العمانيون والعناية بالتاريخ والمعرفة
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
يعتني العمانيون بتاريخهم كثيرا فهو أحد أهم مصادر بناء هُويتهم الوطنية، ومصدر أساسي في بناء الشخصية العمانية التي تستمد من دروسه وعِبره الكثير من سياساتها ومبادئها وقيمها وترسم عبر فهمه العميق مسارات مستقبلها. وهذا التاريخ بكل مفاخره هو، أيضا، أحد أسباب اتزان سمت الشخصية العمانية واعتدالها.
وهذا ليس استثناء للعمانيين فقط، فكل الشعوب والأمم التي لها تاريخ عريق تستمد منه قيمها ومبادئها وتستعيده في آدابها وفنونها الأمر الذي يعطيها الكثير من الميزات على شعوب أو أمم طارئة ما زالت تبني أبجديات تاريخها لتؤثث به مستقبل أجيالها القادمة بعد عقود أو قرون طويلة. لكنّ هذا الفخر وذلك الاعتزاز وهذا التمثل الحياتي اليومي للتاريخ العماني بكل مفرداته المادية والمعنوية لا يكفيه وحده للحفظ والاعتناء؛ فالمؤثرات الموازية التي تحيط بنا كبيرة جدا وتملك قوة مرتبطة بالعولمة الاقتصادية والثقافية والثورة التكنولوجية الإعلامية. الأمر الذي يتطلب جهدا نوعيًا أكبر لدراسة التاريخ العماني وقراءته بمناهج مختلفة. وتملك عُمان اليوم قوة في عمق ذاتها، وفي هُويتها ومفرداتها المستمدة من تاريخها الذي صنعه أبناؤها عبر حقب تاريخية طويلة جدا، ورغم أن هذه القوة من نوع «القوة الناعمة» إلا أنها شديدة الفعالية وقادرة على صناعة حوائط صد ضد أي مد ثقافي خارجي موجه لإحداث تغيرات مقصودة. فقط نحن في حاجة إلى تفعيل مفردات القوة التي نمتلكها. لا أحد يقف ضد التبادل الثقافي والحضاري فهو مصدر قوة؛ واستفادت منه عُمان عبر تفاعلها الإيجابي مع مختلف الحضارات، خاصة الحضارات الشرقية والحضارات الأفريقية. وتفعيل مصادر القوة العمانية «الناعمة» لا يكون فقط عبر المؤسسات الحكومية، رغم أهمية دورها وأساسيته، ولكن عبر كل أفراد المجتمع وبشكل خاص النخب الثقافية والعلمية المنوط بها بث روح الحياة في كل مفردات التاريخ العماني المحيطة بنا عبر الدراسات التاريخية والآثارية وعبر الروايات الأدبية والسرديات الوطنية وإعادة الشعر ليكون ديوان العرب عبر تمثله للإنسان وفلسفته الحياتية اليومية ومعاناته.. وعبر المسرح، والمسلسلات التلفزيونية. هذا لا يعني أن ينكفئ الجميع في التاريخ، ولكن التاريخ ليس شيئا من الماضي وللماضي، والمعنى الذي نريده للتاريخ ليس هو كل ما حدث في الأمس، ولكن ما نبحث عنه هو كل ما يمكن أن يكون امتدادا لليوم وللغد في سياق معرفي متصل يكسب كل شيء حولنا صلابة وقوة. أينما تسير في عُمان تجد شواهد التاريخ حاضرة، في القلاع والحصون وفي نظم الأفلاج التي شقها العمانيون لتكون شرايين حياة لحضارتهم، وفي الأضاميم التي تزين «روازن» البيوت، وفي عشرات الآلاف من المخطوطات التي تمتلكها المؤسسات المعنية في الدولة ويتملكها المواطنون في منازلهم ومكتباتهم الخاصة والتي تتناول كل العلوم الدينية والدنيوية: في الفقه والسيرة والعقيدة واللاهوت وفي اللغة والأدب والفلك والطب والفيزياء والكيمياء وفي الفلسفة والتاريخ.. وفي الروحانيات وغيرها من العلوم.. كل هذا فيه ما يمكن أن يكون فعلا حضاريا ممتدا للمستقبل. وإذا كانت بعض المؤسسات الأكاديمية والبحثية في سلطنة عمان وبعض المؤسسات المعنية بالتاريخ مثل وزارة الثقافة والرياضة والشباب ووزارة التراث والسياحة وهيئة الوثائق والمخطوطات تعمل بشكل جيد في دراسة التاريخ والتراث العماني فإن الأمر مفتوح الآن في المحافظات لتقوم بدور مشابه يغطي ولو جانبا يسيرا مما في هذه البلاد من خزائن ثقافية ومعرفية تستحق أن تدرس ويكشف عنها وتسهم في بناء الهوية الوطنية وتكرس اعتزاز الأجيال القادمة بعُمانيتهم وبتاريخهم وبما أنتجه أجدادهم من إرث خالد في السياسة والاقتصاد والفلك والتاريخ والعلوم الاجتماعية والطب... وكل المعارف دون استثناء.. وكل هذا يحقق حفظ هذا الإرث ويحوله إلى مادة نبني عليها ونمتد منها إلى المستقبل المشرق دائما. |
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
صور| أخصائية تستعرض التاريخ العريق لطب الأسنان عبر 7000 سنة قبل الميلاد
أكدت أخصائية الأسنان بشبكة القطيف الصحية، سارة هاشم العوامي، أن التعامل مع مشاكل الأسنان وإيجاد حلول علاجية لها ليس ظاهرة حديثة، بل يمتد عميقاً في جذور التاريخ الإنساني لأكثر من 7000 عام قبل الميلاد، مشيرة إلى أن هذا المجال شهد تطوراً تدريجياً ومستمراً في الأدوات والتقنيات عبر مختلف العصور والحضارات.
جاء ذلك خلال تقديمها لعرض توضيحي حول تاريخ طب الأسنان ضمن أحد الأركان التوعوية في محافظة القطيف.تاريخ مشكلات الأسنانوأوضحت العوامي أن مشاكل الأسنان، وخاصة التسوس، يُعتقد أنها بدأت بالظهور والانتشار بشكل ملحوظ مع تحول الإنسان نحو الزراعة وتغير نظامه الغذائي.
أخبار متعلقة بقيق.. تأهيل طرق رئيسية بمساحة تتجاوز 25 ألف متر مربعطقس الثلاثاء.. أتربة مثارة على أجزاء من المنطقة الشرقيةواستعرضت أقدم الاكتشافات الأثرية المتعلقة بطب الأسنان، والتي وجدت في منطقة وادي السند «بين الهند وباكستان حالياً» وتعود لحوالي 7000 سنة ق. م، حيث تم العثور على أسنان بشرية تحمل آثار حفر دقيق يُعتقد أنه تم لأغراض علاجية، بالإضافة إلى أدوات حفر بدائية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } أخصائية تستعرض التاريخ العريق لطب الأسنان عبر 7000 سنة قبل الميلاد - اليوم أخصائية تستعرض التاريخ العريق لطب الأسنان عبر 7000 سنة قبل الميلاد - اليوم أخصائية تستعرض التاريخ العريق لطب الأسنان عبر 7000 سنة قبل الميلاد - اليوم أخصائية تستعرض التاريخ العريق لطب الأسنان عبر 7000 سنة قبل الميلاد - اليوم var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
وأشارت إلى أن العلاجات في تلك الفترة، كالحشوات، كانت تعتمد على مواد طبيعية وأعشاب. منوهة إلى وجود ممارسات مماثلة في حضارات قديمة أخرى كمصر القديمة، وروما، وحضارة المايا، والصين، في فترات تاريخية تمتد حتى 5000 سنة ق. م.الحضارة الإسلامية وتطور طب الأسنانوتناول العرض أيضاً مرحلة النهضة الحديثة لطب الأسنان، خصوصاً في أوروبا، والتي شهدت تطورات مهمة كظهور كتب طبية متخصصة، وابتكار كرسي الأسنان، وتطوير أدوات الحفر، بالإضافة إلى ظهور أشكال مبكرة لفرشاة ومعجون الأسنان تشبه إلى حد ما المستخدمة حالياً.
وسلطت الأخصائية العوامي الضوء بشكل خاص على إسهامات الحضارة العربية والإسلامية، مشيرة إلى أنه بعد فترة الاعتماد على العلاجات العشبية التقليدية الموثقة في بعض المخطوطات القديمة، شهد العصر الذهبي للإسلام تقدماً كبيراً.
وذكرت الطبيب أبو بكر الرازي كنموذج للعلماء المسلمين الذين قدموا ابتكارات مهمة في مجال طب الأسنان، شملت تطوير الحشوات، والتعويضات السنية، وحتى الجراحات، مع توثيق وشرح لخطوات علاجية تتقارب في مفاهيمها مع الممارسات الحالية.
واختتمت العوامي حديثها بالإشارة إلى المستوى المتقدم الذي وصل إليه طب الأسنان في وقتنا الحاضر، معربة عن تقديرها لجهود وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية لتوفير أحدث التقنيات والمعدات في مجال طب الأسنان، سواء على الصعيد الوقائي أو العلاجي، وتقديم هذه الخدمات المتطورة مجاناً لجميع أفراد المجتمع.