الجبهة اللبنانية العصيّة على الاختراق.. العدو يجري تعديلاً في ترتيب قواته على الجبهات
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
يمانيون – متابعات
بعد 29 يوماً من بدء الحرب الإسرائيلية الشاملة على لبنان، التي بدأت بحملة جوية واسعة سبقت استكمال نشر العدو لاستعداداته الكبرى التي كان يزجها في المعركة، والتي بلغت 5 فرق جرى نشرها من أقصى الشرق في مزارع شبعا إلى البحر في الناقورة. لم يتمكن أي جهد هجومي إسرائيلي على جبهة ممتدة على 120 كيلومتراً من تحقيق أي إنجاز حقيقي، بهدف تأمين منطقة عازلة وآمنة بعمق 45 كيلومتراً تحمي مستوطنات شمال فلسطين المحتلة من المس بها من قِبل المقاومة.
الوضعية العامة المستجدة
أولاً، الترتيب والاستعداد والانتشار:
أجرى العدو تعديلاً جوهرياً في ترتيب واستعداد وانتشار قواته على جميع الجبهات، وذلك بحسب:
الجبهة الخامسة التابعة للفرقة 210: مقابل منطقة العرقوب، حيث قدم اللواء 174 المدرع غرب الجبهة واللواء التاسع في وسط الجبهة ليصبح في تماس مع مناطق الاشتباكات في شبعا والهبارية والخيام ومنطقتي الغجر والعباسية.
الجبهة الرابعة التابعة للفرقة 98: تم سحب وحدة إيغوز 621 التابعة للواء عوز 89 كما سحب اللواء 35 المظلي وقدم اللواء 55 كوماندوس احتياط ووحدة ماغلان، ودفع بكتيبة من اللواء السابع المدرع ليحتلا مكان وحدة إيغوز كجهد رئيسي في وسط وشرق وغرب الجبهة، حيث نفذ استعداد كبير من الترتيب الجديد عملية كبيرة باتجاه مثلث عديسة – رب ثلاثين – الطيبة.
الجبهة الثالثة التابعة للفرقة 91: تم سحب لواء ألون 228 الاحتياطي إلى الخلف وزج بكامل طاقة اللواء الثالث ليستكمل عمليات الفرقة في شرق مركبا وفي حولا وميس الجبل.
الجبهة الثانية التابعة للفرقة 36: تم نقل لواء غولاني بكل استعداداته ليصبح على ميسرة الجبهة ونقل معظم استعداد اللواء 188 إلى الوسط مبقياً على الكتيبة 74 فقط في الميسرة، كما تم تحريك ونشر اللواء السادس لينتشر على تماس مع عيترون في ميمنة الفرقة.
الجبهة الأولى التابعة للفرقة 146: تم نشر كامل اللواء 205 المدرع واللواء 646 الكوماندوس في ميمنة الفرقة مقابل الظهيرة يارين أم التوت والزلوطية، وأبقى اللواء الثاني واللواء الرابع المدرع الذي وضع كاحتياط للواء الثاني على تماس مع عارض اللبونة وصولاً إلى الناقورة.
ثانياً، العمليات البرية الرئيسة:
تستمر عمليات الالتحام والتصدي “الأسطوري” التي ينفذها حزب الله في محوري (عيتا – رامية) و(العديسة – الطيبة – رب ثلاثين – مركبا) واستطاع المقاومون الإمساك بالميدان في مؤشر على الضعف الذي أصاب العدو الذي تتعرض تجمعاته على مدار الساعة لاستهدافات دقيقة بالمدفعية والصواريخ. كما تتعرض قواته المتسللة لضربات متتالية بين الكمائن (شرق الخزان في عيتا) والعمليات الهجومية (في احراش عيتا ورامية وشلومي) فضلاً عن التصدي بالأسلحة المباشرة للدبابات (استطاع المقاومون القضاء على دبابتي ميركافا في محور عيتا الشعب ودبابتين أخريين في محور العديسة) خلال التحام عناصر حزب الله بالقوات المتوغلة أو المتسللة وذلك على الشكل التالي:
– أثناء اشتباك المقاومة الإسلامية فجر الخميس 24-10-2024 مع قوات العدو الإسرائيلية في عيتا الشعب تم تدمير دبابة ميركافا بصاروخ موجّه ما أدى إلى احتراقها ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح.
– الساعة 12:00 خاض مجاهدو المقاومة الإسلامية اشتباكات عنيفة مع جنود العدو الإسرائيلي في بلدة عيتا الشعب من مسافة صفر بِمختلف أنواع الأسلحة الرشاشة والصاروخية، وعند تدخل دبابة ميركافا للإسناد استهدفها المجاهدون بالأسلحة المناسبة ما أدى إلى احتراقها ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح.
– الساعة 15:55 استهداف دبابة ميركافا شمال غرب بلدة عديسة بصاروخ موجّه ما أدى إلى احتراقها ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح.
– الساعة 16:00 استهداف دبابة ميركافا جنوب بلدة عديسة بصاروخ موجّه ما أدى إلى احتراقها ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح.
في محور مثلث العديسة الطيبة رب ثلاثين وفي إطار الضغط الذي تمارسه الفرقة 98 لاحتلال عارضي تلة العقبة وخلة الفراشات في الطيبة ورب ثلاثين وبعد قيام الفرقة بإعادة ترتيب استعدادها وانتشارها، شنت كتيبة هجينة هجوماً شاملاً منذ الفجر، واستطاعت المقاومة إحكام التصدي للقوة المتقدمة والمؤلفة من سرية دبابات من اللواء السابع المدرع وسرية من اللواء 55 كومندوس احتياط، فضلاً عن فصيلين من وحدة ماغلان النخبوية.
فلسفة الزج بقوات ماغلان كانت البحث عن قبضات الصواريخ المباشرة وضربها. فضلاً عن التفتيش على مراكز رصد ميداني وتأميني في كلا البلدتين وبعد اشتباكات دامت 8 ساعات التحمت فيها المقاومة بالقوة الغازية ودباباتها وأفشلوا ثلاث حملات هجومية كان آخرها الهجوم باستعداد كبير بعد الظهر، حيث تمكنت المقاومة من صده وطرد قوات العدو من كل جغرافية الطيبة باتجاه كفركلا والعديسة.
فور انكسار هجوم المثلث الشرقي وانسحاب معظم القوات المتوغلة إلى أطراف عديسة الجنوبية ووادي هونين، حاول العدو عند الساعة السابعة مساءً التسلل إلى قرية عيترون من الجهة الشرقية فوقع بكمين محكم وروى إعلام الاحتلال ما حصل من الجهة المقابلة وقال: “معركة شرسة تدور منذ الساعة 19:00 مساءً وحتى الآن…. في قرية عيترون جنوب لبنان تبادل كثيف لإطلاق النار وجهاً لوجه بين قواتنا وقوات الرضوان التابعة لحزب الله، وهبطت مروحية إنقاذ عسكرية، تنقل جنوداً جرحى من المعركة في جنوب لبنان، في مستشفى رمبام في حيفا. وهبطت مروحية إنقاذ عسكرية أخرى، تنقل الجنود الجرحى، إلى مستشفى إيخيلوف في تل أبيب”.
تحليل ملخص لعمليات المقاومة الإسلامية
شهد يوم الخميس 24-10-2024 تصعيداً كبيراً في عمليات المقاومة الإسلامية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود اللبنانية الفلسطينية، تمثلت في:
الجانب العسكري:
– اشتباكات عنيفة وكمائن وعمليات تعرضية هجومية في عيتا الشعب ومثلث (عديسة –الطيبة – رب ثلاثين) وشرق عيترون أدت إلى تدمير 4 دبابات من نوع ميركافا ومقتل وإصابة طواقمهما.
– قصف صاروخي مكثف استهدف العديد من المواقع العسكرية والمدن والمستوطنات الإسرائيلية، بما في ذلك نهاريا، حيفا، صفد، كريات شمونة، كرمئيل، المالكية، المنارة، مسكاف عام، قاعدة زوفولون، قاعدة نشريم، قاعدة سنط جين، وثكنة راموت نفتالي.
– هجوم جوي بطائرات مسيّرة استهدف ثكنة راموت نفتالي.
– تصدّي الدفاع الجوي التابع للمقاومة لطائرة حربية إسرائيلية ومسيرة هرمز 450 وأجبرها على مغادرة الأجواء اللبنانية.
الخسائر البشرية:
أعلنت مصادر عبرية مقتل 10 جنود صهاينة في الساعات الـ 36 الماضية على الأقل وإصابة آخرين بجروح خطيرة خلال اشتباكات في جنوب لبنان.
يرفع هذا العدد إجمالي قتلى جيش الاحتلال والمستوطنين منذ بداية تشرين الأول إلى 62 قتيلاً.
تهدف المقاومة على الصعيد الاستراتيجي إلى فرض معادلة ردع قوية، من خلال رفع الكلفة البشرية على العدو، ويُحتمل أن تكون هذه العمليات رسالة ردع قوية، تهدف لوقف الاعتداءات على لبنان.
وأظهرت المقاومة امتلاكها ترسانة صاروخية ضخمة، وقدرة على دقّة الإصابة. تُظهر العمليات تطوراً نوعياً في استخدام الطائرات المُسيرة.
وعلى الصعيد الميداني أبرزت قدرة على المناورة والقتال في بيئات مُختلفة (اشتباكات، قصف، دفاع جوي في الأماكن المأهولة وفي الفلوات والجبال). بالإضافة إلى قدرة على تنفيذ عمليات هجومية ودفاعية متزامنة، باستخدام تكتيكات متنوعة تشمل القصف الصاروخي، الاشتباكات المسلحة، الهجمات الجوية بطائرات مسيرة، والدفاع الجوي.
—————————————————-
– موقع الخنادق اللبناني
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المقاومة الإسلامیة عیتا الشعب رب ثلاثین
إقرأ أيضاً:
كيف تضع العمليات اليمنية العدو الصهيوني بين فكي كماشة وتمنح المقاومة الفلسطينية فرصة الانتصار؟
يمانيون | تحليل
في خضم حرب الإبادة التي يشنها كيان الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، تتجلى أهمية الدور اليمني المحوري في تغيير قواعد الاشتباك، وتحويل مسار المعركة من محيط غزة إلى عمق كيان العدو ومفاصله الاقتصادية والعسكرية. ومع اتساع رقعة العمليات اليمنية المساندة للمقاومة الفلسطينية، تظهر بوضوح الفوائد الاستراتيجية المباشرة وغير المباشرة التي تجنيها قوى المقاومة في غزة من هذا الدعم المتعدد الأبعاد، وبالأخص من العمليات العسكرية النوعية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية.
إن أكثر ما يربك العدو اليوم هو أن الصواريخ والطائرات اليمنية لا تنطلق من حدود فلسطين، ولا يمكن حصارها ضمن جغرافيا المعركة، بل تأتي من آلاف الكيلومترات، لتحلق فوق منظومات الدفاع الجوي الأمريكية والصهيونية، وتصل إلى مطارات الاحتلال، وموانئه، وقواعده الجوية، ومراكزه الاقتصادية في العمق المحتل. هذا التطور الميداني لا يربك العدو فحسب، بل يشتت حساباته ويكسر تفرّغه لحسم المعركة في غزة.
وبحسب الخبير العسكري اليمني العميد مجيب شمسان، فإن العلاقة بين العمليات اليمنية وبين الواقع الميداني والإنساني في غزة باتت علاقة تكامل استراتيجية، حيث كل تصعيد صهيوني يقابله ردع يمني، وكل خطوة عنصرية على الأرض في غزة، تترجم إلى تصعيد بحري أو جوي أو صاروخي من صنعاء.
منع التهجير وكسر أهداف الحرب
من أبرز الفوائد التي جنتها المقاومة الفلسطينية من الموقف اليمني المساند، هو إفشال مخطط التهجير الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، وهو المخطط الذي كان نتنياهو يعوّل عليه لتحقيق نصر استراتيجي يعيد به التوازن السياسي الداخلي لكيانه المهتز. لكن مع وجود تهديد حقيقي على منشآت العدو الحيوية، أصبح تنفيذ هذا المخطط محفوفًا بتكلفة باهظة، بل وغير ممكن في ظل انكشاف الجبهة الداخلية لكيان الاحتلال.
ويذهب العميد شمسان إلى القول بأن الصواريخ اليمنية حين تضرب ميناء إيلات أو مطار اللد أو ميناء حيفا، فهي لا تُلحق الضرر بالبنية التحتية فحسب، بل تحرم العدو من فرصة تنفيذ أجندته في غزة بأقل كلفة ممكنة، لأن كل تصعيد في القطاع يُقابله تصعيدٌ أشدّ على جبهة البحر الأحمر أو البحر المتوسط أو حتى في الموانئ المحتلة.
توسيع الجبهة.. وإرباك الحسابات
أحد أبرز أوجه الدعم اليمني للمقاومة هو توسيع رقعة المعركة، وتحويلها من صراع محصور في حدود غزة إلى حرب إقليمية متعددة الجبهات. هذا التوسيع أربك الحسابات الصهيونية والأمريكية، ومنع العدو من إحكام الطوق الكامل على القطاع. بل إن العدو بات يواجه معركة استنزاف تتوزع بين البحر الأحمر، والضفة الغربية، وجنوب لبنان، وسوريا، والعراق، والآن اليمن.
أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، لم يُخفِ أهمية هذا الدعم، واعتبر أن “إخوان الصدق في اليمن” يصرّون على شلّ قلب الكيان الصهيوني، رغم الثمن الباهظ الذي يدفعه اليمن من دماء أبنائه ومن مقدراته. هذا الاعتراف يعكس مدى التقدير الذي توليه المقاومة للفعل اليمني، بوصفه رافعةً استراتيجية تمنحها هامشًا أكبر للمناورة والمقاومة والصمود.
شلل اقتصادي وتفكك داخلي
العمليات اليمنية لا تنحصر في البعد العسكري فقط، بل إن لها أثرًا اقتصاديًا ساحقًا على الكيان، وهو ما يصبّ مباشرة في مصلحة المقاومة الفلسطينية. فمع كل تهديد جديد تطلقه القوات المسلحة اليمنية ضد ميناء أو سفينة صهيونية، ترتفع أسعار التأمين، وتتعطل سلاسل الإمداد، وتتهاوى مؤشرات الثقة بالاقتصاد الصهيوني.
وقد أكدت تقارير إعلامية عبرية متخصصة أن القطاع الصناعي الصهيوني بات يتلقى ضربات مباشرة جراء الحصار الجوي والبحري المفروض من صنعاء، وأن موانئ مثل حيفا باتت مهددة بفقدان مكانتها كمراكز لوجستية رئيسية في المنطقة، بسبب الاستجابة المتزايدة من شركات الشحن العالمية للتحذيرات اليمنية.
رسائل مركّبة من صنعاء: دعم لا مشروط… وتهديد مفتوح
الرسالة التي ترسلها صنعاء للعالم هي أن دعم فلسطين لا يقتصر على الشعارات، بل على الفعل، وأن كلّ من يظن أنه يمكنه سحق غزة دون أن يدفع الثمن، مخطئٌ في الحسابات. لقد أصبحت المقاومة في غزة أكثر ثقة بقدرتها على الصمود، ليس فقط بفضل قدراتها الذاتية، بل بفضل توافر جبهة إقليمية حقيقية تحوّل الدعم النظري إلى نيران مشتعلة في قلب الكيان.
وفي حين تواصل الولايات المتحدة تغذية آلة الحرب الصهيونية بالسلاح والغطاء السياسي، فإن اليمن يرد على هذا التواطؤ بضرب حاملات الطائرات الأمريكية، وإخراج السفن الصهيونية من البحر، وفرض معادلات جديدة في البحر الأحمر، حيث باتت القوة اليمنية تمثل حاجز الردع الأكثر تأثيرًا على الطموحات العدوانية للصهاينة في الإقليم.
ولا شك أن العمليات اليمنية غيّرت موازين الصراع، وأثبتت أن دعم فلسطين لا يعني فقط إرسال المساعدات، بل فتح الجبهات وربط الساحات وضرب العدو حيث لا يتوقع. ومن دون هذا الدعم، لكانت غزة أمام مجازر أشد، ولربما نجح العدو في تمرير أجندته القذرة.
لكن ما دامت صنعاء على عهدها، تقصف وتمنع وتردع، فإن المقاومة ستبقى صامدة، وستنتقل من مرحلة الدفاع إلى معادلة الردع، وربما ما هو أبعد.