طهران"أ.ف.ب": تبدأ إيران اليوم الجمعة اجتماعا موسعا مع ثلاث دول غربية وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وذلك لبحث برنامجها النووي بعدما قدّمت الحكومات الثلاث إلى جانب الولايات المتحدة مقترحا أفضى إلى صدور قرار عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ينتقد الجمهورية الإسلامية.

تحدت طهران القرار الصادر الأسبوع الماضي، لكن المسؤولين الإيرانيين عبروا مذاك عن استعدادهم للتعاون مع الأطراف الأخرى قبيل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بعدما اتبعت إدارته في ولايته الأولى سياسة "الضغوط القصوى" على الجمهورية الإسلامية.

ومن المقرر أن يمثل الدبلوماسي الإيراني ماجد تخت رافانشي، وهو المساعد السياسي لوزير الخارجية عباس عراقجي، إيران في محادثات الجمعة.

وسيجتمع قبل ذلك مع موفد الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، بحسب وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية "إرنا".

تبنى مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يضم 35 بلدا قرارا الأسبوع الماضي يدين إيران لعدم تعاونها في المسائل النووية.

واقترحت القرار الذي عارضته إيران بشدة، كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة.

وردا على ذلك، أعلنت إيران وضع "أجهزة طرد مركزي متطورة جديدة" مصممة لزيادة مخزونها من اليورانيوم المخصّب، في الخدمة.

ويأتي إعلان إيران عن استعدادها للاجتماع مع الدول الأوروبية الثلاث قبل أسابيع فقط من عودة ترامب المقررة إلى البيت الأبيض.

وخلال ولايته الأولى، ركّز ترامب على فرض عقوبات مشددة على إيران عقب انسحاب الولايات المتحدة الأحادي من اتفاق 2015 النووي التاريخي بعد ثلاث سنوات على التوصل إليه.

هدف هذا الاتفاق بين طهران والقوى الرئيسية لتخفيف العقوبات الغربية المفروضة على إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي لمنعها من تطوير سلاح ذري.

وردا على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، خفضت طهران مستوى امتثالها للاتفاق ورفعت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة، وهو مستوى قريب من نسبة 90 في المائة التي يتطلبها تطوير قنبلة ذرية.

ونفت طهران مرارا أن تكون تسعى لامتلاك أسلحة نووية.

وبالنسبة لطهران، يتمثّل هدف محادثات اليوم بتجنّب سيناريو "كارثة مزدوجة"، يمكن أن تواجه على اثره ضغوطا جديدة من ترامب والدول الأوروبية على حد سواء، بحسب المحلل السياسي مصطفى شير محمدي.

ولفت المحلل إلى أن الدعم الأوروبي لإيران تراجع على وقع الاتهامات للجمهورية الإسلامية بدعم روسيا عسكريا في تدخلها العسكري في أوكرانيا.

ونفت إيران هذه الاتهامات وتأمل بإصلاح العلاقات مع أوروبا، فيما تواصل تبني موقف حازم.

من جهة اخرى، حضّ قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران على "الإيفاء بالتزاماتها القانونية" المنصوص عليها في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية التي تمّت المصادقة عليها عام 1970 وتلزم الدول المنضوية فيها بالإعلان عن المواد النووية لديها وإبقائها تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وردا على ذلك، قال وزير الخارجية عباس عراقجي الذي لعب دورا محوريا في المفاوضات النووية عام 2015، إن إيران ستضع في الخدمة "آلاف أجهزة الطرد المركزي المتطورة".

تعمل أجهزة الطرد المركزي على تدوير غاز اليورانيوم بسرعة كبيرة لزيادة نسبة المادة الانشطارية (يو-235).

وتصر إيران على حقها في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية، لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير إلى أنها الدولة غير النووية الوحيدة التي تعمل على تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة.

وحدد اتفاق 2015 الذي تنقضي مدته في أكتوبر 2025 سقف تخصيب اليورانيوم في إيران عند نسبة 3.67في المائة.

وفي مقابلة نشرت قبل المحادثات، حذّر عراقجي من أن امتعاض طهران لعدم إيفاء الغرب بالتزامات مثل رفع العقوبات، يثير نقاشا داخل دوائر صنع القرار في إيران بشأن إن كان على البلاد تغيير سياستها النووية.

وقال لصحيفة "ذي غارديان" "لا نية لدينا لتجاوز مستوى 60 في المائة حاليا، ونحن مصممون على ذلك في الوقت الراهن".

لكنه أضاف "هناك نقاش دائر في إيران، خصوصا في أوساط النخبة.. بشأن إن كان علينا تبديل عقيدتنا النووية" إذ أنها أثبتت حتى الآن بأنها "غير كافية عمليا".

وأصدر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامي علي خامنئي الذي تعود له كلمة الفصل في صنع القرار في إيران، فتوى تحظر استخدام الأسلحة الذرية.

يعود برنامج إيران النووي إلى أواخر خمسينات القرن الماضي عندما وقّعت الولايات المتحدة التي كانت متحالفة مع طهران حينذاك، اتفاقا للتعاون المدني مع الشاه محمد رضا بهلوي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الوکالة الدولیة للطاقة الذریة فی المائة فی إیران

إقرأ أيضاً:

كابوس يلاحق المسلمين في بريطانيا.. ما الذي يجري؟

مرّ عام على هجوم ساوثبورت، الذي أشعل أعمال شغب عنصرية غاضبة في شوارع المملكة المتحدة. حشود غير منضبطة، تحفّزت بادعاءات كاذبة بأن الجاني مسلم، انطلقت في موجة عنف، وهاجمت المساجد، والمتاجر التي يملكها مسلمون، والمنازل، والأفراد الذين يُنظر إليهم على أنهم مسلمون.

وفيما كانت أعمال الشغب مشتعلة، كنت أنهي روايتي بعنوان: "الظهور الثاني". تدور أحداث الرواية في مستقبل ديستوبي تستولي فيه مليشيا مسيحية مستلهمة من القومية الإنجليزية على لندن، وتحظر الإسلام، وتنفي المسلمين إلى مخيمات لاجئين في برمنغهام.

لقد جعلتني الأحداث التي كانت تتكشف في الشوارع أثناء كتابتي الفصول الأخيرة، أدرك أننا اليوم أقرب بكثير إلى العالم الديستوبي في روايتي مما كنت أتخيل.

المشاهد والصور التي ساعدتني على تشكيل هذا العالم الخيالي، استُلهمت من إنجلترا التي عشت فيها خلال شبابي، حين كانت أعمال العنف العنصري متفشية. كانت عصابات من الشبان البيض تطاردنا، خصوصا بعد إغلاق الحانات، في موجة تلو الأخرى مما كانوا يسمّونه "تحطيم الباكستانيين".

لم تكن الهجمات بالسكاكين أو القنابل الحارقة أمرا نادرا، ولا كانت المطالبات التي أطلقتها الجماعات اليمينية المتطرفة مثل "الجبهة الوطنية" و"الحزب الوطني البريطاني" بإعادة "المهاجرين" السود (أي غير البيض) إلى أوطانهم أمرا مستبعدا.

كان الذهاب إلى المدرسة أحيانا يعني الركض عبر ممر من الأطفال العنصريين. وفي ساحة اللعب، كانوا أحيانا يحاصروننا، وهم يرددون أناشيد عنصرية.

كطالب، فقدت العدّ من كثرة عدد المرات التي تعرضت فيها لاعتداءات جسدية، سواء في المدرسة، أو في الشارع، أو في الحانات، أو في أماكن أخرى.

حين كنت أعيش في شرق لندن، كنت مع شباب منطقة بريك لين المحليين، حيث كانت تدور معارك بالأيدي لصد جحافل المهاجمين العنصريين.

إعلان

لم تكن هذه الاعتداءات ظاهرة معزولة، بل كانت مشاهد مشابهة تتكرر في أنحاء البلاد، حيث كانت "الجبهة الوطنية" و"الحزب الوطني البريطاني" ينظمان مئات المسيرات، ما منح العصابات البيضاء المتطرفة جرأة أكبر.

في تلك الفترة، تم اعتقالي مع عدد من أقراني، ووجهت إلينا تهمة "التآمر لصنع متفجرات" بسبب ملء زجاجات الحليب بالبنزين للدفاع عن مجتمعاتنا في وجه العنف العنصري؛ وقد عُرفت قضيتنا لاحقا باسم "برادفورد 12".

كانت هذه النضالات، سواء في بريك لين أو في برادفورد، جزءا من معركة أوسع ضد العنصرية المؤسسية والأيديولوجيات اليمينية المتطرفة التي كانت تهدف إلى ترهيبنا وتقسيمنا.

كان العنف العلني المباشر في الشوارع خلال تلك السنوات مرعبا، لكنه كان ينبع من هامش المجتمع. أما الطبقة السياسية الحاكمة، فرغم تواطئها، كانت تتجنب الاصطفاف العلني مع هذه الجماعات. ومثال على ذلك مارغريت تاتشر، التي قالت في مقابلة شهيرة 1978، حين كانت زعيمة حزب المحافظين: "الناس في الواقع يخشون من أن يُغمر هذا البلد بأشخاص ذوي ثقافة مختلفة".

كان ذلك تلميحا مبطنا بالموافقة على خطاب الحشود العنصرية، إلا أن تاتشر، رغم ذلك، حين أصبحت رئيسة للوزراء، حافظت على مسافة بينها وبين الجماعات اليمينية المتطرفة.

اليوم، لم تعد تلك المسافة موجودة. فرئيس الوزراء كير ستارمر وأعضاء بارزون آخرون في حزب العمال، يرددون بانتظام خطاب اليمين المتطرف، متعهدين بـ"التصدي بحزم" لأولئك الذين يسعون للحصول على ملاذ آمن هنا.

ولم يكن سلفه المحافظ، ريشي سوناك، ووزراؤه مختلفين. فقد زعمت وزيرة داخليته، سويلا برافرمان، زورا أن عصابات الاستغلال الجنسي للأطفال يغلب عليها "ذكور بريطانيون من أصول باكستانية، يحملون قيما ثقافية تتعارض تماما مع القيم البريطانية".

وعلى الرغم من أن العنصرية البيضاء الفجّة القديمة لم تختفِ، فإن شكلا أشد خبثا منها- الإسلاموفوبيا- قد جرى تأجيجه على مدى العقود الماضية. ويبدو أن عصابات "ضرب الباكستانيين" القديمة قد حلت محلها موجة جديدة، تساوي بين الإسلام والإرهاب، وبين الاستغلال الجنسي والباكستانيين، وبين طالبي اللجوء وجحافل طفيلية على وشك اجتياح البلاد.

هذه هي التربة التي ترسّخ فيها حزب "ريفورم" (Reform) ونما، حيث باتت أشكال العنصرية الأكثر فجاجة تحظى بالاحترام وتصبح قابلة للانتخاب. فحين يصبح كلٌّ من حزب العمال والمحافظين ملاذا لشبكة معقدة من الفساد السياسي، يُقدَّم خطاب "ريفورم" المبسّط المعادي للمهاجرين والإسلاموفوبي كبديل نزيه.

وقد أوصل هذا الحزبَ اليميني المتطرف إلى صدارة استطلاعات الرأي، إذ يحظى بدعم 30 بالمئة من الناخبين، مقارنة بـ22 بالمئة لحزب العمال، و17 بالمئة لحزب المحافظين.

وفي هذا السياق، لم يكن مفاجئا أن تختار مجلة "الإيكونوميست"، في الذكرى السنوية لأحداث الشغب، إجراء استطلاع يركّز على العِرق بدلا من قضايا التدهور الاقتصادي، والحرمان الاجتماعي، وسياسات التقشف المستمرة التي خضع لها الشعب العامل في هذا البلد.

وقد أظهر الاستطلاع أن نحو 50 بالمئة من السكان يعتقدون أن التعددية الثقافية لا تفيد البلاد، فيما رأى 73 بالمئة أن "أعمال شغب عرقية" جديدة ستقع قريبا.

إعلان

إن تغذية العنصرية العنيفة في الداخل تسير جنبا إلى جنب مع التاريخ الطويل لإنجلترا في ممارستها في الخارج. فوجه العنصرية الجديد يتغذّى على الصور الاستعمارية القديمة التي تصوّر "الهمج" بوصفهم بحاجة إلى الترويض والانتصار عليهم عبر "الحكم الاستعماري المتحضّر". هذه الأيديولوجيات العنصرية، التي كانت أساس تماسك الإمبراطورية، عادت اليوم لتستقر في الداخل.

وهي تتجلى في العنف العنصري في الشوارع، وفي قمع الدولة لمناصري فلسطين، كما تتجلى في الدعم السياسي والعسكري الثابت الذي تقدّمه المملكة المتحدة لإسرائيل، حتى وهي تقصف المستشفيات والمدارس في غزة، وتجوّع الأطفال.

لقد علّمت الإمبراطوريةُ بريطانيا استخدام العنصرية لتجريد شعوب بأكملها من إنسانيتها، لتبرير الاستعمار، والنهب، ونشر الحرب والمجاعات. فالإبادة الجماعية جزء من الحمض النووي البريطاني، وهو ما يفسّر تواطؤها الحالي مع إسرائيل التي ترتكب الإبادة.

في ظل هذا العنف العنصري والإمبريالي، انتفض الناس من جميع الألوان والأديان- ومن لا دين لهم- وبدؤوا في التعبئة والمقاومة. ورغم أنهم لم ينجحوا في إيقاف الإبادة الجماعية، فإنهم فضحوا الأكاذيب الوقحة والنفاق الصارخ للنخبة السياسية البريطانية. وحدها مثل هذه التضامنات، وهذه المواجهة المباشرة للعنصرية، قادرة على منع العالم الكابوسي الذي وصفته في روايتي من أن يتحول إلى واقع.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • إيران تنفي إغلاق بعض السفارات في طهران
  • إيران تعود مجددا الى لغة الوعد والوعيد وتحذر من رد أقسى وتبقي باب المفاوضات النووية مواربًا
  • كابوس يلاحق المسلمين في بريطانيا.. ما الذي يجري؟
  • إيران تنفي اتهامات امريكية غربية بمحاولات اغتيال وخطف
  • الرئاسة الأوكرانية: ناقشنا مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا مستجدات الصراع مع روسيا
  • لماذا قللت أمريكا من أهمية اعتزام بريطانيا وفرنسا وكندا الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟
  • WSJ: اعتراف بريطانيا وفرنسا بدولة فلسطين يفتح الباب أمام تحولات غربية أوسع
  • إيران تطالب ترامب بتعويضات عن خسائر حرب الـ 12 يوما قبل استئناف مفاوضات النووي
  • إيران تطالب أمريكا بتعويضات عن خسائرها خلال الحرب مع جيش الإحتلال
  • طهران تطالب واشنطن بالتعويض قبل استئناف المحادثات النووية