الفرز والتمييز الإلهي في واقع الأمة المسلمة في هذه المرحلة
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
يمكن وصف موقف العرب في هذه المرحلة بموقف الضعف والاستسلام والقبول بالمذلة، كما يمكن وصفه بموقف الاستكانة والخضوع وعدم الشعور بالمسؤولية.
ويمكن استخلاص ذلك مما هو ظاهر في وضعهم وواقعهم المتخاذل والمستكين لسياسات الأعداء، كذلك في تفريطهم المذل والمهين والمخزي وتخاذلهم عن نصرة ومؤازرة أبناء دينهم وعروبتهم المظلومين والمعتدى عليهم دون وجه حق بتلك الوحشية والإجرام من قبل الأمريكي واليهود الصهاينة في حق الشعبين الفلسطيني واللبناني المظلومين.
كذلك أيضاً تخليهم الوضيع عن مقدساتهم وقضايا دينهم وأمتهم المركزية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
ولم يكتف أيضاً الأغلبية منهم بكل هذا الخذلان والخنوع فقط، بل تمادوا وبكل نفاق وتآمر على أمة الإسلام ومقدساتها بالانضواء سويا تحت راية الصهيوني القاتل اللئيم على طاولة التطبيع المشين والله المستعان.
إن ما يجري اليوم في هذه المرحلة على الساحة الدولية وفي واقع أمتنا الإسلامية وشعوبنا العربية خصوصاً لهو بحق امتحان وتمييز وفرز إلهي ليميز الله من خلاله الخبيث من الطيب في هذه الأمة.
فكل من حمل اليوم من أبناء هذه الأمة لواء الجهاد والمقاومة ضد أعداء الإسلام من قاتلي الطفولة ومنتهكي المحرمات والمقدسات، فإنه حتماً وبكل عزة وشرف سيكون الغالب والمنتصر المتجاوز بنصع جبين للامتحان الإلهي كذا المكتوب عند الله وإن قدم وعانى وأصابه القرح من المجاهدين الفائزين الذائدين عن حرمه ويا له من فضل ووسام عظيم.
أما من غلبت عليه ذنوبه وخطاياه فآثر واستطاب الخيانة والمذلة والخنوع والجمود والاستسلام ” مستبقيا في ذلك نفسه ومقدراته على طاولة التطبيع والتصهين مع اليهود ” على أن يكون والله المستعان في الطريق الصحيح مع أبناء دينه وأمته عزيزاً كريماً مجاهداً متحررا مستقلا، فإنه حتماً وبدون أدنى شك سيكون الخاسر والنادم الأكبر مع ما سيرثه من لعنة التاريخ والأجيال القادمة والمتلاحقة على مر التاريخ وتلك هي من سنن الله وميزان عدله وحكمته، عدالة التمييز والفرز الإلهي بين عباده هنا في الدنيا قبل الآخرة سيخلد على ألسنة الأجيال المتلاحقة على مر الزمن وإلى اليوم الموعود على أنه منافق خائن متصهين وخبيث، جعل من أشلاء تلك النفوس الزكية الطاهرة من أبناء دينه وأمته التي تسفك وتسيل دماؤها الطاهرة بكل إجرام ونازية من قبل ذلك الصلف اليهودي الكافر وشركائه في الإدارة الأمريكية والنظام الغربي المشرك والملحد، ثمنا بخسا زهيدا وضيعا لتخليه وخيانته وانحطاطه عن الدين وعن تربة ومقدسات الأمة التي هو عنها يومئذ في حضرة العزيز المقتدر مسؤول، قال تعالى{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِـمُونَ}.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: متى تمسكت الأمة بسنة النبي كتب لها النصر
عقد الجامع الأزهر، ملتقى «السيرة النبوية» الأسبوعي، تحت عنوان: «صلح الحديبية: رؤية إسلامية»، بحضور كلٍّ من: فضيلة أ.د عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين الأسبق، وفضيلة أ.د نادي عبد الله محمد، أستاذ الحديث وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وأدار اللقاء الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشؤون الدينية بالجامع الأزهر.
قال الدكتور عبد الفتاح العواري، إنّ صلح الحديبية كان تطورًا جديدًا في مسار الدولة الإسلامية الناشئة، بعد أن استقرت أركانها في المدينة المنورة، وأراد النبي ﷺ أن يلفت الأنظار إلى أن الإسلام دين سلام ورحمة، فخرج إلى مكة ومعه ألف وأربعمائة من الصحابة لأداء العمرة، وهم عُزَّل من السلاح، وساق الهدي أمامه دليلًا على السلم لا الحرب، ورسالة للمشركين بأن القلوب تنشد الطواف لا القتال، والوصال لا القطيعة.
وأوضح فضيلته أنّ النبي ﷺ حين علم بمنع قريش له، لم يُقدِم على اقتحام مكة رغم قدرته، بل آثر صلة الرحم وأراد أن يكون مجيئه سبيلًا إلى السلام لا إلى سفك الدماء. فسلك طريقًا وعرًا حتى وصل الحديبية، وبدأت المفاوضات بينه وبين كفار قريش، حتى جاء سهيل بن عمرو لعقد الصلح، فوافق النبي ﷺ على الشروط، رغم ما فيها من إجحاف ظاهر، ليُقدِّم بذلك درسًا نادرًا في فقه السياسة الشرعية، وضبط النفس، وتقديم المصالح الكبرى للأمة، والالتزام بأوامر الله.
وأضاف الدكتور العواري أنّ هذا الصلح جسّد قِيم الوفاء والرحمة، فرسول الله ﷺ قَبِلَ بشروط مجحفة ظاهرًا، لكنه كان يرى ما هو أبعد من السطور، وأسمى من الشروط، لأن الإسلام دين يحترم العهود والعقود، ولا ينقض مواثيقه، على عكس من لا يرقبون في مؤمنٍ إلًّا ولا ذمّة.
واختتم فضيلته كلمته بالتأكيد على أن الإسلام دينُ تسامح وسلام، حتى إن كره الآخرون ذلك، فبينما يسعى أعداء الأمة لمحْوِ كلمة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» من الأرض، يجب أن يتيقّظ المسلمون، ويحذروا من عدوهم، ويُعِدّوا العدّة، وتتحد صفوفهم.
من جانبه، قال الدكتور نادي عبد الله إنّ هذا الصلح المبارك صلح الحديبية يحمل في ثناياه من العبر ما يُغيِّر حال الأمة إن وعته، مشيرًا إلى أن بعض الصحابة – كالفاروق عمر – لم يتقبلوا في بادئ الأمر تلك الشروط التي رأوا فيها إجحافًا وظلمًا، لكن بصيرة النبي ﷺ كانت نافذة، وكان يدرك أن في هذا الصلح تمهيدًا لنصر قريب، فهدّأ من روع عمر قائلًا: «إني رسول الله، ولن يضيّعني الله»، فكان درسًا في الثبات والتسليم.
وأوضح فضيلته أنّ هذا الموقف كشف تنوُّع الطبائع داخل الأمة، فكان عمر شديدَ الغيرة على الدين، وأبو بكر بصيرًا ثابتًا، وقال كلمته الخالدة: «الزم غرْز نبيّك»، وهو درسٌ خالدٌ في الثقة بالقيادة النبوية، واليقين بأن سفينة النجاة لا يقودها إلا التمسك بأوامر الله عز وجل وسنة نبيه المصطفى ﷺ.
وأشار الدكتور نادي إلى أنّ هذا الموقف يُلزمنا اليوم بالرجوع إلى هَدْي رسول الله ﷺ عند اشتداد الأزمات، فالنبي لم يكن يخطو خطوة إلا بأمر ربه، ومتى تمسّكت الأمة بغرزه، كُتب لها الفتح، كما كُتب لمكة بعد صلح الحديبية.
وفي ختام الملتقى، أكّد الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشؤون الدينية بالجامع الأزهر، أنّ صلح الحديبية لم يكن نهاية، بل كان وعدًا وتمهيدًا للفتح القريب، مشيرًا إلى قول الله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾، ثم قال: ﴿فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ﴾، ثم: ﴿وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾، وهو ترتيبٌ بديعٌ يدلّ على أنّ النصر ثمرةُ الصبر، وأنّ الوفاء بالعهد وصدق النية هو ما يمهّد طريق التمكين، كما فعل النبي ﷺ حين قدّم صلة الرحم على الغلبة، والرحمة على الغضب.