حول تقرير جهاز الرقابة الإدارية الأخير في ليبيا
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
صدر في اليومين الماضيين في ليبيا تقرير جهاز الرقابة الإدارية الـ 53، وتناول التقرير للمرة الأولى عرضا للوضع المالي للدولة، وحساب الإيرادات والنفقات خلال الأعوام 2012 ـ 2023م، وذلك أن قانونا أصدره مجلس النواب خلال العام الماضي يعطي الرقابة الإدارية الصلاحية لمتابعة المالية العامة للدولة، والتي هي بالأساس مسؤولية ديوان المحاسبة.
من الجيد أن تظهر البيانات المالية الرسمية ضمن تقرير لجهة سيادية ويغطي عقدا من الزمان أو يزيد، فهذا يعطي صورة أشمل عن الوضع المالي للدولة، كما يسهل أعمال ونشاطات المعنيين بهذه البيانات من مؤسسات علمية وأفراد، وغيرهم ممن يعنيهم هذا الملف.
بالنظر إلى ما ظهر من معلومات عن التقرير، وملخصه الذي انتشر بين وسائل الإعلام، فإنه من الواضح أن الجهاز لم يقم بما ينبغي عند تناوله للوضع المالي للدولة خلال الفترة التي أشار إليها التقرير، إذ لم يعدو الأمر إظهار حجم الإيرادات ومصادر الحصول عليها، وإجمالي الإنفاق خلال الـ 12 سنة، وأهم بنوده.
وحتى عندما تمت الإشارة إلى فروق بين بيانات وزارة المالية والمصرف الليبي الخارجي من جهة، وبيانات المصرف المركزي من جهة أخرى، لم يقدم التقرير، أو ملخصه، أي تفسير لهذا التباين. وإلى أن يتم نشر التقرير كاملا، فإننا نركز في نقاشنا على بيانات الإيرادات والنفقات وتوابعها.
أظهر التقرير أن إجمالي ما تم إنفاقه خلال الفترة 2012-2023م بلغ ما يزيد عن 722 مليار دينار ليبي، ذهب نحو 41% للمرتبات، و19% للإنفاق التسييري، و18% للدعم، و12% للتنمية، وذلك بالإضافة إلى الترتيبات الاستثنائية 8%، والطوارئ 2%.
مع افتراض عدم وقوع تغير كبير في الدخل (الإيرادات النفطية)، وهو السيناريو الراجح، فإن التراجع الطفيف في سعرف صرف الدولار في السوق الموازية لن يدوم كثيرا، حتى مع تماسك الاتفاق حول إدارة المصرف المركزي، وما لم ننتقل إلى استقرار سياسي ومؤسساتي، يعقبه تخطيط سليم وإدارة راشدة للاقتصاد، فإن الأزمة الاقتصادية مرشحة للتفاقم، وليس العكس.بنظرة سريعة على هذه الأرقام يتأكد لنا أن الاقتصاد الليبي ما يزال يعاني من خلل هيكلي ووضع مأزوم، وأن الخلل يتعاظم والتأزيم يزداد، دون أي جهود للاستدراك على هذا الوضع الصعب. ذلك أن نحو 80% من الإنفاق الاجمالي البالغ ما يزيد عن 722 مليار دينار هو انفاق استهلاكي، وأن الباقي وهو الـ 20% لا يستغل بشكل إيجابي ليكون له مردود يصحح، ولو في المدى المتوسط والطويل، الاختلال الراهن.
منذ ما يزيد عن 4 عقود والقطاع العام هو مصدر التوظيف للمتدفقين الجدد إلى سوق العمل من الجامعات وغيرها، وأصبح ثقافة عامة أن يتحصل كل من بلغ سن العمل من خريجين وغيرهم على وظيفة في الجهاز الحكومي ومرتب من الخزانة العامة، وليس بالضرورة ان يقابل ذلك جهدا يشكل إضافة للاقتصاد الوطني، ودون أن يقع تطورا مهما في مكانة القطاع الخاص وإسهامه في الناتج المحلي الإجمالي ليكون قبلة للمقبلين على سوق العمل، وهذا ما يفسر ازداد عدد القوى العاملة في الجهاز الحكومي بشكل كبير لتصل إلى نحو 2.1 مليون حسب تقرير الرقابة الإدارية الذي هو محل النقاش، وإلى ما يزيد عن 2.3 مليون حسب مصادر حكومية أخرى منها مصلحة الإحصاء والتعداد التابعة لوزارة التخطيط، وإلى 2.5 مليون حسب وزير العمل بحكومة الوحدة الوطنية، علي العابد، في تصريح له مؤخرا، ولن ننقاش في هذه السانحة اختلاف الارقام والبيانات المتعلقة بالاقتصاد والاجتماع الليبي وغيرهما، فهذه المسألة تحتاج إلى مقال خاص.
الظروف المحيطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تدفع باتجاه تكريس هذا الوضع المختل، عليه فإن بعض التقديرات تفترض أن العاملين في القطاع العام قد يبلغ عددهم 3 مليون مع مطلع العقد اللاحق، مما يعني ارتفاع بند المرتبات في الميزانية، وكذا البنود الثابتة من إنفاق على الدعم والانفاق التسييري.
وإذا كان الأمر كذلك، ومع افتراض عدم وقوع تغير كبير في الدخل (الإيرادات النفطية)، وهو السيناريو الراجح، فإن التراجع الطفيف في سعرف صرف الدولار في السوق الموازية لن يدوم كثيرا، حتى مع تماسك الاتفاق حول إدارة المصرف المركزي، وما لم ننتقل إلى استقرار سياسي ومؤسساتي، يعقبه تخطيط سليم وإدارة راشدة للاقتصاد، فإن الأزمة الاقتصادية مرشحة للتفاقم، وليس العكس.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ليبيا الاقتصاد ليبيا اقتصاد رأي أوضاع مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرقابة الإداریة ما یزید عن
إقرأ أيضاً:
«معًا لمناهضة العنف الوظيفي ضد المرأة» فعالية بمجمع النيابات الإدارية
شاركت المستشارة أمل عمار، رئيسة المجلس القومي للمرأة، فى الفعالية التى أقيمت اليوم بمجمع النيابات الإدارية بالقاهرة الجديدة والتى جاءت تحت عنوان «معًا لمناهضة العنف الوظيفي ضد المرأة» ، وذلك بحضور السيد المستشار محمد الشناوي، رئيس هيئة النيابة الإدارية، وعدد من قيادات وأعضاء الهيئة.
وقد أعربت المستشارة أمل عمار عن سعادتها بتواجدها في رحاب هيئة النيابة الإدارية، هذا الصرح القضائي الوطني العريق، للمشاركة في هذه الندوة المهمة التي تعكس وعي الدولة المصرية وحرصها الثابت على مناهضة العنف ضد المرأة في الوظيفة العامة، وترسيخ مبادئ العدالة، وسيادة القانون، واحترام الكرامة الإنسانية داخل بيئة العمل.
واضافت رئيسة المجلس، إن قضية مناهضة العنف ضد المرأة العاملة لا تعد شأنا فئويا أو مطلبا جزئيا، وإنما هي قضية وطنية أصيلة ترتبط ارتباطا وثيقا بكفاءة الجهاز الإداري للدولة، وجودة الأداء المؤسسي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. فبيئة العمل الآمنة والمنصفة هي الأساس الحقيقي لإطلاق طاقات المرأة، وتمكينها من الإسهام الفاعل في مسيرة البناء والتنمية ، حيث أولت الدولة المصرية، بقيادة فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اهتماما غير مسبوق بحماية المرأة وتعزيز حقوقها، وهو ما تجسد بوضوح في الدستور المصري، وفي منظومة تشريعية متكاملة، يأتي في مقدمتها قانون العمل الجديد وقانون الخدمة المدنية، اللذان رسخا إطارًا قانونيا واضحًا لحماية المرأة من كافة صور العنف أو التمييز داخل بيئة العمل.
وأثنت رئيسة المجلس بقانون العمل الجديد الذى أكد على حظر التمييز ضد المرأة في الاستخدام أو الأجر أو الترقية أو التدريب، وكرس مبدأ المساواة في الأجر عن العمل المتساوي، وشدد على تجريم أي ممارسات تمس كرامة المرأة أو تنطوي على تحرش أو إساءة داخل مكان العمل، مع إلزام جهة العمل بتوفير
بيئة عمل آمنة، وإتاحة آليات فعالة للشكوى والحماية موضحة أن القانون منح المرأة العاملة عددًا من الامتيازات الداعمة لاستقرارها الوظيفي والأسري، من بينها تنظيم إجازات الوضع ورعاية الطفل، والحماية من الفصل أو الجزاءات التعسفية بسبب الحمل أو الوضع، وضمان حقها في العودة إلى عملها دون انتقاص من حقوقها الوظيفية أو المالية، بما يحقق التوازن بين متطلبات العمل ومسؤوليات الأسرة.
وأضافت انه في الإطار ،جاء قانون الخدمة المدنية ليعزز هذه الحماية داخل الوظيفة العامة، حيث أكد على مبدأ تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين العاملين، وحظر أي سلوك أو إجراء من شأنه المساس بكرامة الموظفة أو تعريضها لأي شكل من أشكال العنف أو الإساءة، فضلا عن تنظيمه لحقوق المرأة العاملة في الجهاز الإداري للدولة، ولا سيما ما يتعلق بإجازات الوضع ورعاية الطفل والإجازات المرتبطة بالظروف الأسرية، مع ضمان عدم الإضرار بمسارها الوظيفي أو فرصها في الترقية.
واستعرضت رئيسة المجلس تشديدات قانون الخدمة المدنية فيما يخص قواعد الانضباط والمساءلة الوظيفية، بما يتيح محاسبة كل من يثبت تورطه في ممارسات تتعارض مع القيم الوظيفية أو تمس كرامة العاملين، وهو ما يشكل أحد الأعمدة الأساسية لمناهضة العنف المؤسسي وترسيخ بيئة عمل قائمة على الاحترام وسيادة القانون.
وأضافت، رئيسة المجلس بدوره الذى يواصله المجلس القومي للمرأة اضطلاعه بدوره الوطني في دعم جهود الدولة لتفعيل هذه التشريعات، من خلال نشر الوعي بالحقوق القانونية، وبناء القدرات، وتعزيز آليات الوقاية والإبلاغ، والتعاون المستمر مع الجهات القضائية والرقابية والتنفيذية، وفي مقدمتها هيئة النيابة الإدارية، بما يضمن التطبيق الفعلي للنصوص القانونية وتحويلها إلى ممارسات مؤسسية مستدامة.
وأكدت رئيسة المجلس،إن انعقاد هذه الندوة داخل هيئة قضائية رفيعة المكانة، يحمل رسالة واضحة مفادها أن الدولة المصرية لا تتسامح مع أي ممارسات تمس كرامة المرأة أو تعوق أداءها المهني، وأن حماية المرأة في الوظيفة العامة مسؤولية مشتركة تتطلب وعيا تشريعيا، والتزاما مؤسسيًا، وتطبيقا حاسمًا لأحكام القانون
واختتمت رئيسةالمجلس حديثها، بالتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى هيئة النيابة الإدارية، قيادة وأعضاء، على تنظيم هذه الندوة المهمة، وعلى دورها الوطني المشهود في صون النزاهة الوظيفية وترسيخ مبادئ العدالة، مؤكدة التزام المجلس القومي للمرأة بمواصلة العمل المشترك من أجل بناء بيئة عمل آمنة، منصفة، وخالية من العنف، تليق بمكانة المرأة المصرية ودورها الأصيل في نهضة هذا الوطن .