يمثل الأمن الغذائي أحد أهم الأهداف الاستراتيجية لدولة الإمارات، التي تسعى لتحقيقه بوسائل عدة، على رأسها ترسيخ استدامة القطاع الزراعي، عبر التغلب على التحديات التي تواجه عملية تنميته، بالاستعانة بأنماط زراعية متطورة، في مقدمتها التوسع في الزراعة الحضرية.

ويلعب القطاع الزراعي دورا كبيرا في تحقيق مساعي دولة الإمارات لتمكين أهداف التنمية المستدامة وتعتبر الزراعة الحضرية، أحد أهم الحلول المبتكرة والرئيسة في تطوير كامل النظم الغذائية، التي تمكن المجتمع من إنتاج محاصيل متنوعة.

وتسعى دولة الإمارات إلى استثمار إمكاناتها الهائلة، في تعظيم قدراتها الزراعية الحضرية، من خلال تشجيع المواطنين على إنتاج غذائهم في منازلهم، ليتحولوا من مستهلكين إلى مستهلكين ومنتجين في الوقت نفسه.

وعرفت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة « فاو»، الزراعة الحضرية، بأنها ذلك النوع المختص بإنتاج المحاصيل، وتربية الحيوانات من مساحات صغيرة، ومن قطع الأراضي الفارغة، وحدائق المنازل الخلفية، وشرفات المنازل داخل المدن المزدحمة بالسكان، والكتل الإسمنتية، التي تتحول لمدن منتجة للخضروات والفاكهة داخل مبانيها الشاهقة، وشققها السكنية، ونوافذها، وحتى حدائقها المنزلية.
وأولت دولة الإمارات اهتماما بالزراعة الحضرية التي تمنح سكان المدن، فرصة للتواصل مع الطبيعة، وتتميز بالمرونة بوصفها نمطا لإنتاج الغذاء، ينسجم مع التوقعات الخاصة بتأثير التغير المناخي على الإنتاج الزراعي ويتضمن هذا القطاع، زراعة نباتات وفواكه وخضراوات في المناطق الحضرية، باستخدام تقنيات صديقة للبيئة.

أخبار ذات صلة «السلامة الغذائية»: توفير غذاء آمن وسليم لمجتمع أبوظبي بأنظمة رقابية فعّالة آمنة الضحاك: التعاون ركيزة لتعزيز أمن غذائي عالمي مستدام

وواجهت دولة الإمارات التحديات التي تقف أمام الزراعة الحضرية المستدامة، التي تتمثل في محدودية المساحة، ونوعية التربة، بتقديم حلول إبداعية مبتكرة، مثل استخدام أحواض الحدائق المرتفعة، وحاويات الزراعة، والتسميد لتحسين جودة التربة. 
وتتوافق الزراعة الحضرية مع مستهدفات البرنامج الوطني "ازرع الإمارات" الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتشجيع أفراد المجتمع على تبنى سلوكيات للانتقال من دور المستهلك التقليدي، إلى منتج فعال يساهم في دعم الاقتصاد الزراعي، وتنمية الإنتاج الزراعي. 
ويستهدف البرنامج الوطني "ازرع الإمارات"، تشجيع المجتمع المحلي على الإنتاج الذاتي المنزلي، لأهم المنتجات الزراعية، وتوسيع الرقعة الخضراء في الدولة، ودعم جهود الحفاظ على البيئة، وترسيخ صورة ذهنية إيجابية عن المنتج المحلّي ذي القيمة الغذائية العالية.

ويدعم البرنامج "عام الاستدامة 2024"، ويُعزز منظومة الاستدامة البيئية، عبر المساهمة الفعالة للمنتجات المحلية في خفض البصمة الكربونية كمنتجات طازجة. 
تعزيز التنوع
وتتعدد المزايا التي تحملها الزراعة الحضرية المستدامة فهي تعمل على تعزيز التنوع البيولوجي، وتساعد على إنشاء مساحات خضراء، يمكن أن تحسن جودة الهواء عبر امتصاص النباتات ثاني أكسيد الكربون وإطلاق الأكسجين.

وتساعد الزراعة الحضرية داخل المدن، على تثبيت التربة والحد من التصحر، خاصة في البيئات الصحراوية وتقلل من تأثير الحرارة العالية في ضوؤ مساهمة النباتات في إبطاء معدل انتقال الحرارة بين داخل المبنى وخارجه، إذ يؤثر العزل بالنباتات في طريقة تخفيف تأثير درجة الحرارة تبعا لفصول السنة.

وفي فصل الشتاء، يقلل العزل معدل الانتقال من الداخل إلى الخارج، بينما في فصل الصيف فإنه يبطئ معدل انتقال الحرارة من الخارج إلى الداخل. 
وتتميز المباني في الإمارات بأنها مؤهلة للزراعة الحضرية، التي تستخدم نظم زراعة من دون تربة ولا تحتاج إلى أي تغيير في مواصفات المباني ويشكل هذا النوع من الزراعات في الإمارات، خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة والأمن الغذائي وتعد جزءا من رؤية أوسع لخلق بيئة حضرية مستدامة ومتكاملة، بفضل الابتكار والدعم الحكومي، وهو ما يجعل من الإمارات نموذجا رائدا في هذا المجال على مستوى المنطقة والعالم.
حلول شاملة.
وتتخذ الزراعة الحضرية في الإمارات أشكالا عدة، منها المزارع العمودية، التي أخذت في الانتشار داخل المدن، إذ تشهد تقنيات هذا النوع من المزارع، تطورات كبيرة وأخذت في الانتشار محليا وعالميا لتؤسس لحل شامل يحقق الأمن الغذائي، نتيجة اختصارها المواسم والمسافات.
وتشهد الإمارات توجها متزايدا نحو تطوير المزارع العمودية، باعتبارها مكونا واعدا لمحفظة حلول تحديات الأمن الغذائي، نتيجة كفاءتها التشغيلية والحصاد على امتداد المواسم كافة وإمكانية إنشاء مزارع عمودية داخل المدن بمساحات متنوعة ومرنة، ما يخفض بشكل كبير من تكاليف النقل والشحن الخارجي والداخلي، ويسهم في تخفيف مخاطر اضطرابات سلاسل الإمداد عالمياً والحد من ارتفاع تكاليف الشحن.
وشهدت أبوظبي العام الماضي، تدشين مزرعة «آيروفارمز AgX"، أكبر مزرعة في العالم للزراعة العمودية الداخلية والتي تسهم في تطوير الزراعة البيئية المستدامة الخاضعة للرقابة، والزراعة العمودية الداخلية للمساعدة في مواجهة تحديات سلاسل توريد المنتجات الزراعية على مستوى العالم.
تستهدف المزرعة إجراء الأبحاث العلمية، والتطوير في قطاع الزراعة، وتطوير الجيل التالي من تقنيات وحلول الزراعة المستدامة في البيئات القاحلة والصحراوية، بدعم من مكتب أبوظبي للاستثمار.
وعززت دبي الزراعة الحضرية، بافتتاح مزرعة "بستانك"، أكبر مزرعة رأسية تعتمد على الزراعة المائية في العالم، باستثمارات تصل إلى 150 مليون درهم، التي تعتمد على تقنيات متطورة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والتطبيقات المتقدمة، ويديرها فريق متكامل من المتخصصين ذوي الكفاءات العالية، من خبراء زراعيين ومهندسين وأخصائيين في علوم البستنة، وعلماء النبات.
وتعتمد المزرعة على دورة إنتاج مستمرة، تضمن إنتاجا فائق النضارة والنظافة، ودون استخدام أي مبيدات أو مواد كيماوية، في حين تم تزويد المزرعة بنظام الدائرة المغلقة للري، حيث يعاد تدوير المياه، ما يسهم في توفير 250 مليون لتر من الماء سنويا، بالمقارنة مع الزراعة الخارجية التقليدية التي تنتج نفس كمية المحصول.
وتسهم "بستانك" في تأمين سلاسل الإمداد والتوريد التابعة لشركة "الإمارات لتموين الطائرات"، وضمان تمتع المسافرين على متن الرحلات المستفيدة من خدمات الشركة، وفي مقدمتها "طيران الإمارات" بمنتجات غذائية عالية الجودة منتجة محليا.
ثقافة منتشرة
وتعتبر الزراعة المنزلية أحد أشكال الزراعة الحضرية وتلعب دورا مهما في التخفيف من ظاهرة التغير المناخي، من خلال استخدام أساليب وتقنيات زراعية صديقة للبيئة تحافظ على الموارد الطبيعية، عبر إنشاء مزارع في الحدائق المنزلية بتقنيات مبتكرة، تحقق استدامة اقتصادية واجتماعية وبيئية أيضا، ما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، مع مواجهة تداعيات التغير المناخي وحماية البيئة.
وتدعم زراعة الأسطح الثقافة المنتشرة في مناطق عدة حول الدولة، قطاع الزراعة الحضرية في الإمارات كونها تعمل على تجميل الفراغات الموجودة في الأسطح بمواد صديقة للبيئة، وتحسين جودة الهواء وتصفيته من الملوثات، وتقليل الانبعاثات الكربونية ودرجة الحرارة بالمبنى أيضا.

 

المصدر: وام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الأمن الغذائي الاستدامة الزراعة دولة الإمارات فی الإمارات داخل المدن

إقرأ أيضاً:

فعالية مجتمعية بريف دمشق لتعزيز دمج الأطفال من ذوي الإعاقة بأقرانهم

ريف دمشق-سانا

نظّمت مؤسسة “كنز” التنموية فعالية مجتمعية بمناسبة عيد الأضحى المبارك، اليوم في منطقة السيدة زينب بريف دمشق بمشاركة عدد من الأطفال وذويهم من مختلف الفئات، بهدف إدخال البهجة إلى قلوبهم وتعزيز قيم التماسك الاجتماعي والوطني.

وقال أمين سر مؤسسة “كنز” التنموية بلال كسواني في تصريح لـ سانا: إن هذه الفعالية تأتي ضمن سلسلة من المبادرات الجديدة التي تطلقها المؤسسة، بهدف تمكين الأطفال والنساء وذوي الإعاقة، من بينها برامج تدريبية متخصصة، وورشات عمل تفاعلية تهدف إلى تطوير المهارات الحياتية والاجتماعية للمستفيدين، مشدداً على أهمية الاستثمار في الإنسان كركيزة أساسية لبناء المجتمع.

من جانبها أوضحت نرمين حاحي عضو مجلس أمناء المؤسسة أن المؤسسة تسعى لدعم  المرأة والطفل، مشيرة إلى أن الفعالية تأتي في إطار تمكين الفئات الأكثر ضعفاً وإبراز دورهم في المجتمع، ولفتت إلى أن المؤسسة تخطط لإطلاق حملات توعية حول أهمية دمج ذوي الإعاقة في المجتمع، إضافة إلى فعاليات دورية في المناسبات الوطنية والدينية لإدخال الفرح إلى قلوب الأطفال وتعزيز روح التعاون والتكافل.

بدوره قال محمد نجيب عبيد، المدير التنفيذي للمؤسسة: انطلقنا من شعار المؤسسة لأن الكنز هو الإنسان، بعد انتصار الثورة السورية في تأسيس المؤسسة التي تهدف إلى تمكين الأطفال والمرأة وذوي الهمم العالية، وتوسيع نطاق أنشطة الجمعية لتشمل مناطق جديدة، مع التركيز على تعزيز الشراكات مع مؤسسات المجتمع المحلي والمنظمات ذات الصلة، لضمان وصول الدعم إلى أكبر عدد ممكن من المستفيدين.

وعبّر عدد من الأهالي والأطفال المشاركين عن سعادتهم بهذه الفعالية، حيث قالت إحدى الأمهات: “ابني من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو يحب الأناشيد وقراءة القرآن الكريم، وقد دعتنا جمعية كنز لإدخال الفرح إلى قلوب الأطفال.

ولفتت الطفلة غدير رمضان (11 عاماً): إلى أنها كانت سعيدة بالفعالية وشاركت في  الألعاب والمسابقات والهدايا الجميلة، فيما عبّرت الطفلة زهرة بركات عن سعادتها بالتعرف على أصدقاء جدد والمشاركة في الأنشطة.

وأكدت الطفلتان فاطمة وحوراء أن الفعالية كانت مليئة بالفرح والهدايا، متمنية تكرار مثل هذه الأنشطة، وعبر الأطفال زهراء بركات و حسين أحمد و عزيز الشايب عن  سعادتهم الكبيرة بهذه الفعالية التي أتاحت لهم فرصة اللعب والتعرف على أصدقاء جدد في أجواء العيد.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • الإمارات.. طقس غائم جزئياً وفرصة أمطار وارتفاع تدريجي في الحرارة غداً الاثنين
  • لجنة الانضباط باتحاد الإمارات تُوقف خالد الظنحاني وسلطان عادل وتستبعدهما من المنتخب
  • أمطار الخير تزور الإمارات في ثاني أيام عيد الأضحى
  • بمناسبة عيد الأضحى.. قوافل الداخلية توزع العبوات الغذائية بالمناطق الحضرية| صور
  • «عناية الحرمين الشريفين» تفعّل مبادرة «إحرام مستدام»
  • نمو قياسي وقيمة مضافة.. الاقتصاد السعودي الرقمي قاطرة الاستدامة والاستثمار
  • رئيس اتحاد المستهلكين في تركيا: من يشتري أضحية مريضة يحق له المطالبة بتعويض مادي ومعنوي
  • فعالية مجتمعية بريف دمشق لتعزيز دمج الأطفال من ذوي الإعاقة بأقرانهم
  • الزراعة تنفذ 6400 ندوة إرشادية بيطرية خلال مايو
  • هوندا CR-V كروس أوفر رياضية بتحديثات جديدة.. CR-V مناسبة للمدن والمناطق الحضرية