باكو تشهد مظاهرة حاشدة داخل قاعة محادثات المناخ وتحقيق العدالة البيئية في صدارة المطالب
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
شهدت باكو، عاصمة أذربيجان يوم السبت، مظاهرة حاشدة شارك فيها مئات المتظاهرين داخل قاعة عامة أثناء انعقاد محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة، وذلك في إطار "يوم العمل" العالمي من أجل العدالة المناخية. يُعد هذا الحدث جزءًا من حملة سنوية يحييها النشطاء حول العالم لتسليط الضوء على الأزمات البيئية.
تزامنت المظاهرة مع اختتام الأسبوع الأول من مؤتمر المناخ "كوب 29"، حيث يتفاوض المشاركون حول كيفية توفير التمويل اللازم لمساعدة الدول النامية على مواجهة آثار الاحتباس الحراري.
ومن المتوقع أن تُفضي المحادثات إلى اتفاق تاريخي قد تصل قيمته إلى مئات المليارات من الدولارات، لدعم دول الجنوب العالمي التي تواجه كوارث مناخية متزايدة الحدة، إلى جانب المساعدة في تمويل التحول إلى مصادر طاقة نظيفة.
وأشار خبراء إلى الحاجة إلى توفير تريليون دولار سنويًا لتعويض الأضرار المناخية المتفاقمة وتمويل التحول الطاقوي، وهو عبء مالي يفوق قدرات العديد من الدول النامية بمفردها.
لكن المحادثات لم تخلُ من الانتقادات. فقد دعا مسؤولان سابقان في الأمم المتحدة إلى الانتقال من مرحلة التفاوض إلى التنفيذ العملي، بينما وجه نائب الرئيس الأمريكي السابق، آل غور، انتقادات للحضور الكبير لصناعة الوقود الأحفوري والدول المعتمدة عليه.
Relatedخلال دفاعه عن صناعة النفط والغاز..الرئيس الآذري يهاجم الغرب في كوب 29: "معاييركم مزدوجة"زعماء العالم يصلون إلى باكو للمشاركة في اليوم الثاني من مؤتمر المناخ "كوب 29"ما سبب الخلاف بين أذربيجان وفرنسا؟وكشف تقرير حديث عن وجود 1770 مشاركًا مرتبطين بقطاع الوقود الأحفوري ضمن قائمة الحضور في مؤتمر باكو، ما أثار تساؤلات حول جدية الالتزامات المناخية.
ومع استمرار المفاوضات، تتطلع الدول النامية إلى تحقيق تقدم ملموس في تأمين التمويل اللازم لتخفيف آثار تغير المناخ وبناء مستقبل أكثر استدامة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية كوب 29: نشطاء المناخ في باكو يطالبون بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري آل غور لـ "يورونيوز": تسليم رئاسة مؤتمر المناخ لدول نفطية يُعد "سخافة" ويستدعي الإصلاح قادة العالم يعرضون تجارب بلدانهم مع تغيرات المناخ في اليوم الثالث من مؤتمر "كوب 29" كوب 29مظاهراتالاحتباس الحراري والتغير المناخيأذربيجانالمصدر: euronews
كلمات دلالية: كوب 29 روسيا دونالد ترامب الحرب في أوكرانيا حركة حماس ضحايا كوب 29 روسيا دونالد ترامب الحرب في أوكرانيا حركة حماس ضحايا كوب 29 مظاهرات الاحتباس الحراري والتغير المناخي أذربيجان كوب 29 روسيا الحرب في أوكرانيا دونالد ترامب ضحايا تكنولوجيا فرنسا أزمة المناخ فولوديمير زيلينسكي شرطة إعصار حركة حماس یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
الكيان المتهالك.. قراءة في علامات الانهيار المتعددة لـ إسرائيل من داخل كتاباتهم
هل ستنهار إسرائيل؟ أم هي في حالة انهيار فعلي الآن؟ وما دور طوفان الأقصى في كتابة لحظة النهاية لهذا الكيان المجرم؟ وهل ما نحياه اليوم من ظلام دامس إنما هو الظلام الذي يسبق الفجر؟ هذه الأسئلة وغيرها هي ما نجيب عليها في هذا المقال من كتابات اليهود أنفسهم.
وسيكون محور حديثنا من خلال:
1 ـ المؤرخ الإسرائيلي د. إيلان بابيه، انهيار الصهيونية، موقع صوت العمل اليهودي، 22/6/2024.
2 ـ د. دان شتاينبوك، سقوط إسرائيل: الانهيار السياسي والاقتصادي والعسكري الإسرائيلي، كلاريتي برس، أتلانتا، الولايات المتحدة، 1/1/2025. والكتاب كان عضوا في حركات الاستيطان.
3 ـ ديفيد بن باسات، المجتمع الإسرائيلي يتجه نحو حافة الانهيار، جيروزاليم بوست، 23/5/2025.
السابع من أكتوبر الزلزال الذي ضرب إسرائيل
يقول إيلان بابيه: "يمكن تشبيه هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 بالزلزال الذي ضرب مبنى قديما، كانت الشقوق قد بدأت بالفعل في الظهور فيه، لكنها الآن مرئية في أساساته. هل يمكن أن يواجه المشروع الصهيوني في فلسطين احتمال الانهيار؟ تاريخيا، غالبا ما يبدأ الانهيار كعملية تفكك بطيئة تكتسب الزخم؛ ثم في فترة زمنية قصيرة، تسقط الهياكل التي بدت صلبة وثابتة في يوم من الأيام. وقد أصبحت هذه الأمور الآن أكثر وضوحا من أي وقت مضى. فنحن الآن نشهد عملية تاريخية، أو بالأحرى: بداياتها، عملية من المرجح أن تُتوج بسقوط الصهيونية. وإذا كان تشخيصي صحيحًا، فإننا ندخل أيضًا في منعطف خطير للغاية، إذ بمجرد أن تُدرك إسرائيل حجم الأزمة، ستُطلق العنان لقوة شرسة وغير مُقيدة لمحاولة احتوائها، كما فعل نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا في أيامه الأخيرة".
مجتمع متصدع
يبين ديفيد بن باسات خطورة ما تشهده إسرائيل من انقسام والصدوع مجتمعية كبيرة، فيقول: "تكمن قوة إسرائيل في قوتها العسكرية وتماسكها الاجتماعي. وبدون هذا التماسك، تصبح أخطر التهديدات الخارجية ثانوية. المجتمع الإسرائيلي الآن ينقسم إلى نصفين. والجسور، إن وجدت بينهما، تنهار بسرعة. وما كان في السابق تعددًا في الآراء تحول إلى حرب هويات تأخذ سمات الصراع المفتوح يكشف عن صدع عميق في الهوية الإسرائيلية المشتركة. وهو ليس صدعا أيديولوجيًا فحسب؛ بل هو عاطفي وثقافي، وأحيانًا وجودي. وبدلاً من إخماد النار، يصبّ البعض البنزين عليها.
قد تدفع الحرب متعددة الجبهات إسرائيل إلى استخدام أسلحتها النووية، فعقيدة بيغن، لتبرير قصف المنشآت النووية العراقية، لا تزال سارية ضد إيران؛ لكن نجاح إيران في قصف إسرائيل مرتين عام ٢٠٢٤ يُظهر أنها سبقت إسرائيل والولايات المتحدة في مجال الصواريخ الأسرع من الصوت، ويمكنها تعبئتها واستخدامها لتدمير إسرائيل الصغيرة. وفي المقابل، فإن الإسرائيليين وحوش عنصرية لن تميز بين المدنيين والعسكريين. وحينها، لن يتمكن الملك وأتباعه من إعادة الأمور إلى نصابها.وعندما يتهم القادة الدينيون والسياسيون خصومهم بـ"الخيانة" أو "تقويض أسس الصهيونية"، فإنهم يُشاركون فعليًا في تدمير متبادل. وعندما تُستبدل كلمة "أخ" بكلمة "خائن"، تُصبح الأمة بأكملها في خطر. ووسائل الإعلام، التي كان من الممكن أن تُشكل قوة اعتدال، استسلمت هي الأخرى للتطرف. وأصبحت منصات التواصل الاجتماعي ساحة معركة لا هوادة فيها، حيث تُصبح كل تغريدة بمثابة رصاصة تُمزق نسيج المجتمع الإسرائيلي. وفقد الجمهور الثقة في المؤسسات التي كانت تُرسّخ الاستقرار: المحكمة العليا، والكنيست، وجيش ، والشرطة".
العوامل المحددة لمستقبل الكيان
يقول شتابنبوك: "لم تكن إسرائيل ويهود العالم بهذا القدر من الثراء والقوة في التاريخ. والقوى العالمية الكبرى تُزودها بأدوات القتل. ولا أحد منهم يريد رؤية إسرائيل تنهار، ولا تُقلقهم محنة الفلسطينيين. وما زال الطريق طويلاً حتى نرى نهاية هذا الصراع. ومع ذلك، ففي ظل حكومة نتنياهو اليمنية الشديدة التطرف، هناك انقسامات كبيرة في المجتمع الإسرائيلي ستؤدي إلى تفككه السياسي". ويحدد إيلان بابيه ستة متغيرات مؤثرة على المجنمع الإسرائيلي ومحددة لمستقبل الكيان:
1 ـ الانقسام المجتمعي وازدياد التطرف والهجرة العكسية.
2 ـ الأزمة الاقتصادية وهروب رؤوس الأموال.
3 ـ العزلة الدولية المتزايدة وتحول إسرائيل إلى دولة منبوذة.
4 ـ تأكل مكانة إسرائيل بين يهود الشتات خصوصا الشباب اليهودي في أمريكا والغرب.
5 ـ ضعف الجيش الإسرائيلي الذي لم يستطع رغم الدعم الأمريكي اللامحدود القضاء حماس وتحقيق أهداف الحرب مما جعل سكان إسرائيل يشعرون بعجزه في الدفاع عنهم.
6 ـ بروز جيل فلسطيني شاب سيكون له تأثير هائل على مسار النضال والتحرير وإقامة دولة واحدة. فهو جيل لا يؤمن بحل الدولتين الذي فشلت منظمة التحرير في تحقيقه.
ويتناول شتاينبوك بالتفصيل في كتابه العوامل الداخلية والإقليمية والدولية المؤثرة سلبا أو إيجابيا على مستقبل الكيان، ومحركات ومحددات صناعة مستقبله ومصيره:
1 ـ صراع داخلي
يتناول الكتاب الأزمات والصراعات التي تعيشها إسرائيل من الانقسامات السياسية والعرقية، والتغيرات الاجتماعية والعسكرية، والفصل العنصري في الأراضي المحتلة، وفظائع الإبادة الجماعية، والتكاليف البشرية والاقتصادية التي تلت حرب إسرائيل المهلكة على غزة. وما نتج عن الحرب من جحيم داخل إسرائيل: الاستقطاب الاقتصادي، انهيار الشركات الناشئة المبتكرة والتكنولوجية المتقدمة، هجرة العقول الموهوبة، تقويض دولة الرفاه، تزايد الفقر، ودعم القطاع الديني. وكذلك المواجهة الدائرة بين الجالية اليهودية الأكثر عالمية واليهود الإسرائيليين القوميين العنصريين. حتى مع إغداق ملايين أديلسون على ترامب لتحقيق حلم إسرائيل بالسيطرة الكاملة على الشرق الأوسط، يحتج بعض اليهود، لكنهم لم يُحدثوا أي فرق سياسي، فلا يزال الديمقراطيون والجمهوريون متفقين على موقفهم. ماذا تبقى؟ هجرة العقول وزيادة هجرة اليهود من إسرائيل. لكن سيبقى أتباع كاهانا مسيطرين.
2 ـ الولايات المتحدة هي المشكلة والحل
الولايات المتحدة هى أحد العوامل المهمة لبقاء إسرائل أو انهيارها، أو هي المشكلة والحل، فهي التي شجعت إسرائيل على توسعها منذ ١٩٤٨، وأمدتها بالأسلحة الفتاكة، وموّلت المستوطنات، وتتسامح مع التطهير العرقي والقتل اليومي. وهي الحل أيضًا، بصفتها الوحش الذي سيسقط إسرائيل "في لمح البصر" إذا أغلقت صنبور دعمها لها. وقد حاول رئيسان أمريكيان من قبل لجم إسرائيل:
1 ـ جون كينيدي الذي وقف ضد امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية. وقد أدى ذلك إلى اغتياله واستبداله بجون جونسون المتملق لإسرائيل.
2 ـ بوش الأب، الذي أدت محاولته الضعيفة في مؤتمر مدريد 1991 لوقف التوسع الاستيطاني إلى هزيمته المُذلة على يد لوبي إسرائيلي انتقامي بعد بضعة أشهر في عام ١٩٩٢.
ومع تناغم الحزبين الجمهوري والديمقراطي اليوم في دعم الإبادة الجماعية الإسرائيلية، يبقى الأمل الوحيد هو الرأي العام، والنشاط المناهض للفصل العنصري، الذي يُجرَّم بشكل متزايد في "الغرب الجماعي".
كان منتصف الخمسينيات هو لحظة الحقيقة الإسرائيلية الأمريكية، حيث بدأت العلاقات "الثنائية" والمساعدات العسكرية الأمريكية الضخمة ووصلت إلى أبعاد مذهلة الآن، والتي هي بمثابة شيك مفتوح لإحداث فوضى عارمة لا نهاية لها في الأفق. وقد أدت هذه العلاقات إلى ظهور مبادئ قديمة جديدة مثل: عقيدة الضاحية، توجيه هانيبال، مصانع الاغتيالات الجماعية المدعومة بالذكاء الاصطناعي الرائد. وأدت أيضا إلى استبدال الاشتراكية الصهيونية العمالية بتحالفات اليمين المتطرف بقيادة الصهيونية التعديلية، وبدعم السياسات الاقتصادية النيوليبرالية الأمريكية، وتيار المحافظين الجديد، والمانحين اليهود الأمريكيين، وصعود اليمين المتطرف المسيحاني، وفشل اليسار. وليست هذه استراتيجيات رابحة طويلة الأمد؛ وإنما هي مجرد تكتيكات مقززة وغير إنسانية تهدف إلى إقامة دولة لليهود فقط، وتتجاهل الفلسطينيين "السكان الأصليين". وباستثناء جنوب إفريقيا وكولومبيا وبوليفيا، لم يقطع أحدٌ، علاقاته مع هذا الوحش الذي يسكب دموع التماسيح لحلفائه وداعميه.
3 ـ أوسلو.. استيطان متسارع وسلطة عميلة
هناك ثلاث موجات للاستيطان منذ عام ١٩٤٨، وكانت آخرها بعد اتفاقيات أوسلو عام ١٩٩٣، والتي كان من المفترض أن تُنهي المستوطنات؛ لكنها كانت معيبة لدرجة أنها سمحت بتسارعها، رغم أن هذه الأرض تحت إشراف السلطة الفلسطينية التي فقدت مصداقيتها تمامًا، فهي مجرد غطاء لإبادة جماعية زاحفة. وقد تزايدت الهجمات على الفلسطينيين، ويُقتل ناس منهم يوميًا، مع حملات إسرائيلية على غزة بين الحين والآخر تُودي بحياة الآلاف في كل مرة. وتشن إسرائيل حملة لسرقة الضفة الغربية بالكامل، حتى في ظلّ غياب "استراتيجية خروج" لملايين الفلسطينيين. وكلنا يعلم ما يُريد نتنياهو فعله بهم. وفي هذه المرحلة، يتّفق السياسيون الأمريكيون تقريبًا على تركه "يُنهي المهمة". ولا يُمكن الاعتماد على أيّ من قادة العالم، حتى القادة العرب، فهم يكرهون الفلسطينيين تقريبًا بقدر ما تكرههم الولايات المتحدة وإسرائيل. فقط من يمكن الاعتماد عليه هو محور المقاومة والجماهير الثائرة المؤيدة للفلسطينيين والرأي العام العالمي.
4 ـ استراتيجية الفصل العنصري الثاني
تقوم استراتيجية إسرائيل لتحقيق الفصل العنصري الثاني هي إنكار الحقائق على الأرض، بدءًا من التطهير العرقي عام ١٩٤٨، والمجازر الجماعية، ومحو مئات القرى الفلسطينية. ولا يُلقي الإسرائيليون بالًا للمذبحة الحالية، ويأمل معظمهم أن يُقتل كل فلسطيني. وتكتيكاتهم لتنفيذ هذا التطهير هي الإرهاب، وسياسة "فرّق تسد" ضد جيرانهم العرب. ويُقدّس الإسرائليون مرتكبي القتل الجماعي بشكل مُرعب.
الهدف المعلن للقادة الإسرائيليين هو "انتصار الموتى" أو الإبادة الكاملة للفلسطينيين. وهذه ليست استراتيجية قادرة على تحقيق السلام. ليس أمام إسرائيل تحقيق هذا الهدف إلا من خلال الإرهاب المتواصل. وهو أمر باهظ التكلفة، ويتطلب مساعدة عسكرية أمريكية مستمرة، مادامت الإدارة الأمريكية قادرة على طباعة الدولارات لتغطية ديونها الضخمة المخصص لسداد فوائدها فقط 18% من الإنفاق الحكومي. ومع استمرار تزايد هذا الدين، ستفلس الولايات المتحدة في النهاية، ولن تتمكن من الاستمرار تحت وطأة الديون. وهذا الإفلاس الحتمي للولايات المتحدة سيضرب إسرائيل في النهاية، ليضع حدًا للشيك المفتوح على أهوال جرائمها اليومية.
5 ـ إبادة من نوع جديد
استخدمت إسرائيل الفلسطينيين كحقل تجارب لاختبار أسلحتها للسيطرة على الحشود. وهي الآن تروج لنفسها على أنها رائدة في تكنولوجيا التحكم الشمولي بالعقل والجسد. والصناعة الوحيدة المتنامية لإسرائيل الآن هي إنتاج الأسلحة وبرامج التجسس، وكل سئ مقزز وقاتل منها. في خمسينيات القرن الماضي، بدأت الصناعة العسكرية الإسرائيلية تعاونها مع الجيش الإسرائيلي، بهدف تطوير أكثر أنظمة الأسلحة الصغيرة تطورًا من الناحية التكنولوجية للقتال في المناطق الحضرية والبيئات القاسية. وبحلول أوائل الثمانينيات، أصبحت أكثر من 50 دولة في خمس قارات من زبائن تكنولوجيا القتل الإسرائيلية. وأضافت إسرائيل بعض السكر إلى ألعابها العسكرية، متباهيةً بنجاحاتها الزراعية في "إزهار الصحراء"، وتستخدم الدعاية الخارجية "سلاح الزبدة والبنادق" لإبراز مدى لطف إسرائيل!!. رغم أن "زبدتها" كلها تُستخرج من أراضٍ مسروقة، و"بنادقها" لا تُستخدم للدفاع، بل لقمع الانتفاضات في الأنظمة القمعية الشبيهة بإسرائيل حول العالم.
وتستخدم إسرائيل في مجال الإبادة الجماعية مفهوم "التنخر"، الذي يسعى إلى تحويل عالم الحياة إلى عالم الموت. إنه الإبادة النفسية الجماعية لمن ليس لديهم ما يخسرونه، ولذلك يقاتلون من أجل ديارهم، ويرفضون الرحيل، ويخاطرون بالعدم من أجل وجودهم. تتجاهل هذه الاستراتيجية نفسية "الصمود الأخير" للمهجرين، الذين يفضلون الموت دفاعًا عن ديارهم على الفرار إلى مخيم لاجئين مهجور.
6 ـ الاستراتيجية الفلسطينية
الاستراتيجية الفلسطينية هي في المقام الأول مقاومة سلمية، مع مقاومة مسلحة أحيانًا، وهو أمرٌ قانونيٌّ تمامًا لدولةٍ تحت الاحتلال؛ لكنه مُدانٌ كإرهاب. ومن المُضحك كيف يُقرر الإرهابيون الحقيقيون الأمور. يُعالج المسلحون الجرائم الفظيعة التي يرتكبها المحتلون؛ فهم لا يستهدفون المدنيين، ولا حتى مروحيات الإخلاء الطبي. تستند هذه الاستراتيجية القائمة على التعاطف مع الجرحى إلى الإسلام، حيث قواعد الاشتباك مع العدو غير قابلة للتفاوض. فهدف الفلسطينيين هو الجنة، والطريق/الاستراتيجية هي الحياة الأخلاقية، والصلاة، والجهاد، وشن حرب حتى نيل الشهادة، وجمع القنابل الإسرائيلية غير المنفجرة وإعادة استخدامها. وفي كل وقت، مناشدة الإنسانية، وقواعد السلوك الأخلاقي في العالم الخارجي، ودعوة الرأي العام العالمي، والمقاطعة، وتوجيه الاتهامات الجنائية لإحلال السلام.
هذا السلوك الأخلاقي غريبٌ على إسرائيل، التي اغتالت مئات القادة الفلسطينيين واللبنانيين وغيرهم، مُستدلةً "بعقلانية" على أن العدو سينهار بدونهم. عندما تغتال إسرائيل القادة الفلسطينيين، يُرثى لهم، ويُصبحون شهداء، مُلهمين الجيل القادم. وأما جثة السنوار فقد أسرتها إسرائيل، وعلى الأرجح لن تُعاد وربما تُلقى من طائرة فوق المحيط كما فعل بن لادن، لأنها ستكون سيفًا مسلطًا على رقاب إسرائيل.
7 ـ العالم العربي بين الإسلاميين والقوميين والديكتاتوريين
شهد القرن الماضي صعود الحركات الإسلامية، لا سيما جماعة الإخوان المسلمين. وكانت القومية العربية هي المنافسة لها. وقد سحقت الأنظمة الاستعمارية الجديدة جماعة الإخوان المسلمين؛ أما القومية العربية فقد فشلت محاولات الترويج لها، وانحدرت إلى ديكتاتوريات شخصية، وانتهت بهزيمة مذلة لصدام حسين. ورغم الضربات، لا يزال الإخوان المسلمون الناجين الوحيدين من قرن من النضال ضد الإمبريالية، وهم مصممون على مواجهة المحتلين الصهاينة.
لا يزال العالم العربي "منقسمًا ومحتلًا" بشكل مخزٍ. ولن تُمحى أبدًا مساعدة الأردن والسعودية للولايات المتحدة وإسرائيل لإسقاط صواريخ إيران. ولدى قادة الأردن والسعودية الكثير ليُحاسبوا عليه أمام شعوبهم. وعندما تُحاكم إسرائيل في نهاية المطاف، يمكن للشرق الأوسط أن يتطور بشكل طبيعي أكثر. ويبقى الإسلام هو الأساس، وستكون الإصلاحات الإسلامية هي الطريق للمضي قدمًا. أما السعوديون وإمارات الخليج فهم من بقايا الإمبريالية البريطانية في القرن التاسع عشر، ولا يُمثلون مستقبل الجماهير العربية.
وقد قدمت السعودية والإمارات وقطر والأردن ومصر والسلطة الفلسطينية رؤية سياسية مشتركة لإعادة تأهيل قطاع غزة وإقامة دولة فلسطينية بعد انتهاء الحرب. ولإحباط هذه المخططات، قدم مكتب نتنياهو رؤيته الخاصة لـ "غزة 2035"، التي تصف غزة بأنها "بؤرة إيرانية" يجب تدميرها والاستيلاء عليها، ويسخر من القادة العرب المتعاونين باعتبارهم أمام شعوبهم غير فعالين وخونة وحلفاء لإسرائيل. وقدمت هذه الرؤية تكتيكات سخيفة للغاية، ستحشد فيها إسرائيل الإمارات والسعودية لتوزيع المساعدات على سكان غزة، ومطاردة حماس والقضاء عليها. وبعد 15 عامًا، إذا سارت الأمور على ما يرام، سيُسمح بقدر محدود من الحكم الذاتي للفلسطينيين تحت الهيمنة الإسرائيلية.
8 ـ هل لروسيا والصين والبريكس دور في الصراع ومستقبل الكيان؟
لا يُعلق شتاينبوك آماله على دول البريكس، ويرى أن الإفراط في التفاؤل خطأ. نعم، عززت مجموعة البريكس مكانة دول الجنوب، ومنحتها نفوذًا جماعيًا، لكنه لا يزال أقل بكثير من نفوذ الغرب الجماعي. أما بالنسبة لروسيا والصين، فلديهما علاقات اقتصادية متطورة للغاية مع إسرائيل: روسيا تزودها بالنفط اللازم لقصف الفلسطينيين، والصين هي أكبر شريك تجاري لها، بالإضافة إلى استحواذ شركات صينية كبرى على شركات إسرائيلية للاستفادة من خبرتها للمساعدة في تنشيط الاقتصاد الصيني بكفاءة أكبر. ولا ترغب روسيا أو الصين في انهيار إسرائيل. لذا، فإن انهيار إسرائيل مرتبط بانهيار الولايات المتحدة نفسها.
عندما يتحد اليهود والمسيحيون والمسلمون، فإنه يمكن فعل شيء، فقد كانت أول إشارة حقيقية على تفكيك النظام في جنوب إفريقيا عندما التقى النائب اليهودي هاري شوارتز مع مانغوسوثو بوتيليزي من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لتوقيع إعلان مبادئ للانتقال السلمي للسلطة والمساواة للجميع، في أول اتفاق من نوعه بين السود والبيض. وبعد عقدين من النضال فتح دي كليرك زعيم الأقلية البيضاء مناقشات ثنائية مع نيلسون مانديلا عام 1993 من أجل انتقال السلطة إلى السود.الصين مهمة لأي سلام مستقبلي في الشرق الأوسط. وبالنسبة لمصر، فقد تآكلت الثقة الثنائية مع إسرائيل التي تشكلت على مدار عقود. ورغم ما تشكله المساعدات الأمريكية من أهمية حيوية للقاهرة؛ فإن مبادرات التعاون الاقتصادي الصينية تعمل على تعزيز التنمية المصرية بدلاً من تقويضها. وينطبق الأمر نفسه على الأردن، حيث تبني الصين شبكة سكك حديدية، وخط أنابيب نفط يربطه بالعراق، وجامعة صينية. لذلك، تلقي مصر والأردن، الضعيفتان والفاسدتان، بنفسيهما عند قدمي الصين التي تشن حربًا إيجابية واعدةً بالازدهار والهيمنة. وهذا ليس كالازدهار والإمبريالية الأمريكية" المُبطّنة في بريتون وودز. والقبضة الاقتصادية الصينية تُسحق الهيمنة الأمريكية في كل مكان.
ومع استمرار حرب أوكرانيا، تنضم روسيا الآن بشكل غير رسمي إلى جميع الجهود المعادية للولايات المتحدة، وربما تُزوّد إيران والحوثيين بمعلومات عبر الأقمار الصناعية لإبقاء قناة السويس خارج الخدمة ولضمان دقة القصف، وربما تُزوّدهم أيضًا ببعض الصواريخ والطائرات المُسيّرة.
9 ـ هل حان وقت السلاح النووي؟
قد تدفع الحرب متعددة الجبهات إسرائيل إلى استخدام أسلحتها النووية، فعقيدة بيغن، لتبرير قصف المنشآت النووية العراقية، لا تزال سارية ضد إيران؛ لكن نجاح إيران في قصف إسرائيل مرتين عام ٢٠٢٤ يُظهر أنها سبقت إسرائيل والولايات المتحدة في مجال الصواريخ الأسرع من الصوت، ويمكنها تعبئتها واستخدامها لتدمير إسرائيل الصغيرة. وفي المقابل، فإن الإسرائيليين وحوش عنصرية لن تميز بين المدنيين والعسكريين. وحينها، لن يتمكن الملك وأتباعه من إعادة الأمور إلى نصابها.
حرب غزة تضرب التطبيع والمؤامرة ضد الفلسطينيين
غالبًا ما تُصوَّر معاهدات السلام والتطبيع مع مصر والأردن وبعض دول الخليج على أنها خطوات نحو حل الدولتين. أما في إسرائيل، فيُنظر إليها على أنها صفقات تطبيع ثنائية مع دول عربية من شأنها تهميش الفلسطينيين واستبعادهم من الحل النهائي. لكن حرب غزة عرّضت الاتفاقيات للخطر. ولم تحمل الولايات المتحدة وإسرائيل المفاوضات على محمل الجد قط. ولم يعتقد أحد بإمكانية تحقيق حل الدولتين. وفي الوقت نفسه، لا يتحكم رؤساء الولايات المتحدة بالأمور، فالكونغرس خاضع تمامًا لإسرائيل، ولن يسمح بأي ضغط عليها للتفاوض من أجل دولة فلسطينية. حتى ترامب، فإن مشروعه لعام 2025 يتضمن مشروع إستير الذي يخطط لسحق كل معارضة لإسرائيل في الولايات المتحدة وأوروبا، وإنشاء قرية وهمية من الفلسطينيين المقبولين، والتزام القادة العرب بسياسة الدمى الإسرائيلية. ولم يكن نتنياهو ليعبّر عن ذلك بشكل أفضل.
هل هناك أمل في التغيير؟
يحدد شتاينبوك ستة محركات وأدوات للتغيير، لها دورها الفاعل في مستقبل الصراع ومصير الكيان، وهي:
1 ـ تفاعل الرأي العام العالمي، وبدعم من الجالية اليهودية في الخارج، بطريقة تُعيد الولايات المتحدة إلى رشدها.
2 ـ جهود الجالية الفلسطينية في الخارج، التي يزيد عددها بالفعل عن يهود الشتات.
3 ـ الإسلام هو أحد محركات التغيير. فهو أسرع الأديان نموًا وانتشاراً. والشرق الأوسط يموج بكراهية الصهيونية. ولم يكن هناك وقت أفضل من الآن لكي تكون مسلمًا، ويوجد جالية إسلامية ضخمة في الغرب.
4 ـ حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات في الغرب والجنوب العالمي كنسخة علمانية من الجهاد.
5 ـ عندما يتحد اليهود والمسيحيون والمسلمون، فإنه يمكن فعل شيء، فقد كانت أول إشارة حقيقية على تفكيك النظام في جنوب إفريقيا عندما التقى النائب اليهودي هاري شوارتز مع مانغوسوثو بوتيليزي من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لتوقيع إعلان مبادئ للانتقال السلمي للسلطة والمساواة للجميع، في أول اتفاق من نوعه بين السود والبيض. وبعد عقدين من النضال فتح دي كليرك زعيم الأقلية البيضاء مناقشات ثنائية مع نيلسون مانديلا عام 1993 من أجل انتقال السلطة إلى السود.