مجزرة السريحة في ولاية الجزيرة... تصاعد العنف ومعاناة المدنيين في السودان تحويلها إلى حرب أهلية
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
شهدت قرية السريحة بمحلية الكاملين في ولاية الجزيرة مجزرة مروعة يوم الجمعة، إذ شنت قوات الدعم السريع هجومًا أسفر عن مقتل 124 شخصًا وإصابة أكثر من 200 آخرين. ووفقًا لمصادر محلية، قامت القوات باستخدام أسلحة ثقيلة نصبت على المباني العالية، ما سمح بإطلاق نار عشوائي على المدنيين العزل. ويصف مراقبون هذا الهجوم بأنه من أكثر الأحداث دموية التي شهدتها المنطقة، مما يسلط الضوء على التدهور الحاد في الأوضاع الإنسانية في السودان.
حسب بيان صادر عن مؤتمر الجزيرة، تم توثيق وفاة 124 شخصًا، مع إصابة أكثر من 200 آخرين. وتظل حصيلة الضحايا مرشحة للارتفاع في ظل استمرار البحث عن مفقودين. إضافةً إلى ذلك، تم اقتياد أكثر من 150 من سكان القرية إلى معتقلات في منطقة "كاب الجداد"، ما يثير قلقًا متزايدًا بشأن سلامتهم ومستقبلهم.
انتهاكات جسيمة تستدعي التدخل الدوليطالبت منصة "نداء الوسط" المجتمع الدولي بتصنيف قوات الدعم السريع كجماعة إرهابية على خلفية الجرائم المتكررة التي ترتكبها ضد المدنيين. وتؤكد تقارير حقوقية وقوع انتهاكات جسيمة، تشمل القتل الجماعي، التهجير القسري، والاعتداء على النساء وكبار السن، إلى جانب نهب الممتلكات وتدميرها بشكل ممنهج. وتأتي هذه الممارسات الانتقامية عقب انشقاق أحد قادة القوات البارزين في المنطقة، أبوعاقلة كيكل، وانضمامه إلى الجيش السوداني، مما أثار غضب قوات الدعم السريع.
تصاعد العنف في شرق الجزيرة وتحذير من "حرب أهلية"من جانبه، أفاد المحلل السياسي السوداني محمد الأمين أبو زيد بأن مناطق شرق الجزيرة، خصوصًا في تمبول والسريحة ورفاعة، تشهد تزايدًا في العنف والانتهاكات بحق المدنيين.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن ما يحدث يذكر بالحملات الانتقامية التي عانى منها السودان في فترات سابقة، معتبرًا أن الصراع المستمر لأكثر من عام ونصف قد أدى إلى موجات من القتل والتشريد وتدهور الأوضاع الإنسانية.
وأكد أبو زيد أن تسليح الجيش للمدنيين دون تأهيل كافٍ يعرضهم لمخاطر جمة، ويحوّلهم إلى وقود للصراع، بينما تمارس قوات الدعم السريع عقوبات جماعية تطال مختلف الفئات، من النساء والأطفال إلى كبار السن.
وحذر من أن التجييش القبلي المتزايد يمثل تهديدًا للنسيج المجتمعي وقد يقود إلى حرب أهلية شاملة، معبرًا عن قلقه من صمت المجتمع الدولي تجاه هذه الجرائم.
دوافع مليشيا الدعم السريع وتعقيد الأزمةوصف الدكتور كمال دفع الله بخيت، المحلل السياسي السوداني، الأوضاع المأساوية في ولاية الجزيرة بأنها جزء من مشهد سوداني معقد تهيمن عليه الصراعات على السلطة والنفوذ.
وأوضح بخيت في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن قوات الدعم السريع تسعى من خلال هذه الهجمات إلى الانتقام من السكان المحليين، وإضعاف أي دعم محتمل للقوات المسلحة، خاصة بعد الانتصارات الأخيرة للجيش في مناطق متعددة مثل جبل موية والخرطوم بحري والسوكي والدندر.
وأشار الدكتور بخيت إلى أن هذه العمليات قد تؤدي إلى زيادة الضغط على القوات المسلحة، مع محاولات الدعم السريع لتسليط أنظار المجتمع الدولي على الأزمة السودانية، وهو ما قد يفتح الباب أمام تدخلات أجنبية قد تعمق من تعقيد الأزمة، مضيفًا أن استخدام العنف والترويع لخلق أجواء من الفوضى هو أسلوب مُتعمد يهدف للتأثير على معنويات الشعب.
أكد المحلل السياسي السوداني في ختام تصريحاته على أن الوضع الراهن يتطلب استجابة شاملة من المجتمعين المحلي والدولي، موضحًا أن التعليم والتوعية، إلى جانب حماية المدنيين قانونيًا، هي وسائل أساسية للتعامل مع الأزمة.
كما شدد على أهمية الحوار الشفاف والبنّاء بين الأطراف السودانية كوسيلة فعّالة لخفض حدة الصراع وتحقيق الاستقرار والسلام.
ختامًا، تبرز هذه الأحداث مدى التحديات التي تواجه السودان حاليًا، وتوضح ضرورة التحرك الدولي لضمان حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للنازحين واللاجئين، وذلك في إطار الجهود الرامية لتحقيق السلام الدائم والأمن للشعب السوداني.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: السودان مجزرة السريحة الجيش السوداني أخبار السودان الدعم السريع
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني ينسحب من منطقة العوينات الحدودية مع ليبيا ومصر
قال الجيش السوداني في بيان صحفي، إنه أجلى قواته من منطقة العوينات في الحدود المشتركة بين السودان ومصر وليبيا، وذلك في إطار "ترتيبات عسكرية لصد العدوان".
وكانت قوات الدعم السريع أعلنت أمس سيطرتها على مثلث العوينات، واتهم الجيش السوداني قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر بالاشتراك في الاعتداء على المنطقة.
بدورها قالت وزارة الخارجية السودانية، إن تدخل قوات حفتر في القتال المباشر إلى قوات الدعم السريع يمثل تصعيدا خطِرا للعدوان الخارجي على السودان، ويهدد الأمن والاستقرار الإقليميين.
وأضافت الخارجية السودانية في بيان، أن حدود السودان مع ليبيا ظلت "معبرا رئيسيا للأسلحة والمرتزقة لدعم مليشيا الدعم السريع".
حفتر ينفيواعتبرت الخارجية السودانية أن "الهزائم المتتالية التي تعرضت لها قوات الدعم السريع وخسارة معظم مواقعها دفعت قوات حفتر إلى التدخل مباشرة في القتال، مما يعد انتهاكا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وكل الأعراف والمعاهدات الدولية".
في المقابل، نفت قوات حفتر في بيان أصدرته أي دور لها في هذه التطورات، وقالت إن قوات متحالفة مع الجيش السوداني هاجمت دوريات ليبية، مؤكدة استعدادها لحماية التراب الليبي في مواجهة أي اعتداء.
إعلانويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع -منذ منتصف أبريل/نيسان 2023- حربا أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليونا، بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدّرت دراسة أعدتها جامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.