عربي21:
2025-12-14@15:14:25 GMT

الانتخابات الأمريكية وحرب الإبادة

تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT

مع توجه الناخبين الأمريكان إلى صناديق الاقتراع فإن السؤال المركزي الذي ينبغي أن يشغلنا ليس هوية الفائز، بل احتمالية تحول هذه الحرب إلى محطة أزمة سياسية ـ ولو مؤقتة ـ تسهم في خلخلة معسكر حرب الإبادة.

ثلاثة عشر شهراً مرّت والولايات المتحدة الشريك الأول للكيان الصهيوني في حرب الإبادة على غزة ثم الضفة ولبنان، في استمرار لرصيد طويل من رعاية الكيان الصهيوني لنحو ثمانين عاماً كان فيها محل اتفاقٍ بين الإدارات المتعاقبة، وإن اختلفت فيما بينها أحياناً على الطريقة المثلى لدعمه، وهذا ما ولّد قناعة شعبية بانعدام الفارق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي فيما يتعلق بعالمنا العربي والإسلامي، وهي قناعة حقيقية في العموم فليس في السياسة الخارجية الأمريكية ملائكة؛ إنما فيها شياطين بأنياب وشياطين بثياب ملائكة.



الجديد اليوم في المشهد الأمريكي هو أن الانتخابات ليست مفتوحة على سؤال واحد يقتصر على هوية الفائز، بل باتت منذ انتخابات عام 2020 مفتوحةً على سؤال إمكانية الانتقال السلمي للسلطة واحتمالية إحاطته بالعنف، والسبب في ذلك واضح؛ فالمجتمع الأمريكي دخل مرحلة أزمة الهوية مع زيادة نسبة المهاجرين، بين من يرى في الولايات المتحدة دولة الأنجلوساكسون البيضاء البروتستانتية التي تستوعب المهاجرين في بنيتها، وبين توجه باتت التغييرات السكانية والثقافية تفرضه لتصبح فيه الولايات المتحدة دولة جميع مواطنيها، ما يجعلها منفتحة على رئاسة الملونين والنساء والشـ.ـواذ وفئات أخرى مع تفشي المفاهيم النيوليبرالية للجنس.

المجتمع الأمريكي دخل مرحلة أزمة الهوية مع زيادة نسبة المهاجرين، بين من يرى في الولايات المتحدة دولة الأنجلوساكسون البيضاء البروتستانتية التي تستوعب المهاجرين في بنيتها، وبين توجه باتت التغييرات السكانية والثقافية تفرضه لتصبح فيه الولايات المتحدة دولة جميع مواطنيها، ما يجعلها منفتحة على رئاسة الملونين والنساء والشـ.ـواذ وفئات أخرى مع تفشي المفاهيم النيوليبرالية للجنس.يلخص ترامب هذا الاستقطاب في مقولته الانتخابية المتجددة "لنجعل أمريكا عظيمة من جديد"، لأن أمريكا التي يحكمها أوباما وتترشح هيلاري كلينتون أو كامالا هاريس لرئاستها ليست عظيمة، أمريكا التي يفقد فيها العرق الأبيض تفوقه المطلق وتستطيع فيها أفواج المهاجرين المتدفقة عبر الحدود أن تصبح الكتلة التصويتية الأكبر ليست عظيمة، أمريكا التي تفقد فيها الكنيسة مركزيتها وينتشر فيها الإلحاد ليست عظيمة، أمريكا التي تفقد قيمة الأسرة ومركزية الرجل وينتشر فيها الإجهاض والشـ.ـذو.ذ ليست عظيمة، أمريكا التي تترك مصانعها تنتقل إلى المراكز الصناعية النامية وتحل فيها نخبة تكنولوجيا المعلومات وصِبية التواصل الاجتماعي محل عمالقة النفط والصناعة والاحتكار الزراعي ليست عظيمة..

ولعل هذه المفارقات توضح خطوط الاستقطاب العرقي والديني والاقتصادي التي باتت تتمترس اليوم بين الحزبين، وهي خطوطٌ أيديولوجية واجتماعية وبيولوجية أيضاً، ولم تعد "خلافات برامجية" كما هو الفهم الرائج لطبيعة الأحزاب الأمريكية لدى بعض النخب العربية، ويعبر عن ذلك مشروع أمريكا 2025 الذي تتبناه "مؤسسة التراث" اليمينية المحافظة، والذي يتبنى برنامجاً لاستعادة الحكم من يد الدولة العميقة، ويتوازى في طروحاته مع برنامج ترامب الانتخابي ويعمل على تجنيد الإمكانات البشرية والمالية المطلوبة لما أسماه رئيسها كيفن روبرتس: "ثورة أمريكية ثانية، ستبقى بلا إراقة دماء إذا سمح لها اليسار بذلك".

اليوم ومع بدء الاقتراع تتوجه الولايات المتحدة إلى تجدد الصراع على هوية الدولة وطبيعة النخب التي تحكمها، ما يقوض الحد الأدنى للإجماع الذي يسمح للأوراق أن تقرر في الصندوق بشكلٍ سلمي، لكن المعطى غير الواضح هو مدى حدة هذا الصراع وتراكم العناصر التي تسمح بانفجاره، ومدى قدرة النظام بمؤسساته القائمة على توفير صِيغ توفق بين الإرادات المتباعدة تحول دون الوصول إلى محاولة التعبير خارجه أو حتى محاولة تقويضه.

حتى الآن، تشهد هذه الانتخابات أعلى مؤشرات العنف الانتخابي منذ انتهاء الحرب الأهلية الأمريكية تقريباً، إذ شهدت محاولتي اغتيال لأحد مرشحيها أدت إحداهما إلى قتل أحد الحضور وإصابة اثنين بينهما المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وشهدت تحذيراً لاحقاً من الرئيس الديمقراطي الحاكم جو بايدن لإيران من أن "اغتيال ترامب ستكون له عواقب".

في الوقت عينه شهدت مرحلة التصويت بالبريد 4 محاولات إحراق لصناديق إيداع الأصوات، بينهما محاولتان ناجحتان أتلفت فيهما مئات الأصوات، ومرة أخرى زعمت وسائل إعلام قريبة من الحزب الديمقراطي هي نيويورك تايمز وإي بي سي نيوز أن بيانات من جهات "داعمة لفلسطين" وجدت بجوار بعض تلك الصناديق، في محاولة لتصدير الأزمة على خطوط الصراع الخارجي، كما شهدت الانتخابات حتى الآن إرسال طرودٍ مشبوهة للجان الانتخاب في 16 ولاية، وكذلك وُجهت تهمة تهديد سلامة طاقم الانتخابات إلى عشرين شخصاً حتى اليوم السابق للانتخابات.

كل هذه السوابق تأتي بينما يرفض المرشح الجمهوري دونالد ترامب ونائبه جاي فانس التصريح علناً عن موقفهما من النتائج في حال الخسارة، وتركيزهما على قبول النتائج في حال الفوز، وهو ما يعني ضمناً استعدادهما لتحدي النتيجة في حال الخسارة، وإن كانت الكثير من التحليلات تقلل من قدرتهما على التحدي مقارنة بانتخابات 2020 التي كان فيها ترامب رئيساً في البيت الأبيض، خصوصاً مع تفكيك المليشيات العسكرية المنظمة التي ظهرت في 2020 مثل "الفتية الفخورون" و "حفَظة القسَم" وسجن قادتها.

تبدو الأزمة المرشح الأبرز للانتخابات هذا العام، ولعل هذه المرة الأولى في تاريخ الانتخابات الأمريكية التي يوشك فيها "السيناريو المفضل" بالنسبة لنا عربياً وإسلامياً أن يكون هو "السيناريو المحتمل"، فأي أزمة سياسية أمريكية سيكون لها دور إيجابي في خلخلة معسكر حرب الإبادة الذي تشكل الولايات المتحدة الفاعل الأكبر والأقوى فيه، مهما كانت تلك الأزمة محدودة أو مؤقتةأخيراً، فإن النتائج المتقاربة جداً التي تشير إليها استطلاعات الرأي ونماذج التوقع يمكن أن تصب في صالح ترامب في مسعاه لرفض نتيجة الانتخابات إذا خسرها، لأن الفوارق في هذه الحالة ستكون قليلة ومتقاربة وتغري بالتحدي والدعوة لإعادة العد، بخلاف الفارق الذي كان قائماً بينه وبين بايدن في انتخابات 2020 والذي وصل إلى سبعة ملايين صوت شعبي، و74 من أصوات المجمع الانتخابي، علاوة على كونها فرصته السياسية الأخيرة مع بلوغه 78 سنة من عمره.

في الخلاصة، وبناء على ما سبق فإن الانتخابات الأمريكية تبدو متوجهة نحو واحد من ثلاثة احتمالات:

الأول: فوز بفارق ضئيل لمرشحة الحزب الديمقراطي الحاكم كامالا هاريس يتحداه ترامب وجمهوره ويذهب به إلى أزمة قد تدوم لأسابيع أو أكثر.

الثاني: فوز بفارق ضئيل لترامب تتبعه محاولات من الحزب الديمقراطي والدولة العميقة لمنعه من الوصول للبيت الأبيض بما يشمل ملاحقته القضائية أو محاولة اغتياله خصوصاً وأنها محاولات لها سوابق وخطاب سياسي يضعها في إطار الصراع الخارجي.

الثالث: الانتقال السلس للسلطة.

باختصار، تبدو الأزمة المرشح الأبرز للانتخابات هذا العام، ولعل هذه المرة الأولى في تاريخ الانتخابات الأمريكية التي يوشك فيها "السيناريو المفضل" بالنسبة لنا عربياً وإسلامياً أن يكون هو "السيناريو المحتمل"، فأي أزمة سياسية أمريكية سيكون لها دور إيجابي في خلخلة معسكر حرب الإبادة الذي تشكل الولايات المتحدة الفاعل الأكبر والأقوى فيه، مهما كانت تلك الأزمة محدودة أو مؤقتة؛ ويبقى مدى الأزمة وعمقها محكوماً بعناصر قد يصعب التدخل فيها من بينها مقدار ما يمارس فيها من عنف وقدرة مؤسسات النظام السياسي الأمريكي على استيعابها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الانتخابات رئاسة الرأي امريكا انتخابات رئاسة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة دولة الانتخابات الأمریکیة حرب الإبادة أمریکا التی

إقرأ أيضاً:

أرحلوا حالًا… الولايات المتحدة تنهي الوضع القانوني المؤقت للإثيوبيين

أعلنت الولايات المتحدة إنهاء الوضع القانوني المؤقت للمواطنين الإثيوبيين المقيمين على أراضيها، في خطوة جديدة ضمن حملة إدارة الرئيس دونالد ترامب لتشديد القيود على الهجرة القانونية وغير القانونية.

وقالت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية كريستي نويم، في إشعار نشر في السجل الفيدرالي الجمعة، إن إثيوبيا «لم تعد تستوفي الشروط اللازمة» للاستفادة من برنامج الحماية المؤقتة، وذلك بعد مراجعة الأوضاع في البلاد والتشاور مع الجهات الحكومية المعنية.

ويمنح وضع الحماية المؤقتة للأشخاص القادمين من دول تشهد كوارث طبيعية أو نزاعات مسلحة أو ظروفًا استثنائية، ويتيح لهم الحصول على تصاريح عمل وحماية مؤقتة من الترحيل.

وكان البرنامج قد أنشئ عام 1991، وشهد توسعًا كبيرًا خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، التي مددت الحماية لنحو 600 ألف فنزويلي وأكثر من 521 ألف هايتي. إلا أن وزيرة الأمن الداخلي ألغت هذه التمديدات في فبراير الماضي، معتبرة أنها «لم تعد مبررة».

وخلال الأشهر الأخيرة، رفعت إدارة ترامب الحماية المؤقتة عن مواطنين من عدة دول، من بينها هايتي وميانمار وجنوب السودان وسوريا وفنزويلا، كما أعلن الرئيس في نوفمبر الماضي إنهاء الحماية الممنوحة للصوماليين في ولاية مينيسوتا.

ويجعل ترامب من تشديد الرقابة على الهجرة محورًا رئيسيًا في ولايته الرئاسية الثانية، حيث ينظر إلى إلغاء برامج الحماية المؤقتة على أنه دعم لخطته الرامية إلى ترحيل ملايين المهاجرين. وقد قوبلت هذه القرارات بطعون قانونية أمام المحاكم.

وفي هذا السياق، سمحت المحكمة العليا الأمريكية في أكتوبر الماضي للإدارة بالمضي قدمًا في إلغاء وضع الحماية المؤقتة لمئات الآلاف من الفنزويليين، بعد تعليق حكم قضائي سابق كان قد اعتبر أن وزيرة الأمن الداخلي لا تملك صلاحية إنهاء البرنامج أثناء نظر الدعاوى القضائية.

كما أعلنت وزارة الأمن الداخلي، في إشعار منفصل، أنها لم تعد تعالج القضايا القديمة ضمن برنامج لمّ شمل العائلات الكوبية والهايتية، وهو برنامج يسهّل على المواطنين الأمريكيين والمقيمين الدائمين إحضار أفراد عائلاتهم إلى الولايات المتحدة.

صدى البلد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/12/14 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة فريق عسكري سعودي إماراتي يصل عدن2025/12/13 إيران تصادر ناقلة نفط أجنبية على متنها 6 ملايين لتر من الديزل المهرب في بحر سلطنة عُمان2025/12/13 ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين2025/12/13 مجلة تايم تختار “شخصية العام”.. 5 أشخاص كبار في العالم.. من هم؟2025/12/12 الخارجية الأمريكية تعرض مكافأة 5 ملايين دولار لأي معلومات عن زعيم عصابة2025/12/12 السلطات الأمريكية تطلب من السياح كلمات سر حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي2025/12/11شاهد أيضاً إغلاق عالمية مجلس الأمن يبحث تعزيز دور الشباب في السلم والأمن مع لجنة بناء السلام 2025/12/11

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • ضو: نتنياهو لا يريد صدامًا مع ترامب وحرب لبنان غير واردة
  • مجموعة أممية تطالب بالإفراج عن ناقلة النفط التي احتجزتها الولايات المتحدة في الكاريبي
  • أرحلوا حالًا… الولايات المتحدة تنهي الوضع القانوني المؤقت للإثيوبيين
  • عبر الخريطة التفاعلية.. ما أهمية المنطقة التي وقع فيها كمين تدمر؟
  • هل ستصادر أمريكا المزيد من أصول النفط الفنزويلية؟.. ترامب يرد
  • ترامب يعلن حربًا على قوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات الأمريكية
  • الولايات المتحدة تعتزم تفتيش حسابات التواصل الاجتماعي للراغبين بدخولها
  • رويترز: الولايات المتحدة تستعد لاعتراض السفن التي تنقل النفط الفنزويلي
  • المستشار الألماني: أوكرانيا سلمت الولايات المتحدة مقترحًا لخطة السلام
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟