سودانايل:
2025-06-08@11:41:34 GMT

النخبة السودانية … جاري الفشل.!!

تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT

أفضل من كتب ووثّق للصفوة السودانية هو الدكتور الراحل منصور خالد، في كتبه المتتالية "النخبة السودانية وإدمان الفشل"، "السودان والنفق المظلم"، "الفجر الكاذب" و"حوار مع الصفوة"، فقد أجاد وصف وتشريح النخبة السودانية الفاشلة، وهو الجزء والركن الركين من أركان هذه الجوقة، فيُحمد له نقده اللاذع لرفاق الأمس وأجيال اليوم، جاءت أفكاره متمردة على سلوك ومسلك القوى المدنية، الحاصلة على نسبة ضئيلة من حقب الحكم التي اعقبت (الاستقلال)، وأتى من بعده مفكرون كثيرون كشفوا عن الأخطاء القاتلة التي ترقى لمستوى جرائم الخيانة العظمى، التي ارتكبها الساسة والحكام الذين جلسوا على مقاعد قصر غردون، وجميع التجاوزات الدستورية والمؤامرات المدبرة بين القوى المدنية والعسكر، أخذت شكل التناسخ والاستنساخ بصورة لزجة، فتجد الدائرة الشريرة للحكومات المدنية التي يسطو عليها العسكر، ليقيموا بعدها حكماً عسكرياً طويل الأمد، قد أصبحت سمة أساسية من سمات سيرورة الفعل السياسي والسلطوي في البلاد، فحكومة (الاستقلال) انقلب عليها الفريق عبود، والديمقراطية الثانية نحرها العقيد جعفر محمد علي نميري بانقلابه العسكري، ورئيس الوزراء المنتخب في الديمقراطية الثالثة، انقلب عليه العميد الاخواني عمر حسن احمد البشير، والحكم المدني الانتقالي الأخير الذي جاء بعد ثورة ديسمبر، سرقه الفريق أول عبد الفتاح البرهان – الضابط الاخواني، الذي عمل تحت إمرة الدكتاتور البشير، وما زال الحبل على الجرار كما يقول الدكتور فيصل القاسمي، صاحب برنامج الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة الفضائية، وكمحصلة طبيعية لفوضى الدائرة الشريرة أن تختتم بالحرب الشاملة الجارية أوزارها الآن، وهذه الحرب رغم مأساتها إلّا أنها قد كسرت دورة الشر المستمر لأكثر من ستة عقود، وصفّرت العداد ووضعت النقاط على الحروف.


النخبة السياسية اليوم تمثلها تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، والقوى المدنية المتحدة "قمم"، وما يسمى "تحالف الموز" المشارك في سلطة الحرب والانقلاب، وبعض الكيانات والتحالفات الأخرى، إن لم تخرج من صمتها المحايد وتصطف مع قوات الدعم السريع الكاسرة لطوق الشر، سيتجاوزها المستقبل السياسي الذي سترسمه سواعد الأشاوس، ومعهم الاوفياء المساندين لهم في حربهم من أجل الديمقراطية وإرساء دعائم الحكم المدني، من الناشطين والسياسيين والإعلاميين والكتاب والمهتمين، ممن طلّقوا أحزابهم وتنظيماتهم المتوارية خجلاً وراء لافتة (لا للحرب)، هذه اليافطة الخجولة الكذوبة الممسكة للعصا من منتصفها، تعتبر السبب الأول في التخاذل وعدم الاتساق، ففي هذه الحرب التي يقودها الأشاوس لا مكان للحياد وادعاء الملائكية، فإما التضامن الصريح مع القضية أو التمادي في اتخاذ المواقف الرمادية، التي هي ديدن هذه النخبة الفاشلة منذ اكثر من ستين عاما، فاليوم لا توجد محطة وسطى بين الجنة والنار، فإما أن يقف كل حريص على الوطن مع جيش التحرير الوطني – قوات الدعم السريع، أو أن يتخذ الموقف المتخاذل المسمى دلعاً (الحياد)، فكما تفضل قائد طوفان التحرير الشامل في رسالته المطوّلة الأخيرة، لرعاة ومؤيدي مشروع اتفاق الإطار الذي دعا للتأسيس المدني الديمقراطي، وهيكلة الجيش ليصبح جيشاً وطنياً واحداً، على النخبة السياسية (تقدم وقمم وأخريات)، أن تتضامن مع قائد الطوفان، لصراحته وإيمانه العميق بكل ما من شأنه رفعة البلاد، وإلّا سيفوت القطار الذين تقهقروا وتأخروا عن ركب مشروع التحرير الشامل، وتخاذلوا عن دعم ثورة التأسيس الكامل، ويجب على القوى المدنية بجميع أطيافها، أن تعلن عن موقف صريح عما يجري من عراك عسكري بين الفريقين.
إنّ الحق يجب أن يقال عن هذه المعركة الأخلاقية الكبرى، ولا مناص من القول الفصل المؤدي لإحدى أمرين، إما الوقفة الصلبة مع جيش التحرير الوطني – الدعم السريع، أو التماهي مع خطيئة نظام الاخوان الذي أوصل بلادنا لهذا المنعطف الخطير، فكل من آمن بالتغيير عليه الاصطفاف بدون (لف أو دوران)، مع الأشاوس الذين قدموا الروح في سبيل تأسيس الوطن الذي يسع الجميع، المتساوي تحت سقفه الكل، دون تمييز، والحقيقة التي لا مواربة حولها، أن الذين يقفون ظهيراً لجيش الفلول الكيزان، ما هم إلّا وصمة عار على جبين التاريخ الناصع لمواقف رموز الأمة السودانية عبر العصور، فإصرارهم على إعادة عقارب الساعة للوراء لا ينم إلّا عن وجود قوم أدمنوا الركون تحت وطأة حذاء الظلم والقهر، فبعد السنين العجاف التي تجرع مرها الشعب الكريم، لا اعتقد أن من الحصافة السياسية أن تقف أي قوى مدنية موقفاً محايداً في هذه الحرب، وإني لأجد نفسي مستشعراً للعار عندما أرى القوى المدنية لا تعترف، بفضل هؤلاء الفتية الذين يقسمون بإثنين "بس" – النصر أو الشهادة، ويتطلعون لتحقيق الوطن الحلم، على الأشاوس – قادة التغيير – أن لا يدعوا انجازاتهم لقمة سائغة يسيل لها لعاب المرتدين للجاكيتات الإيطالية الأنيقة وربطات العنق الفاخرة، لأنهم هم أصحاب الفضل في إرساء دعائم الدولة الجديدة، فليس من الحكمة أن نعيد تجربة رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي، الذي أوصله آباء الأشاوس للسلطة ديمقراطياً، فجبن وتخاذل عن الدفاع عن سلطة الشعب فاقتلعها الاخوان المسلمون، ثم أمر اتباعه "الأنصار" الذين ينحدر غالبيتهم من إقليمي كردفان ودارفور، بأن لا يرفعوا البندقية في وجه من سلبهم سلطتهم، تماماً كما أمر حسن الترابي أنصاره الذين قرروا مواجهة انقلاب المفاصلة الرمضانية الشهيرة.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى المدنیة

إقرأ أيضاً:

غزة: مقتل وإصابة 7 جنود إسرائيليين من وحدة النخبة في كمين للمقاومة (تفاصيل)

أفادت وسائل إعلام عبرية، اليوم الجمعة، بمقتل خمسة جنود وإصابة اثنين بجراح خطيرة من قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، إثر انفجار مبنى مفخخ أثناء اقتحامهم منطقة في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

وذكرت التقارير أن جيش الاحتلال تمكن من إجلاء 12 جندياً من الموقع بعد الكمين، مشيرة إلى أن معظم الجنود الذين أصيبوا في العملية ينتمون إلى وحدات النخبة.

وأشارت وسائل إعلام تابعة للاحتلال إلى أن تفاصيل الحادثة تخضع للتعتيم الإعلامي، بينما اندلعت اشتباكات بالأسلحة النارية في مناطق شمال القطاع في الوقت ذاته.

وعقب الانفجار، تعرضت مدينة خان يونس لقصف مدفعي عنيف من قبل قوات الاحتلال، بالتزامن مع تحليق مكثف للطائرات المروحية الإسرائيلية فوق المنطقة.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند غزة: مقتل وإصابة 7 جنود إسرائيليين من وحدة النخبة في كمين للمقاومة (تفاصيل) تقارير: الاحتلال يتعاون مع عصابات مسلحة في غزة بتوصية الشاباك وموافقة نتنياهو تهنئة عيد الأضحى 2025: عبارات مميزة للأهل والأصدقاء أفضل المطاعم لتناول الغذاء في عيد الأضحى بالأردن واشنطن تفرض عقوبات على أربع قاضيات في المحكمة الجنائية الدولية Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • حُلم العودة
  • الأمم المتحدة: عمليات القتل بمراكز مساعدات غزة ليست عرضاً
  • المذيعة في صفوف جبهة التحرير الوطني سامية خديجة مدني في ذمة الله
  • النصر يتعاقد مع الغامدي في دوري النخبة
  • منظمة التحرير الفلسطينية تدعو إلى مقاطعة مؤسسة «غزة الإنسانية»
  • اليونيسف لـعربي21: آلية توزيع المساعدات في غزة مصيرها الفشل المحتوم
  • القائد السابق لفرقة غزة: هزمنا جيوشا في أيام وفشلنا تماما في هزيمة حماس
  • غزة: مقتل وإصابة 7 جنود إسرائيليين من وحدة النخبة في كمين للمقاومة (تفاصيل)
  • أفكار حول التعامد الوظيفي بين النخبة الحداثية وعدوّها الصهيو-إمبريالي
  • ضابط إسرائيلي كبير: لا يمكن وصف الفشل المهين الذي لحق لنا إثر هجوم 7 أكتوبر