإن تأخر.
إنها لحظة نعي مزدوج: نعيٌ لفؤاد الحميري، رمزًا نقيًّا لا يملك إلا ضميره، وصوته، وحلمه.
ونعيٌ مبكر، وربما نهائي، لأولئك الذين لا يزالون ينازعون من أجل البقاء، بكل ما في جعبتهم من أحقاد وضغائن وكراهية، في محاولة لإحياء تجربة لفظها الزمن، ولم تعد تجد لها مكانًا في وجدان الجماهير.
لقد فشلوا مرةً أخرى في استقطاب قلوبٍ كانت قد انفتحت لهم، ورأت في بعضهم بصيص أملٍ يمكن تداركه والبناء عليه، في زمن بات فيه كيان الدولة يتعرض للانهيار، ومفهوم الجمهورية مهدد بالتآكل والزوال.
إنهم يموتون في كل مرة تحيا فيها ذاكرة الجماهير، ويفشلون في كل مناسبة يظهر فيها أن الحب لا يُصادر، وأن الكرامة لا تُشترى، وأن لله في خلقه شؤون، و”كلَّ يومٍ هو في شأن”…يخفض أقوامًا، ويرفع آخرين.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصةانا لله وانا اليه راجعون حسبنا الله ونعم الوكيل...
أنا طالبة علم حصلت معي ظروف صعبة جداً و عجزت اكمل دراستي و أ...
نحن اقوياء لاننا مع الحق وانتم مع الباطل...
محمد عبدالخالق سعيد محمد الوريد مدير بنك ترنس اتلنتيك فليوري...
قيق يا مسؤولي تعز تمخض الجمل فولد فأرة تبا لكم...