الأسبوع:
2025-06-10@11:13:57 GMT

هل يستطيع السودان؟

تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT

هل يستطيع السودان؟

يواجه السودان أصعبَ مرحلة في تاريخه الحديث، حيث يقف وحيدًا أمام تمرد الدعم السريع من ناحية والدعم الدولي والإقليمي لتخريبه. وعلى الرغم من أن السودان مرَّ بمرحلتين للحروب الأهلية في الماضي، أولها تلك الحرب مع الجنوب ذي الغالبية المسيحية التي اندلعت في أغسطس 1955، وانتهت باتفاق السلام 2005، والذي منح الجنوب حقَّ تقرير مصيره، فاختار الانفصال وكان التقسيم الأول للبلاد 2011.

أما المرحلة الثانية فكانت عام 2003 عندما تمرد إقليم دارفور -خاصةً قبائله الإفريقية- على الدولة المركزية في الخرطوم، وانتهت هذه المرحلة أيضًا باتفاقيات للسلام وانحياز الحركات المسلحة للجيش ضد تمرد الدعم السريع. وهناك عدة أسباب لجعل النزاع الأخير هو الأخطر في تاريخ السودان، مما يهدد بفناء الدولة وشطبها من الخريطة الكونية، يمكن إيجازها فيما يلي:

أولاً: أن النزاع يهدف إلى تغيير التركيبة السكانية للبلاد عبر طرد السكان الأصليين من قبائل عربية وإفريقية وإحلال عرب الشتات الذين تمَّ جلبُهم من تشاد وإفريقيا الوسطى والنيجر ومالي محلهم.

ثانيًا: أن هذا المخطط تسعى له وتدعمه جبهة عريضة من دول الجوار ودول عربية وفرنسا وأمريكا وبريطانيا وإسرائيل، وأن هذا التحالف هو الأقوى عسكريًّا واقتصاديًّا، ويجد السودان صعوبةً كبرى في مواجهته داخل ميادين الحرب في أروقة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تحاول إسباغ الشرعية على التمرد وعلى القتل وعمليات الإبادة.

ثالثًا: مواجهة الجيش السوداني لطرق جديدة في تسليح المتمردين من خلال استغلال شاحنات الإغاثة الإنسانية والتي تدخل محملة بأحدث الأسلحة داخل أكياس الدقيق والخبز، وهو ما يضع الجيش بين خيارين كليهما مر: إما منع الإغاثة والتسبب في وفاة مئات الآلاف جوعًا، أو إدخالها والتسبب في قتل مئات الآلاف برصاصات التمرد.

رابعًا: ومما يعرِّض الدولة السودانية للانهيار انحياز تيار واسع من النشطاء والمثقفين ومحترفي السياسة إلى جانب التمرد والعمل مع خطة العدو، ويمتلك هؤلاء أبواقًا إعلامية عربية وأوروبية للعمل ضد الجيش السوداني وتخريب مؤسسات الدولة، والأخطر من كل ذلك إثارة الفتنة بين قبائل ومناطق السودان لتفتيت النسيج الاجتماعي للبلاد.

خامسًا: نجح التحالف المعادي في منع تسليح الجيش السوداني من ناحية، وضرب مؤسسة الصناعات العسكرية الوطنية من ناحية ثانية، وتدمير مخزون البلاد الغذائي والصحي من ناحية أخرى. يتم ذلك بشكل منظم منذ إسقاط نظام البشير في أبريل 2019، مما جعل الجيش يحاول الحصول على سلاحه بطرق سرية. كما أنه مطالَب بالصرف على الخدمات الصحية والتعليمية والطرق والطاقة دون أن تكون له أي موارد.

وأمام كل التحديات يجد الجيش السوداني نفسَه غيرَ قادر على تشكيل حكومة جديدة تتحمل عنه العمل المدني ومخاطبة الخارج خشية تعرُّضه لفخ تشكيل الدعم السريع حكومةً موازيةً يمكن أن تحصل على اعتراف عدد من الدول الأوروبية والإفريقية، مما يرسِّخ لتقسيم البلاد بين حكومتين وجيشين.. فهل يستطيع السودان الانتصار على كل هذه الأزمات والخروج منتصرًا من شِباك الإجرام الدولي؟!!

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الجیش السودانی من ناحیة

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: بوت الشرطة وأيام العيد النضرة

في مقطع فيديو ، تداولته منصات التواصل الاجتماعي في السودان، ظهر عقيد شرطة يُعتقد أنه مدير شرطة جبل أولياء، يخاطب جنوده أثناء طابور التمام ، متحدثًا بنبرة تمزج بين الصرامة وروح الدعابة عن أهمية الالتزام بالزي الرسمي والمظهر الشرطي الذي ألفه الناس. قال: “البوت دا جبنا ليك تلبسو، نعم سخن لكن بعد شوية كراعك بتتعود عليه ، وهو بالمناسبة فيه الشفاء من تشقق الكرعين”، لقيت العبارة رواجًا واسعًا وتقديرا كبيراً. خلف هذه العبارة البسيطة، تختبئ دلالة كبيرة تؤكد عودة الشرطة إلى الميدان مسلحة بالانضباط والالتزام و هيبة الدولة.

تزامن هذا الظهور مع بدء انتشار الشرطة في مواقع حيوية بالعاصمة الخرطوم، خلال أيام عيد الأضحى المبارك النضرة وفي مقدمتها الجسور، التي استُعيد تأمينها رسميًا من الجيش لصالح قوات الشرطة. إعلان وزير الداخلية المكلف المدير العام، الفريق أول شرطة خالد حسان محيي الدين، عن هذا التحول، يعتبر رسالة واضحة بأن المرحلة المقبلة تسير نحو تثبيت الطابع المدني، لا العسكري للسلطة. فالدولة الآن تعود من خلال مؤسساتها النظامية التي تشغل مواقعها الطبيعية وتعيد فرض القانون بطريقة تؤكد علي طمأنة المواطن واستعادة أمنه.

توجيهات وزير الداخلية للقوة الشرطية بـ”حسن التعامل مع المواطنين والتحلي باليقظة” تُقرأ كتعليمات ميدانية مستدامة ، بجانب أنها بيان سياسي يحمل مضمونًا إصلاحيًا وتأسيسا لمرحلة قادمة. فالدولة التي خرجت من فظاعة الحرب، الآن تُعيد بناء شرعيتها عبر العدالة والانضباط. وهنا تتجلى أهمية أن تكون الشرطة، داعمة لاستعادة الأمن وتحقيق السلام، و انسياب الخدمات.

في هذا السياق، بحسب “سونا “عادت غرفة المعلومات المركزية التابعة للشرطة إلى العمل من داخل العاصمة، بعد تعرضها للنهب خلال سيطرة المليشيا على الخرطوم. ومعها بدأت الأجهزة الجنائية تنفيذ حملات نوعية مثل تلك التي استهدفت سوق صابرين اول امس ، حيث تم ضبط عدد من معتادي الإجرام، في خطوة تعكس القدرة على تنفيذ مهام أمنية منعية. هذه العودة التدريجية تعبّر عن استعادة السيطرة، بجانب محاولة منهجية لاستعادة الثقة، خصوصًا أن المجتمع السوداني ما زال يداوي جراحه من انتهاكات واسعة ارتكبتها مليشيا الدعم السريع خلال الأشهر الماضية.

معالم هذه العودة الواثقة ظهرت جليًا في تقرير المنظمة الدولية للهجرة (IOM) الصادر في 6 يونيو 2025 أشار إلى عودة أكثر من 1.1 مليون نازح إلى مناطقهم في الخرطوم وسنار والجزيرة في أقل من ستة أشهر. عودة بهذا الحجم، تعني ضمنيًا أن المواطن بدأ يرى في الدولة مظلة آمنة. غير أن هذا الاستقرار الأمني بحاجة إلى جهد موازٍ على مستوى الخدمات، وهو ما بدأت بعض مؤشرات ظهوره في زيارات ميدانية لوالي الخرطوم لعدد من المرافق الحيوية، وتشغيل محطات المياه والكهرباء ، وتعهده بإعادة تشغيل المشروعات الزراعية ضمنها الجموعية الزراعي الذي يخدم عشرات القرى.

اقتصاديًا عادت الحياة تدريجيًا إلى أسواق العاصمة، رغم آثار الحرب المفجعة، ما يدل على تعافي في الدورة التجارية. ومن هنا يبرز المشروع الأكبر الذي تطمح له الدولة : تحويل مطار الخرطوم إلى مركز عبور إقليمي. هذه الرؤية التي تدعمها منظمات دولية مثل ICAO تعتبر بمثابة خطة تطوير ضمن سياق إعادة الإعمار، كما أنها رهان على موقع السودان الجغرافي الذي قد يتحول إلى مصدر قوة اقتصادية واعدة، إذا ما توفرت له بيئة آمنة وتشريعات محفزة وبنية تحتية جيدة.

لذلك في هذا المشهد، وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة لم يعد البوت مجرّد مكمل للزي الشرطي، بل أصبح رمزًا لتحوّلٍ من فوضى السلاح إلى انضباط الدولة، ومن عشوائية الميليشيا إلى هيبة القانون. إن عودة الشرطة ، تمثل بداية عبور نحو دولة ينشدها السودانيون: دولة عدلٍ ومؤسسات، تُبنى بإرادة أهل السودان و تتجاوز الجراح . ما نشهده من تحسّن أمني خلال هذه الأيام يؤكد بأن الوطن بدأ يسترد أمنه وعافيته . فالسلام كما نعلم يُصنع في الشوارع، في المدارس، في الخدمات في تفاصيل الحياة اليومية. وهكذا، يمضي السودان بخطى واثقة نحو استعادة البلاد والسيادة وهيبة الدولة ، بالفعل الوطني المتجذّر في أرضه وصلابة أهله.
إبراهيم شقلاوي
دمتم بخير وعافية.
الاحد 8 يونيو 2025 م Shglawi55@gmail.com

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هجمات بالمسيّرات وتحركات ميدانية كثيفة.. معارك ضارية بين الجيش السوداني و«الدعم» في كردفان
  • العقوبات الأمريكية .. (سيف مسلط) على رقاب الشعب السوداني
  • د. حسن محمد صالح: من حول الدعم السريع الي المشروع الغربي العلماني؟
  • حرب المسيّرات تغيّر قواعد اللعبة في السودان… «الدعم السريع» يوسّع سيطرته من الجو
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: بوت الشرطة وأيام العيد النضرة
  • “عجول”.. توزع أضاحي على متحركات الجيش السوداني شمال كردفان
  • تصاعد المعارك بين الجيش و الدعم السريع في دارفور وكردفان
  • تمرد في لوس أنجلوس والحرس الوطني يستجيب لأمر ترامب
  • السودان بين سيطرة الجيش وتصعيد الدعم السريع.. قصف إغاثي وحصار مستمر
  • سلمى عبدالجبار تهنئ الشعب السوداني بعيد الأضحى المبارك