تحذير من غضب الشارع: هل سيكون قانون العفو فرصة للفاسدين؟
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
2 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: يثار الجدل في الأوساط العراقية مؤخراً حول احتمال شمول متهمين بقضايا فساد كبيرة، من بينهم المتورطين في قضية “سرقة الأمانات الضريبية”، ضمن قانون العفو العام الجديد الذي يجري النقاش حوله في البرلمان.
وبينما يلف الغموض مصير هذا القانون، خرجت تسريبات تثير القلق لدى الشارع العراقي وتزيد من انعدام الثقة بالعملية السياسية، فقد بدأت تروج شائعات بأن العفو قد يشمل الفاسدين الذين طالما حلم المواطنون بأن يشهدوا على محاكمتهم الصارمة.
أفادت مصادر نيابية أن “السرقة الكبرى”، أو ما يُعرف إعلامياً بـ”سرقة القرن”، التي بطلها رجل الأعمال نور زهير، لا تزال غير مشمولة بالعفو العام حسب الصيغة الحالية للتعديلات.
وأشارت اللجنة القانونية في البرلمان الى أن التقارير الأخيرة تؤكد أن هذا القانون لن يغطي المتورطين بسرقات المال العام، بل يستثني الجرائم الكبرى من اللائحة.
لكن، المخاوف لاتزال سائدة في أن “الباب المفتوح لتعديلات دقيقة يمكن أن يتيح لهؤلاء الفاسدين منفذاً قانونياً للهرب من العقاب”.
أحد المحللين القانونيين، الذي شارك في مداخلة تحليلية أثناء مناقشة مشروع القانون، قال: “يجب أن يتم تحديد من هو ‘المطلوب للمال العام’ بدقة كي لا تترك ثغرات يستغلها الفاسدون، فالخبرة السابقة أظهرت أن العقبات في التشريع العراقي كثيراً ما تؤدي إلى تسرب المتهمين من قبضة العدالة”.
من جهة أخرى، شهد الشارع العراقي نقاشات محتدمة، امتزجت فيها المخاوف بالغضب.
وقال المهندس عادل محمود : “مختلسو أموال الدولة يجب أن يتم تشديد عقوبتهم، فكيف يمكن أن يتساوى عقاب من سرق قوت الشعب مع من طالب بحقه في تظاهرات سلمية؟”.
وتعكس هذه الكلمات استياءً عاماً لدى العراقيين الذين يتوجسون من أن يتحول القانون الجديد إلى أداة بيد ذوي النفوذ، لاسيما مع تكرار الحديث عن احتمالية إطلاق سراح الفاسدين مقابل دفع غرامات يومية لا تتناسب مع حجم الأموال المنهوبة.
يعود الجدل إلى عام 2022، عندما هزت العراق فضيحة فقدان أكثر من 3 تريليونات دينار عراقي (حوالي 2.5 مليار دولار) من الأمانات الضريبية عبر مؤامرات صكوك وهمية نسجتها شركات بالتعاون مع أطراف بارزة. ورغم جهود الحكومة لاسترداد جزء من الأموال المنهوبة، إلا أن الإحساس بأن العدالة لم تتحقق بالكامل لا يزال مسيطراً.
وفي ظل الحديث المستمر عن مشاريع القوانين، يستمر المواطنون في التساؤل: هل سيشهد العراق لحظة حاسمة يحاسب فيها كل من امتدت يداه إلى المال العام، أم أن الفساد سيبقى متربعاً فوق نصوص القوانين، مختبئاً خلف الأبواب المغلقة في قاعات السلطة؟
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
النفط العراقي في مرمى العقوبات: عندما تتحول الشركات السيادية إلى أهداف جيوسياسية
31 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: بينما تُلوّح الأجواء الدولية بإمكانية فرض عقوبات على شركة تسويق النفط الوطنية “سومو”، ترتسم ملامح أزمة عراقية متعددة الوجوه، كما أشار النائب علي المشكور، محذرًا من تبعات لا تقف عند حد الخسائر المالية، بل تتجاوزها إلى مفاعيل سياسية معقدة قد تعصف بتوازنات الداخل.
وتبرز خطورة السيناريو المحتمل في أن سومو ليست مجرد شركة تصدير نفط تقليدية، بل هي الذراع السيادية التي تدير عصب الاقتصاد العراقي، وتُجسد واحدًا من أدوات الدولة القليلة في ضبط العائدات والسيطرة على مفاصل السوق العالمي. وبالتالي فإن استهدافها بعقوبات -وفقًا لما تسرّب من تقارير دولية علنية بالاسم والتفصيل- سيُعيد فتح ملفات الصراع بين الدولة العميقة ومراكز النفوذ الدولية، ويقحم العراق في قلب دائرة الضغط الجيوسياسي المتصاعد.
وتُفهم تصريحات النائب المشكور، لا باعتبارها تحذيرًا فقط، بل بوصفها ناقوس إنذار حاد ينبّه إلى قابلية الدولة على التفكك أمام صدمة نفطية قد تُشلُّ معها حركة السوق الداخلية، وتُقوّض استقرار العملة، وتُربك التزامات الموازنة العامة، وهي التي تقوم أصلًا على الإيرادات النفطية بشكل شبه مطلق.
ويفتح هذا السيناريو، في حال تحققه، أبواب التأزيم السياسي الداخلي، حيث ستتعالى أصوات تتهم جهات في السلطة بتدويل الملفات السيادية أو بالتقاعس عن تحصين مؤسسة كبرى بحجم سومو، بينما قد تتسلل أطراف إقليمية لملء الفراغ بأساليب غير تقليدية، تارة بالدعم “البديل”، وتارة بالابتزاز الاقتصادي المقنّع.
وليس من المستبعد أن يتحول ملف سومو إلى معركة قانونية وإعلامية مفتوحة، تمتد من أروقة البرلمان إلى قاعات التحكيم الدولي، في ظل تصاعد النبرة الغربية في استهداف المؤسسات النفطية المرتبطة بسياسات خارجية مرفوضة أو مشبوهة، بحسب توصيف بعض الدوائر الأمريكية مؤخراً.
وبين العقوبات المرتقبة وسيناريو الانفجار المالي، تبدو الدولة العراقية كمن يسير على حبل مشدود بين ضغوط الخارج وحسابات الداخل، بلا شبكة أمان واضحة، ما لم تُبادر إلى تحرك دبلوماسي استباقي يعيد تموضع “سومو” في الفضاء الدولي كلاعب اقتصادي بعيد عن شبهة التسييس.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts