اشترط إرسال السيرة الذاتية والانتظار لـ3 أشهر.. إغلاق مطعم عراقي قدم وجبة بـ80 ألف دولار
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
قررت محافظة أربيل في إقليم كردستان العراق، إغلاق مطعم "آلاند ستيك هاوس"، بعدما أثار ضجة كبيرة إثر عرضه لوجبة طعام فاخرة بسعر 80 ألف دولار.
العرض الذي تضمن تفاصيل غير مألوفة مثل ضرورة إرسال السيرة الذاتية قبل الحجز، وانتظار 3 أشهر لتناول الوجبة، أثار ردود فعل متباينة بين استياء العامة وتدخل السلطات.
الوجبة التي وصلت قيمتها إلى 80 ألف دولار، وُصفت بأنها غير عادية ومُعدة خصيصا للمناسبات الفريدة.
إغلاق مطعم في #أربيل يبيع وجبة طعام تقدم على طبق من ذهب بسعر 80 ألف دولار#الشرقية_نيوز pic.twitter.com/63cZMK8bTc
— AlSharqiya TV – قناة الشرقية (@alsharqiyatv) November 19, 2024
وبعد الجدل الذي أثاره المطعم، تدخلت السلطات المحلية وأصدرت قرارا بإغلاقه. وأكدت مديرية الرقابة على أن الأسعار المبالغ فيها تخالف القوانين المتعلقة بتحديد سقف الأسعار، إضافة إلى الاشتباه في مخالفة المعايير الصحية. وأوضحت السلطات أن مثل هذه الممارسات لا تتماشى مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمدينة.
وقال صاحب "آلاند ستيك هاوس" حامد أحمد في حديث مع وسائل إعلام محلية، إن "الأمر أسيء فهمه". وأضاف أن هذه الوجبة كانت مخصصة للتحضير لمرة واحدة فقط، بهدف دخول موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، وليس كعرض دائم.
وأوضح أن الوجبة كانت تستهدف الأجانب فقط، مشيرا إلى أن فريقا من موسوعة "غينيس" كان يستعد للحضور إلى أربيل لتوثيق المحاولة.
وأكد أحمد أن الهدف من تقديم الوجبة كان إبراز اسم الكرد على الساحة العالمية، مشيرا إلى أن العديد من الدول لديها أطباق فاخرة مسجلة في موسوعة "غينيس"، مثل البيتزا الفاخرة في إيطاليا وبعض الأطباق المكسيكية، وأن محاولته كانت جزءا من جهد طويل الأمد لتحقيق إنجاز مماثل.
وانتشرت صور ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي توثق الجدل حول المطعم والوجبة، واعتبر كثيرون أن مثل هذه العروض لا تعكس واقع الحياة اليومية في أربيل، في حين أبدى آخرون استياءهم من الأسعار المبالغ فيها.
في المقابل، رأى البعض أن المحاولة لدخول موسوعة "غينيس" تسهم في تعزيز مكانة المدينة على الساحة العالمية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كأس عالم 2026.. تجارة على حساب المشجعين: “فيفا” تحول الشغف إلى سلعة
تحول شراء تذاكر كأس العالم 2026 إلى كابوس اقتصادي وأخلاقي يختزل ما يمكن تسميته بـ”رأسمالية العاطفة”، حيث لم يعد الوصول إلى المدرجات فعل شغف رياضي، بل عملية مالية معقّدة تتغذى على الخوف من الفقدان وتدار وفق خوارزميات السوق وأدوات المضاربة.
أسعار صادمة وتلاعب في التوزيعبدأ بيع التذاكر الأسبوع الماضي، ومعه اصطدم ملايين المشجعين بالواقع الحقيقي وراء وعود جياني إنفانتينو بأن “العالم سيكون موضع ترحيب”. فقد بلغت أرخص تذكرة للمباراة النهائية في ملعب متلايف بنيوجيرسي نحو 2030 دولارًا، بينما تراوحت الأسعار في الدرجات العليا بين 2790 و4210 دولارًا، وفقًا لمن تمكن من رؤية الأسعار التي أخفتها “فيفا” حتى اللحظة الأخيرة.
أما التذاكر المزعومة بقيمة 60 دولارًا لمباريات دور المجموعات، والتي قدمتها “فيفا” كدليل على “إمكانية الوصول للجميع”، فتبين أنها محدودة للغاية وموزعة بشكل رمزي على أطراف المقاعد الرقمية، لتبدو أقرب إلى خدعة تسويقية من شمولية مزعومة.
اعتمدت “فيفا” نظام يانصيب رقمي لتحديد من يحق له شراء التذاكر، ما أدى إلى ساعات انتظار طويلة في طوابير إلكترونية تديرها خوارزميات غامضة، بينما استحوذت البرامج الآلية (البوتات) والمشترون بالجملة على أغلب الفئات الأرخص. والأسوأ أن الاتحاد الدولي رفع الأسعار لتسع مباريات بعد يوم واحد فقط من بدء البيع.
“فيفا” تبرر بالأسواق الأمريكيةتصر “فيفا” على أن هذه الممارسات تتماشى مع “معايير السوق الأمريكية”، حيث ستُقام معظم مباريات البطولة وكأن الاحتكار ورفع الأسعار أصبحا تقاليد ثقافية يجب احترامها، مثل حظر الكحول في مونديال قطر.
في الحقيقة، ما يحدث ليس مهرجانًا كرويًا عالميًا، بل مختبر مالي لتجريب أدوات التكنولوجيا المالية الحديثة (Fintech)، حيث تتلاقى التسعيرة الديناميكية، والمزادات الرقمية، وبقايا العملات المشفرة، لتشكّل منظومة هدفها تحويل الشغف الجماهيري إلى أداة استثمار ومضاربة.
من الرموز الرقمية إلى “حق الشراء”بدأت القصة عام 2022 مع إطلاق “فيفا” مشروع Fifa+ Collect خلال موجة الـNFT، والذي وعد المشجعين بـ”امتلاك لحظات رقمية” خالدة مثل أهداف بيليه ومارادونا ومبابي. وبعد انهيار سوق الرموز الرقمية، أعادت “فيفا” استخدام المشروع باسم جديد: Right to Buy (حق الشراء).
النظام الجديد يتيح للمشجعين شراء رموز رقمية تمنحهم “فرصة” لشراء تذاكر مباريات لاحقًا. على سبيل المثال، رمز Right to Final يباع مقابل 999 دولارًا، لكنه لا يمنح حق الشراء إلا إذا تأهل الفريق المختار إلى النهائي. وإن لم يتأهل؟ يتحول الرمز إلى صورة رقمية بلا قيمة.
بمعنى آخر، “فيفا” وجدت طريقة لتسليع الترقب والانتظار ذاته. لكن الفضيحة انفجرت مؤخرًا حين اكتشف المشترون أن هذه الرموز لا تتيح إلا تذاكر الفئات الأغلى (الفئة 1 و2)، لتندلع موجة غضب في مجتمعات الـNFT وعمليات بيع عشوائية بخسائر ضخمة.
“فيفا” تدخل سوق إعادة البيعوللمرة الأولى، ألغت “فيفا” الحد الأقصى لإعادة بيع التذاكر بالسعر الأصلي، لتصبح شريكًا مباشرًا في السوق الثانوية. فقد ظهرت تذاكر المباراة النهائية على المنصة الرسمية بأسعار تصل إلى 25 ألف دولار بعد أن بيعت بيوم واحد فقط مقابل 2030 دولارًا.
وفي كل عملية إعادة بيع، تحصل “فيفا” على عمولة 15% من البائع و15% من المشتري، أي 300 دولار لكل ألف دولار من التداول، ما يجعلها المستفيد الأكبر من كل المضاربات. وهكذا تحوّل التذاكر إلى أدوات مالية تُتداول كأنها أسهم.
انتقادات حادة وغضب جماهيريوصف توماس كونكانون من رابطة مشجعي إنجلترا الأسعار بأنها “صادمة”، مشيرًا إلى أن متابعة فريق واحد في البطولة عبر أرخص تذاكر ستكلف ضعف ما كانت عليه في قطر 2022. ومع تكاليف السفر والإقامة والتأشيرات، يبدو ما وصفته “فيفا” بأنه “أكثر مونديال شمولًا في التاريخ” أقرب إلى نادٍ مغلق للأثرياء.
أما رونان إيفان من منظمة “Fans Europe”، فاعتبر ما يحدث “خصخصة لبطولة كانت ملكًا للجماهير”، مؤكدًا أن “فيفا تبني كأس عالم مخصصًا للطبقة الوسطى الغربية ومن يملكون القدرة على دخول أمريكا”.
وفي المكسيك فقط، رضخت “فيفا” للضغط الحكومي ووافقت على تحديد الأسعار عند قيمتها الأصلية، بينما يستمر الجشع في بقية الدول دون قيود.
معادلات السوقما تكشفه بطولة 2026 هو حدود الرأسمالية الرياضية الحديثة: حيث يمكن قياس الانفعال، والخوف، والتفاؤل، وتحويلها جميعًا إلى مصادر ربح. صار شراء التذاكر رهانًا ماليًا على حظ الفريق وحجم الدخل الشخصي في آن واحد.
تشبه هذه الديناميكية ما يحدث في صناعة الموسيقى، حيث تحولت الحفلات إلى “تجارب حصرية” بأسعار خيالية. ومع كرة القدم، تتكرر نفس المعادلة: مدرجات معقّمة، جمهور مختار، وتجربة مثالية بلا روح.
ادعاء فيفافي ردّها على الانتقادات، أكدت “فيفا” أن “كل دولار من مبيعات التذاكر يعود إلى تطوير اللعبة”، لكن الواقع أن ما يعود فعلاً هو نظرة اقتصادية جديدة ترى أن كرة القدم ليست لغة عالمية أو شغفًا مشتركًا، بل سوقًا يمكن تقسيمه وتخصيصه واحتكاره.
وبينما يكرر إنفانتينو أن كأس العالم 2026 سيكون “الأكبر والأفضل والأكثر شمولاً”، يبدو أنه سيكون بالفعل الأكبر وربما الأفضل تنظيميًا، لكنه الأقل عدلاً وإنسانية. فحين يصبح الوصول إلى المدرجات امتيازًا ماليًا، تفقد اللعبة عالميتها، وتتحول من حلم جماعي إلى سلعة فاخرة تباع بأغلى الأثمان.
كأس العالم 2026 سيكون اختبارًا أخلاقيًا للعلاقة بين الرياضة والرأسمالية. فـ”فيفا” لم تعد تبيع تذاكر للمباريات، بل تبيع الإحساس بالمشاركة والانتماء — في سوقٍ أصبح فيه حتى الشغف عملة قابلة للتداول.