ترجمة: بدر بن خميس الظّـفري -

يمكن اعتبار التعليقات الأخيرة التي أدلى بها لاي تشينج تي حول «الوطن الأم» شكلا مستترا من أشكال نظرية «استقلال تايوان»، والتي من المؤكد أن تؤدي إلى تصعيد التوترات عبر المضيق.

كانت تايوان جزءًا لا يتجزأ من أراضي الصين منذ العصور القديمة. وعلى الرغم من أن مضيق تايوان يفصلها عن البر الرئيسي الصيني، فإن وضع تايوان كجزء من الصين لم يتغير على الرغم من الجهود التي تبذلها قوى «استقلال تايوان» في الجزيرة ومحاولات بعض القوى الغربية لزرع الفتنة عبر المضيق.

هذا الموقف مدعوم بالقانون الدولي، بما في ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2758 الذي تبنته أغلبية ساحقة في 25 أكتوبر 1971. ويعترف القرار بجمهورية الصين الشعبية باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة للصين، ويؤكد أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين. وبالتالي، فإن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الممثل الوحيد للصين في الأمم المتحدة، ولا تتمتع جزيرة تايوان بأي وضع ككيان منفصل. ولقد أيدت الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها هذا القرار باستمرار، ورفضت أي ادعاءات بالتمثيل الدولي لتايوان.

كما تؤكد وثائق تاريخية رئيسية مثل إعلان القاهرة لعام 1943 وإعلان بوتسدام لعام 1945 على وضع تايوان كجزء من أراضي الصين. وقد نصت هذه الإعلانات، الملزمة قانونًا والمتكاملة مع النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، على إعادة جزيرة تايوان، التي استولت عليها اليابان أثناء فترة توسعها، إلى الصين.

ونظرًا لهذه السوابق التاريخية والقانونية، فإن تايوان ليس لها أي وضع قانوني للمشاركة في الأمم المتحدة أو أي منظمة عالمية أو إقليمية أخرى حصرية للدول ذات السيادة. وعلى الرغم من هذه الحقائق، تواصل الولايات المتحدة تحدي القانون الدولي والأعراف من خلال الترويج سرًا لجهود تايوان للقبول كعضو في هيئات الأمم المتحدة، إن لم يكن الأمم المتحدة نفسها، ونشر معلومات مضللة حول قضية تايوان.

وباعتبارها عضوًا مؤسسًا للأمم المتحدة، وعضوًا دائمًا في مجلس الأمن، وموقعًا على إعلان القاهرة وإعلان بوتسدام، كان ينبغي للولايات المتحدة أن تكون على دراية كاملة بالوضع القانوني لتايوان.

ومع ذلك، وتجاهلًا لمسؤولياتها والتزاماتها، تبنّت الولايات المتحدة سياسات وقوانين تقوض سيادة الصين، مثل «قانون العلاقات مع تايوان»، الذي يتعارض مع البيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة، والتي تشكل أساس العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة.

إن «قانون العلاقات مع تايوان»، الذي صدر في عام 1979، لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل يتناقض أيضًا مع اعتراف الولايات المتحدة بجمهورية الصين الشعبية باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة للصين. وكان هذا القانون المحرك الرئيسي لاستمرار التوترات عبر مضيق تايوان، ما مكن الولايات المتحدة من الحفاظ على علاقات غير رسمية مع جزيرة تايوان، وبيع الأسلحة والمعدات العسكرية للجزيرة. لقد أدت محاولات الولايات المتحدة للتدخل في قضية تايوان إلى تعطيل السلام في المنطقة.

إن تصرفات الولايات المتحدة تكشف عن معاييرها المزدوجة، ففي حين تعترف واشنطن علنا بمبدأ الصين الواحدة، فإنها في الوقت نفسه تستفز بكين بمبيعات الأسلحة والزيارات رفيعة المستوى التي يقوم بها سياسيون أمريكيون إلى الجزيرة.

إن الادعاء بأن نسخة واشنطن من مبدأ الصين الواحدة تختلف عن نسخة بكين ليس أكثر من محاولة مبطنة لتبرير تدخلها في الشؤون الداخلية للصين. ولم يعد أمام الصين خيار سوى الرد بإجراءات قانونية ضد الأنشطة الانفصالية في الجزيرة، بما في ذلك فرض عقوبات جنائية على أولئك الذين يدافعون عن «استقلال تايوان». وهذا يعكس موقف بكين الثابت بشأن حماية سلامة أراضيها ومعارضة أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي.

هناك في تايوان والولايات المتحدة من يستفيدُ من دفع جانبي المضيق نحو الصراع، فعلى مدى عقود من الزمان، حافظت بكين على التزامها بإعادة توحيد تايوان مع الوطن الأم من خلال الوسائل السلمية. وأكدت الحكومة المركزية مرارا وتكرارا على الحوار والتكامل الاقتصادي والتبادل الثقافي باعتباره المسار المفضل لحل قضية تايوان. ومع ذلك، فإن خطاب وأفعال بعض الجهات السياسية الفاعلة في الولايات المتحدة وتايوان تعمل على تعقيد هذا النهج.

إن قضية تايوان شأن داخلي للصين، وأي تدخل خارجي فيها يشكل خرقًا للمعايير الدولية. ويتعين على الولايات المتحدة أن تحترم الحقائق القانونية والتاريخية لوضع تايوان وأن تكف عن أفعالها الاستفزازية التي تهدد الاستقرار الإقليمي. ولا يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في الحفاظ على السلام والنظام العالمي إلا من خلال الالتزام بالقانون الدولي.

مايا ماجوران، مدير مبادرة الحزام والطريق في سريلانكا، وهي منظمة مستقلة رائدة تتمتع بخبرة طويلة في تقديم المشورة والدعم لمبادرة الحزام والطريق.

عن صحيفة الصين اليوم

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمم المتحدة قضیة تایوان

إقرأ أيضاً:

الخارجية الأمريكية: قرار الأمم المتحدة بشأن غزة “غير جاد ومنحاز ضد إسرائيل”

غزة – وصفت وزارة الخارجية الأمريكية قرار الأمم المتحدة بشأن غزة الأخير، الذي يدعو إسرائيل إلى تطبيق قرار محكمة العدل الدولية بإدخال المساعدات إلى القطاع بأنه غير جاد ومنحاز ضد إسرائيل.

وقالت الخارجية الأمريكية في بيان إن “الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت اليوم قرارا جديدا غير جاد ومنحاز، مما يظهر استمرار هيمنة التحيز ضد إسرائيل على الدبلوماسية الجوهرية في المنظمة”.

وأضافت أنه “في ظل القيادة الرشيدة للرئيس دونالد  ترامب، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 2803 لإنهاء الحرب في غزة وتقديم حل حقيقي للقتال، وخلق أفق سلمي لسكان غزة والإسرائيليين والشرق الأوسط عموما. ومنذ ذلك الحين، تدفقت المساعدات على غزة، وحافظت الولايات المتحدة، إلى جانب شركائها، على زخم الجهود نحو سلام دائم. ومع ذلك، اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة طرح قرار مثير للانقسام ومسيس، قائم على ادعاءات باطلة، ويشتت الانتباه عن الدبلوماسية الواقعية”.

ولفت البيان إلى أن “القرار يؤكد على ضرورة أن تنفذ إسرائيل الاستنتاجات المضللة وغير الصحيحة لرأي استشاري غير ملزم صادر عن محكمة العدل الدولية. إن استخدام مثل هذه الآراء يعد استهزاء بالقانون الدولي. الآراء الاستشارية ليست أساسا للتشريعات، وفكرة إجبار أي دولة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة على التعاون مع أي منظمة تعد انتهاكا صارخا للسيادة. وتقف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل رافضة هذا المفهوم رفضا قاطعا”.

وتابع: “علاوة على ذلك، ترفض الولايات المتحدة أي محاولة لتمكين وكالة الأونروا، وهي وكالة تابعة لحركة الفصائل، متورطة في فظائع 7 أكتوبر، وتفتقر إلى الرقابة الفعالة، وتواصل الترويج لمعاداة السامية وتمجيد الإرهاب. إنها وكالة غير خاضعة للمساءلة، وفاسدة، ولن يكون لها أي مكان في غزة.

ستواصل الولايات المتحدة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2803، ساعية لتحقيق رؤية الرئيس ترامب لغزة مسالمة ومزدهرة، لا تشكل منطلقا للإرهاب لتهديد إسرائيل، حيث يستطيع سكان غزة تقرير مصيرهم بأنفسهم، بعيدا عن حكم الإرهابيين”.

 

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • حضورٌ دوليٌّ رفيع في المنتدى العالمي الحادي عشر لتحالف الأمم المتحدة للحضارات بالرياض
  • مجموعة أممية تطالب بالإفراج عن ناقلة النفط التي احتجزتها الولايات المتحدة في الكاريبي
  • جوتيريش: الهجمات التي تستهدف قوات حفظ السلام في جنوب كردفان ترقى إلى جرائم حرب
  • الخارجية الأمريكية: قرار الأمم المتحدة بشأن غزة “غير جاد ومنحاز ضد إسرائيل”
  • «أوتشا» لـ«الاتحاد»: الإمارات شريك أساسي في العمل الإنساني العالمي
  • ترحيب فلسطيني بالإجماع الدولي على تنفيذ فتوى محكمة العدل الدولية بشأن "أونروا"
  • بشأن الأونروا.. فلسطين ترحب بالإجماع الدولي على فتوى "العدل الدولية"
  • السودان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي بالضغط على الإمارات
  • فورين بوليسي: 3 دروس تعلمتها الصين من الولايات المتحدة
  • ترامب: لن نسمح للصين بالتفوق علينا في الذكاء الاصطناعي